راجب بلا مواصلات عامة منذ عام 2010.. والعاملات أكبر المتضررين

قرية راجب، الواقعة غرب محافظة عجلون، هي من المناطق النائية غير المخدومة بالمواصلات العامة منذ عام 2010، وهو ما دعا بعض أبناء القرية إلى تشغيل مركبات خصوصية "باصات كيا" لتقديم خدمة التوصيل دون حصول هذه المركبات على تراخيص تنظم عملها أو تضمن أن تكون آمنة وبخاصة للنساء العاملات.

 

لا يجد الرجال في راجب تحديات في استخدام المركبات الخصوصية للتنقل ولا يحتاج إلا أن يقف على الشارع ليستقل أي مركبة، في حين تواجه النساء تحديات في استخدامها من حيث أنها غير آمنة، وأحياناً غير متوافرة في الوقت المناسب للوصول إلى العمل أو أي مكان آخر، وفق ما أكده أبناء المنطقة لـ"المرصد العمالي".

 

تجد أنعام صعوبة في التنقل من وإلى مكان عملها، فهي تعمل في مصنع بمنطقة عنجرة، وتحتاج كل يوم مسافة نصف ساعة كي تصل إليه في الوقت المحدد الذي يبدأ الساعة الثامنة، "أحياناً لا تكون المركبات متوافرة وبخاصة يوم الجمعة"، على حد قولها.

 

وتوضح أن عدد سكان راجب كبير والمنطقة منعزلة ومن المفترض توافر خدمة المواصلات العامة، فهي إذا احتاجت الذهاب إلى أي مكان لا تجد سوى المركبات الخصوصية.

 

"في بعض الأحيان أشعر بأن المركبات الخصوصية غير آمنة، وعادةً بطلع مع ناجي وهو من السائقين الثقة، ولكن ليس كل السائقين كناجي"، تقول أنعام لـ"المرصد العمالي".

 

وهي تشجع على توفير مواصلات عامة آمنة للنساء ليس فقط لتخدم راجب وإنما كذلك الأماكن المحيطة بها مثل كعب ملول ودحوس وثغرة زبيد.

 

ناجي عبد السلام الملقب بـ"العمدة"، أحد العاملين على مركبة خصوصية منذ أربعة أعوام، ويشرف على سير (8) مركبات، يقول إن أبناء المنطقة وبناتها يتواصلون معه يومياً لنقلهم إلى أماكن عملهم أو أي منطقة أخرى.

 

"الناس في راجب كلهم أقارب ويعرفون بعضهم بعضا، ويؤمّنون رجالاً ونساء عند استخدام المركبات الخصوصية، وهذا الأمر الذي جعلني استمر في العمل رغم أنه غير منظم أو مرخص" يشرح لـ"المرصد العمالي".

 

ويوضح أنه حاول الحصول على ترخيص أربعة مركبات تتسع كل مركبة لـ(10 أشخاص)، إلا أن هيئة النقل البرّي في محافظة عجلون، كان ردها أن ترخيص المركبة لخط راجب قد انتهى منذ (11 عاماً)، وعليه دفع رسوم الترخيص عن هذه السنوات للحصول على رخصة مركبة "باص كيا" واحدة فقط.

 

"مركبة واحدة تتسع لـ10 أشخاص لا تكفي لخدمة المنطقة وعندما احتسبت التكلفة لترخيص أربعة مركبات فكانت النتيجة 48 ألف دينار، بعدها عدت إلى العمل على مركبتي الخصوصية بالرغم من المخالفات التي أتلقاها من شرطة السيّر، يقول  لـ"المرصد العمالي".

 

تقول موزة الفريحات، رئيسة جمعية سيدات وادي راجب التعاونية، إنه منذ تأسيس الجمعية عام 2004، تُقدم خدمة التوصيل للنساء العاملات والمتدربات في الجمعية، وأنشئت مجموعة على منصة "واتس اب" للتواصل مع أصحاب المركبات الخصوصية داخل المنطقة لنقل النساء من الجمعية وإليها.

 

وتشير إلى أن أكثر من (100 امرأة) يستفدن من هذه الخدمة منذ بداية عام 2021، وضمان تقديم مواصلات آمنة للنساء العاملات والمتدربات في الجمعية.

