دراسة: 8 % معدل زيادة اللاجئين الفلسطينيين في الأردن

دراسة: 8 % معدل زيادة اللاجئين الفلسطينيين في الأردن
الرابط المختصر

كشفت دراسة أعدتها الباحثة هبة الحياة عبيدات -تحت عنوان " أثر الخيار الأردني " الوطـن البديـل " علـى الأمـن الأردنـي" – عن ازدياد عدد اللاجئين الفلسطينيين في الأردن بمعدل 8% في عام 2008 ليبلغ مجموع اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الاونروا 1,930,703 لاجئ و لاجئة.

و بينت الدراسة   أعداد اللاجئين الفلسطينيين القادمين إلى الأردن منذ عام 1950 وحتى 2008، ويبين الجدول أنه في عام 1995 قد تزايد بنسبة 39% وفي عام 2000 تزايد عدد اللاجئين بنسبة 22% وفي عام 2005 تزايد أعداد اللاجئين بنسبة 14%، وفي عام 2008 تزايد أعداد اللاجئين بنسبة 8%.

كما بينت الدراسة سيناريوهات مستقبلية للدور الأردني في حل القضية الفلسطينية، وحاولت تحليل سيناريوهات المشاركة الأردنية في حل القضية الفلسطينية، والتي تكمن في تسوية مؤقتة (فدرالية-كونفدرالي)، حيث تستعرض الدراسة أثر الخيار الأردني على تهديد الأمن الأردني، والذي يمثل الإستراتيجية السرية في السياسة الإسرائيلية نحو الصراع الوجودي مع فلسطين.

وخلصت الدراسة إلى تأثير الطروحات الإسرائيلية المتعلقة بالخيار الأردني على الأمن الأردني. فقد أوضحت الدراسة أن هنالك سيناريوهات مستقبلية للدور الأردني في حل القضية الفلسطينية، والتي يجد الطرف الإسرائيلي في بعضها استراتيجيات لمعالجة المصالح الأساسية لإسرائيل والأردن وفلسطين والمجتمع الدولي.

و عرضت الدراسة عدد من السيناريوهات المستقبلية للتصدي للخيار الأردني و من ابرزها: الخيار العسكري: ويقوم على استعمال القوة العسكرية لمقاومة قيام الوطن البديل، حيث أشار الملك عبد الله الثاني إلى ذلك في خطاباته، ومن هذا قوله في مقابلة مع وكالة فرانس برس : " لا يوجد في قاموسنا شيء اسمه الوطن البديل ........ والأردن أقوى من أن يفرض عليه شيء ".

وثانيا: الارتباط الاقتصادي: ويقوم على الارتباط الاقتصادي مع إسرائيل في سياق (Tri-Lateral ) ويقوم هذا السيناريو على منطق اقتصادي أردني في فتح أسواق العمل الإسرائيلية للأردنيين والفلسطينيين في حال الاندماج؛ حيث أن هذا من شأنه تخفيف الضغط الاقتصادي والديمغرافي على الأردن. أما من وجهة النظر الإسرائيلية، فإن اتساع الهوة بين الاقتصاديات الثلاث، سيفتح المجال نحو الهجرة إلى الاقتصاد الأقوى وبالتالي فتح الحدود الديموغرافية، أي أن هذا الخيار هو مفيد على الجانب الأردني والفلسطيني، إلا أنه ذو تأثير سلبي على إسرائيل الديمغرافية.

و اخيرا السيناريو الثالث: سيناريو التعويض: قد يعود سيناريو التعويض للساحة، ومما لا شك به أنه قد طرح مشروع أردني لتوطين اللاجئين بحدود 300 ألف لاجئ شرط أن تلتزم إسرائيل ب 54% من احتلالها الأرض، أي التزامها بقرار التقسيم 181. وقد جاء أيضاً مشروع بوش في 14 نيسان 2004 الذي يؤكد على توطين اللاجئين والذي يؤكد على بقاء الكتل الاستيطانية.

و رأت الدراسة "أن الالتزام بحل الدولتين هو الإستراتيجية الفاعلة لدى الأردن في الوقت الحالي بالرغم من التعقيدات وتراجع المؤشرات التي تدل على نجاحها.

