دراسة لحركة اليسار حول الاقاليم

الرابط المختصر

رأت حركة اليسار الاجتماعي الاردني في دراسة لها حول مشروع الاقاليم في الاردن  ان هذا المشروع  يهدف الى "توطين تدريجي وناعم وكامل للفلسطينيين في الأردن بدون ان تترتب عليه أية (مخاطر) على "اسرائيل" من قيام كيان سياسي بديل مما (يتطلب صهيونياً) اعادة انتاج الأردن وتحويله من دولة جغرافيا سياسية إلى نظام أمني بجغرافيا غير سياسية داخل المجال الحيوي "الاسرائيلي"، وكذلك قطع التطور المدني المركزي فيه وضرب الشروط الموضوعية لقيام مجتمع المواطنين واستبدالها بشكل من المجاميع السكانية".

وفيما يلي كامل الدراسة:

 

 

بالرغم من التداول المستمر لمشروع الأقاليم الذي طرح لأول مرة في العام 2005 كأعلان رسمي من قبل الحكومة وبتوجيه من الملك فإنه لا معالم واضحة لحدود هذا المشروع. اذ يلحظ أن التفصيل الوارد فيه يتعلق بالتنظيم الإداري لانتخاب أركانه فقط، والذي هو وبنظرة سريعة نسخ عن قانون الانتخاب الأردني الحالي مع بعض الاضافة البسيطة وغير النوعية من جهة، ومن جهة أخرى إشارة الى أن هذا المشروع يراد له أن يكون إدراياً تنموياً كأحد تطبيقات اللامركزية الإدراية، بمعنى يتم تفويض الأقاليم صلاحيات إدراية  للنهوض بنفسها ولا تمنح أي سلطات سياسية. هذه الورقة محاولة لتسليط الضوء على هذا المشروع في ضوء المتوافر عنه من معلومات رسمية – وثيقة وحيدة ويتيمة . كما وتتبع هذه الورقة فكرة مشروع الأقاليم أردنياً، وتبين إيجابيات وسلبيات المشروع في ضوء أحاديث ومقابلات منظرو وعرابو هذا المشروع في الصحافة الأردنية والندوات الثقافية كونها المصدر الوحيد للمعلومات المتوافر عن هذا المشروع. الى جانب ذلك ستعتمد الورقة على معطيات وأحصائيات واتفاقيات وخرائط توضيحية لتققيم جدوى الشروع في تنفيذ مشروع الأقاليم أو عدمه.

 

 

التي تعرفاها هذه الدول حاليا على المستوى الاقتصادي وعلى مستوى عناصر العقد السياسي. ستكون محاور الورقة مقسمة كالآتي:

 

أولاً: إطار نظري يشمل:

 

1-      خلفية تاريخية لمشروع الأقاليم

 

2-      اللامركزية الإدارية: ما هي؟ ومتى يتم اللجوء اليها؟ وما أبعادها؟ ما متطلباتها؟

 

 

ثانياً: إطار تطبيقي يشمل:

 

 

3-      هل الأردن بوضعه الحالي مهيئ لمشروع مثل مشروع الأقاليم؟

 

4-      محاذير "مشروع الأقاليم" أردنيا وعربيا

 

 

الإطار النظري:

 

1-    مشروع الأقاليم: خلفية تاريخية

 

تعود فكرة الأقاليم الى العام 1994 عندما أعلن عن التوجه لدى وزراة الشؤون البلدية أنذاك بالشروع في دمج المجالس القروية والبلديات بهدف التخلص من مديونيات المجالس القروية والبلديات ، وبهدف تنفيذ مشاريع استثمارية وتنموية في البلديات المنشأة حديثاً لترفد خزينة البلديات الى جانب مصادر دخلها الأخرى مثل الضرائب والرسوم بحسب لقاء رسمي مع وزير البلديات في ذلك الوقت "توفيق كريشان" أجرت صحيفة الدستور الأردنية بتاريخ 23\6\2005

 

في اللقاء أورد الوزير أنه في العام 1994 كان في الأردن أكثر من 240 بلدية، وحوالي 476 مجلس قروي و 300 تجمع سكاني. فكانت المرحلة الأولى دمج تلك المجالس القروية والبلديات لتشكل 497 بلدية في كل المملكة، والتخلص من كل المجالس القروية والتجمعات السكانية العشوائية كخطوة أولى، وبعد ذلك وفي عهد الوزير "عبد الرزاق طبيشات" كانت المرحلة الثانية من الدمج فتم تقليص عدد البلديات ليستقر على 99 بلدية تغطي خدمياً كافة التجمعات السكانية في الأردن.

 

في نهاية وزارة توفيق كريشان كانت مديونية البلديات بين 60 – 65 مليون دينار، انخفضت الى 43 مليون دينار بعد تقليصها الى 99 بلدية، لكن اللافت أن انخفاض مديونية هذه البلديات لم يكن بسبب نجاح فكرة الدمج، وتنفيذ المشاريع التنموية والإقتصادية  وإنما بسبب إعفاءات الحكومة لبلديات من مديونياتها. وبعد أقل من عام على تقليص عدد البلديات الى 99 ارتفع حجم مديونياتها الى 50 مليون دينار  والسبب في ذلك وبحسب تصريحات وزير الشؤون البلدية السابق في نفس المقابلة عائد الى أسباب عديدة منها: النشاريع الاستثمارية الفاشلة، والمحسوبية في تنفيذ المشاريع لصالح أعضاء متنفذين  في البلديات، والعدد الكبير جداً لموظفي البلديات بعد دمجها. فثلا بلدية المفرق في تلك الفترة حصلت على (5.1 مليون دينار) إعفاءات من فوائد الديون.

 

من الأخطاء القاتلة التي ارتكبت في عملية الدمج هو عدم مراعاة جغرافية المناطق في كثير من الأحيان، ما أدى لاحقاً الى استنزاف لأمكانات البلديات بسبب البعد الجغرافي وعدم التخطيط الدقيق السابق للعملية، فبدت المسائلة وأنها تقسم خطوط بالقلم والمسطرة على خارطة المملكة الأردنية. الأمر الذي ضاعف مديونية البلديات وفشل الكثير من مشاريعها. يلحظ أنه لم تتخذ الاحتياطات والإجراءات المسبقة واللازمة قبل البدء بدمج البلديات بحسب تصريحات الوزير.

 

من تنظيم إداري بسيط على شكل  مجلس قروي (476 مجلس قروي) ، وبلدية بسيطة (240 بلدية ) ، الى دمج للمجاس والبلديات (479 بلدية) ، الى بلديات كبرى ( 99بلدية ) الى أقاليم (يفترض أنها ثلاث). الى أين يسير الأردن، وما مستقبله؟

 

وكانت طرحت فكرة الأقاليم،قبلاً، في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، وقد لخصتها دراسة للدكتور سفيان التل، صدرت عن المنظمة العربية للعلوم الادارية عام 1981 تحت عنوان "التخطيط الإقليمي والتجربة الأردنية" وتضمنت الفكرة تقسيم الأردن إلى اربعة أقاليم: إقليم إربد وعهد بدراسته إلى لجنة أردنية ـ يابانية، وعمان وعهد بدراسته إلى لجنة أردنية ـ امريكية، والجنوب (معان ـ العقبة) وعهد بدراسته إلى لجنة أردنية ـ المانية والكرك وكان قيد الاعداد. وقد أكدت دراسة الدكتور التل الذي كان أحد اعضاء اللجنة الرئيسية، على ضرورة واهمية علاقة التخطيط الإقليمي بالعربي كما اظهرت الطابع الاداري والتنموي للفكرة.

 

" لكن المشروع آخذ بعداً مختلفاً تماماً بعد معاهدة وادي عربة وتحول من مشروع أردني لتنمية المحافظات إلى واحد من استحقاقات المعاهدة ومحاولات العدو الصهيوني تحويل المشروع إلى ملاقط إقليمية مع كل الشرق العربي بالاضافة لتمرير الترانسفير الناعم، كما اعلنت ذلك جريدة الاسبوع الأردنية الصادرة بتاريخ 16/11/1995، والتي كان يرأس تحريرها الكاتب الصحفي جهاد المومني حيث تحدثت الصحيفة عن مشروع لتقسيم الأردن إلى عدة أقاليم وبحيث يساهم ربط إقليم الوسط بالضفة الغربية (في التوطين) كما يساهم ربط إقليم الجنوب بإيلات ووادي عربة في بناء اطار إقليمي مشترك مع "اسرائيل" وكذلك إقليم الشمال الذي يربط اسرائيل مع العراق (خط النفط) ومع سورية (خط المياه)." عن مقالة لموفق محادين

 

 

 

 

2-    اللامركزية الإدراية

 

 

تواجه هيمنة الدولة على إدارة الحكم تحديا كبيرا إثر التغيرات الكبيرة التي تعرفها العلاقة بين الدول والأسواق والمجتمع المدني، بفعل العولمة والتغير التقني السريع. ولم يعد دور الدولة في التنمية بمنأى عن مثل تلك التغيرات؛ ولا أدل على ذلك من تخليها عن الكثير من الأعمال التنموية لفائدة أجهزة للحكم على مستوى إقليمي أو محلي في إطار سياسة اللامركزية.

 

فالدولة القومية (الوطنية) بعد تراجع هيمنتها، بادرت بالرجوع إلى الهويات الترابية والفاعلين المجاليين المحليين، مما انبثق عنه ظهور ترتيبات مجالية جديدة، وبروز عناصر فاعلة على المستوى المحلي في ظل اللامركزية، والتي اتبعتها الدولة الوطنية بحثا عن أنماط جديدة لاندماجها، ولحل الصعوبات

 

وإزاء تأكد النزعة نحو انسحاب الدولة من الاقتصاد والعمل التنموي والتهيوي على الصعيدين الوطني والإقليمي، وكذلك تراجع المد التضامني العالمي وتضاؤل نصيب بلدان العالم الثالث من الاستثمارات الخارجية المباشرة واشتداد حركة رأس المال المعولم والمنافسة بين الشركات العالمية، أصبحت التنمية المحلية بديلا ملائما للتدخلات الحكومية المؤقلمة والمكثفة.

 

في هذا البند سنحاول دراسة دور اللامركزية في تحقيق التنمية المحلية، وسنسعى في المحور الأول منه إلى تحديد مفهوم اللامركزية وتمييزه عن جملة مصطلحات تستخدم على نطاق واسع كمرادفات له في الإعلام الأردني، بينما نخصص المحور الثاني لتبيان مفهوم وأهداف التنمية المحلية، على أن يهتم المحور الثالث من هذا البحث بدور اللامركزية في تحقيق التنمية المحلية -  وهذا الجزء من الأهمية بمكان بالرغم من طوله النسبي، وكونه الإطار النظري لمشروع الأقاليم.

 

أولاً: تطبق الدول المختلفة في إدارة شؤونها السياسية والتنموية أساليب إدارة مركزية أو لامركزية أو الاثنين معاً. ويحسن بنا في مستهل الحديث عن علاقة اللامركزية بالتنمية المحلية، توضيح بعض المفاهيم والمصطلحات السائدة في الخطاب الإعلامي والأكاديمي، والتي يستعملها البعض كمترادفات مع اختلافها الكبير، لكن قبل ذلك ماذا نعني باللامركزية ؟

 

 

1 – في تعريف اللامركزية وشروطها

 

تختلف النظرة إلى مفهوم اللامركزية من بلد لآخر نظرا لتباين الاستراتيجيات المتبعة من طرف الدول، وبصفة إجمالية يمكن القول بأن اللامركزية – التي تمثل بالنسبة للعديد من الدول أداة لتنفيذ سياسة تهيئة المجال – هي عملية ترمي إلى نقل أنشطة اقتصادية وخدمية من منطقة مركزية مسيطرة إلى أقاليم قليلة النمو.