 

وتوضح أن مكتب هيئة تنظيم النقل في محافظة عجلون تواصل معها في وقت سابق، لمنحها ترخيص مركبة للجمعية بشكل مجاني، لكن أهالي المنطقة الذين يعملون على مركباتهم الخصوصية يعترضون بحجة أنها "ستقطع أرزاقهم".

 

"المواطنون يعرفون أصحاب المركبات واعتادوا على استخدام هذه الوسيلة، فهي أفضل من ناحية التقليل والالتزام بالوقت من النقل العام" وفق الفريحات.

 

وتشير إلى أن النساء العاملات في المصانع والمعلمات خارج منطقة راجب أيضاً يتم تأمينهن بوسيلة نقل آمنة من المنزل إلى مكان العمل والعكس.

 

تقول سناء النعيمات، إحدى المتدربات في جمعية سيدات وادي راجب، إنها منذ زواجها وانتقالها إلى راجب تستخدم المركبات الخصوصية لعدم وجود مواصلات عامة.

 

"في بداية الأمر كنت قلقة من استخدامها إلا إذا رافقني زوجي أو أحد أقاربي، بعد ذلك وجدت الجميع يستخدم المركبات الخصوصية"، تتابع حديثها إلى "المرصد العمالي".

 

وتطالب النعيمات بترخيص هذه المركبات عن طريق الجمعيات حتى يتحسن واقع الخدمة في المنطقة وتقل التكلفة، وحتى لا تشعر النساء القادمات إلى راجب لأول مرة بالقلق.

 

يقول معتز الروسان، مدير مكتب هيئة تنظيم النقل البرّي في محافظة عجلون، إنه في وقت سابق كان هناك مركبتان تعملان على خط راجب، مركبة تعمل على خط راجب اشتفينا أوقفت عن العمل في عام (2010)، وأخرى تعمل على خط راجب كفرنجة اوقفت عام (2009). 

 

ويوضّح أن سبب إيقاف المركبتين هو أن أصحابها غير قادرين على دفع تكاليف شطب المركبات القديمة واستبدالها بأخرى حديثة، بعد أن انتهى العمر التشغيلي لها، وأصبحت غير آمنة للمواطنين.

 

ويؤكد أن أبناء المنطقة عملوا على إيجاد حل من خلال تشغيل مركباتهم الخصوصية لنقل المواطنين من راجب إلى المناطق الأخرى دون الحصول على ترخيص لهذه المركبات أو العاملين بها.

 

ويشير إلى أن المكتب تواصل مع الجمعيات المتواجدة في راجب لمنح تراخيص مجانية لمركبات تتسع لـ(10 أشخاص)، وفي عام (2019) حصلت جمعية واحدة على ترخيص لخط من منطقة راجب إلى لواء كفرنجة، إلا أنه لم يتم استكمال الإجراءات من قبل الجمعية.

 

ويؤكد أنه يمنع إعطاء تراخيص أو حتى تصريح عمل للمركبات الخصوصية، أو تمارس عملية النقل العام، وهناك طريقتان فقط للحصول على تراخيص: إما من خلال طرح عطاء استثمار للخطوط، أو عن طريق جمعيات. 

"أبناء منطقة راجب يريدون أن تشغل مركباتهم ويرفضون وجود مركبات أخرى تعمل على خط راجب" يوضّح لـ"المرصد العمالي".

 

ويدعو الروسان جميع الجمعيات في راجب للتقدم للحصول على تراخيص مجانية من الهيئة، لما له من مساهمة في تحسين واقع المواصلات العامة، وضمان توفير مواصلات آمنة وبخاصة للنساء.

 

ومن جانب آخر متصل، ولتحسين المواصلات العامة في المناطق النائية مثل قرية راجب، دعت الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية 2019 - 2025 الصادرة عن رئاسة الوزراء، إلى توسع وزارة النقل بالمواصلات العامة، ولكن حال المواصلات يحتاج في هذه المناطق إلى تطبيقها بشكل جيد.

 

ورغم ما دعت إليه الاستراتيجية من توفير تراخيص مجانية للجمعيات غير الربحية التي تقدم خدمات النقل، وأيضاً إلى توسع وزارة النقل بإتاحة وسائل النقل العام الآمنة للمرأة والمراعية لاحتياجات ذوي الإعاقة وميسورة الكلفة للفقراء وسكان المناطق النائية، إلا أن الحال لم يتحسن في راجب.

أضف تعليقك