وأخيراً يبقى السؤال المطروح عن مدى النتائج التي ستجنى في حال تطبيق فعلي لحل الدولتين؟ والدور الذي يقع على عاتق الولايات المتحدة في ظل الظروف الداخلية على الجانبين الإسرائيلي-الفلسطيني، وخاصة بعد ظهور مؤشرات تنبأ بفشل هذا الخيار؟.

و فيما يلي كامل الدراسة:

 

المقدمـة

تسعى هذه الدراسة إلى تحليل تهديد الخيار الأردني (الوطن البديل) على الأمن القومي الأردني؛ ما يعني فرض عدة سيناريوهات للمشاركة الأردنية في حل القضية الفلسطينية؛ وحيث ترتبط الأردن بعلاقات تاريخية مع فلسطين وعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل فإن أي خيار يهدد الأمن الأردني فهو خيار لن يقبله النظام الأردني.

هذا وتستعرض الدراسة أهم التطورات في المبادرات الأردنية لحل القضية الفلسطينية والتي تقف أمام عدة سينايوهات دولية لحل القضية.

وبهذا تحاول الدراسة أن تجيب عن أثر الخيار الأردني على الأمن الأردني ؟ وذلك من خلال التطرق لمجموعة من الأسئلة التي تقود الدراسة للتحليل العلمي للخيار الأردني :

- ما هي جذور فكرة طرح الخيار الأردني؟

- ما أهم المبادرات التي طرحها الأردن للمساهمة في معالجة القضية الفلسطينية؟

- ما هي السيناريوهات التي طرحت لحل القضية الفلسطينية؟

- ما أثر الخيار الأردني على المصالح والحقوق الفلسطينية من منظور أردني؟

- ما مدى فاعلية هذا الخيار في تطبيقه على أرض الواقع؟

وتكمن أهمية الدراسة في ما تستعرضه من محطات مهمة في العلاقات الأردنية الفلسطينية وأثرها على الأمن الأردني، مما يقدم لصانع القرار في الأردن حقائق علمية لما يمثله الخيار الأردني أو الوطن البديل من تهديد حقيقي على أرض الواقع إذا ما نُفذ، ووضع رؤى مستقبلية لتفادي هكذا خيارات ومبادرات، بالنظر إلى المتغيرات الدولية والإقليمية وأثرها على الاستراتيجية الأردنية في مواجهة تهديد الخيار الأردني.

وبهذا تقوم الدراسة على افتراض أن الخيار الأردني هو خيار يمثل تهديداً على الأمن الأردني والإقليمي عامة؛ فإذا ما تم تطبيقه فإن حق العودة للفلسطينيين سيلغى.

المحور الأول : السياسة الخارجية الأردنية اتجاه القضية الفلسطينية

يرتبط الأردن بعلاقات وثيقة مع الجانب الفلسطيني؛ وذلك للعمق التاريخي والترابط ما بين الطرفين، هذا وترتبط أهداف السياسة الخارجية الأردنية ارتباطاً وثيقاً بالقضية الفلسطينية، فالقضية الفلسطينية تمثل المحور الرئيسي للسياسة الخارجية الأردنية وذلك لخصوصية العلاقة بين الأردن وفلسطين.

وأحد أهداف السياسة الخارجية الأردنية هو المحافظة على المصلحة الوطنية العليا وذلك يكمن في المساهمة في إقامة الدولة الفلسطينية من خلال التفاوض مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية، فعدم قيام دولة فلسطينية هو تهديد للأمن الأردني وتطبيق مشروع "الترانسفير" الوطن البديل. ( الهياجنة، 2005)

وبالرغم من المساعي الدبلوماسية الأردنية مع الطرف الإسرائيلي لحل القضية الفلسطينية؛ فإن العلاقات الأردنية الإسرائيلية تتراوح نظراً لوجود عدة معوقات في هذه العلاقات وتتبلور في:

- أن إسرائيل تسعى لتسوية آنية بينما تسعى الأردن لحل جذري للصراع؛ أي أن مفهوم السلام يختلف من وجهة نظر الطرفين.

- أن إسرائيل تسعى لتنفيذ سياستها دون تلبية استحقاقات السلام التي توقعها.

