ربيع إربد.. موسم عمل مؤقت على أمل استدامته

الرابط المختصر

خلال هذه الفترة من كل سنة، وبين شهري شباط ونيسان، تتجه أنظار الكثير من العائلات الأردنية صوب شمال المملكة وبالتحديد إلى محافظة إربد التي تزخر بالأماكن الطبيعية والأثرية وتحتضن خضرة الربيع في وديانها وسهولها ما يجذب الناس إليها أكثر وأكثر.

 

يعنى هذا الموسم الكثير لأهالي مناطق إربد، حيث بات، ومنذ سنين، موسماً سياحياً واقتصادياً ينعش السكان والمجتمعات المحلية وبخاصة في مناطق ألوية الكورة وبني كنانة والأغوار الشمالية التي تحتضن عيوناً وأنهاراً وشلالات، يستغلها أبناء القرى بالبيع المتجول والدلالة السياحية.

 

خلال السنوات الماضية بدأت تتسع رقعة المشاريع الصغيرة في القرى الطبيعية والسياحية، فتشغّل العشرات من أبناء القرى والشباب المتعطلين عن العمل ولو بأجور قليلة بالنسبة إليهم، فهي "أفضل من القعدة". 

 

مشاريع أولى من نوعها

ومن هذه المشاريع المطعم والمقهى الذي أنشأه طارق الزقيلي في منطقة كفر أبيل – لواء الكورة، بعد أن كان يكتفي بكشك صغير يبيع القهوة للمارة، حيث بات المطعم يشغّل عاملين اثنين طول السنة، وسبعة عمّال في موسمي الربيع والصيف، معظمهم من طلبة الجامعات، بأجر يومي يبلغ عشرة دنانير.

 

يعتمد الزقيلي في عمله على المنتجات الطبيعية من الأرض المحيطة بالمطعم، بالإضافة إلى إنتاجات محلية من نساء المجتمع والقرى المحيطة، فيعرض فيه منتجاتهن من "مخللات، ومربيات، وحلويات، ومخبوزات".

 

ينشط المطعم خلال الأيام الحالية مع تزاحم الزوار والسياح على أراضي مناطق الكورة شمال المملكة، وبخاصة في مناطق كفر أبيل ووادي النمل ووادي الريان.

 

عبد الله أشرف، وهو طالب جامعي، يعمل في مطعم الزقيلي منذ افتتاحه قبل أكثر من عام، وبخاصة في موسمي الربيع والصيف، ويتقاضى أجراً يومياً يبلغ عشرة دنانير، غالباً ما يكون عمله خلال يومي الجمعة والسبت منتظراً فصل الصيف الذي يوسع عمله نوعاً ما ويجعله عاملاً بشكل يومي وبذات الأجر.

 

يرى عبدالله أنّ افتتاح مثل هذه المشاريع تزيد فرص عمل الشباب في مناطقهم وبخاصة خلال فصلي الربيع والصيف، ما ينعكس على الدخل في المجتمع المحلي لهم، إضافة إلى أنها تساعد الطلبة الجامعيين في تسديد تكاليف دراستهم الجامعية.

 

ويأمل اليوم بانتعاش المنطقة اقتصادياً من خلال دعم المشاريع والعاملين في المياومة في لواء الكورة وبخاصة في الوديان التي تعج بالسياح خلال فصل الربيع.

 

المرافق تضمن استدامة الأعمال

الناشط البيئي والصحفي أحمد الشريدة، يؤكد أنّ المنطقة بحاجة إلى رعاية أكبر حتى يتسنى للسياح العودة مرة أخرى، وبخاصة في ظل واجب المجتمع بالحفاظ على تلك المناطق.

 

ويقول الشريدة لـ"المرصد العمالي الأأردني" إن البطالة قادت بعض الشباب إلى فتح مشاريع في مراكز البلدات تخدم السياح الداخليين والخارجيين.

 

هيا الدعجة، واحدة من الذين زاروا المنطقة أخيرا، تؤكد أنّ منطقة الكورة ما تزال بحاجة إلى اهتمام من قبل الجهات المعنية والبلديات، وبخاصة مع عدم وجود مرافق عامة لخدمة الزوار في الوديان.

