دعوات إذاعية للكراهية والعنف تثير احتجاجات ودعاوى قضائية

دعوات إذاعية للكراهية والعنف تثير احتجاجات ودعاوى قضائية
الرابط المختصر

دعوات إعلامية للكراهية والعنف على لسان بعض مقدمي البرامج الإذاعية الصباحية، تصاعدت مع استمرار المظاهرات المعارضة والمطالبة بالاصلاح ووصلت أوجها عشية مسيرة “إنقاذ الوطن”.

في برنامجه “بصراحة مع الوكيل” على إذاعة روتانا، وفي سياق حديثه عمن يشاركون في مسيرات المعارضة، أطلق المذيع محمد الوكيل عبارات مثل “لو كنت مكان رجل الأمن بمعط 14 رصاصة في راس اللي بهددني” و”اللي بده يوسخ حبة رمل في الأردن بدعس على راسه برجلي”، تلاها دعوة لعدم المشاركة في المسيرة المضادة للمعارضة والتي كان قد أعلن عن تنظيمها في نفس زمان ومكان مسيرة “إنقاذ الوطن” مع توقعات بحدوث اشتباكات عنيفة بين المشاركني في المسيرتين.

عبارات الوكيل أثارت موجة احتجاج في شبكات التواصل الاجتماعي، ومنها صفحة الفيس بوك التي دعت لمقاطعة إذاعة “الوكيل” وصحيفة الرأي المتهمة بالتحريض ضد مسيرة “الإسلاميين”، ترافقت مع تهديدات بعض النشطاء من المعارضة باللجوء للقضاء.

الوكيل ليس المتهم الوحيد بالدعوة للكراهية والعنف في بعض الإذاعات، سبقه محمد الحويان، مقدم برنامج “قوك يا أردن” على إذاعة القوات المسلحة الأردنية (إذاعة هلا)، وسابقا مدير إذاعة أمن إف إم ومقدم برنامجها المفتوح قبل استقالته، عصام العمري.

رئيس تحرير موقع الوكيل الالكتروني الإخباري، مجدي باطية، يدافع عن الإعلامي محمد الوكيل ويقول أنه “انفعل قليلا على الهواء لكنه شخص يحب الأردن، ولم يقصد المعتصمين، فهو يقول أنه مع الاعتصامات السلمية والاصلاحات ومحاربة الفساد”.

ولا ينفي باطية ما قاله الوكيل من تعبيرات وصفها بأنها “مبالغ بها قالها بشكل عفوي ولا داعي لتكبير الموضوع”. لكنه يشدد على أن الوكيل لم يقصد الدعوة للكراهية أو للقتل.

الجهة الرسمية المسؤولة عن تنظيم قطاع المرئي والمسموع لا ترى وجودا لخطاب الكراهية في الأردن. ويقول مدير عام هيئة الإعلام المرئي والمسموع، د. أمجد القاضي، أن الخطاب الإعلامي السائد في الأردن خطاب وسطي ومعتدل.

“لكن يوجد بعض التجاوزات يرتكبها بعض المذيعين في لحظة حماس عند إثارة موضوعات معينة يغلب فيها الخطاب العاطفي على الخطاب العقلاني، نتيجة عدم وجود مهنية بمستوى جيد”، يبين القاضي.

لكن التجاوزات متكررة، وفقا للكاتب الصحفي بسام بدارين. “من يتابع برنامج بصراحة مع الوكيل يجد أن ثقافة الكراهية والتحريض وتعزيز الانقسام والمساس بالوحدة الوطنية فيه مستمرة ومتواصلة وليست لمرة واحدة، بل أسلوب متبع في البرنامج”.

ويرى بدارين أن حملة التحريض في صحيفة الرأي كذلك هي دعوة للكراهية. “الكراهية لا تجزأ، وهي مشكلة مرتبطة بثقافة إعلامية سائدة، ليست محصورة في بعض الإذاعات أو المواقع الالكترونية. لكننا وصلنا إلى منحدر بائس في هذه القضية ولأول مرة نسمع على هوائنا أصوات نشاز تحرض على الاعتداء الجسدي وتتحدث عن إطلاق الرصاص، وللأسف ورد عن إعلاميين يفترض أنهم من كبار الإعلاميين في بلدنا”.