- تتسم سياسة إسرائيل بالمماطلة في تنفيذ الاتفاقيات. (المشاقبة، 2000: 308)

ولطالما لعب الأردن دوراً مهماً في تنشيط الحوار ومبادرة السلام مع الطرف الإسرائيلي، وحول تأثير هذه الاتفاقيات مع إسرائيل على الأمن الأردني، يرى (David Schenker) أن قائمة المصالح الأردنية في محادثات السلام لها تأثير مباشر على الأمن والاستقرار الأردني؛ فقائمة المصالح المرتبطة باتفاقية أوسلو وواي ريفير هي ثلاثة:

- الديموغرافيا: حيث يعيش في الأردن ما يقرب الثلاثة ملايين فلسطيني خلال 1998 وهؤلاء المواطنون الأردنيون (اللاجئون) يولون الحفاظ على "حق العودة" أو التعويض المالي في حالة التوصل إلى اتفاق الوضع النهائي، فهذه النسبة العالية من الأردنيين من أصول فلسطينية أي حل لمشكلة اللاجئين بالضرورة ستؤدي إلى انعكاسات كبيرة على الأردن.

- الاقتصاد: يمثل السوق الفلسطيني للأردن سوقاً للصادرات الأردنية؛ ففي عام 1997 بلغ مجموع الصادرات الأردنية إلى فلسطين 15 مليون دولار، إن العلاقات الاقتصادية الوثيقة سيكون لها منفعة متبادلة.

- الأمن: مما لا شك فيه أن الأمن الأردني سوف يتعزز من خلال مواصلة التقدم في المسار الإسرائيلي الفلسطيني، إن الاستقرار في الضفة الغربية سوف يترجم إلى الاستقرار في الضفة الشرقية.

وينهي دراسته بأن مناقشة القضايا المتعلقة باللاجئين والمياه والحدود والأمن والقدس واحتمال قيام دولة فلسطينية، لن تحرز أي تقدم يذكر، ما لم يتم الرجوع إلى الأردن. ( Schenker, 1998)

المحور الثاني: جذور مشروع الوطن البديل (الخيار الأردني)

بدأت فكرة طرح مشروع الوطن البديل، عام 1948 والتي تبلورت في عملية إبعاد الفلسطينيين عن الأراضي الفلسطينية، حيث كلف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ديفيد بن غوريون لجنة لمحاولة دراسة قضية منع عودة الفلسطينيين، وخرجت اللجنة بتوصيات كان منها؛ توطين اللاجئين في البلدان المضيفة (سوريا، الأردن، العراق).

هذا وتم التحضير للمشروع خلال العدوان الثلاثي على مصر، فقد اقترح غوريون أثناء اجتماعه بغي مولييه رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق عام 1956، بأن الحرب على مصر ستفتح آفاق أخرى حول إعادة إجراء ترتيبات في المنطقة، فالأردن لا يملك مقومات الدولة المستقلة غير القابلة للحياة، ومن هنا يقتضي ذلك تقسيم الأردن إلى المناطق الشرقية من نهر الأردن وضمها للعراق على أن يتعهد العراق باستقبال اللاجئين الفلسطينيين وتوطينهم وسط البلاد، أما القسم الغربي لنهر الأردن فسيتم إلحاقه بإسرائيل. ( انظر: القصير، 2007، الشولي، 2007 )

وتطور مشروع بن غوريون في أثناء رئاسة شارون ليعيد النظر في تداوله وطرحه مرة أخرى، داعياً الفلسطينيين إلى توجيه أنظارهم نحو الأردن.

وأكد شارون على هذا الخيار مؤكداً على " أن الأردن هو فلسطين "، ويكمن مضمون طرح الخيار الأردني من خلال القيام بعملية ترانسفير قهرية تطهيرية ضد الشعب الفلسطيني وذلك بهدف السيطرة على الضفة الغربية واستكمال تهويدها.

وتم طرح هذا الخيار من خلال محاضرة ألقاها شارون عام 1974 أمام أكاديميين أمريكيين؛ حيث يكمن أمام إسرائيل خطرين: أن تنشأ دولة فلسطينية معادية في الأردن، أو أن تبقى بلا حل. ( الشولي، 2007)

المحور الثالث: المنظور الأردني للخيار الأردني

 

لا يعدّ الخيار الأردني جديداً في الطرح؛ فهو يأتي بعد عدة مبادرات لعبت الظروف والأزمات الدولية دوراً في طرحها، فهناك محاولات لإحياء الخيار الأردني والذي لا يعني عودة الدور الأردني في القضية الفلسطينية فقط، وإنما يعني حل القضية على حساب الأردن.