 

وتعرف اللامركزية الإدارية بأنها <<أي فعل تقوم الحكومة عبره بنقل السلطة والمسؤولية رسميا إلى فاعلين ومؤسسات على مستوى أدنى في تراتبية سياسية وإدارية ومناطقية >> ، فهذا النقل للصلاحيات الإدارية يمكن الأقاليم من مزاولة عمل الدولة فيما يخص تنفيذ ومتابعة وتسيير الاستثمارات العمومية، وينبغي أن يكون تحويل السلطات إلى الأقاليم مصاحبا بتوفير الوسائل المالية الضرورية للتنمية الإقليمية اللامركزية.

 

كما تعني اللامركزية عند البعض الآخر << أن تعترف الدولة للأشخاص المعنوية الدنيا (بلديات، محافظات، مؤسسات مجتمع مدني) بنوع من الاستقلالية في تسيير شؤونها الداخلية، لكن دائما تحت إشراف ومراقبة السلطة المركزية >> .

 

وهناك أيضا من يعتبر اللامركزية مسار أو سياقا يتخلى بموجبه مركز عن جزء من سلطاته وامتيازاته، لصالح مجالات أخرى، فهي بهذا المعنى تحويل جزء من الصلاحيات إلى سلطات أدنى .

 

ويشترط لقيام اللامركزية عناصر أساسية هي :

 

1-      وجود مصالح محلية ذاتية تتمتع بالشخصية المعنوية، فإلى جانب المرافق التي تؤمنها الدولة (الأمن والبريد ...)، توجد أيضا خدمات تؤمنها إدارة محلية كتوزيع الكهرباء والماء في الأقاليم، وتتولى الدولة في هذا المجال عملية تحديد المرافق العامة التي تعتبرها وطنية وتلك التي تعتبرها محلية.

 

ولكي تتمكن وحدات الإدارة المحلية من إدارة شؤونها يجب أن يكون لديها موظفون وأملاك وموازنة خاصة، و أن تمتلك حق التقاضي أي أن تتمتع بالشخصية المعنوية.

 

2-      تنظيم مجالس إدارية محلية مستقلة تنتخب من بين الناخبين المسجلين في المنطقة ومن قبل هؤلاء الناخبين.

 

3-      أن لا تخضع أجهزة السلطة المحلية لرقابة صارمة من قبل السلطة المركزية، حيث تحقق اللامركزية نوعا من الاستقلال الذاتي غير المطلق، بمعنى أن السلطة المحلية تبقى خاضعة لرقابة السلطة المركزية أو لرقابة ممثليها المحليين، إلا أن هذه الرقابة لا ينبغي أن تكون حادة.

 

3-

 

2 – بين اللامركزية والأقلمة واللاحصرية

 

يجب التمييز بين مفهومي اللامركزية والأقلمة، حيث يعني الأول نظاما بموجبه تدير مجموعة ترابية أو مصلحة فنية ذاتها تحت مراقبة الدولة، بينما يحيل المفهوم الثاني إلى لامركزة السلطة السياسية والاقتصادية والإدارية لفائدة الأقاليم.

 

كما أنه لا مجال للخلط بين اللامركزية واللاحصرية (عدم التركز) الذي يعني << تحويل جزء من الأنشطة من مركز متشبع إلى أطراف أو مناطق غير متشبعة>> . إن الخلط والمزج بين مفهومَيْ اللامركزية واللاحصرية يستدعي التوقف، ولو بشكل موجز، عند الفوارق الأساسية بينهما:

 

أ- فاللاحصرية لا تخرج عن مفهوم التنظيم المركزي النسبي، وإنما هي جزء أساسي منه ومرتبطة به عضويا. وهي تعني تكليف السلطة المركزية لممثّلين لها في المناطق، معيّنين من قبلها ويعملون تحت إشرافها، بمهام وصلاحيات محدّدة يمارسونها تحت رقابة السلطة المركزية وفي إطار التسلسل الإداري. وهذا يعني أن السلطات اللاحصرية المتواجدة في المناطق والملحقات، ما هي في الواقع سوى امتداد للسلطة المركزية نفسها، ومن هنا فهي لا تتمتّع بالشخصية المعنوية (باعتبارها من تفرّعات الدولة التي تتمتع هي بالشخصية المعنوية) ولا بالاستقلال المالي (باعتبار أن وارداتها ومصاريفها تدخل في موازنة الدولة في باب موازنة وزارة الداخلية والبريد والمواصلات)، مع استقلال إداري خجول بفعل الرقابة التسلسلية .

 

ب- أما اللامركزية الإدارية، ومهما يكن الشكل الذي تتخذه، فتتميّز بقيام كيانات قانونية منتخبة على المستوى المحلي، تتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي والإداري، وإنما تخضع لرقابة السلطة المركزية –المحدودة مبدئيا- رغم استقلالها عنها إداريا". وبالتالي، فإن أهم المعايير الواجب اعتمادها للقول بوجود حالة لامركزية هي:

 

* قيام سلطة عامة محلية، تستمد شرعيتها من القانون الذي يحدّد صلاحياتها.

 

* تمتّع هذه السلطة بالشخصية المعنوية المستقلة عن شخصية الدولة التي هي جزء منها.

 

* تمتّع هذه السلطة باستقلال مالي، أي بموازنة مستقلة عن الموازنة العامة، وبمصادر واردات خاصة بها، وبإمكانية إنفاق من ضمن الموازنة. لكن هذا الاستقلال ليس مطلقا، فالسلطة المركزية تحتفظ لنفسها بحق الرقابة، نظرا إلى كون هذه الأموال أموالا عامة، يقتضي فرض الرقابة على سبل جمعها وإدارتها وإنفاقها، وإنما حصرا ضمن حدود القانون.

 

* تمتّع السلطة اللامركزية بالاستقلال الإداري، أي بإمكانية إدارة أموالها وشؤونها دون الرجوع إلى السلطة المركزية إلاّ استثنائيا .

 

وفي ضوء العلاقة بين اللاحصرية (اللامحورية) واللامركزية يمكن القول أن الأولى تمثل محطة على طريق تحقيق الثانية، والتي تتخذ هي الأخرى أنماطا ومستويات متعددة.

 

– أنماط ومستويات اللامركزية

 

يشير مفهوم اللامركزية إلى العملية العامة التي تنقل بموجبها السلطة السياسية والعمليات التنفيذية إلى هيئات حكومية على المستوى المحلي، ولقد قسم المنظرون اللامركزية حسب درجتها وعمقها إلى أنماط أربعة تبعًا لمستوى نقل السلطة ولنوع "الوحدة" التي يجري تشاطر السلطة معها، وهذه الأنماط هي:

 

- التنازل: ويعني نقل السلطة إلى حكومات محلية مستقلة ذاتيا أو شبه مستقلة ذاتيا.

 

- التفويض: وهو نقل مسؤوليات الخدمات والإدارة إلى أجهزة الحكم والمؤسسات المحلية.

 

- إبطال المركزية (أو عدم التركُز): ويعني توكيل تنفيذ البرامج الوطنية لفروع أدنى من الحكومة.

 

- التجريد: وهو نقل الخدمات والمؤسسات العامة (الحكومية) إلى شركات ومؤسسات خاصة" ولكل نمط من هذه الأنماط مقومات سياسية ومالية وإدارية، فكلما كان حجم ونوع الصلاحيات الإدارية للوحدات الإدارية الممنوحة المحلية والإقليمية في كل جانب من جوانب الإدارة العامة ذات العلاقة بعملية تطبيق اللامركزية كبيراً وهاماً، كلما كانت اللامركزية قوية.

 

وقد حدد البعض حجم ونوع هذه الصلاحيات لكل جانب من جوانب الإدارة العامة وربطها بمستوى اللامركزية الذي تمثله والتي تمثلت في:

 

- البعد المكاني : ويقصد به تشكيل الوحدات الجغرافية اللامركزية، فإذا تم ذلك بموجب الدستور تكون اللامركزية قوية، وإذا حصل ذلك وفق قانون تكون اللامركزية متوسطة، أما إذا شكلت هذه الوحدات بموجب قرار إداري فتكون اللامركزية ضعيفة.

 

- البعد التنظيمي : ويعني مدى استقلالية الوحدات الإدارية المحلية في وضع نظامها الداخلي، فإذا كانت هذه الوحدات تتمتع في ذلك بالاستقلال الكافي تكون اللامركزية قوية، وإذا ما قامت الحكومة المركزية بتحديد إطار عام للنظام الداخلي للسلطات المحلية فتكون اللامركزية متوسطة، وإذا وضعت الحكومة المركزية النظام الداخلي للوحدات الإدارية المحلية أو حددت تعليمات تفصيلية لهذه الغاية فتكون اللامركزية ضعيفة.

 

- البعد المؤسسي : إذا توفر للوحدات الإدارية المحلية البناء المؤسسي المعتاد للحكومات من برلمان وقضاء مستقل فتكون اللامركزية قوية، وإذا توفرت جميع المؤسسات باستثناء القضاء وبعض المؤسسات الأخرى فتكون اللامركزية متوسطة، أما إذا كانت الإدارات المحلية مجرد سلطة إدارية عندئذ تكون اللامركزية ضعيفة .

 

- تعيين المسؤولين : إذا كان تعيين المسؤولين في الوحدات الإدارية المحلية يتم بواسطة الانتخاب من قِبل السكان تكون اللامركزية قوية، وإذا تم تعيين المسؤولين في هذه الإدارات بموافقة السلطة المركزية فتكون اللامركزية عندئذ متوسطة، وفي حالة تعيين المسؤولين من قِبل الحكومة المركزية تكون اللامركزية ضعيفة.

 

- تحديد الصلاحيات : إذا حُددت صلاحيات الوحدات الإدارية المحلية بموجب الدستور تكون اللامركزية قوية، وإذا كان ذلك عن طريق قانون تكون اللامركزية متوسطة، أما إذا كان هذا التحديد قائم على أساس قرار إداري فتكون اللامركزية ضعيفة.

 

- صلاحية التشريع : إذا تمتعت الوحدات الإدارية المحلية بصلاحية تشريع كاملة في جوانب معينة تكون اللامركزية قوية، وإذا كانت صلاحية التشريع في جوانب معينة موزعة ما بين الإدارة المحلية والسلطة المركزية فتكون اللامركزية متوسطة، وفي حالة عدم امتلاك الوحدات الإدارية المحلية لأي سلطة تشريعية تكون اللامركزية ضعيفة.

 

- فرض وجمع الضرائب : إذا كان من صلاحيات الوحدات الإدارية المحلية استيفاء ضرائب الدولة المختلفة في المناطق التي تمارس فيها صلاحياتها تكون اللامركزية قوية، أما إذا اقتصرت صلاحياتها في هذا المجال على استيفاء الضرائب المحلية فتكون اللامركزية متوسطة، وإذا لم تمتلك هذه الوحدات أي صلاحياتها في استيفاء الضرائب تكون اللامركزية ضعيفة.

 

- صلاحية الإنفاق : إذا تمتعت الوحدات الإدارية المحلية باستقلالية في الصرف وبدون شروط تكون اللامركزية قوية، وإذا كان الصرف وفق شروط تحددها السلطة المركزية تكون اللامركزية متوسطة، أما إذا كان الصرف بموافقة السلطة المركزية فتكون اللامركزية ضعيفة .

 

- تمثيل المصالح المحلية على المستوى الوطني: إذا كانت المصالح المحلية والإقليمية ممثلة بمؤسسات على المستوى الوطني مثلاً في مجالس برلمانية تكون اللامركزية قوية، وإذا اقتصر تمثيل المصالح المحلية على المستوى الوطني بشخص أو أكثر تكون اللامركزية متوسطة، وإذا غاب الشرطان السابقان تكون اللامركزية ضعيفة.

