ذياب: لابد من العودة للمنطلقات الثورية في التعامل مع إسرائيل

ذياب: لابد من العودة للمنطلقات الثورية في التعامل مع إسرائيل
الرابط المختصر

أشارالامين العام لحزب وحدة الشعبية د. سعيد ذياب إلى أن التسوية السياسية مع إسرائيل بدأت تطرح نفسها كفكرة بعد حرب العام 1973 حيث استعمل في تلك الفترة تعبير السلطة الوطنية ، وقيل أن من يتخلف عن التسوية هو إنسان عدمي ، وتكمن خطورة ذلك الطرح في أنه خلق حالة تكيف نفسي للقبول بمبدأ التفاوض والمساومة وتقديم التنازل هنا أو هناك .

تصريحات ذياب جاءت في ندوة عقدت تحت عنوان "التسوية السياسية .. إلى أين ؟ " مساء الأحد بمقر الحزب .

و  اشتملت الندوة على ثلاثة محاور ، حيث تضمن المحور الأول الموقف الأمريكي والصهيوني من المفاوضات والتسوية ، قدمه الكاتب الصحفي نواف الزرو ، فيما تناول المحور الثاني الموقف العربي ، قدمه د. أحمد سعيد نوفل ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة اليرموك ، بينما تناول المحور الثالث الموقف الفلسطيني من المفاوضات وعملية التسوية ، قدمه د. سعيد ذياب ، الأمين العام للحزب

ولفت إلى أنه بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد في العام 1979 ، وبعد مؤتمر فاس في العام 1982 شهد المناخ العربي أصواتاً تلهث تحت أي مبرر للدخول في التسوية ، ليكلل ذلك بمؤتمر مدريد حيث ذهبت الدول العربية بمذكرة جلب إلى ذلك المؤتمر .

وقال الأمين العام للحزب أن الخطورة تكمن في الاندفاع الفلسطيني للمفاوضات ، فقد كان هناك وفد يفاوض في واشنطن ويطرح وقف الاستيطان بينما كان طرف آخر يغتصب إرادة الشعب ويوقع اتفاقية أوسلو دون أن يتناول مسألة الاستيطان التي هي المحور الرئيسي بالفكر الصهيوني ، كما تم التخلي عن الشعب الفلسطيني في مناطق الـ 48 وستة ملايين لاجئ في الشتات ما يعتبر تنازلاً عن وحدة الشعب والقضية والهدف .

وأضاف : بدأنا نشعر أن هنالك تفاهمات ضمنية بالتنازل عن حق العودة ، وهنا تكمن مسألة ترويض الذهنية الفلسطينية .

وتابع : أستغرب من جانب فلسطيني يتطوع بإعلان أن البديل عن التفاوض هو التفاوض ، ليجرد نفسه من عناصر القوة ، وهذه هي فلسفة السادات الذي أعلن أن حرب العام 1973 ستكون آخر الحروب ، فليس هنالك من فاوض أعداءه كالعرب والفلسطينيون الذين اعتبروا أن الحقوق الفلسطينية قد تقادمات !! " .

ونوه الأمين العام إلى أن فريق أوسلو قد أشاع وهماً لدى الشعب الفلسطيني بأن الدولة قادمة ليقيم سلطة تحولت إلى أداة لإدامة الاحتلال ، فوظيفتها ذات طابع أمني بحت .

وقال : إن أي جردة حساب لمسيرة التسوية ستكشف أننا بددنا وحدة الموقف من حقوقنا التاريخية فأي موقف هذا الذي يعتبر الخيانة وجهة نظر ؟! " .

وأضاف بقوله أن المجتمع الفلسطيني يشهد تحولات صنعتها زمرة تحكمت بالقرار وتتواطأ معها أنظمة عربية فاسدة لتصفية القضية الفلسطينية .

