دراسة إسرائيلية تتحدث عن صفقة القرن قبل 8 سنوات.. ماذا بعد؟

دراسة إسرائيلية تتحدث عن صفقة القرن قبل 8 سنوات.. ماذا بعد؟
الرابط المختصر

تداول نشطاء مصريون خبرا منشورا بصحيفة "المصري اليوم" قبل ثماني سنوات؛ يعرض لدراسة إسرائيلية تتحدث عن معالم ومخططات "صفقة القرن"، التي زاد الحديث عنها مؤخرا.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، ظهر مصطلح "صفقة القرن" أثناء لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي بواشنطن، لتخرج بعدها التكهنات لتتحدث عن وطن بديل للفلسطينيين بجزء من سيناء.

وجاء آخر حديث إسرائيلي عن "صفقة القرن" الاثنين، على لسان الوزيرة الإسرائيلية جيلا جملئيل، خلال مؤتمر نسائي بالقاهرة، حيث قالت إن "أفضل مكان للفلسطينيين ليقيموا فيه دولتهم هو سيناء".

الدراسة الإسرائيلية التي نشرتها "المصري اليوم" قبل ثورة يناير 2011، بعام كامل، لم ينتبه الكثيرون لخطورة بنودها؛ نظرا لما مر بالمنطقة العربية من تغيرات وأزمات وحروب إبان ثورات الربيع العربي، التي يبدو أن أحد أهم خطوات تنفيذها هو تأجيل الإعلان عن تلك الصفقة حتى قدوم خليفة المخلوع حسني مبارك.

الدراسة، التي أعدها مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، جيورا أيلاند، منتصف كانون الثاني/ يناير 2010، تقوم على استمرار سيطرة إسرائيل على مساحات من الضفة الغربية، مقابل تعويض الفلسطينيين بمساحات من سيناء لإقامة دولة فلسطينية.

وتقترح الدراسة تزويد الدولة الفلسطينية المستقبلية بمساحة من شمال سيناء (720 كيلومترا مربعا)، بداية من حدود مصر وغزة، وحتى مدينة العريش، لتأخذ مصر المساحة ذاتها بصحراء النقب.

وعرضت الدراسة لسلسة مكاسب اقتصادية وأمنية ودولية لمصر، بينها أن تسمح تل أبيب للقاهرة بشق نفق يربط مصر والأردن، بطول 10 كم، (5 كم من إيلات)، يخضع للسيادة المصرية، ويصلها بالأردن والسعودية والعراق.

وأشارت الدراسة إلى معاناة مصر من ندرة المياه، وقالت: "مقابل (الكرم) المصري، سيقرر العالم ضخ استثمارات كبرى لمصر لحل أزمة المياه"، فيما بشرت الدراسة بفتح الباب أمام الرئيس المصري للحصول على جائزة "نوبل" للسلام.

وحول الأردن، أوضحت الدراسة أنه الرابح الأكبر من التسوية، وأنه غير مطالب بدفع أي ثمن لقاء ذلك، إلى جانب أن السعودية والعراق سيتم ربطهما بالقاهرة ودول إفريقيا بريا.

هل يأتي يوم يندم فيه المصريون؟

وحول الدراسة، قالت الكاتبة الصحفية مي عزام، إن "إسرائيل تسير وفق خططها، وتنتظر بصبر ودأب حتى تحقق أهدافها وتستفيد من ضعف العرب"، مضيفة عبر فيسبوك: "إننا شعب بذاكرة سمكة؛ ولهذا يستغفلنا حكامنا"، متسائلة: "ماذا سنفعل لتجنب الصفقة؟ وهل مصير سيناء هو مصير (تيران وصنافير)، ونصبح مثل الشعب الفلسطيني نبكي على الأرض التي ضاعت ونحن منقسمون".

حائط الصد

من جانبه، يعتقد الباحث السياسي، عبدالله النجار، أنه "لا يمكن تنفيذ هذا السيناريو؛ لأن الشعب المصري الذي خاض أربع حروب لأجل سيناء لا يمكن أن يتنازل عن ذرة رمل منها".

وأضاف لـ"عربي21"، أنه "من ناحية أخرى، وكعهدنا بالصهاينة دائما؛ فإنهم يخططون للمدى البعيد، وأعتقد أنه مهما بلغ خضوع الحكام العرب لإسرائيل، فإن التنازل عن الأرض، سواء بسيناء أو بالضفة، سيكون جريمة يعلم أي حاكم عاقبتها".