والجديد في الآونة الأخيرة هو ظهور وتأييد مسؤولين حكوميين وباحثين لمبادرات الكونفدرالية؛ والتي يعتبرها البعض الآخر جسراً لتطبيق الخيار الأردني، حيث عاود بعض المسؤوليين الحكوميين في الأردن طرح فكرة الخيار الأردني ومنهم رئيس الوزارء الأسبق الدكتور عبد السلام المجالي؛ حيث ذكر في محاضرة له بالأردن عن "تصورات مستقبل العلاقات الأردنية الفلسطينية" والتي استشرف بها إمكانية اتفاق الدولة الفلسطينية المستقلة مع الأردن لإقامة دولة تسمى (الدولة العربية المتحدة/ الاتحادية)؛ حيث ذكر بها المجالي أنه سيتم انتخاب الحكومة بطريقة ديمقراطية، كما سيتم انتخاب (النواب والأعيان) مناصفة بين البلدين، أي أنه سيكون رئيس الوزراء من الأردن ورئيس مجلس النواب من فلسطين. وسيكون الملك عبد الله الثاني رئيساً للدولة العربية المتحدة وذلك بصفته وريثاً للسلالة الهاشمية. (محمود، 2008)

وبالرغم من هذه الأفكار التي طرحها رئيس الوزارء عبد السلام المجالي؛ إلا أنها تلقى تهديداً على الأمن القومي للأردن، حيث أن الهدف من هذا الخيار هو تغيير الميزان الديمغرافي الأردني الداخلي، ونقل الهاجس الديمغرافي من إسرائيل إلى الأردن، كما أن هذا الخيار يلغي الحقوق الفلسطينية في إقامة الدولة الفلسطينية وحق تقرير المصير كما أنه يلغي حق اللاجئين الفلسطينيين في عودتهم إلى آراضيهم.

ويبين مروان المعشر وزير الخارجية الأسبق آنذاك، في لقاء مع صحيفة الواشنطن بوست، أن الأردن يخشى من السلوكيات الإسرائيلية وخاصة الجدار العازل، بأن يقوض قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، وربما يكون إحياء "للخيار الأردني" وبالتالي يوضح مخاوف الأردن في أن يأتي اليوم الذي تجادل به إسرائيل بأن الأردن هي فلسطين، فاحتمال هذا يطرح تقسيم الضفة الغربية إلى ثلاثة أجزاء مما سيجعل من عودة الفلسطينيين أمراً مستحيلاً وسيغادر الفلسطينيون إلى الأردن بالقوة. (Ignatius, 2004 )

ومن هنا أكد الملك عبد الله الثاني على عدم الحديث وتداول هذا الخيار، كما أكد في خطاباته على ضرورة قيام حل الدولتين والالتزام بخارطة الطريق التي أقرتها الدول العربية في قمة بيروت 2002 والتي عكست المبادرات الدولية لحفظ السلام بمصادقة اللجنة الرباعية (أوروبا وروسيا والأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية) ومجموعة الدول الصناعية الثمانية الكبار. وحول خارطة الطريق يرى الملك عبد الله الثاني: "إن خارطة الطريق توفر حل شامل يقوم على وجود دولتين، وهو النوع الوحيد من السلام الذي يمكن أن يكتب لـه الاستمرار: فهو يرتكز على قيام دولة فلسطينية ذات سيادة، ديمقراطية، وقابلة للحياة، وضمانات أمنية لإسرائيل؛ وعملية تقود إلى تسوية شاملة تبحث المسارين السوري واللبناني. وتدعو خارطة الطريق إلى تحقيق العدالة والأمن، جامعةً المنطقة بأسرها، من المغرب إلى اليمن، في إطار عملية تعافي عمادها المصالحة والأمل." ( الملك عبد الله الثاني، 2005)

المحور الرابع: المنظور الإسرائيلي للخيار الأردني

تعتبر قضية اللاجئين من المنظور الإسرائيلي مسألة يقع حلها على الدول العربية، حيث تتلخص الرؤية الإسرائيلية لحل قضية اللاجئين ب:

- عدم عودة اللاجئين

- توطين اللاجئين أو ترحيلهم.