وتابع : كما يتم بناء رجل الأمن الفلسطين ليطارد ويعتقل ابن شعبه لأنه يحمل بندقية ضد الاحتلال ، وهذا تحول غاية في الخطورة ، أما بالنسبة لمنظمة التحرير الفلسطينية فيتم التعامل معها بطريقة استخدامية ، كما حدث عند توقيع اتفاقية أوسلو أو تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني .

وأكد أننا لا نستطيع أن ننفي أوسلو _ الذي تورط فيه البعض عن سبق عمد وإصرار _ إلا من خارجه ، فلابد من شق طريق ينفي هذا النفي للثورة الفلسطينية ، وستجيب حركة التاريخ عن هذا بشكل واضح .

وشدد الأمين العام على ضرورة العودة للمنطلقات الثورية باعتبار أن المشروع الصهيوني هو نقيض للمشروع العربي " فلا تستطيع بناء نهضة الأمة إلا بزوال المشروع الصهيوني " .

من جهته  أكد الأستاذ نواف الزرو على استحالة التسوية السياسية مع العدو الصهيوني ، وقال : " ولكن لهذا الاستخلاص الذي يأتي على أنقاض مسيرة المفاوضات المستمرة منذ مؤتمر مدريد الذي عقد في العام 1991 ، مقدمات تعود إلى القرن التاسع عشر ، والتي أفرزت مشروعاً صهيونياً يتعامل معنا في إطار رؤية إستراتيجية تعتبر أن الصراع هو صراع وجود ، والمؤسسة الصهيونية تتوج مشروعها اليوم بالإصرار على مطالبة الفلسطينيين والعرب بالاعتراف ( بدولة إسرائيل ) باعتبارها دولة الشعب اليهودي " .

واستعرض الزرو البدايات التاريخية "للمشروع الصهيوني" في فلسطين ، مشيراً إلى أنه حتى العام 1855 لم يكن اليهود يملكون شيئاً في فلسطين التي لم يتواجد بها سوى العشرات من العائلات اليهودية ، فبدأوا بشراء الأراضي قرب يافا والقدس وتل الربيع ، ليقيموا أول مستعمرة لهم في العام 1878 .

وأضاف بقوله : " وفي العام 1897 جاء انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول الذي تبنى إقامة وطن يهودي قومي في فلسطين ، حيث تم اختراع هذه الدولة التي لم يكن لها أية مقدمات جغرافية أو سكانية أو تاريخيه ، بل قرروا صناعتها على أنقاض ما هو موجود من حضارة وتراث وتاريخ استناداً إلى معادلة نفي فلسطين " .

وتابع : " وفي العام 1904 بدأت موجات الهجرة اليهودية إلى فلسطين ، فارتفع عدد اليهود فيها إبان الحرب العالمية الأولى إلى 40 ألف مستعمر ، حتى جاء الانتداب البريطاني فحصلت التحولات الجذرية التاريخية ، وانقلبت الموازين رأساً على عقب " ..

وأوضح بقوله أن اليهود أصبحوا يملكون حتى العام 1948 ، 6,5% من مساحة فلسطين ، بينما بلغ عددهم 650 ألف مستعمر ، وقد تبنت الحركة الصهيونية سياسة التطهير العرقي القائمة إلى هذا اليوم ، وتستند هذه السياسة على ركيزتين هما : المذابح وتهجير السكان ، وتدمير المجتمع المدني العربي بمضامينه الحضارية ، حيث ارتكب الصهاينة في العام 1948 أكثر من 120 مجزرة جماعية ذبح خلالها عشرات الآلاف وتم تهجير ما يزيد على 850 ألف مواطن فلسطيني ، أما على الصعيد الجغرافي فقد سيطر الصهاينة على 78% من مساحة فلسطين بعد أن كان قرار التقسيم الجائر قد منحهم 54% فقط .