قانونيا، يوضح المحامي المتخصص في قضايا الإعلام، محمد قطيشات، أن الدعوة للكراهية وبث الأحقاد بين المواطنين مجرمة في المادة 150 من قانون العقوبات وعقوبته الحبس لمدة 6 شهور إلى 3 سنوات. وهي مجرمة كذلك في المادة 20 من قانون المرئي والمسموع مع عقوبة بغرامات مالية.

كما أن المادة 20 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي وقع وصادق عليه الأردن وصدر في الجريدة الرسمية في عام 2006، حرمت الدعوة للكراهية والتحريض على الحقد بين المواطنين.

ويؤكد قطيشات أن التطبيقات والتفسيرات القضائية في الأردن لم تشترط التكرار في إثبات وقوع أو عدم وقوع الجرم، لكن في حالة التكرار تشدد العقوبة. ويضرب مثلا القضية التي رفعتها حكومة علي أبوالراغب ضد النائب السابق توجان فيصل على خلفية رسالتها، واتهمت وأدينت بمخالفة المادة 150 من قانون العقوبات بالتفرقة بين المواطنين والحض على الكراهية والقتل.

من جهتها، اتخذت هيئة الإعلام المرئي والمسموع، التي تتابع وتسجل كل ما يبث، اجراءات تجاه هذه التجاوزات، وفقا لمديرها. “هناك من تم تحويله إلى القضاء عندما يكون خطأ عضويا كبيرا، لكن في الأخطاء الهامشية فيكون هناك إنذار، توجيه، استدعاء وحديث مباشر مع مدراء المحطات المعنية”.

وعند اتخاذ الاجراءات تحرض الهيئة على “عدم الحد من الحريات الإعلامية وعدم التدخل في السياسات الخاصة بالمؤسسات الإعلامية”. وللحد من التجاوزات طورت الهيئة “استراتيجية إعلامية تهدف إلى إعادة النظر في المنظومات الأخلاقية الإعلامية وتقبل الرأي الآخر، وخلق تنافسية صحية بين المحطات الإعلامية”، يقول القاضي لعين على الإعلام.

المحامي قطيشات يشدد على أن “الإعلام هو أحد ركائز البناء الديمقراطي وأن حرية التعبير أحد حقوق الانسان، إلا أن الإعلام عندما ينتهك حقوق الإنسان ويصل إلى حد الدعوة إلى الكراهية والعنف يصبح إرهابا فكريا. لذلك تضمن العهد الدولي أيضا قيودا على الإعلام لا تشكل خطرا على حرية الإعلام، أحدها منع استخدام الإعلام للتفرقة بين المواطنين أو للدعوة للعنف”.

ويعزو الصحفي بسام بدارين التحريض الإعلامي إلى “الموقف الرسمي المتردي وتعبيرات الأزمة الوطنية التي لم نشهدها من قبل، والمدعومة من السلطة أو من جهات نافذة، في محاولة متأخرة للضغط على الإسلاميين ولتهميش انجازهم ومضايقتهم بأي كلفة. وعدم إعلان الحكومة عن موقف مما حدث هو أكثر ما يقلقنا، وكأن المسألة مقصودة لإعادة إنتاج الواقع الإعلام الأردني وفقا للقسمة بين الموقف الرسمي وموقف الإخوان المسلمين. وهذا يضر بالسلم الأهلي وبالمجتمع”.

“ضميرنا الوطني والمهني يستوجب أن نراجع هذه المسألة ونضع لها حدا”، يقول بدارين، ويحمل المسؤولية للجهات الرسمية التي تدعم هذه البرامج وهذا النوع من الإعلام عبر الإعلانات والاشتراكات، وكذلك الجهات الخاصة التي تمول هذه البرامج. “للأسف أكبر شركة اتصالات في الأردن تمول وتدعم برنامج بصراحة مع الوكيل. يجب على هذه الشركات أن تدرس بمهنية البرامج التي تدعمها. وهنا أوجه اتهام علني لهذه الشركات”.

مزيد من تقارير عين على الاعلام هنـا

أضف تعليقك