دسترة فك الارتباط.. جدل مع قرب الإعلان عن التعديلات الدستورية
المطالبات بدسترة قرار فك الارتباط ليست وليدة اللحظة؛ كما أن استنكارها من جانب آخر لم يتوقف أبداً؛ فقضية سحب الجنسيات والتلويح بالوطن البديل بين الحين واﻵخر كانت عوامل مساهمة في تأجيج الخلافات.
فبالرغم من توالي التصريحات والبيانات من كلا الجانبين ما بين المطالبة بدسترة فك الارتباط في مقابل رفض هذه الطروحات من حركات أخرى؛ إلا أن لكلا الطرفين حجج يستندون عليها.
ويبدو أن الدولة الأردنية لا تتجه إلى دسترة فك الارتباط خصوصاً أن ملامح التعديلات الدستورية باتت واضحة مع إنجازها من قبل اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة نصوص الدستور والتي سيتم الإعلان عنها في غضون هذا الأسبوع.
التوجه لعدم دسترة فك الارتباط لا يعني توقف الاحتجاجات أو التجاذبات بين جميع اﻷطراف؛ حيث أصدرت حركة دستور 52 بياناً الأحد الماضي اعتبرت ضمنه بأن قرار فك الارتباط تم بنائه على دوافع سياسية وبضغط من منظمة التحرير الفلسطينية وبعض الدول العربية، وبأن القرار غير قانوني.
فيما لم تنفك حركات عديدة كان أبرزها اللجنة الوطنية للمتقاعدين العسكريين عن المطالبة بدسترة قرار فك الارتباط؛ حيث بين رئيس لجنة المتقاعدين العسكريين علي الحباشنة بأن قرار فك الارتباط جاء بناء على طلب من منظمة التحرير الفلسطينية؛ مبيناً أن المواطن اﻷردني هو من كان على الأرض الأردنية حتى عام 1988.
ولم يتوقف الأمر عند لجنة المتقاعدين بل تعداه ليصل إلى رفع مجموعة من الشخصيات الوطنية من ضمنها المتقاعدين العسكريين رسالة إلى الملك عبد الله الثاني في نيسان الماضي طالبوه بوقف أسباب الانقسام في الداخل الأردني، التي كان سببها على حد قولهم ضبابية العلاقة الأردنية الفلسطينية؛ لكون قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية عام 1988 بقي في إطار القرار السيادي ولم يتحوّل إلى واقع دستوري.
حركة دستور 52 أوضحت في بيانها بأن الأردنيين من كافة الأصول والمنابت هم أردنيون لهم نفس الحقوق كما عليهم نفس الواجبات، ولا يجب أن ينتقَص من أي من هذه الحقوق سواءاً أكانت سياسيةً تتعلق بالتمثيل في الهيئات المنتخبة، أو في تقلُّد المناصب العامة، أو حقوق العمل وحقوق الجنسية وكافة الحقوق المنصوص عليها دستورياً والتي ثبتتها الاتفاقات الدولية.
الحباشنة اعتبر أن هذا البيان يؤجج الخلاف ما بين الشعبين الفلسطيني والأردني؛ معتبراً إياه بياناً مدسوس تكمن وراءه أجهزة لعرقلة عملية اﻹصلاح.
وطالب الحباشنة حركة دستور 52 بتنظيم مسيرة يطالبون بها بحل السلطة الفلسطينية وعودة الضفة الغربية للأردن فيما إذا كانوا صادقين في بيانهم.
بدوره أعلن عضو حركة دستور 52 باسل الحمد تحفظه على تحديد تاريخ معين يحدد به من هو المواطن اﻷردني؛ أي بمعنى أن كل من يحصل على الجنسية اﻷردنية قبل تاريخ معين هم أردنيين وكل من يحصل على الجنسية بعد ذلك غير أردنيين.