 

وعموما – في الوضع المثالي، وفي حال توفر الظروف اللازمة لتطبيق سياية اللامركزية الإدارية -  تساعد اللامركزية على استغلال القدرات المحلية لتلبية الاحتياجات الأساسية، والتقليل من التباينات والفوارق الاقتصادية فيما بين الأقاليم، وتقريب الإدارة من السكان عن طريق خلق هياكل محلية كالبلديات وأجهزة الحكم المحلي.

 

 

ثانيا: التنمية المحلية، ووجاهة الخيار اللامركزي

 

أزداد دور الحكومات في الكثير من دول العالم النامي بعد الحرب العالميـة الثانيــة في مجال تزويد السكان بالخدمات المحلية الأساسية كالتعليم والصحة والمياه والكهرباء وشبكات النقل … الخ، وقد أدى هذا التزايد في المسؤوليات الحكومية إلى تركز سلطة صنع القرار التنموي في أيدي الحكومات المركزية المتواجدة عادة في عواصم دولها، وقد نجم عن هذا الوضع ثغرات ومشكلات تنموية عديدة كان من أهمها : ازدياد حدة الفوارق الاقتصادية والاجتماعية المكانية، سواء على مستوى الأقاليم أو المناطق أو التجمعات السكانية، الأمر الذي جعل الهيئات الأهلية والشرائح السكانية في كثير من الأحيان غير راضية عن القرارات التنموية للحكومات المركزية؛ نظراً لأن هذه القرارات غالباً ما تكون بعيدة عن حاجات ومشكلات ومصالح السكان المحليين في المستويات المكانية المختلفة .

 

 

1 - من التنمية القطرية إلى التنمية المحلية

 

تطور مفهوم ومجال التنمية كثيرا خلال العقود الأخيرة، وهكذا ظهرت إلى جانب مصطلح التنمية الاقتصادية عدة مسميات كالتنمية الاجتماعية، والتنمية البشرية المستديمة، والتنمية الإنسانية. كما عرف الخطاب التنموي بروز عدة مفاهيم تعنى بتحديد نطاق التنمية من قبيل التنمية القطرية (الوطنية)، والجهوية (الإقليمية)، والتنمية المحلية. وهي كما نلاحظ ما فتئت تسعى إلى حصر مجال التنمية أو نطاقها في حدود ومجالات ترابية أصغر.

 

ولقد ظلت مسألة التنمية تطرح أساسا على الصعيد الوطني إلى حدود الحرب العالمية الثانية في العالم الصناعي وإلى حدود الستينات في أغلب دول العالم الثالث، لكن الوعي المتنامي بالتفاوت الإقليمي أدى إلى أخذ المسألة الإقليمية بعين الاعتبار مع مطلع الستينات والسبعينات في جل الأقطار الصناعية منها والنامية على السواء، كما أن المسألة المحلية لم تطرح إلا مع بداية الثمانينات .

 

حيث توجهت التنمية منذ مطلع الثمانينات إلى أن تكون داخلية ذاتية تساهم فيها جميع فئات المجتمع، وتستجيب إلى ما يحتاج إليه السكان مع التخلي عن الأعمال التنموية المتفرقة وغير المنظمة فضلا عن ضرورة إحياء مراكز محلية تستغل استغلالا أمثل الموارد الطبيعية والبشرية المحلية.

 

كما توجه الاعتناء إلى التنمية الريفية مع التقليل من أهمية التخطيط، ومع تركيز هياكل إدارية تعنى باللامركزية ومنح الأجهزة الإدارية المحلية صلاحيات أوسع .

 

كما ساهمت المنظمات غير الحكومية منذ ما يزيد على العقدين في ترسيخ الاقتناع بأهمية التنمية المحلية من خلال برامج التنمية الذاتية والتضامن وتثبيت السكان في مواقعهم الأصلية والمحافظة على البيئة وتهيئة المجال المحلي وإسناد برامج التنمية الحكومية التي تبنتها ونفذتها في المناطق الفقيرة والمعزولة.

 

وباعتمادها على تصورات وطنية، وخارجية أحيانا، واشراك السكان المستفيدين والمتطوعين كذلك، تستهدف المنظمات المذكورة إرساء قواعد المجتمع المدني والتقاليد الديمقراطية. وبانخراطها في شبكات عالمية تجعلها تملي أحيانا التصورات والبرامج وتقدم التمويل الاضافي  أو تصرف المساعدات البيحكومية والهبات شأنها شأن الوسيط، تساهم هذه المنظمات غير الحكومية من خلال عملها المحلي في دمج بلدان العالم الثالث في المنظومة العالمية .

 

 

2- مفهوم وأهداف التنمية المحلية:

 

ظهر مفهوم التنمية المحلية بعد ازدياد الاهتمام بالمجتمعات المحلية لكونها وسيلة لتحقيق التنمية الشاملة على المستوى القطري، فالجهود الذاتية والمشاركة الشعبية لا تقل أهمية عن الجهود الحكومية في تحقيق التنمية، عبر مساهمة السكان في وضع وتنفيذ مشروعات التنمية، مما يستوجب تضافر الجهود المحلية الذاتية والجهود الحكومية لتحسين نوعية الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية للمجتمعات المحلية، وإدماجها في التنمية القطرية.

 

وهكذا انطلقت التنمية المحلية من فكرة أساسية تؤكد أن التوجه التنموي العصري والانتاجي قد أهمل الوسط الفلاحي والمعارف المحلية التقليدية التي اكتسبتها المجتمعات الريفية التقليدية على مدى قرون، لذا أصبحت هذه المعارف (منذ مطلع الثمانينات وبالنسبة إلى العديد من المؤسسات المختصة في التعاون الدولي) محل دراسة ومصدر استلهام للعمل التنموي باعتبارها قابلة للتطوير، ذلك لأن المجتمعات التقليدية ليست في الواقع جامدة بل تتطور باستمرار وهي قابلة للتكيف مع ما تشهده من ظروف جديدة. ويمكن في هذا الصدد إعادة الاعتبار لطرق العلاج التقليدية، وطرق استغلال موارد الغابات والمياة والزراعة المتاحة محليا .

 

ويقوم مفهوم التنمية المحلية على عنصرين رئيسيين هما :

 

* المشاركة الشعبية في جهود التنمية المحلية، والتي تقود إلى مشاركة السكان في جميع الجهود المبذولة لتحسين مستوى معيشتهم ونوعية الحياة التي يعشونها معتمدين على مبادراتهم الذاتية.

 

* توفير مختلف الخدمات ومشروعات التنمية المحلية بأسلوب يشجع الاعتماد على النفس والمشاركة.

 

أما من حيث الأهداف المرجوة منها فإن التنمية المحلية تهدف إلى الآتي :

 

* تطوير عناصر البنية الأساسية كالنقل والمياه والكهرباء حيث يعتبر النهوض بهذه القطاعات أساسا لعملية التنمية ولتطوير المجتمع المحلي.

 

* زيادة التعاون والمشاركة بين السكان مما يساعد في نقل المواطنين من حالة اللامبالاة إلى حالة المشاركة الفاعلة.

 

* زيادة حرص المواطنين على المحافظة على المشروعات التي يساهمون في تخطيطها وتنفيذها.

 

إن التنمية المحلية تعمق مبدأ المشاركة في التنمية بهدف تحقيق ديمقراطية التنمية المحلية. فمنطلق التنمية المحلية إذن هو تبني مبدأ البناء من أسفل، بأن نجعل من تنمية الجماعات المحلية نقطة الانطلاق الأساسية لتنمية المجتمع ككل. فكيف إذن تساهم اللامركزية في تحقيق ذلك ؟

 

 

ثالثا: دور اللامركزية في تحقيق التنمية المحلية

 

بما أن اللامركزية هي الحالة أو الوضع الذي يعطى فيه حق المشاركة في اتخاذ القرار للمستويات الإدارية الدنيا، دون أن يلغي ذلك حق الجهة المركزية في اتخاذ القرار، فهي إذن أسلوب في العمل يقوم على مبدأ توزيع سلطة صنع القرار والصلاحيات بين السلطة المركزية وهيئات أخرى مستقلة تتواجد في الأقاليم والتجمعات السكانية المختلفة، وهذا يعني أن اللامركزية الإدارية تتمثل في تفعيل دور السلطات الإقليمية والمحلية، وذلك بإسناد مهام إدارية وتنموية لها تزيد من فاعليتها، وتعزز دورها في تحمل مسؤولياتها وصلاحياتها بالشكل الذي يعمل على دمج السكان المحليين في عمليات التنمية المحلية ويؤدي في النهاية إلى نجاحها.

 

 

1- اللامركزية كإطار ملائم لتخطيط وتنفيذ التنمية المحلية

 

إن الجانب الإداري في عملية إعداد وتنفيذ ومتابعة خطط التنمية عامةً، والتنمية المحلية خاصة قضية يجب التعامل معها على أنها أساسية وضرورية لنجاح هذه الخطط في تحقيق أهدافها، إذ أن فشل كثيـر من خطط التنمية وبالذات الريفية منها في العديد من دول العالم النامي ناجم بالأساس عن الأساليـب الإداريـة المتبعـة في إدارة خطـط التنمية أثناء تنفيذها وليس عن فقـر في محتوى عملية التخطيـط نفسهـا.

 

على صعيد آخر فإن الإدارة هي التي تبرز أهمية التخطيط اللامركزي مقارنة بالتخطيط القطاعي، وهي الوسيلة الوحيدة التي يتم من خلالها تحويل الأهداف القطاعية إلى إطار عام يصلح كاستراتيجية تنمية محلية تسمح بتحقيق المشاركة الشعبية، وتضمن الترابط والانسجام والتكامل بين الهيئات والمؤسسات المعنية بإعداد وتنفيذ خطط التنمية المحلية، لذلك فإن هيئات التخطيط الرسمية في المستوى الإقليمي والمحلي يجب أن تمتلك السلطة والكفاءة الإدارية العالية التي تمكنها من القيام بدورها على أكمل وجه.

 

إن عملية التخطيط في ظل اللامركزية الإدارية يجب أن تعني تفعيل المشاركة الشعبية ودور المجموعات المستهدفة في عمليات إعداد وتنفيذ خطط التنمية المحلية، وهذا ما يعرف بأسلوب التخطيط من أسفل، فالتخطيط والبناء من أسفل يعمل على تحقيق مبدأ رئيس من مبادئ التنمية الناجحة وهذا المبدأ يتمثل في تعزيز الحرية، ولكن ليس بمفهومها السياسي فقط، وإنما بمفهومها الإنساني الشامل الذي يسمح ويعظم من قدرة الإنسان على الاختيـار .

 

كما أن التخطيط من أسفل يساعد في تحديد أهداف التنمية الإقليمية التي تعكس خصوصية الإقليم قيد التخطيط، ودائماً هناك فرق كبير بين أهداف التنمية الإقليمية التي تضعها هيئات ومؤسسات تخطيط إقليمية، وأهداف التنمية الإقليمية التي تضعها هيئات التخطيط المركزي، وإن كانت الأولى يجب أن تكون مكملة ومنسجمة مع الثانية وغير متناقضة معها.

 

إن تطبيق الإدارة اللامركزية بفاعلية في مجال التخطيط والتنمية المحلية، يعمل على تطويع برامج التنمية بسهولة إزاء حاجات السكان المحليين ومتطلباتهم، نظراً لأنها تسمح بمشاركة سكان الوحدات الإدارية المختلفة في عملية إعداد وتنفيذ الخطط التنموية لمناطقهم، كما أنها توفر دعماً ضرورياً لحشد الطاقات وتعبئة الموارد، وهذا يهيئ فرص النجاح لخطط التنمية الوطنية في تحقيق أهدافها بشكل متوازن يضمن توفير حياة ملائمة لجميع السكان في جميع المناطق داخل الدولة، ويسهم هذا النجاح في تحقيق التوازن الإقليمي وتقليل الفوارق الاقتصادية والاجتماعية الإقليمية، وهذا يعتمد بالدرجة الأولى على توزيع سلطة صنع القرار بين هيئات التنمية والتخطيط المركزية ونظيرتها المحلية، وذلك على اعتبار أن توزيع الاستثمارات والموارد ورصدها في مجتمع ما له علاقة وثيقة بتوزيع سلطة صنع القرار فيه.