 

وتقول لـ"المرصد العمال الأردني" إنّ المنطقة تشهد بعض الأعمال مثل تأجير الخيل وغيرها، إلّا أنّ المرافق الحقيقية والمطاعم والخدمات بعيدة عن الطبيعة نوعاً ما. 

وتبين أنّ المنطقة لا تقتصر على الأردنيين والأردنيات وحسب، وإنما شاهدت زواراً من دول خليجية مجاورة عبروا عن إعجابهم بالمنطقة ويتمنون أن يعودوا مرة أخرى، ولذلك "فإنّه يجب إنعاش المنطقة اقتصادياً وبيئيا".

 

في ذات المحافظة، وإلى الشمال الغربي من البلاد، تعج أم قيس، إحدى أهم المدن الأثرية والسياحية في المملكة، بالسياح خلال فصل الربيع وتعتمد على كونها جزءاً من محمية اليرموك الطبيعية التي تضم أراضيَ من خمسة قرى في اللواء.

 

المحميات تسهم بتطوير بيئة السياحة 

يقول الدليل السياحي فرج أبو علوش، إن محمية اليرموك عملت على تدريبهم كأدلاء سياحيين معمتدين وباتوا اليوم يقدمون هذه الخدمة للسياح الذين هم غالباً من غير الأردنيين.

 

يعمل عدة أدلاء سياحيين من أنباء المجتمع المحلي لمناطق أم قيس وما يجاورها من قرى، على المشي في المسارات الطبيعية للمحمية بالإضافة إلى المدينة الأثرية بأجور يومية تُراوح بين 10 دنانير و30 ديناراً للمجموعة الواحدة.

 

ويساهم أبناء البلدة باستقبال السياح والترويج لمنتجات المجتمع المحلية كالعسل الطبيعي والمربيات والأطعمة التراثية والشعبية كالمكمورة و"التشّعاتشيل" وغيرها، وجلها من إنتاج مطالبخ منزلية بأيدِ عائلية.

 

تكمن المشكلة في أنّ المنطقة لا تعج بالسياح الّا في شهرين من العام كله وهي فترة الربيع وغالباً ما تتركز أيام العمل فقط بيومي الجمعة والسبت ومجموعات قليلة جداً خلال منتصف الأسبوع لدخول المدينة الأثرية.

 

يوضح أبو علوش أنّ الترويج خلال الشتاء والفصول الأخرى بحاجة إلى همة وعمل من قبل مكاتب السياحة نفسها، التي يمنع بعضها السياح الأجانب من الوصول إلى أم قيس بحجة أنها "بعيدة" عن عجلون وجرش، ما يفقر المجتمع المحلي والسياحي في أم قيس وما حولها .

 

ويشير إلى أن هذه المناطق لو روِّج للسياحة فيها بمختلف الفصول لتغير حالها إلى الأفضل، فمثلاً؛ حتى في أيام الشتاء يكون لها جمالية خاصة بالمناظر الطبيعية وما بين الوديان والجبال، فالسياحة الشتوية لا تقصر على الثلوج.

 

مدير محمية اليرموك محمد ملكاوي، يؤكد ضرورة تواجد المحميات في المناطق الطبيعية المختلفة، فمثلاً ساهمت المحمية التابعة للجمعية الملكية لحماية الطبيعية بتشغيل أكثر من 500 رجل وامرأة من أبناء المجتمع المحلي، بشكل غير مباشر، ذلك بالترويج لهم ولمنتجاتهم بالإضافة إلى دورة الأدلاء السياحيين التي خرّجت عدداً منهم.

 

كما تحاول المحمية، وفقاً للملكاوي، الترويج أكثر للمنتجات المحلية وإنعاشهاً أكثر من ذلك، وبناءً عليه فقد افتتحت بعض الاستراحات والمطاعم في أم قيس بسبب "توليفة" المنطقة الأثرية مع الطبيعة بسبب طبيعتها الربيعية والخضراء التي تزخر بالينابيع والأنهار وعيون الماء في الوديان.