- تعويض اللاجئين بمبالغ ضئيلة، ويمول هذا المشروع من قبل الدول الغربية ودول النفط العربي. ( الشولي، 2007 )

أما بالنسبة للمنظور الإسرائيلي للفلسطينيين الذين يقطنون فلسطين، فتتلخص بإجماع الإدارة الإسرائيلية على أن الحل القائم على دولتين لا يمكن أن يستمر، وبالتالي لن يضع حداً للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وبالتالي طرح الخيار الأردني كبديل لحل الدولتين من قبل الدولة الإسرائيلية، حيث أعرب شارون عن أن "الأردن هو فلسطين"، حيث أن الحل التقليدي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي القائم على إقامة دولتين ليس عقلاني الآن، وغير مجدٍ للطرفين، وبذلك أصبح من الضروري تعديل حل الدولتين، وإحدى الخيارات المطروحة هي إعطاء الأردن المسؤولية الأمنية عن الضفة الغربية وذلك لأنه هنالك قلق فيما إذا أقيمت دولة فلسطينية في الضفة الغربية فإنه سوف تسيطر عليها حماس.

ويعتبر هذا حلاً إقليمياً من وجهة نظر الدولة الإسرائيلية، وتنبع أهمية هذا الخيار بنقل التهديد الديمغرافي من إسرائيل إلى الأردن، ومن ثم إحداث تغيير في التوازن الديمغرافي الأردني الداخلي بين الفلسطينيين، وبالتالي جعل عمان الجديدة "القدس".

هذا وطالب السفير الإسرائيلي الأسبق في واشنطن زلمان شوفال في دراسته التي صدرت في 1/03/2006 بتوطين اللاجئين عبر خطة عربية دولية واسعة، ويعود ذلك بحسب وجهة نظره بأن ما سوف يتبقى من أراضي للفلسطينيين لن يكون كافي للموجودين فيها الآن، بل إن نسبة اللاجئين الموجودين في الضفة وقطاع غزة تتمثل بأكثر من 30% من عدد السكان حالياً. ( الحسن، 2007 )

المحور الخامس: المنظور الفلسطيني للخيار الأردني

من منظور السلطة الفلسطينية، والممثلة بحركة فتح، فهي تقاوم أي خيار لاندماج سلطتها مع الدولة الأردنية في إطار أي مشروع دولي وإقليمي، وذلك قبل إقامة الدولة الفلسطينية الدائمة، ومنحها الحق بإعلان الاندماج، أو صيغة ما للاتحاد مع الأردن في المستقبل. ( محمود، 2008 )

وكان قد أوضح الدكتور محمود الزهار وزير الخارجية الأسبق والقيادي في حركة حماس في أثناء ندوة عقدت في غزة بأن الإحصاءات تشير إلى أن 31% من شباب الضفة يرغبون في الهجرة. ويرى بعض الباحثين أن لحركة حماس قراءة مختلفة حول الخيار الأردني، يفهم من بين سطورها أنها لا تعارض هذه الفكرة، وأن هنالك رغبة في إعادة إحياء الروابط ما بين الضفتين. ( الحسن، 2007 )

وكشفت دراسة أجريت في عام 2007 من قبل الدكتور خليل الشقاقي بأن 42% من الفلسطينيين يؤيدون قيام كونفدرالية، في حين أن 52% يعارضون ذلك. ( Rosner, 2007 )

المحور السادس: منظور المجتمع الدولي للخيار الأردني

تلتزم الإدارة الأمريكية بخارطة الطريق وبصيغة حل الدولتين (دولتان، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب بسلام وأمن( مع دولة فلسطينية متمتعة بسيادة واستقلال، إلا أن هذه الرؤية للحل، قد فرضت على الإدراة الأمريكية التغاضي عن التطرق إلى تفاصيل الحدود، المستوطنات الإسرائيلية، اللاجئين، القدس. ( براون، 2008 )