 

 

 

2- اللامركزية وتوسيع خيار المشاركة والديمقراطية المحلية:

 

يعتبر الكثير من فقهاء القانون الإداري أن اللامركزية ليست أسلوبا إداريا صرفا إنما شكل من أشكال وجود السلطة، باعتبارها وثيقة الصلة بنمط الحكم القائم ودرجة تركيز السلطة ونمط العلاقات القائمة بين الدولة والمجتمع .

 

ويساعد تبني الخيار اللامركزي على تحسين إدارة الحكم عبر تعزيز المساءلة والمشاركة والشفافية، لذلك اعتمدته العديد من الدول النامية في مختلف أنحاء العالم بهدف بناء قدرتها الإدارية والمؤسسية، ويؤكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على أن إدارة الحكم الرشيد تتطلب مشاركة الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، فمن دون المشاركة من أدنى إلى أعلى لن تتمكن أجهزة الحكم المحلي من هيكلة أو إدارة الخدمات العامة وتحقيق التنمية المحلية.

 

وكلما صغر النطاق الجغرافي للمجتمع، زادت قدرة الناس على المشاركة الفعالة في نسق للحكم الرشيد وقل احتمال إهمال "الأطراف" نتيجة لسيطرة "المركز" على المجتمع كله، وهي من آفات الحكم في البلدان النامية. إذ تخلق إدارة الحكم اللامركزي فرصا أكثر لمشاركة الناس وإسهامهم.

 

وفي أنظمة الحكم الديمقراطي يكون الحكم المحلي ميدانا لتبلور قدرات المساهمة في مجالات الحكم المختلفة، وبروز العناصر القادرة على المساهمة في الحكم المركزي، كما ينظر إلى عملية صنع القرار على المستوى المحلي كأحد أوجه المشاركة الشعبية يعبر عنه بـ"البعد المحلي للديمقراطية" أو "الديمقراطية المحلية" التي تعد إحدى المؤشرات الأساسية لنموذج الحكم الرشيد الذي يراد له اليوم أن يمثل الإطار المرجعي للإصلاح السياسي والمؤسسي في الدول النامية، و أن الهياكل البلدية هي بالنسبة للديمقراطية بمثابة المدارس الابتدائية بالنسبة للعلم .

 

وتكمن الفكرة الأساسية للامركزية في أن القرارات العامة يجب اتخاذها إذا أمكن على مستوى السلطة الأقرب إلى الناس، إذ يملك قاطنو منطقة معينة الحق والمسؤولية في اتخاذ قرارات بشأن المسائل التي تؤثر فيهم مباشرة والتي يستطيعون اتخاذ قرارات في شأنها.

 

وفي مقدور أجهزة الحكم المحلي أن تكون أكثر تجاوبا وتكيفا مع الأوضاع المحلية الأمر الذي يؤدي إلى فاعلية أكبر، فالإداريين المحليين يوفرون مجالا أفضل وأكثر راحة، ويضعون المؤسسات الحكومية مباشرة في متناول السكان الذين تخدمهم.

 

وتمثل البلديات مسرحا لتجسيد التعاون والتضامن، بدءا بالاتصال المباشر بالناس، وكذلك مع المنظمات والجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية، عبر أطر تضمن الديمقراطية والمشاركة في آن واحد. فالمشاركة الشعبية ضرورية لإيجاد المساءلة داخل المؤسسات المحلية والتجاوب مع حاجات المجتمع المحلي.

 

لكن تطبيق سياسة اللامركزية ليس حلا سحريا لكل المشاكل التنموية على المستوى المحلي، وإنما تواجهه جملة من التحديات.

 

 

3 – تحديات تطبيق سياسة اللامركزية

 

إن اللامركزية بحد ذاتها لا تضمن إدارة أفضل للحكم، ففي الواقع تخلق اللامركزية غير الفاعلة أو غير الملائمة من المشكلات أكثر مما تحل، ولذا يتحتم تطبيق اللامركزية بعناية من أجل ضمان فاعلية للمؤسسات المحلية.

 

فقد تكون اللامركزية غير ملائمة أحيانا، وبالتالي تقود إلى تدني نوعية إدارة الحكم، ففي الدول الصغيرة جدا يحقق الحكم المركزي فاعلية أكبر عبر تنسيق عمل الحكومة المركزية، بدلا من إيجاد كيانات محلية مستقلة ذاتيا، وقد تقود اللامركزية إلى خسائر في وفورات الحجم وإلى عدم الاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلي. كما يمكن للامركزية الضريبية أن تستنزف الإيرادات المركزية حين تعجز الحكومة الوطنية عن ضبط الإنفاق العام. وقد تفتقر الحكومات المحلية إلى القدرة والخبرة الموجودتين لدى المؤسسات الوطنية.  "هذه النتائج ستنطبق على الحالة الأردنية" كما سنلاحظ لاحقاً

 

لكن في المقابل قد يؤدي تطبيق اللامركزية من دون الانتباه الدقيق للامركزية الضريبية إلى انتكاس جهود الإصلاح فمن دون سيطرة أجهزة الحكم المحلي على إيراداتها وميزانياتها لن تتمكن من العمل باستقلال ذاتي، فالإيرادات المحلية تخلق قدرة رأسمالية يمكن إعادة توزيعها على البنية التحتية العامة وعلى الاقتصاد العام.

 

إن تنفيذ خطط ضريبية وخطط فاعلة للإيرادات تفترض مسبقا عملية تاريخية طويلة في مجال بناء الدولة، مما يعزز أهمية وفاعلية التخطيط والتصميم عند تطبيق اللامركزية.

 

من جهة ثانية توجد حجج متعارضة حيال تأثير اللامركزية على وحدة الدولة؛ إذ يذهب الكثير من الباحثين إلى أن اللامركزية تشكل خطرًا على الوحدة الوطنية لأنها تضعف الولاء للدولة، وتشجع ظهور حركات انفصالية. بينما يرى آخرون أن اللامركزية تزيد "الاستقرار السياسي والوحدة الوطنية عبر السماح للمواطنين بالتحكم في البرامج السياسية بشكل أفضل على المستوى المحلي" .

 

خلاصة واستنتاجات:

 

تمثل اللامركزية - بما تمنحه من صلاحيات أوسع للهيئات المحلية - إطارا ملائما لإشراك المجتمعات المحلية في تخطيط وتنفيذ ومتابعة تنميتها الذاتية، كما تساهم اللامركزية في نشر الديمقراطية ومشاركة مختلف الفاعلين في العملية التنموية، والتي أصبح المجال المحلي خلال العقود الثلاثة الأخيرة إطارها الأنسب. بهدف تحقيق استغلال أمثل للموارد الطبيعية المحلية المتاحة والكامنة، وتشغيل الأيدي العاملة المحلية.

 

ولعل مساهمة اللامركزية في تحقيق التنمية المحلية تتجلى في كونها تساعد على:

 

- الحد من البيروقراطية الإدارية وتسريع وتسهيل عملية صنع القرار الإداري والتنموي، مما يساهم في إيجاد توزيع عادل نسبياً لسلطة صنع القرار والاستثمارات والموارد داخل الدولة .

 

- تنازل هيئات الحكم المركزية عن جزء من صلاحيتها لصالح هيئات حكم محلية، هذه الهيئات التي تتعايش مع مشكلات السكان المحليين بشكل مستمر وتدرك أسبابها وأبعادها، وهذا الوضع يمنح هذه الهيئات القدرة على ربط برامج ومشاريع التنمية بالحاجات المتعددة والمتناقضة للمناطق والأقاليم والشرائح السكانية المختلفة، وبالتالي يضمن تحقيق أهداف خطط التنمية الوطنية بصورة فاعلة وإيجابية.

 

- إيجاد الاتصال المباشر والمستمر بين هيئات التخطيط التنموي والسكان، وهذا يُمكّن القائمين على التخطيط من الحصول على بيانات أكثر دقة حول أوضاع مناطقهم، ويساعد على إعداد وتنفيذ خطط تنموية واقعية وفعالة ومؤثرة.

 

- إيجاد توزيع عادل لمكاسب التنمية، وتحسين المستوى التنموي والخدمي في جميع مناطق البلد؛ من خلال وصول الموارد والاستثمارات إلى جميع مناطق وأقاليم الدولة، وهذا يقلل من حدة الفوارق الاقتصادية والاجتماعية الإقليمية.

 

- تخفيف العبء الإداري والتنموي عن مؤسسات وهيئات الحكومة المركزية؛ حيث تخلصها من العديد من المهمات والصلاحيات بإسنادها إلى هيئات إقليمية ومحلية، وهذا الوضع يمكن هيئات التخطيط المركزية من أخذ الوقت الكافي في الإشراف بشكل فعلي وعملي على متابعة خطط التنمية المختلفة.

 

- ترسيخ مبدأ الديمقراطية وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار التنموي على المستوى المحلي، وذلك على اعتبار أن اللامركزية هي شكل من أشكال وأسس العملية الديمقراطية.

 

 

ثانياً: الإطار التطبيقي:

 

تمهيد:

 

يفترض أن الحكومة الأردنية قد قامت بالتخطيط للوصول الى مرحلة تطوير الأردن إدارياً وتنموياً واقتصادياً وسياسياً بناء على خطة وطنية شاملة قادته – أي الأردن – من مرحلة التنظيم البدائي ( مجالس قروية وبلدية ) الى مرحلة أكثر تقدماً ( بلديات كبرى ومحافظات أكثر عدداً 12 بدلاً من ثمانية) ووصولاً الى الصورة النهائية وهي الهدف من كل العملية التطويرية المرحلية (الأقاليم). مرة أخرى يفترض أن الوصول لهذه المرحلة قد تم بناءً على خطة تنموية وطنية شاملة، مدركة لإمكانات الأردن البشرية، وقواه العاملة، وتوزيع موارده وثرواته المعدنية، ومياهه، وديمغرافية سكانه، وجغرافية مناطقه والى غير ذلك مما يجب أخذه بعين الاعتبار قبل الشروع في تنفيذ مشروع بحجم تقسيم الوطن الى أقاليم وذلك للتأكد من نجاح هذه التجربة وضمان نتائجها المرجوة، وللحيلولة دون فشله والمخاطر التي قد تترتب على خوض تجربة بحجم تقسيم الوطن الى أقاليم. لاحظنا سابقاً في البحث المتعلق بالإدارة اللامركزية ذهاب معظم المختصين بفشل تطبيق مثل هذه التجربة في بلد صغير جغرافياً، ولم يذهبو الى استحالتها. ولنقل أن الحكومة الأردنية اجتهدت وأخذت بالرأي القائل "عدم استحالة تطبيقها" والواقع يشير الى ذلك، إذ أننا الان على أبواب مشاهدة الإنطلاقة التجريبة للمشروع في مادبا قريباً. فهل يحتمل الأردن تقسيمه؟

 

 

الأردن أرقام وإحصائيات:

ملف الأردن:

 

المساحة الكلية: 89 الف كم2

 

عدد السكان: 6.198.677 ( 7\2008)

 

المناخ: صحراوي جاف

 

الموارد الطبيعية: غاز، بوتاس، فوسفات، وصخر زيتي غير مستغل

 