وأشار الزرو إلى أن الحركة الصهيونية تبنت روايتها الخاصة التي تعتمد على الأساطير المزيفة المستندة إلى التوراة باعتبار أنهم شعب الله المختار الذي له الحق في أرض الميعاد من خلال وعد إلهي وقال : " ولكن هذه الرواية لا يمكن أن تكتمل إلا بشطب الرواية العربية المتناقضة جذرياً معها " .

ولفت إلى أنه في الخمسينيات أعلن بن غوريون مؤسس الدولة الدولة الصهيونية أنه لا يمكن التوصل لأية تسوية سياسية مع العرب إلا بعد اكتمال شروط الدولة ، كما أعلن موشيه ديان أن " دولة إسرائيل " أشبه بقلب مزروع بجسم غريب ، وحتى يبقى حياً يجب تهيئة المناخات المحيطة به ، بمعنى تفكيك وتدجين الدوائر الفلسطينية والعربية والإقليمية لتكون الدولة المزروعة هي الأقوى والمتفوقة .

ومن جانبه قال د. أحمد نوفل إن هنالك مواقف عربية تجاه الصراع مع العدو الصهيوني ، ولكنها ليست بمستوى الاحتلال ، منوهاً إلى أن الوجود الصهيوني موجه ضد كل العرب .

وأشار إلى أن التدخل العربي الرسمي كان يتسبب في وأد الثورات في فلسطين كما حدث في ثورة العام 1936 ، فمنذ ذلك الوقت والتدخل الرسمي العربي لم يأت لمصلحة القضية الفلسطينية ، لافتاً في ذات السياق إلى أن فلسطين ضاعت في العام 1948 بعد تدخل الدول العربية .

وقال نوفل أن " إسرائيل " قامت في العام 1967 بالعدوان على ثلاثة دول عربية واحتلت الضفة والجولان وسيناء ، فأزيلت فكرة تحرير فلسطين واستبدلت بها إزالة آثار العدوان .

وأضاف بقوله : إن الدول العربية أصبحت تجير الاحتلال لمصلحتها حتى قامت بالاعتراف " بإسرائيل " في أراضي الـ 48 التي أخرجت مصر من الصراع العربي _ الصهيوني ، وكان ثمن اعتراف مصر " بإسرائيل " 2,25 مليار دولار تتلقاها مصر سنوياً ، فالقضية الفلسطينية يتم توظيفها لصالح الأنظمة العربية لزيادة شعبيتها وتثبيت نفسها وحصولها على مساعدات خارجية ، ولم يكن التحرير وارداً لدى هذه الأنظمة .

وتابع : وبعد مؤتمر مدريد أصبحت الأمور واضحة حسب قرار 242 ، فقد اعترفت الدول العربية كلها " بإسرائيل " ثم جاء اعتراف أوسلو واستمرت العملية على أساس أن " إسرائيل " تريد تحقيق ما لم تحققه بالصراع المسلح ، من خلال تسويات ثنائية مع الدول العربية .

وأشار إلى أن الاعتراف الفلسطيني " بإسرائيل " كان على أساس تقديم ثمن هذا الاعتراف بأن تقوم " إسرائيل " بالانسحاب من الضفة وغزة ، والآن تفاوض عليهما ، فقد دفع المفاوض الفلسطيني الثمن قبل انسحاب العدو .

ونوه إلى أن فكرة المبادرة العربية للسلام ، التي وافق عليها الجميع في قمة بيروت في العام 2002 قدمت تنازلاً للعدو الصهيوني دون أي بديل أو تهديد فنظر إليها باحتقار واستعلاء .

وقال نوفل : إن " إسرائيل " تسعى لتحقيق التسوية وفق شروطها فهي تريد إدخال حصان طروادة إلى الأقطار العربية ، وأضاف قائلاً : ولكن التسوية لا تعني بالضرورة أن " إسرائيل " حقيقة قائمة ، وتوقيع الاتفاقيات لا ينهي الصراع .

أضف تعليقك