"دور المي"!
هنالك مشكلة نقص في المياه تزداد صيفا ولا تغيب شتاءً، فأصبح الناس يمارسون التكيف مع الانقطاع الدائم وقدوم المياه لساعات او يوم في حال اكثر، وكل منطقة اصبحت تعرف متى تأتي المياه ومتى يكون "دور المي" لتأخذ ما تستطيع تخزينه حتى الموعد التالي.
للإنصاف ثمة انتظام نسبي معقول عبر السنوات، لكن هنالك مشكلات تظهر بشكل مؤذٍ للمواطن في بعض المناطق، بعضها مشاكل متكررة وبعضها مشاكل طارئة.
من يتابع إذاعاتنا المحلية كل يوم، وتحديدا البرامج الصباحية يستمع الى قضية تتكرر، وهي ان يغيب دور الماء عن مناطق اسابيع، مثلما يحدث اليوم في بعض مناطق الزرقاء او محافظات اخرى وحدث ايضا مؤخرا في بعض مناطق عمان.
لو تخيل احد المسؤولين في الوزارة او السلطة او الشركة ان المياه لم تصل بيته اسبوعين او ثلاثة، فهل سيسكت ام ان كل الحلول الطارئة والفنية تكون جاهزة لإنقاذ بيت المسؤول!
مهما كانت الاسباب لا يجوز لاي مسؤول في الوزارة او السلطة او شركة مياهنا ان يعلم ان منطقة تغيب عنها المياه اسابيع ثم لا يتحرك لايجاد الحل وتأمين حاجة الناس. فالناس، مهما كان لديها من خزانات، فكل ما فيها لا يكفي اكثر من اسبوع، فماذا تفعل اذا غابت المياه اسبوعين وثلاثة او اكثر، واي ضرورة لكل هذه الجهات اذا تركت المواطن لا يجد ما يغسل به وجهه اسابيع طويلة.
العام الماضي غابت المياه في الصيف عن بعض المحافظات شهرا واكثر، لكن الفعل المباشر كان في دفاع الجهات المسؤولة عن نفسها، فيما بقي الناس عطاشاً. وها نحن، وبشكل مبكر، هذا العام نجد مشكلات متكررة، نتمنى ان تكون طارئة، لكن ما نطلبه من كل المسؤولين ان يكون لديهم احساس حقيقي بمعاناة الناس، وان يقدموا لهم العون المباشر، ولا يترك المواطن للعطش.
احد المواطنين، من شارع فلسطين في اربد، قال إنّ الماء لم يصله منذ شهر، أي منذ بداية ايار، وقبل دخول الصيف، وان وصلت تكون ضعيفة، ولا يمكنها الصعود الى الخزان، بينما مناطق مجاورة يصل الماء اليها، وربما تكون هناك مشكلة فنية لم يتم حلها، لكن ثمنها معاناة الناس شهرا.
العام الماضي تدخل الملك شخصيا بعدما اطّلع على شكوى على الانترنت من احد ابناء قرية مدين في محافظة الكرك ممن مضى عليهم اسابيع طويلة من دون مياه، وخلال ساعات كانت الحلول الانية والبعيدة قد بدأ تنفيذها، لكن ما قيمة الوزارة والوزير والسلطة وشركات الادارة وحتى كل الحكومة اذا كان كل مواطن يفقد المياه اسابيع وتمارس الجهات الحكومية تجاهلا لمعاناته سيلجأ إلى الملك؟ ما قيمة كل هذه الطواقم اذا لم يدرك كل مسؤول ان عطش الناس تقصير كبير يستحق عليه المحاسبة.
الناس تدرك حقيقة نقص المياه في الأردن، لكن مطلبها المتواضع ان ينتظم الدور، واذا حدثت أي مشكلة ان يبادر المسؤول الى الحل السريع، والا ينام بين اهله وهو يعلم ان هناك اردنيين بلا ماء منذ اسابيع، وان تكون كمية المياه التي تصل خلال فترة ضخ المياه معقولة وكافية وقوية، لان الضخ الضعيف لا يستفيد منه المواطن احيانا، وبخاصة ان نسبة كبيرة لا تملك خزانا ارضيا وماتور ضخ ويفترض ان المياه تضخ لتصل بشكل طبيعي. انها احلام متواضعة.
(دور المي) لم يعد يعني فقط "يوم فتح الحنفيات"، بل هناك نشاطات واعمال لا تتم الا يوم الدور، فالاسرة تشعر بالانتعاش عندما تأتي المي، وحالة الفرح والارتياح النفسي كبيرة تتفوق حتى على لحظات تغيير الحكومات!











