الأخطار والكوراث الطبيعية التي قد تهدد الأردن: الجفاف، والزلازل

 

المشاكل البيئية في الأردن: 1- محدودية مصادر مياه الشرب

 

                               2- التصحر

 

                               3- الرعي الجائر

 

                               4- حت وتعرية التربة الزراعية

 

اللغة: عربية

 

التركيب الديني: مسلمين سنة 92%، مسيحين: 6%، شيعة ودروز ... 2%

 

التركيب العرقي: عرب: 97%، شركس وشيشان وأرمن 3%

 

القوى العاملة الأردنية: (الزراعة 5%)، (الصناعة 12.5%)، (الخدمات 82.5%)

 

اللاجئين في الأردن:  لاجئون فلسطينيون: 1.835.704

 

                        لاجئون عراقيون: 500.000

 

                        نازحون فلسطينيون: 160.000

 

جغرافية الأردن الداخلية: المعالم الجغرافية الرئيسية تمتاز جميعها بامتدادها الطولي من الشمال الى الجنوب ( الأغوار، البحر الميت، وادي عربة، سلسلة الجبال الشرقية)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قبل البدء بمحاكمة المشروع علمياً أورد هنا بعض المعلومات الإحصائية حول الأردن في مجالات ذات حساسية وأهمية قصوى عند لجؤ أي بلد الى الإدارة اللامركزية كنظام إداري:

 

 أي دولة تتبنى الادارة اللامركزية لتنظيم شؤونها ستأخذ بعين الاعتبار التفاصيل الواردة أعلاه بعين الاعتبار مع دراسة أعمق بالطبع حتى تتلافى كل احتمالية ممكنة قد تؤدي الى إضعاف وحدة البلد وهويته الوطنية أو خلق أي نزعة انفصالية ممكنة لدى أحد أي الأطراف – وهذا ما يشكل الخطر الأكبر من هذا النوع من التنظيم الإداري.

 

السؤال البديهي الذي يطرح نفسه: هل الحكومة الأردنية أخذت بعين اعتبارها كل هذه المسائل قبل شروعها بمشروع الأقاليم؟ وهل كانت تعي وقت اتخاذها القرار أبعاد هذا المشروع؟

 

البديهية الأولى التي يمكن ان تستشف من الخارطة المقترحة للأقاليم هي أن الخارطة لا تراعي أي أساس من أسس العمل بالادارة اللامركزية، بمعنى أنها أسقطت من حساباتها الكثير من النقاط الأمنية الوطنية التي ستضع البلد في مأزق التقسيم.

 

تحت تأثيرات المعطيات الإقليمية والدولية التي رافقت حصار العراق والعدوان عليه، وكذلك صعود حركة حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة وتعثر اوسلو ثم الحملة الدولية التي اخترعتها الادارة الامريكية تحت شعار مكافحة الارهاب... الخ، تراجع مشروع الأقاليم مؤقتاً قبل ان يظهر مجدداً بعد احتلال العراق وازمة أوسلو، حيث اعادت تصريحات رسمية على مستوى عال المشروع إلى دائرة الاهتمام (بترا 27/1/2005، والصحافة اليومية 6/2/2005، 8/10/2008، 19/10/2008، 3/3/2009) وتم تشكيل (لجنة ملكية) لمتابعته وترجمته مؤلفة من 12 شخص برئاسة زيد الرفاعي وعضوية رؤساء حكومات سابقين بينهم عبد الرؤوف الروابدة وعبد السلام المجالي وفايز الطراونة ووزراء ومسؤولين آخرين.. منهم عقل بلتاجي وممدوح العبادي.

 

 ولم يختلف التصور الجديد للجنة الملكية كثيراً عن التصور الذي سبق لجريدة الاسبوع ان نشرته، فقد تضمن تقسيم الأردن إلى ثلاثة أقاليم بالاضافة للمناطق الخاصة مثل البتراء والعقبة:-

 

 - إقليم الشمال(اليرموك) ويضم محافظات إربد والمفرق وعجلون وجرش.

 

 - إقليم الوسط(رغدان) ويضم مادبا والبلقاء والزرقاء وضواحي عمان(لم تحسم أمانة عمان حتى الآن).

 

- إقليم الجنوب (مؤتة) ويضم الكرك والطفيلة ومعان.

 

 

 

ويتكون المجلس المحلي المفترض للإقليم بالانتخاب من 10 ممثلين عن كل محافظة واثنين بالتعيين بينهما امرأة.

 

 وذلك بالاضافة لمجلس مفوضي الأقاليم برئاسة رئيس الحكومة كما يضم وزراء الداخلية والعمل والبلديات والتخطيط.. ويرتبط مفوض كل إقليم برئيس الحكومة ويكون برتبة وزير ويعين بإرادة ملكية (العرب اليوم 8/11/2008).

 

 ومن اللافت للانتباه هنا ان نظام التقسيمات الإدارية رقم 31 لسنة 1995، المادة (2) قد قسم المملكة إلى 12 محافظة لو دققنا فيها مجدداً لوجدنا ان كل إقليم من الأقاليم الثلاث الجديدة المقترحة يتضمن اربع محافظات (إربد، جرش، عجلون، المفرق) شمالاً (والكرك، الطفيلة، معان، العقبة) جنوباً بالاضافة للعاصمة والبلقاء والزرقاء ومادبا في الوسط.

 

 ولم يخلو المشروع من ملاحظات من داخل الوسط الحكومي والرسمي نفسه كما عكستها تقارير وتحقيقات ومقالات صحفية لاحظت ذلك( ما كتبته رنا الصباغ في العرب اليوم تاريخ 18/12/2005 وما كتبه الصحفي رداد القلاب في العرب اليوم أيضًا تاريخ (8/11/2008 و 5/3/2009) بالاضافة للمخاوف التي آثارها فهد الخيطان في الجريدة نفسها ثلاث مرات: 7/1/2008 و 9/11/2008 و 20/11/2008 ورنا الصباغ (العرب اليوم 18/12/2005) ورولا الحروب(الانباط 12/3/2009) وسعد حتر (السجل 12/3/2009).

 

 وقد تركزت المخاوف المذكورة كما مخاوف أوساط حكومية أيضًا على تحويل المشروع من لا مركزية ادارية لانصاف وخدمة المحافظات تنموياً وادارياً إلى مشروع يساعد على تفكيك الدولة وتعريض وحدتها (مع الايام) للخطر (عبد الكريم ملاحمة وزير سابق).

 

 أما مفهوم الإقليم في مشاريع وزارة الداخلية (سمير الحباشنة 2004) وعيد الفايز (2006) فيركز، من جهة، على المحافظة كوحدة تنموية، ويتحدث من جهة ثانية كما مشروع اللجنة الملكية عن إقليم لعدة محافظات، له مجلس محلي منتخب بواقع عشرة أعضاء من كل محافظة (المادة 4) من المشروع الاصلي، ويقوم مجلس الإقليم بوضع أسس الاستثمار والرسوم المحلية واقرار الخطط الاقتصادية (المادة 8).

 

 وبالاضافة لتركيزه على المحافظة كوحدة تنموية وكذلك تساؤلاته الوجيهة عن صلاحية حل المجلس المحلي للإقليم (المادة 4) فان الملاحظات الأخرى، ملاحظات غير جوهرية، مثل شروط الترشيح لعضوية المجلس(المادة 14) وإغفال وجود مدراء عامين لدوائر الاشغال العامة والدفاع المدني (المادة 7).

 

 أما الأهم من كل ذلك فهو تقاطع المشروعين في نقل صلاحيات الوزراء إلى المحافظين ومفوضي الأقاليم ومراجعة نحو 200 تشريعاً معظمها سيادية مثل:-

 

1- قانون الاحوال المدنية رقم 9 لسنة 2001.

 

2- قانون الإقامة رقم 4 لسنة 1973.

 

3- قانون ايجار الاموال غير المنقولة وبيعها لغير الأردنيين رقم 47 لسنة 2006.

 

4- قانون تصرف الاشخاص المعنويين في الاموال المنقولة وغير المنقولة لسنة 1953 أو تعديلاته وما يتضمنه من تملك او بيع الشركات الاجنبية للعقارات في المملكة.

 

5- قانون الاستملاك وتعديلاته رقم 22 لسنة 1987.

 

6- قانون الزراعة المؤقت رقم 44 لسنة 2004 وما يتضمنه من اصدار رخص الاستيراد والتصدير ومدخلات الانتاج الزراعي الخاصة بالإقليم.

 

7- قانون الاستثمار المؤقت رقم 68 لسنة 2003.

 

8- قانون مؤسسة المناطق الحرة وتعديلاته رقم 32 لسنة 1984.

 

9- قانون السياحة وتعديلاته رقم 20 لسنة 1987.

 

10- قانون التربية والتعليم وتعديلاته رقم 3 لسنة 1994.

 

11- قانون الاسلحة النارية رقم 34 لسنة 1973.

 

12- تعليمات وانظمة الاسلحة النارية رقم 75 و58.

 

13- تعليمات ترخيص شركات الامن والحماية.

 

14- تعليمات تنظيم الملاهي العمومية لسنة 1996.

 

فماذا تعني التعديلات المطلوبة من اللجنة الملكية ومن مشروع الداخلية على القوانين والانظمة والتعليمات المذكورة وغيرها كما سنرى، سوى تحويل الأردن إلى ملاقط إقليمية تدمج دولة العدو الصهيوني مع البلدان العربية المشرقية عبر سلسلة من المشاريع والبنى الإقليمية التحتية، بالاضافة لتوفير الترانسفير الناعم مع ازدياد القلق الصهيوني من القنبلة الفلسطينية الديموغرافية. وهنا أورد ما جاء في لقاء الملك يوم 2\3\2009 في اجتماعه مع اللجنة الملكية لمشروع الأقاليم ولجنة وزراة الداخلية لنفس المشروع وتصور كل منهما حسب تقرير جاء في صحيفة الغد الأرني يوم 3\3\2009

 

اللجنة

 

 

 

ممثلها في التقرير

 

 

 

توصيات اللجنة

 

 

 

سلبيات

 

 

 

اعضاء اللجنة

 

 

 

اللجنة الملكية

 

 

 

ممدوح العبادي
عبد الرؤوف الروابدة

 

 

 

تشجع قيام ثلاث أقاليم بتقسيماتها المعلنة

 

ترى ان المشروع سيعمل على تقليص عدد مجلس النواب

 

سيلزم المشروع مجلس النواب بدوره السياسي

 

الغاء وزارة البلديات وانشاء وزارة الادارة المحلية وصوغ قوانين جديدة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سياسيون، وصحافيون خرجوا بتوصياتهم بعد أكثر من عام من الاجتماعات والاستشارات المتواصلة

 

 

 

لجنة وزراة الداخلية

 

 

 

سمير الحباشنة

 

 

 

تصر على أن تكون المحافظة الوحدة الإدارية المركزية مع منحها صلاحيات ادارية ومالية أوسع

 

 

ترى أن توصياتها تتجنب الخلط بين الهدف التنموي والشبهات السياسية التي يتم الحديث عنها

 

 

 

 

 

 

 

الغاء حوالي وتعديل حوالي 200 قانون داخل الدولة

 

ستعزز الأقاليم الانتماءات الجهوية والهويات الفرعية

 

توصيات اللجنة الملكية غير قابلة للتطبيق

 

الاقاليم تصعب الاجراءات الادارية ولا تسهلها

 

تضيف حلقة بيروقراطية جديدة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مختصون من لجان وزارية مختلفة (المركز الجغرافي الملكي، وحدة التراث العمراني في وزارة السياحة، مديرية بحوث وتطوير البادية، دائرة التنظيم في وزارة البلديات) خرجوا بتوصياتهم بعد زيارات لسبعين مسؤول أردني لدول عربية ودولية ورصد تجربتها في الاقاليم

 

 

 

 

الجدول الى جانب القوانين والتشريعات التي سيتم تعديلها تبعاً لمتطلبات مشروع الأقاليم يطرح تساؤلات عدة، فماذا يعني منح صلاحيات التجنيس والاحوال المدنية غير تغطية وظيفة الترانسفير عند إقليم الوسط مثلاً المصمم، كما يبدو لعلاقة عرضية مع الضفة الغربية.. وماذا تعني صلاحيات مجالس الأقاليم حول الاستثمار وتأجير الاراضي والاستملاك غير تغطية مشاريع البنية التحتية المشتركة مع العدو.. وماذا تعني تعليمات تنظيم الملاهي الليلية سوى تغطية وتحويل إقليم الجنوب وخاصة العقبة ووادي عربة إلى صالونات كازينو للسياحة الخليجية..وهكذا..

