خيبة أمل "ذهبية"!
خفت حدة الهجوم الآن على الذهبي وحكومته بعد التعديل. وكانت جاءت أعنف الانتقادات من أشخاص كانوا عقدوا الرهان على الذهبي ودافعوا عنه. وهجومهم عليه يفسر ببساطة أنه رد فعل على خيبة أمل كبيرة لآمال عقدها هؤلاء وغيرهم على الذهبي كفرصة ذهبية لنقل الأردن إلى مرحلة جديدة مختلفة.
كانت أوساط عديدة عقدت الآمال على الذهبيين، وتصورت أن هذا التحالف قادر على استعادة الولاية العامة للحكومة، إلى درجة أن متحمسين ذهبوا إلى المناداة بقبول الحاكمة الرشيدة كبديل عن إصلاح سياسي شامل، على اعتبار ضمان استمرار تلك الحاكمية الرشيدة بفعل تحالف الجندويل-الدوار الرابع، ذلك التحالف الذي استطاع في مرحلة ما تجنيب الأردن التفكك والبيع بالقطعة.
ولكن مسار الأحداث بعد سقوط نهج البيع لم يكن مبشراً بداية، ثم أصبح محبطاً، ثم سبب خيبة أمل عميقة نتج عنها كل ردود الفعل والهجوم العنيف على الذهي، ليس بسبب أخطاء ارتكبها، ولكن بسبب ما لم يفعله وما لم يحققه من آمال عقدت عليه، وربما ليس له ذنب في تحميله إياها.
إذ بعد أن تراجع الليبراليون الجدد عن الواجهة وأحبطت مخططات بيع معالم الأردن الكبرى ساد شعور بأن ذلك كله لا بد أن ينعكس إيجاباً على حياة المواطن وعلى الحياة السياسية. ولم يحصل ذلك. هزمت أجهزة الدولة الليبراليين العابرين للصلاحيات، ولكن المواطن لم ينتصر. ولم يتغير شيء في المعيشة اليومية وفي الأسعار وفي كل شيء.
وجاءت قصة التعديل الوزاري لتمتد على طول أكثر من ستة شهور، لتثبت شيئاً فشيئاً عدم قدرة الذهبي على الحسم، ليس بسبب تكوينه الشخصي، ولكن بسبب توازنات القوى التي ثبت أنها ما تزال تتحكم بالأردن. وتتوج التعديل بدخول أسماء بعضها هزيل، وبحصول مناقلات في الحقائب دون سبب ظاهر مقنع.
ثم جاءت ملابسات أحداث غزة، وقمة قطر وتغيب الأردن عنها، وما تبع ذلك، ليثبت مرة أخرى أن جهاز صنع القرار في الأردن معطّل بتضارب الأجندات، وبغياب حكومة قوية، حتى أصبحت القرارات غير قابلة للتكهن، وحتى أصبح في إمكان البعض أن يبادر بالرهان على الخارج في دعوته للإصلاح، وأنا هنا لا أقصد فقط طرح الملكية الدستورية في واشنطن!
حكومة نادر الذهبي كانت فرصة نادرة لتحويل الأردن إلى دولة قوية سياسياً، مستقلة القرار، مبنية على مشاركة شعبية حقيقية في صنع القرار، موحدة البوصلة وطنياً، قادرة على حسم المسائل الكبرى العالقة في الأدبيات السياسية الأردنية، وأبرزها سؤال الهوية الوطنية الأردنية. تلك الفرصة ضاعت. وما بقي منها الآن رئيس وزراء جيد، ولكنه ليس تاريخياً كما كان مأمولاً منه، كشخص وكمرحلة!











