وأضاف الحمد بأن النص الدستوري يقول أن دسترة فك الارتباط (وهي تعليمات) هو أمر غير دستوري لانتقاصه من حقوق المواطنين؛ وهو ما يمكن الحديث عنه بعد أن تتضح وضع الدولة الفلسطينية.
إلا أن بقاء الوضع مرهونا بإعلان الدولة الفلسطينية قد لا يكون حلاً واقعياً؛ حيث رأت الشخصيات الوطنية التي رفعت رسالة إلى الملك بأن إبقاء العلاقة مع الضفة الغربية في وضع غامض؛ أدى إلى تجلي مشاريع سياسية كالخيار الأردني والكونفدرالي على أرض الواقع؛ حيث لا يزال التخوف من تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن ضمن ما يسمى بالوطن البديل قائماً عند عدد كبير من الأطياف في الأردن.
وذلك بالإضافة إلى عدم اتضاح مفهوم المواطنة بين الضفتين؛ حيث يعتبر الداعون لدسترة قرار فك الارتباط بأن عدم دسترة القرار قد أفرز مخالفات في السحب غير الشرعي للجنسية من مواطنين أردنيين في مقابل منحها بصورة غير شرعية لآخرين ممن لا تنطبق عليهم شروط التجنيس وفق قرار فك الارتباط.
ويتوافق الحمد على عدم وجود ضوابط قانونية تحكم سحب الجنسيات؛ مبيناً أن الحركة ضد إعطاء الجنسيات دون ضوابط قانونية؛ فإعطاء الجنسية يجب أن يكون محكوم بالقانون وليس محكوم باعتبارات سياسية أو أمنية، إلا أنه بين أنه لا يجوز سحب الجنسيات أو اﻷرقام الوطنية تحت أي ذريعة ﻷن الجنسية حق عندما يعطى لا يأخذ.
وحول المواطنة؛ فبين الحمد أن المواطنة ليس لها علاقة باﻷصول والمنابت؛ مبيناً أن هنالك بعض الطروح تشوبها صيغة عنصرية؛ في إطار الحديث عن الوطن البديل بالارتكاز على أعداد الأردنيين من أصول فلسطينية في الأردن وهو ما اعتبره ضمن المقولات العنصرية.
أما حول آلية الدسترة فكان لناهض حتر مقال بين به أن دسترة فك الارتباط يكمن في إضافة مادة دستورية جديدة تتمثّل في إضافة بند يحدد حدود المملكة الأردنية الهاشمية بما يجعل الضفة الغربية خارج الحدود.
وهو ما خالفه الحمد؛ مؤكداً على أن هنالك فقرة في الدستور تقول أن "ملك المملكة الأردنية الهاشمية لا يتجزأ ولا ينزل عن شيءٍ منه”؛ والضفة الغربية عندما وقعت تحت الاحتلال كانت جزء من المملكة الأردنية الهاشمية.
واعتبر الحمد أن الحديث عن فك الارتباط؛ والضفة الغربية ما زالت تحت الاحتلال سيفاقم الأزمة؛ موضحاً أن الحديث عن هذا اﻷمر يأتي عند إعلان الدولة الفلسطينية.
الحباشنة بدوره استنكر الحديث بهذا الإطار والاستناد على الدستور هكذا؛ حيث أن هذا الحديث هو خدمة لإسرائيل وخدمة للمخطط اﻹسرائيلي؛ مضيفاً بأن الدستور ليس قرآناً فهنالك مصالح شعوب أولى للحفاظ عليها.
وبالنهاية فإن دسترة قرار فك الارتباط يعني تعديل الدستور اﻷردني ليحدد طبيعة العلاقات الأردنية والفلسطينية وتعيين الحدود بشكل واضح؛ فقرار فك الارتباط والذي أصدره الملك حسين بن طلال كان قرار سياسي ارتكز على عدة ضغوط وعوامل؛ حيث أصدر الملك قراره بفك الارتباط القانوني والاداري بالضفة الغربية في 31/7/1988 تحت مطلب منظمة التحرير الفلسطينية وقرار مؤتمر القمة العربية في عام 1974.