وقال النجار: "لا يمكن أن نستبعد ذلك الإرهاب الذي استشرى بالمنطقة المذكورة بالدراسة من رفح وحتى العريش وعدم امتداده لجنوب سيناء، وأيضا إخلاء 75 بالمئة من سكان رفح ليس ببعيد عن ذلك"، مشيرا "لمطالبة الأبواق الإعلامية المصرية القريبة من الصهاينة بعد كل عملية إرهابية بإخلاء سيناء لمحاربة الإرهاب".

وأكد أن "الشعوب العربية فقط هي من ستقف كحائط صد بمواجهة هذا المخطط إن صح"، مشيرا إلى أن "المصريين لن يقبلوا التنازل عن شبر من سيناء، حتى لو قبلت حكوماتهم، ولن يقبل سكان الشريط الساحلي المصريين من رفح والشيخ زويد والعريش الجلاء عن أرضهم، ولن يقبل أهل غزة باقتطاع أرض مصرية لهم".

وختم النجار بقوله: "فلتفكر إسرائيل كما تشاء، ولتخطط كما تشاء، ولكن ستبقى الكلمة الأخيرة للشعوب العربية، التي قد تكتسح بلحظة فارقة كل المتواطئين مع الصهاينة، وساعتها سيكون لدينا شرق أوسط جديد، بعد أن تستعيد الشعوب إرادتها، وربما سيجد اليهود أو كثير منهم أن الأفضل لهم العودة لأوروبا إذا وجدوا الأمور تسير عكس ما خططوا له".

الخطة (ب)

وفي تعليقه، قال المحلل السياسي اللبناني المتخصص بشؤون الشرق الأوسط، نضال السبع، إنه "لا يمكن فصل الحدث الأمني بمسجد العريش، الجمعة، بمعزل عن قضية المصالحة الفلسطينية و(صفقة القرن)"، مشيرا إلى أن "الاعتداء تم بمقابل قطاع غزة، ما يعني أنه مدروس بعناية، ليقود نحو مخطط إقامة الدولة الفلسطينية بأرض سيناء".

السبع أكد لـ"عربي21"، أن "ما حدث هو عملية تطهير تشبه ما تم مسبقا بسوريا والعراق، بحادث يرعب الأهالي ويدفعهم للهجرة من سيناء، باعتبارها منطقة غير آمنة، وبهدف تنفيذ عملية التوطين للفلسطينيين".

وأوضح أن الإسرائيليين بدأوا بتنفيذ الخطة (ب)، مشيرا إلى أن الخطة الأولى كانت باتفاقيات "كامب ديفيد" و"وادي عربة" و"أوسلو"، مؤكدا أن العدو الإسرائيلي يحاول فرض أمر واقع عمليا على الحدود المصرية الفلسطينية الأردنية.

ويرى السبع أن هناك محاولات لإقصاء مصر من عملية المفاوضات، ولشطب مصر سياسيا يتم ضربها أمنيا، خاصة بعد رفضها المشاركة في المواجهة مع إيران أو إعلان حزب الله منظمة إرهابية والمساهمة بعودة رئيس وزراء لبنان سعد الحريري من الرياض، التي تكللت بجهود مصرية.

وأشار إلى أن مصر تعمل على صعيد المصالحة، ما يتعارض مع رغبات إسرائيل على صعيد (صفقة القرن)، مؤكدا أن المصريين لن يفرطوا بأرضهم، ولن ينفذوا الصفقة لمجرد أن تل أبيب ترغب بذلك.

إلهاء إسرائيلي

الباحث السياسي العراقي، محمد الخاقاني، في تعليقه قال: "قد تكون التسويات السلمية (للقضية الفلسطينية) مطروحة لتنفيذ اتفاقيات سابقة بهذا الخصوص"، مشيرا إلى أن "المعطيات المتوافرة بالمنطقة تشير لتحكم إسرائيلي بدعم أمريكي بممارسة سياسة الإلهاء المستمرة منذ فترة طويلة، لا سيما بالدول المجاورة لإسرائيل".

الخاقاني أضاف لـ"عربي21"، أنه "وكما ورد بالدراسة الإسرائيلية، فإن مصر والأردن متداخلتان بتلك العملية، إذ إن لكل منها دافعا نحو العمل على تقريب الوجهات المختلفة، من خلال التنازل عن بعض الأشياء الضرورية لتحقيق فكرة الشعبين".

وفي سؤال حول مدى اختلاف بنود الاتفاقية الحالية عن نقاط الدراسة بعد المتغيرات الجديدة على الساحة، خاصة وجود السعودية داخل المعادلة، أكد الخاقاني، المتخصص بالدراسات الدولية، أن "المخططات موجودة منذ وقت طويل، لكن ربما تكون الأوضاع حاليا بالمنطقة تساعد على تنفيذها وإدخالها حيز التطبيق، مع وجود تداخلات وتقاطعات إقليمية حادة، خصوصا بين إيران والسعودية".