 

وبالتدقيق في كل التشريعات المطروحة للتعديل، نلاحظ انها جميعاً ذات صلة قوية بالبعد الإقليمي في معظم المواد التي تضمنتها معاهدة وادي عربة، كما سنرى، ومن ذلك مثلاً المادة 13 حول التعاون الإقليمي في النقل والطرق، والمادة 17 في التعاون السياحي والمواد 7 و 19 و 20 و21 التي تنظم المشاريع الاقتصادية المشتركة ..الخ.

 

 

 

من تفكيك الدولة إلى تفكيك الوطن

 

 

 

1- خلفية المشروع واستحقاقاته: خصخصة ـ لامركزية ـ هويات قاتلة

 

في الخلفية الدولية للمشروع نلاحظ انه لا يقتصر على الأردن وحده، فهو جزء من استحقاقات تحولات دولية ابتدأت من حيث انتهى تعدد المراكز العالمية (خلال حقبة الثورة الرأسمالية الصناعية الأوروبية) ونظام القطبين أيضًا بعد الانهيار السوفياتي لصالح مركز امبراطوري واحد هو المركز الأمريكي، وقد ترافق ذلك مع تحول الرأسمالية الصناعية إلى رأسمالية مالية، حيث سادت أوهام واسعة عند المحافظين الجدد بإنتاج روما جديدة وامبراطورية رومانية جديدة ولكن بأيديولوجيا يهودية، هذه المرة وليس بأيديولوجيا مسيحية.

 

 وقد عبرت أوهام المحافظين الجدد عن نفسها بتخيل مريض للعالم (مجرد ولايات رومانية تابعة تفتقر إلى قرارات السيادة بشأن الحرب والسلم والاقتصادات الكبرى

 

وقد سعت هذه السياسة الرعناء المذكورة إلى تغليف شكلها الامبريالي المتوحش الجديد بالمفهوم الدارج (العولمة) وما يستدعيه من خلط بين ثورة الاتصالات وسيولة أسواق الرساميل والبضائع وقوة العمل وبين إطلاق استراتيجية تفكيك عالمية، تحول الدول القومية والوطنية، كما تشكلت خلال حقبة الثورة الصناعية الاوروبية إلى شكل من الدول الشرطية ـ الجابية في الحقبة الامبريالية الأمريكية، وبما قاد إلى تصنيفات القاموس الأمريكي نفسه: الدول الفاشلة (التي لا تلبي الحاجات الأساسية للمواطنين بفضل سياسات البنك الدولي ورفع الدعم الحكومي للسلع والخدمات الأساسية) ثم الدولة المتهاوية التي تفتقد إلى السيطرة المركزية وتذكرنا بدورة الدول المنهار في الفلسفة الاغريقية..

 

أما الأدوات والذرائع التي استخدمها المحافظون الجدد لإطلاق استراتيجية التفكيك المذكورة، فأخطرها الأدوات التالية التي خرجت من وزارات التخطيط في البلدان المستهدفة حيث ترافق اسم هذه الوزارات والقائمين عليها مع الاجندة الأمريكية وخاصة وكالة التنمية الامريكية ( U. S. Aid) والبنك وصندوق النقد الدوليين:-

 

1- فتحت شعار الإصلاح الاقتصادي تم تفكيك القطاع العام لصالح خصخصة في خدمة المافيات المالية وليس من أجل وتائر تنمية أوسع وقد تولى ذلك رجال البنك الدولي ووكالة التنمية الأمريكية.

 

2- وتحت شعار الاصلاح السياسي تم تفكيك الروابط المركزية الأخرى للدول المستهدفة وذلك تحت شعار اللامركزية الإدارية.

 

3-وتحت شعار الإصلاح الاجتماعي، وفي مفارقة لاحظها من قبل المفكر العالمي غوندر فرانك والمفكر اليسار اللبناني، مهدي عامل، فإنه بقدر ما جرى دمج اقتصادات دول المحيط بالنظام الرأسمالي العالمي، بقدر ما تم إعادة إنتاج ما أسماه الروائي اللبناني، أمين معلوف، بالهويات القاتلة، أي الهويات الجهوية والطائفية ما قبل الرأسمالية.. ولم تخلو هذه المحاولات من إقحام الثقافات الشفهية والفرعية في هذا الهدف الشيطاني.

 

هذا على صعيد الاطار الدولي العام، أما على صعيد الشرق الأوسط، فلاحظنا كيف تصرف العدو الصهيوني بالمنطق الأمريكي نفسه.

 

فمقابل روما عالمية جديدة وولايات رومانية تابعة لها، رسم العدو لنفسه في مؤتمرات هرتسليا المتعاقبة استراتيجية مماثلة في الشرق الأوسط، سرعان ما تضاءلت تحت فشله أمام حزب الله ومعسكر الممانعة العربي والإقليمي ابتداءاً بالمقاومة العراقية وانتهاءاً بالمقاومة الفلسطينية، فراح يفكر في استراتيجية البنيلوكس الثلاثي: كونفدرالية كانتونات أردنية ـ فلسطينية ضمن تقسيم عمل إقليمي مركز (تل أبيب).

 

وقد كان العدو محكوماً في منطقه المذكور كما جاء في مؤتمرات هرتسليا إلى الاعتبارات التالية:-

 

1- القلق من استنفاذ دوره الوظيفي التقليدي، والبحث عن دور جديد.

 

2- القلق مما اعتبره لغماً فلسطينياً ديموغرافياً برسم الانفجار.

 

3- القلق مما انتهت اليه تجربة شبيهة هي تجربة النظام العنصري الاستيطاني في جنوب افريقيا.

 

 ولذلك راح العدو يفكر في اختراع شكل جديد لأمنه يتجاوز الأمن السياسي والعسكري المباشر والاتفاقيات والمعاهدات الموقعة مع انظمة قد تتغير أو تضعف إلى أمن موضوعي، يسمح في الوقت نفسه بتصدير القلق الديموغرافي الفلسطيني إلى الأردن كما يسمح بتحويل الأردن والسلطة الفلسطينية إلى ملاقط إقليمية مع المحيط العربي، وذلك، كما سنرى عبر شكل من كونفدرالية لسلطتين أردنية وفلسطينية وليس لدولتين، ولسكان وليس لمواطنين ضمن البنيلوكس الثلاثي.

 

 وهو ما يجعلنا نستنتج عند دراسة مشروع الأقاليم والتمعن فيه، أن هذا المشروع ولد عملياً مع معاهدة وادي عربة وما أكدت عليه من توطين اللاجئين (المادة 8) الذي ينسجم مع إقليم الوسط ،  حيث يتركز انتشار المخيمات الفلسطينية حسب مشروع الاقاليم في الاقليمين الشمالي والوسط، ما يسهل تنفيذ أي مشروع لتصفية القضية الفلسطينية مستقبلاً على حساب الأردن. وما يعمل على خلق خلل ديمغرافي في الوزن النسبي لأصول السكان داخل الوطن. بالاضافة إلى بقية مواد وملاحق المعاهدة التي تتجاوز تنظيم العلاقة بين دولتين إلى التأسيس لبنية إقليمية تحتية مشتركة لإطار إقليمي واحد، وهو ما ورد أيضًا في الأوراق الأردنية المقدمة إلى القمة الاقتصادية الإقليمية في الدار البيضاء 1994.

 

 وقد مرت هذه الاستراتيجية فيما يخص الأردن بمرحلتين:-

 

 - تفكيك الدولة عبر الخصخصة وهدم قاعدتها الاقتصادية (القطاع العام) وقاعدتها الاجتماعية (الطبقة الوسطى) عبر الصوت الواحد ورفع الدعم الحكومي، عن السلع والخدمات الأساسية بالاضافة لتحويل الارض من قيمة وطنية إلى قيمة عقارية.

 

 - تفكيك الوطن عبر مشروع الأقاليم وكان للعدو من وراء هذه المشاريع أكثر من هدف:-

 

1- هدف التخلص من القنبلة الديموغرافية الفلسطينية عبر الترانسفير الناعم مع الأردن وخاصة عبر إقليم الوسط كما سنرى.

 

2- تحويل الأردن إلى ملاقط إقليمية تدمج العدو في المنطقة من موقع المركز المسيطر على محيط من الكانتونات المبعثرة في الضفتين على شكل سلطتين بدون سيادة في الواقع.

 

وبالعودة إلى المرحلة الاولى وهي تفكيك الدولة مقدمة لتفكيك الوطن، فالأردن دولة وظيفية مركبة عوضت قانون الاندماج المدني الداخلي بروابط سياسية ـ ادارية ـ أمنية خارجية أبرزها:-

 

 أولاً: القطاع العام ببعده الاقتصادي كبديل لغياب برجوازية وسوق على المستوى الوطني، وببعده الاجتماعي (الطبقة الوسطى) فهنا الدولة هي التي أسست المجتمع وليس العكس كما يفترض في الدول الطبيعية.

 

ثانياً: الجيش،

 

وثالثاً : الارض، ولذلك كان من أبرز استحقاقات معاهدة وادي عربة تفكيك الروابط المركزية الثلاث وتحويل الأردن من دولة إلى سلطة، وقطع تطور المجتمع نحو المواطنة والعودة به إلى عناصره البدائية كسكان، وتراجع اهمية الجيش المرادف للدولة لصالح الأمن المرادف للسلطة، وتحويل الارض من قيمة لمواطنين منتجين إلى استثمارات عقارية، فكانت النتيجة انه مقابل ثلاثية الدولة ـ الجيش ـ المواطنون، الارض، حلت ثلاثية أخرى ذات صلة باستحقاقات المعاهدة "اسرائيلياً" هي ثلاثية السلطة ـ الامن ـ السكان. وبالاحرى ثلاثية البزنس، مكافحة الارهاب والبورصات العقارية.

 

فالبزنس وخاصة رجالات البنك الدولي الذين تكفلوا بتفكيك القطاع العام بذريعة تحويل الأردن إلى سنغافورة الشرق الأوسط، هم حليف طبقي موضوعي للعدو، كما ان اضعاف الجيش كمؤسسة قتالية لصالح الأمن حول الأردن إلى شريك مع "اسرائيل" فيما يسمى مكافحة الارهاب.

 

اما مشروع تصفية الارض كمكون وطني من مكونات إقليم الدولة فيعود إلى المعركة التي فتحتها اكثر من حكومة مع الفقراء الذين يقيمون عليها (حكومة بدران ووزير داخليته عرار مع بني حسن 1983) ثم قيام وزارة الداخلية في عهد عرار بمسح جيولوجي لاراضي شرق السكة تمهيداً لتحويلها إلى مناطق للاستثمار (الرأي 21/8/1984).

 

وهو ما تابعه وزير الزراعة (الحمود) في عهد حكومد زيد الرفاعي بوضع نظام جديد لافراز الاراضي وتأجيرها وبيعها للشركات (الرأي 21/2/1987).

