دعوة غير مسبوقة للعلمانية: حجر في ماء البرلمان الراكد

الرابط المختصر

كانت دعوة النائب مصطفى شنيكات إلى فصل
الدين عن الدولة هي الأولى من نوعها تحت قبة البرلمان،

ولكن لا يمكن وصفها بالدعوات العامة
أو الشعبية أو حتى المستمرة لهذا الموضوع، إلا أنه يمكن القول أنها وجهة نظر غير
معلنة لفئة يصعب تحديدها من المجتمع لحساسيتها البالغة.

شنيكات طالب بهذا الأمر الشهر الماضي
أثناء إلقاءه لخطابه في مناقشات مجلس النواب لقانون الموازنة العامة للعام الحالي
، وسبب آنذاك هرجاً نيابياً واحتجاجاً عالي الحدة من نواب كتلة جبهة العمل
الإسلامي وتحديداً النائب علي العتوم، الذي طالب بشطب الكلام من محضر الجلسة
منوهاً على انه حسب الدستور أن دين الدولة الإسلام.

أمين عام الحزب الشيوعي الأردني منير
حمارنه قال "إن هناك طموح من أطراف
متعددة في العالم لفصل الدين عن الدولة وقال " الدعوة للعلمانية في نهاية
المطاف ستعم ليس في الأردن فحسب وإنما في جميع الدول لضرورات التنمية
بالمجمل". وهو ما ذهب إليه شنيكات من الأساس في طرحه في البداية.

إلا أن حمارنة استدرك بالقول إن
"هذا لا يعني انتهاك الحريات الدينية لأي فرد كان، بل على العكس تضمن بأن لا
يتم التعرض لها ،بحيث يترك للشخص حرية الاعتقاد والدين وتسير الدولة في مشاريعها
التنموية دون أي إعاقات"

وهو ما اتفق معه النائب بسام حدادين
الذي لم تدخله عضويته في حزب اليسار الديمقراطي إلى المجلس وإنما حضوره على
مستويات عدة في محافظة الزرقاء كان وراء نجاحه كممثل عن أحد مقاعدها في مجلس
النواب الحالي بل ولأكثر من مرة سابقة، حيث قال حدادين أن الدعوة للعلمانية في
الأردن مشروعه ولكن يمكن وصفها بالعلمانية المؤمنة التي لا تتعدى على الأديان.

صحيح أن غالبية النواب والتي يسيطر
على خلفياتهم الصبغة الدينية والعشائرية والعسكرية، ترفض هذه الدعوات ووصلت إلى حد
وصفها بالخطيرة وأنها لا تمثل سوى شنيكات نفسه ولا تمثل تياراً، كما قال عضو كتلة
العمل الإسلامي في المجلس "17 عضواً" النائب زهير أبو الراغب.

بل واستبعد أبو الراغب جدية هذه
الدعوات وعدم منطقيتها خاصة أننا في الأردن مقبلين على انتخابات برلمانية وإن
إثارة مثل هذا الأمر ليس بالخطوة المحسوبة، في إشارة إلى الغالبية من أبناء الأردن
الرافضين لهذا التوجه كما قال.

في حين قلل النائب موسى الخلايلة
نائب عن محافظة الزرقاء وأحد أبناء أكبر العشائر في المملكة "بني حسن"
من أهمية هذا الكلام وذهب إلى القول أنه "لا مجال لهذا الموضوع من الأساس
باعتبار أنه مخالف للدستور وامتداد الدولة وشرعيتها دينية بالإضافة إلى أن الدولة
تحكمها قوانين وضعية وليست دينية باستثناء الميراث"، إلا أنه أغفل قوانين
الأحوال الشخصية بالإضافة إلى أنه لا يمكن إنكار السطوة الدينية على كثير من منفذي
القوانين.

بل ذهب الخلايلة في التقليل من أهمية
هذه الدعوة إلى القول أنه يعتقد أن شنيكات نفسه لم يكن يقصدها.

عملياً المجلس تجاوز هذه المناقشة
الحادة ولم تتحول إلى أزمة فعلية، وأعلن رئيس المجلس عبد الهادي المجالي أنه سيتم
شطب أي كلام مخالف للدستور من محضر الجلسة مما يؤشر على عدم رضى غالبية المجلس عن
هذا الكلام، إلا أنه لم يمنع نواب من التعليق الجانبي على هامش ما جرى، مخاطبين
شنيكات "إن الرسالة وصلت"

وهو ما يؤشر أيضاً أن هناك نواب قد
لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة لكنهم يؤمنون بما دعى إليه شنيكات صراحة.

أضف تعليقك