ذبحتونا: استراتيجية التعليم العالي تكرس التقسيم الطبقي للجامعات والتخصصات

ذبحتونا: استراتيجية التعليم العالي تكرس التقسيم الطبقي للجامعات والتخصصات
الرابط المختصر

عقدت الحملة الوطنية من اجل حقوق الطلبة "ذبحتونا" مؤتمراً صحفياً عرضت فيه قراءتها للاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي للأعوام 2014-2018 والخطوات التصعيدية التي تنوي الحملة إتخاذها لمواجهة سياسة الحكومة تجاه قضايا التعليم العالي. وتحدث في المؤتمر كل من الدكتور فاخر دعاس منسق الحملة والطالب محمد الضمور رئيس اتحاد طلبة اللغات في الجامعة الأردنية.

 

وقدم الدكتور فاخر الدعاس منسق الحملة ملخصاً لدراسة أعدتها حملة ذبحتونا حول الاستراتيجية الوطنية، وتطرقت دراسة الحملة إلى ثلاثة محاور: الحاكمية، أسس القبول والتمويل.

 

في محور الحاكمية، ترى الدراسة أن مجلس التعليم العالي يصر على التهرب من مسؤولياته تجاه ما وصل إليه حال التعليم العالي، معتبراً أن استقلالية الجامعات هي المفتاح السحري لحل كافة مشكلات الجامعات الرسمية، متجاهلاً السبب الرئيسي لتراجع الجامعات الرسمية والمتمثل بانخفاض الدعم الحكومي لهذه الجامعات، الذي أدى بها إلى قبول أعداد كبيرة جداً على البرنامج الموازي، وفوق طاقتها الاستيعابية، ما أدى لتراجع مخرجات التعليم العالي.

 

كما أشارت الحملة إلى أن استقلالية الجامعات لا يمكن تطبيقها في ظل تركيبة وآلية تشكيل مجالس الأمناء بصيغتها الحالية، مجالس الأمناء ورغم الصلاحيات الواسعة التي أعطاها إياها قانون الجامعات الأردنية، إلا أنه لم يتعدى دورها الاجتماعات الدورية الشكلية التي يتم فيها المصادقة على قرارات رئيس الجامعة ومجلس الجامعة، دون وجود نقاش حقيقي أو وضع إستراتيجيات لتطوير هذه الجامعات.

 

وفي المحور الثاني تطرقت الإستراتيجية إلى أهم إشكاليات سياسات القبول، إلا أن الإستراتيجية لم تحدد الاستثناءات التي ستعمل على الحد منها في خطتها، ولم تتطرق إلى النسبة الحقيقية للاستثناءات في القبول الموحد والتي تبلغ 50%.

 

ورأت الحملة أن الخلل الناتج عن سياسات القبول والتي تطرقت له الإستراتيجية من ضغط على البُنية التحتية مروراً بالبطالة وانتهاءً بضعف مخرجات التعليم يعود لسببين رئيسيين، الأول هو الحجم الكبير من القبولات على البرنامج الموازي دون وجود بُنية تحتية قادرة على استيعاب هذا العدد، والثاني هو التشوه في القبول على البرنامج الموحد حيث تصل نسبة الاستثناءات إلى 50%، والقبولات من خارج هذا البرنامج والتي لا يمكن أن نحدد حجمها كما لا توجد آلية معتمدة للقبول فيها.

 

أما في المحور الثالث المتعلق بالتمويل، فتعترف الإستراتيجية بأنه " نتيجة لسياسات الحكومات المتعاقبة التي فرضت على تمويل الجامعات، تفاقم العجز المتراكم في موازنات الجامعات "، إلا أنها أغفلت حجم الفساد الإداري والمالي في الجامعات الرسمية والذي لعب دوراً رئيسياً في تفاقم هذا العجز.

 

ولفتت الحملة إلى أن رفع رسوم البرنامج الموازي للتخصصات التي اعتبرها واضعو الإستراتيجية رسوماً " منخفضة جداً " تستنزف ما بين 35% - 57% من متوسط الدخل السنوي للأسرة الأردنية، أي أن الأسرة التي يدرس أحد أبنائها الهندسة – على سبيل المثال -  التي تبلغ رسومها السنوية 2850 دينار أردني فإنها تستنزف ما يقارب نصف دخلها لسداد رسومه الجامعية فقط بعيداً عن مصروفه الشخصي ( وفقاً لتقرير دائرة الاحصاءات يبلغ متوسط رواتب الموظفين في الأردن 416 دينار شهرياً أي 4992 دينار سنوياً). وهو رقم ضخم جداً لا يمكن لمعظم الأسر الأردنية تخصيصه لدراسة أبنائها.

 

كما رأت الحملة في دراستها أن تطرق الاستراتيجية لرفع رسوم البرنامج العادي وتوحيدها وبخاصة للتخصصات " ذات الرسوم المنخفضة جداً " وذات "الإقبال الشديد"،والمقصود هنا التخصصات الطبية بالذات والعلمية بشكل عام ما هو إلا دليل على أن مجلس التعليم العالي يتعاطى بعقلية العرض والطلب والاستغلال وإلا ماذا تعني كلمة "التخصصات ذات الاقبال الشديد؟".

 

ورأت الحملة أن اعتبار الإستراتيجية رسوم كلية الطب في الجامعة الأردنية والعلوم والتكنولوجيا رسوماً " منخفضة جداً " هو جهل بالواقع المعيشي للمواطن الأردني.

 

فكلفة دراسة الطب سنوياً في الجامعة الأردنية تبلغ (1800 دينار) وفي جامعة العلوم والتكنولوجيا (1440 دينار) وهي تشكل أكثر من (36% و 28%) على التوالي من متوسط راتب المواطن الأردني، أي أن على الأسرة الأردنية دفع ما يقارب ثلث دخلها لسداد كلفة الرسوم الدراسية دون حساب رسوم التسجيل والمصروف اليومي للطالب. علماً بأننا نتحدث هنا عن طلبة حصلوا على مقاعدهم ضمن برنامج التنافس أي أن على الدولة تحمل نفقات دراستهم.

 

لذلك فإن مصطلح " المنخفضة جداً " لا يمكن أن ينطبق على التخصصات الطبية أو غيرها من التخصصات ذات الإقبال الشديد، وهو يعكس عدم فهم ودراية واضعي الإستراتيجية برسوم هذه التخصصات وبواقع المواطن الأردني المعيشي والاقتصادي.

 

وحذرت الحملة من أن رفع رسوم البرنامج العادي وبنسبة 100% يعني بشكل مباشر وصريح رفع الدولة يدها بالكامل عن ملف التعليم العالي والجامعات الرسمية ما قد يمهد لخصخصة هذه الجامعات.

 

وأكدت الحملة أن تكلفة الدراسة السنوية ستصبح في عام 2019 لبرنامج التنافس في كلية الطب في الجامعة الأردنية (3600 دينار) وقسم الهندسة المدنية (2262 دينار) وتكنولوجيا المعلومات (4680 دينار)، فيما ستصبح التكلفة السنية لدراسة الطب لبرنامج التنافس في جامعة العلوم والتكنولوجيا (2880 دينار) والهندسة المدنية في (1638 دينار) وتكنولوجيا المعلومات (2574 دينار).

 

أي أنه في غضون أربع سنوات ستصبح كلفة الرسوم على البرنامج التنافسي مساوية لكلفتها على البرنامج الموازي برسومه الحالية. وبالتالي سنصبح أمام جامعات خاصة بكل ما تحمله الكلمة من معنى من ناحية الكلفة المالية على الطالب.