 

ثم جاء الغاء قانون بيع العقار للعدو رقم 30 لسنة 1973 بعد المعاهدة ثم قانون المناطق التنموية الخاصة (المادة 5) التي تسمح للمطور بامتلاك هذه الأراضي.

 

ويمكن ان نضيف هنا عدة قضايا ذات صلة هي:-

 

أولاً: ما عرف بقضية البورصات العالمية التي ادت ان لم نقل استهدفت قيام الاف الأردنيين ببيع اراضيهم وتحويلها إلى اسهم مغفلين في هذه البورصة حيث ساهمت تصريحات وزير العدل، ايمن عودة بخلق أوهام عند كثيرين عندما اكد ان حكومة الذهبي بصدد اعداد مسودة مشروع قانون لتنظيم عمل هذه البورصات (العرب اليوم 28/7/2008 فايق حجازين).

 

وهي ثانياً: وضع مرافق الدولة برسم البيع كما حدث هضبة دابوق والمرفقات المقامة عليها وقبلها معسكرات الجيش في الزرقاء.

 

وهي ثالثاً: تقليص مساحات الارض الزراعية لصالح توسيع المحميات الطبيعية.

 

وهي رابعاً: التحضير للتخلي عن الزراعة في المدى البعيد وفق ما جاء في تقرير اللجنة الملكية لاستراتيجية المياه الصفحات 3-5 من الفصل الخامس من التقرير الذي يشرف عليه: رائد ابو السعود ومزاحم المحيسن وخالد الايراني وماهر مطالقة.

 

ويلاحظ في كل ذلك ثلاثة روائح مشبوهة:-

 

-  رائحة التوطين.

 

- رائحة الاستثمارات.

 

- رائحة الاحتياجات الإقليمية ـ الامنية والاقتصادية مع العدو وخاصة في المناطق الغورية.

 

هذا عن مرحلة تفكيك الدولة وتحويلها إلى سلطة حليفة للعدو بادوات طبقية جديدة من رجالات البنك الدولي، وبشعارات سياسية جديدة (مكافحة الارهاب) اما عن المرحلة الثانية وهي تفكيك الوطن فأداتها، مشروع الأقاليم وذلك وصولاً لاقامة كونفدرالية كانتونات أردنية ـ فلسطينية ضمن البنيلوكس الثلاثي مع (اسرائيل) وبما يسمح بتجاوز (اسرائيل)لخطر القنبلة الديموغرافية الفلسطينية وتمرير الترانسفير الناعم عبر إقليم (الوسط ـ الضفة الغربية) كما يسمح لها من جهة ثانية بتحويل الأردن عبر الأقاليم الأخرى إلى ملاقط إقليمية مع سورية والعراق والسعودية والشرق العربي عموماً..

 

وكما سبق، فالكونفدرالية المقصودة، ليست كونفدرالية بين دولتين تتمتعان بأية سيادة حقيقية(دولتان لمواطنين على أرض وطنية) بل كونفدرالية بين سلطتين لسكان على ارض تتصرف دولة العدو الصهيوني كما لو انها ارضها التاريخية التي يعيش عليها سكان عرب..

 

وهذا يؤكد اننا لسنا بانتظار ارتقاء السلطة الفلسطينية إلى دولة بل انحدار الدولة الأردنية إلى شكل من سلطة الحكم الذاتي حيث القرارات السيادية الكبرى لشؤون الحرب والسلم خارج اي من هاتين السلطتين.

 

وحيث ان المطلوب هو ان لا يبقى الأردن وطناً سياسياً لاحد لا للاردنيين ولا للفلسطينيين، من خلال الغاء هويته كدولة والغاء هويته الاجتماعية كمجتمع لمواطنين اردنيين او فلسطينيين.. وبعثرته على شكل جغرافيا وكانتونات أقاليم لسكان متناثرين لا يملكون موضوعياً الشروط الموضوعية لاية وحدة اجتماعية مركزية، لا أردنية ولا فلسطينية.

 

مشروع الأقاليم: الآليات والاستحقاقات

 

1- التوطين الناعم/ الموضوعي وإقليم الوسط خصوصاً

 

اذا كان إقليم الوسط، مكرساً لاقامة علاقات مع الضفة الغربية، فذلك لتمرير الترانسفير الناعم.

 

وهو توطين تدريجي وناعم وكامل للفلسطينيين في الأردن بدون ان تترتب عليه أية (مخاطر) على "اسرائيل" من قيام كيان سياسي بديل مما (يتطلب صهيونياً) اعادة انتاج الأردن وتحويله من دولة جغرافيا سياسية إلى نظام أمني بجغرافيا غير سياسية داخل المجال الحيوي "الاسرائيلي"، وكذلك قطع التطور المدني المركزي فيه وضرب الشروط الموضوعية لقيام مجتمع المواطنين واستبدالها بشكل من المجاميع السكانية.

 

وبالاضافة للمقدمات المبكرة ابتداءاً من مشاريع وادي الأردن: جوردون كلاب 1950 وجونستون ودالاس 1955، فان هذه الاستراتيجية ظلت ثابتة عند العدو الصهيوني حيث اخذت عدة خيارات، من الكونفدرالية إلى الفدرالية، وخاصة في تقارير مؤتمر هرتسليا (ميزان المناعة، الأمن القومي) الاول 2001 (البحث عن مخرج للفلسطينيين شرق النهر) والخامس 2004 الذي ناقش ثلاث خيارات: الفدرالية الثنائية والفدرالية الثلاثية مع "اسرائيل" واتحاد كانتونات اردني ـ فلسطيني. وقد كرر هذه السيناريوهات الصحافي الصهيوني غي ياخور في يديعوت احرونوت (عدد 23/9/2004).

 

وثمة اوساط صهيونية اخرى تتحدث عن خيارات اخطر من ذلك بما فيها تفكيك الأردن مقدمة لتصفية القضية الفلسطينية نهائياً فيه، مثل زعماء موليدت (المجد 13/5/2002) إلى زعماء الليكود من جابوتنسكي إلى شارون (العرب اليوم 18/4/2001) إلى ليفني (الغد 15/12/2008) ... بل ان زعماء (عماليين) مثل باراك تبنوا هذا الخيار (السبيل عدد 364) بالاضافة لتصريحات بيريز الدائمة حول التوطين الناعم انطلاقاً من (التعاون الاقتصادي).

 

والاسوأ من كل ذلك المواقف الأردنية الرسمية نفسها، سواءً عبر تفكيك القطاع العام (الرابط المركزي لوحدة الدولة) وقبلها مشاريع مثل التطوير الحضري ومثل ما نصت عليه معاهدة وادي عربة صراحة في المادة 8 التي تدعو جهاراً نهاراً لتوطين اللاجئين بل ان رئيس الوزراء الأردن الاسبق علي ابو الراغب لم يجد في الحديث عن الترانسفير ما يقلقه (بترا 1/11/2002).

 

ومثل ذلك تأييد مسؤولين اردنيين لوثيقة جنيف ومباحثات البحر الميت بين ياسر عبد ربه ويوسي بيلين التي شطبت حق العودة نهائياً... ومن هؤلاء مروان المعشر في تصريحه لصحيفة يديعوت احرونوت (الاسرائيلية) تاريخ 12/10/2002 وتصريح اسمى خضر الناطق الرسمي باسم الحكومة (بترا والعرب اليوم 3/12/2003).

 

وفضلاً عن ذلك ليس صعباً ملاحظة أكثر من ظاهرة في هذا السياق، ابتداءاً بنظام افراز الاراضي وتوسيع حدود أمانة عمان ومشروع المدنية السكنية قرب عمان التي تتسع لمليون مواطن (الخيطان العرب اليوم 8/5/2008) وتطوير المفرق (منبر الأمة 13/10/2008) ومشروع ممر السلام (التنموي) وهو مجمع صناعي زراعي مركزه أريحا ويحظى بدعم البنك الدولي واليابان العرب اليوم (13/12/2008).\

 

وهناك تساؤلات عن علاقة مطار الشونة الزراعي بذلك فمقابل دفاع وزراء المياه (رائد ابو السعود) والاشغال (علاء بطاينة) والزراعة (سعيد المصري) والنقل (سهل المجالي) عن المطار اظهرت تحقيقات ومقالات صحفية عدم الجدوى الاقتصادية للمطار مما يؤكد ما سبق وقيل عن علاقة المشروع بتصدير خضروات "اسرائيلية" ـ فلسطينية في اريحا (السجل 12/3/2009).

 

ومشروع مدن الزرقاء الجديدة على انقاض معسكرات الجيش وانتهاءاً بحجم الاستثمار العقاري الجنوني والذي اقترب حتى في سنة الازمة المالية (2008) من الـ 6 مليارات دينار حسب تقرير دائرة الاراضي والمساحة (العرب اليوم 12/2/2009)، مقابل مليار عام 2004 (العرب اليوم 31/1/2005).

 

3-      البعد الإقليمي وخاصة إقليم الشمال والجنوب

 

4-      بالاضافة للبعد التوطيني المذكور في سيناريوهات العدو لتفكيك الأردن وموقع إقليم الوسط، في هذه السيناريوهات، يولي العدو اهمية كبرى لبعد آخر هو البعد الإقليمي وموقعه داخل إقليم تحت سيطرته.

 

وهو ما يلاحظ في مواد المعاهدة والأوراق (الأردنية والاسرائيلية) المقدمة إلى مؤتمر الدار البيضاء عام 1994 وفي تقارير معهد هرتسليا ودراسة روبرت ساتلوف، مدير معهد واشنطن (الضفة الشرقية متاعب ومشكلات)1990.

 

فبالرغم مما يقال عن (ركود) الوظيفة الإقليمية التاريخية لهذا العدو في ضوء الحضور العسكري الامريكي المباشر وصعود قوى إقليمية جديدة مثل تركيا وايران، الا ان العدو نجح، كما يبدو، في تأمين شروط سياسية واقتصادية لمجال حيوي محدد يمتد من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية للاردن ويسعى من خلال ذلك إلى اعادة انتاج نفسه كمركز إقليمي لمجمل الشرق العربي وخاصة بعد تحطيم العراق بالعدوان الامريكي وبعد استيعاب مصر في كامب ديفيد..

 

وتظهر ملامح هذه الاستراتيجية الصهيونية فيما نشهده اليوم من شبكات تحتية واسعة تتعدى فلسطين والأردن إلى الاطراف العربية الاخرى وتؤمن للعدو الغطاء الدولي الذي يحتاجه لتمويل مشاريع إقليمية هي في الحقيقة مشاريع صهيونية او تخدم التمدد الصهيوني الإقليمي مثل قناة البحرين والطرق الكبرى وسكة الحديد.

 

وفيما يخص الأردن، تحديداً، يمكن ملاحظة هذه الاستراتيجية الصهيونية في سعي العدو لتغيير بنية الدولة ووظيفتها، من جهة، وفي عشرات المؤشرات والمعطيات والخطوات التي تبدو ترجمة لهذه الاستراتيجية وعلى رأسها، كما سنرى، مشروع الأقاليم، من جهة ثانية.

 

فعلى صعيد الهدف الأول للعدو، وهو تغيير بنية الدولة والكيان معاً، يلاحظ ان ثمة سيناريو يعيد انتاج الأردن على نحو ما كان عليه قبل الامارة 1921، ولكن باستحقاقات جديدة.

 

فقد مر الأردن قبل اعلان الامارة 1921 بنظامين اداريين مرتبطين بسورية:-

 

الأول: نظام عثماني مرتبط بولاية دمشق في إطار تقسيم عرضي مع فلسطين شمال الأردن مع شمال فلسطين، ووسط الأردن مع وسط فلسطين، وجنوب الأردن مع جنوب فلسطين.