ويرى آخرون أن محاولة خلق سلطة فلسطينية قد فشلت، وأن حل الدولتين على أساس السلطة الفلسطينية هو خيار فاشل، وبالتالي يجب النظر إلى حل "ثلاث دول"، حيث تسيطر مصر على قطاع غزة، وتسيطر الأردن على الضفة الغربية. إلا أن مصر تخشى من التعامل مع حماس في ظل سيطرتها على قطاع غزة، والذي بدوره سيزيد تحالفها مع الاخوان المسلمون في مصر، وبالتالي زيادة التطرف في مصر (Bolton, 2009 )

هذا وظهرت عدة دراسات وتقارير تحاول أن تجعل من الخيار الأردني سبيلاً لحل الصراع بلاً من حل الدولتين؛ حيث أوضح ( Abu Libdeh Samer ) أن هنالك عدة إشارات لإمكانية تطبيق الخيار الأردني؛ منها تعيين الملك عبد الله الثاني باسم عوض الله مديراً لمكتبه، وفاروق القصراوي مستشاراً له، وكلاهما من أصل فلسطيني. كما أن الملك عبد الله الثاني قد زار مخيم البقعة للاجئين ودعاهم صراحة إلى "المشاركة في صنع القرار". هذا بالإضافة إلى أن أعداد اللاجئين الفلسطينيين في الأردن حسب الأونروا بلغ 60% من المجموع العام. كما تطرق إلى أن الأزمة الحالية قد أضعفت احتمالات التوصل إلى حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ما أجبر المفكرين والمثقفين الفلسطينيين والأردنيين في إعادة النظر بإمكانية وحدة بين الضفة والأردن في ظل نظام سياسي واحد. (Abu Libdeh, 2006 ) .

إلا أن ( Martin Indyk ) يرى أن الخيار الأردني خيار غير قابل للتطبيق؛ حيث أنه لن تكون هنالك حكومة أردنية مستعدة لتولي مسؤولية الأمن من إسرائيل، إضافة إلى أن الفلسطينيين في الضفة الغربية يشكلون تهديداً ديموغرافياً للأردنيين. ( Eiland & Indyk, 2008 )

المحور السابع: الإستراتيجية الأردنية لمواجهة الخيار الأردني

وتكمن في تركيز الملك عبد الله الثاني في لقاءاته وخطاباته وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، على ضرورة التركيز على الجهود المبذولة لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط وفقاً لحل الدولتين وفي إطار إقليمي شامل، إضافة إلى العلاقات بين البلدين.

كما أكد الملك عبد الله الثاني على أن السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق ما لم يكن هناك رعاية أميركية ورئيس أميركي مصمم على جمع الفلسطينيين والإسرائيليين على طاولة الحوار لحل الصراع وفقاً لحل الدولتين، حيث يرى الملك عبد الله أنه إذا ترك الأمر للطرفين بمفردهم، فلن يتم التوصل إلى نتيجة. ( انظر: الديوان الملكي الهاشمي، 2009أ، 2009ب، 2009ج، 2009د )

وبالتالي تكمن الإستراتيجية الأردنية في مواجهة خطر الخيار الأردني بالتركيز على حل الدولتين والالتزام به تحت رعاية أمريكية وخاصة أن للولايات المتحدة مصلحة في إقامة الدولتين، كما أنها تود الحفاظ على النظام القائم في الأردن دون أي تغيير.

المحور الثامن: السيناريوهات المستقبلية للتصدي للخيار الأردني

نتيجة التطورات الدولية والإقليمية واستمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتزايد وتيرة العنف، برز احتمال طرح الخيار الأردني على الساحة الإقليمية، وهو ما لاقى ردود فعلاً متنوعة، وطرح احتمال عودة الفدرالية ما بين الأردن وفلسطين، أو المشاركة الأردنية المؤقتة عن طريق "الوصاية" بتواجد عسكري أردني بدلاً أو داعماً للقوات الفلسطينية أو الوطن البديل، وبالتالي يمكننا إجمال السيناريوهات المستقبلية حول التعامل مع الخيار الأردني بالتالي:

1- الخيار العسكري: ويقوم على استعمال القوة العسكرية لمقاومة قيام الوطن البديل، حيث أشار الملك عبد الله الثاني إلى ذلك في خطاباته، ومن هذا قوله في مقابلة مع وكالة فرانس برس : " لا يوجد في قاموسنا شيء اسمه الوطن البديل ........ والأردن أقوى من أن يفرض عليه شيء ". ( انظر: الديوان الملكي الهاشمي، 2009 ه )

2- الارتباط الاقتصادي: ويقوم على الارتباط الاقتصادي مع إسرائيل في سياق (Tri-Lateral ) ويقوم هذا السيناريو على منطق اقتصادي أردني في فتح أسواق العمل الإسرائيلية للأردنيين والفلسطينيين في حال الاندماج؛ حيث أن هذا من شأنه تخفيف الضغط الاقتصادي والديمغرافي على الأردن. أما من وجهة النظر الإسرائيلية، فإن اتساع الهوة بين الاقتصاديات الثلاث، سيفتح المجال نحو الهجرة إلى الاقتصاد الأقوى وبالتالي فتح الحدود الديموغرافية، أي أن هذا الخيار هو مفيد على الجانب الأردني والفلسطيني، إلا أنه ذو تأثير سلبي على إسرائيل الديمغرافية. ( انظر:Ignatius, 2004 Rosner, 2007, Bar, 2003, (

3- سيناريو التعويض: قد يعود سيناريو التعويض للساحة، ومما لا شك به أنه قد طرح مشروع أردني لتوطين اللاجئين بحدود 300 ألف لاجئ شرط أن تلتزم إسرائيل ب 54% من احتلالها الأرض، أي التزامها بقرار التقسيم 181. وقد جاء أيضاً مشروع بوش في 14 نيسان 2004 الذي يؤكد على توطين اللاجئين والذي يؤكد على بقاء الكتل الاستيطانية ( انظر: الشولي، 2007 )

ويبين الجدول (1) أعداد اللاجئين الفلسطينيين إلى الأردن منذ عام 1950 وحتى 2008، ويبين الجدول أنه في عام 1995 قد تزايد بنسبة 39% وفي عام 2000 تزايد عدد اللاجئين بنسبة 22% وفي عام 2005 تزايد أعداد اللاجئين بنسبة 14%،

الجدول (1)

أعداد اللاجئين الفلسطينيين في الأردن منذ عام 1950-2008

السنـة عدد اللاجئين المسجلين في الأردن نسبة التغير المئوي

1950 506,200 -

1955 502,135 -1%

1960 613,743 22%

1965 688,089 12%

1970 506,038 -26%

1975 625,857 24%

1980 716,372 14%

1985 799,724 12%

1990 929,097 16%

1995 1,288,197 39%

2000 1,570,192 22%

2005 1,795,326 14%

2008 1,930,703 8%

Source: UNRWA http://www.un.org/unrwa/refugees/pdf/reg-ref.pdf

الخاتمـة

حاولت الدراسة تحليل سيناريوهات المشاركة الأردنية في حل القضية الفلسطينية، والتي تكمن في تسوية مؤقتة (فدرالية-كونفدرالي)، حيث تستعرض الدراسة أثر الخيار الأردني على تهديد الأمن الأردني، والذي يمثل الاستراتيجية السرية في السياسة الإسرائيلية نحو الصراع الوجودي مع فلسطين.

وخلصت الدراسة إلى تأثير الطروحات الإسرائيلية المتعلقة بالخيار الأردني على الأمن الأردني. فقد أوضحت الدراسة أن هنالك سيناريوهات مستقبلية للدور الأردني في حل القضية الفلسطينية، والتي يجد الطرف الإسرائيلي في بعضها استراتيجيات لمعالجة المصالح الأساسية لإسرائيل والأردن وفلسطين والمجتمع الدولي.

أما بالنسبة للجانب الأردني فبعض هذه السيناريوهات تشكل مؤامرات على الأردن وذلك لنقل الهاجس الديمغرافي من إسرائيل إلى الأردن، كما أن يلغي حق العودة للفلسطينيين وبالتالي ضياع حقوقهم.

وبالتالي يمكننا القول بأن الالتزام بحل الدولتين هو الاستراتيجية الفاعلة لدى الأردن في الوقت الحالي بالرغم من التعقيدات وتراجع المؤشرات التي تدل على نجاحها.