 

والثاني: حسب القرار 22 (15/9/1919) لمجلس المديرين السوري في حكومة فيصل وبموجبه تم تقسيم سورية إلى 8 ألوية ثلاثة منها في الأردن تذكرنا بالأقاليم المقترحة: لواء الكرك ويضم الجنوب ولواء البلقاء ويضم السلط وعمان ومادبا ولواء حورن ويضم الشمال ومركزه درعا (ص85 سليمان الموسى تاريخ الأردن: القرن العشرين).

 

وبعد احتلال سورية من قبل الفرنسيين اثر معركة ميسلون (24/7/1920) انفجرت الألوية الأردنية إلى ثلاثة حكومات محلية (تذكرنا بالأقاليم أيضًا) وكان ذلك في آب من عام 1920 هي حكومة عجلون التي حضرت لمؤتمر ام قيس بحضور الميجر البريطاني سومرست ممثلاً لهربرت صموئيل، وحكومة السلط بحضور صموئيل نفسه، وحكومة الكرك بحضور الضابط كنغليك ممثلاً لـ صموئيل (ص 104ـ 121 الموسى) لكن الأردن سرعان ما تحول من حكومات عرضية واصلة في اطار سورية الطبيعية إلى سلطة طولانية عازلة وفق استحقاق وعد بلفور باقامة دولة يهودية طولانية على امتداد الساحل الفلسطيني.

 

وبعد توقيع معاهدة وادي عربة وكذلك اتفاقية اوسلو مع السلطة الفلسطينية ثمة سيناريو صهيوني لتفكيك الأردن واعادة انتاجه كما كان قبل الامارة: مناطق عرضية واصلة مع فلسطين بدلاً من دولة عمودية فاصلة، ولكن هذه المرة في اطار "اسرائيل الكبرى" وتل أبيب وليس مع سورية الكبرى وولاية دمشق.

 

وهو ما يجعلنا نقرأ مشروع الأقاليم في ضوء ذلك كمناطق عرضية واصلة لكل منها وظيفة "اسرائيلية"، سواء إقليم الشمال مع العراق (خط النفط) او إقليم الوسط مع الضفة الغربية (مشروع التوطين) او مشروع الجنوب (ريفيرا البحر الاحمر والسياحة والاسمدة..) وكذلك مشروع قناة البحرين...

 

وليس صعباً في ضوء هذا الاستنتاج تقصي كل ذلك في المظاهر التالية:-

 

1- كما مر سبق تركيز معظم مواد وملاحق معاهدة وادي عربة على المشاريع والتعاون الإقليمي في مجالات المياه والطاقة والطرق والاسواق وغيرها وهو ما ينسجم مع الصلاحيات المقترحة لمفوضي الأقاليم.

 

2- سيطرة قاموس المفاهيم والآليات والاطر الإقليمية على كل الاوراق الأردنية التي قدمت إلى المؤتمر الاقتصادي للشرق الاوسط وشمال افريقيا في الدار البيضاء عام 1994 فلم تتحدث ورقة واحدة عن مشروع اردني بدون ربطه بالمشاريع الإقليمية مع "اسرائيل" والمنطقة.

 

وبامكان من يعود إلى هذه الاوراق كما نشرتها جريدة "الاسواق" الأردنية في ملف خاص بتاريخ 31/10/1994 ان يجد أيضًا أساساً لكل المشاريع الأردنية (والاسرائيلية) والفلسطينية اللاحقة من قناة البحرين إلى سكة الحديد إلى مشاريع الطرق والمناطق الحرة والبنوك الإقليمية.

 

وبالتفصيل حول الارواق المذكورة:- في الاقتصاد عموماً حديث عن تنمية إقليمية لكل المنطقة واعتبار ذلك، كما اراد بيريز، مقدمة للسلام الشامل وليس العكس (الرفع قبل الدفع) بلغة الكباريتي، رئيس الوزراء الاسبق ومن ذلك أيضًا ورقة زياد فريز (مفهوم إقليمي للتنمية البشرية) وورقة باسل جردانة حول التعاون الإقليمي في السياحة والتجارة والمصارف بما في ذلك انشاء بنك إقليمي، واوراق اخرى تتحدث عن التعاون الاكاديمي والجامعي والصحي وعن ممرات سلام اقتصادي (اثمرت كما يبدو عن مشروع اريحا)... وبتفاصيل اخرى تنقلنا إلى تأسيس هذه الاوراق لمشروع الأقاليم، نلاحظ ما يلي:-

 

فيما يخص إقليم الشمال، يحتل خط كركوك ـ حيفا النفطي اهمية بالغة (الوطن العربي 31/3/2007) وجريدة الوحدة (27/8/2003). حيث نقرأ عن اهتمام امريكي ـ صهيوني مع البلدان العربية (الصديقة لاعادة احياء هذا الخط.

 

ويلاحظ أيضًا، اهتماماً مماثلاً باحياء سكة حديد الحجاز طولاً وعرضاً ابتداءاً من هذا الإقليم (هآرتس "الاسرائيلية" 6/6/2006).

 

 

خلاصة الورقة

 

مشروع الأقاليم وان كان قد بدأ بهدف تنموي كمشروع تطويري قد يحدث في أي بلد إلا أن الحداث السياسية العالمية والإقتصادية قد رسمت له مساراً أخر مختلف تماماً يهدف الى خدمة المصالح الإمبريالية الصهيوامريكية بالدرجة الأولى تتحدد ملامحه بتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن، وإعادة رسم خارطة المنطقة وما يتوافق مع المصالح الغربية تحقيقاً لنظرية الشرق الأوسط الجديد وفقا لإطار نظري ورد في مقال جاء في مجلة "القوة العسكرية" الأمريكية بعنوان "حدود الدم" التي رأت خير سبيل لحل مشاكل المنطقة المستعصية بإعادة تقسيمها وفقاً لأسس ديمغرافية ( الدين، القومية، المذهبية). وخارطة الأقاليم الأردنية تتوافق حد التطابق مع مشروع الشرق الأوسط الجديد اذا أخذنا بعين الاعتبار الموقع الجغرافي للضفة الغربية من جهة، وأقاليم العراق الجديدة حسب دستور العراق 2006 الذي أقر بتعديلاته دستورية الأقاليم وشرعنها.

 

يحقق مشروع الأقاليم للعدو الصهيوني حلاً للمشكلة الديمغرافية الفلسطينية من خلال تنفيذ مشروع الأقاليم – كخطوة أولى على طريق الشرق الأوسط الجديد – في حال تطبيق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. حيث أن تعريف الأمم المتحدة للاجئ يقول: " أن اللاجئ هو من ترك أرضه وبيته ومصالحه نتيجة خوف محتم على حياته اضطره للهروب خارج حدود بلده السياسية" ما يعني في حال الحاق الضفة الغربية بأحد الأقاليم الأردنية وتحولها الى منطقة جغرافية سياسية ذات حدود سياسية واحدة سقوط حق العودة والتعويض تلقائياً وذلك عائد كون أن الفلسطينين في الأردن والضفة قد أصبحوا حكماً داخل حدود دولتهم وقد تحققت عودتهم مع بقائهم في أماكنهم.

 

بالنظر الى خارطة توزيع الموارد الطبيعية الأردنية نرى تركزها في إقليم شمال ووسط المملكة حيث تتركز الموراد الطبيعية، والكثافة السكانية، والنشاط الصناعي، والنشاط الإقتصادي والتجاري بشكل كبير في إقاليم شمال ووسط المملكة أيضاً. ما يوضح التفاوت الكبير في توزيع دخل هذه الموارد على الأقاليم في حال نشوئها وبالتالي فشل الفكرة حتماً. والذي سيؤدي الى خلق مشاكل توصل البلد الى نقطة اللارجعة الأبدية نحو كيانه الموحد وهويته الوطنية. فالنشاط الإقتصادي في المملكة في الشمال والوسط، الغاز والصخر الزيتي وتكرير النفط في الشمال والوسط، الأراضي الزاعية والنتاج الزراعي في الشمال والوسط، الكثافة السكانية تتركز أيضا في الشمال والوسط، القوى العاملة الأردنية تتركز في الشمال والوسط. يبقى الإقليم الجنوبي بعد استقطاع البتراء ومنطقة العقبة واستثنائهما إقليما عاجزاً لا يملك أي من مقومات النهوض والتنمية . فكيف سينجح هذا الإقليم بالنهوض والتطور المزعوم. قد نجد إجابة إذا ما أخذنا الأحداث التالية بعين الإعتبار:

 

1-      انتفاضة الجنوب عام 1989 (الكرك، معان والطفيلة، والسلط في الوسط)

 

2-      ثورة الخبز عام 1996 ( مدن الجنوب ضد سياسة التصحيح الإقتصادي وفق برنامج صندوق النقد الدولي أنذاك)

 

3-      أحداث معان 1998

 

4-      أحداث معان عام 2000

 

الى جانب ذلك الأخذ بعين الاعتبار ارتباطات النسب والدم وتجارة التهريب بين عشائر الجنوب والقبائل القريبة على الحدود السعودية بنسبة عالية وقليلاً من أطراف العراق الحدودية.

 

بحسب وزير التخطيط الأسبق جواد العناني، ووزير التجارة والصناعة الأسبق واصف عازر إن الهدف من مشروع الأقاليم هو:

 

·         عكس الهجرة من عمان الى المحافظات

 

·         ابقاء السكان في مناطقهم من خلال مشاريع استثمارية تشجع على البناء

 

·         تطوير المناطق حضارياً وتلعيمياً وسكانياً واستيعاب القوى العاملة في مناطقها

 

·         التخفيف من فكرة الدولة المدينة

 

·         تمكين أبناء المناطق من الاستفادة من موارد منطقتهم بما يخدم تنمية قدرات المنطقة

 

·         توطين العوائد الاقتصادية والتنموية في المنطقة نفسها الغد الأردني 18\2\2009

 

اذا ما قابلنا هذه الأهداف بواقع الأردن أرقاماً وإمكانيات ومخاطر محتملة نصل لنتيجة حتمية مفادها فشل المشروع وتهديد أمن ومستقبل وهوية الأردن بصورة لا تقبل الشك. كون هذا المشروع مفروض على الأردن وطنا وحكومة وشعبا وملكاً من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين. وقد كلف الأردن عجزا متتالياً في ميزانيته على مدى سبع سنوات متتالية انظر تقرير بيت الاستثمار العالمي بخصوص وضع الأردن الإقتصادي  عام 2007  

 

تشير وثائق صندوق النقد الدولي وثائق البنك الدولي – انظر وثيقة رقم 2،3 - حجم الديون الي ستترتب على الأردن بسبب هذا المشروع، والذي سينعكس سلباً على المواطن الأردني في كل مناحي حياته، وسيخلق شللاً في مرافق الدولة الحيوية مستقبلاً، وسيكلف الأردن قرارات وطنية وأمنية استراتيجة في وقت زمني قصير نسبياً لصالح مخططات امبريالية صهيوأمريكية.

 

هذا المشروع وبكل استحقاقاته يجب التصدي له بكافة السبل . الأردن كان وسيبقى عصياً على كل المؤامرات. ولن يكون بوابة لأطماع الغرب ومؤامرات الرجعية العربية .

 

 

 

المصادر:

 

-          البنك الدولي

 

-          صندوق النقد الدولي

 

-          مكتبة الكونجرس الأمريكي

 

-          الصحف الأردنية اليومية والأسبوعية

 

-          موقع القوة العسكرية الأمريكي

 

-          مواقع الوزرات الأردنية " الداخلية، البلديات، التخطيط، البنك المركزي الأردني، موقع الإحصاء السكاني الأردني، وزارة العمل"

 

-          مقالة  موفق محادين " من تفكيك الدولة الى تفكيك الوطن"

 

-          صحف عالمية

 

-          موقع جامعة هوبكنز الأمريكية

 

-          مكتبة جامعة تكساس الأمريكية