خطبة الكركي تنذر بإقصائه عن الرئاسة

الرابط المختصر

أخيرا استعاد طلاب الجامعة الأردنية واحد من حقوق عديدة فقدوها بعد تعديل تعليمات مجلس الطلبة عام 2001. ففي الثامن عشر من كانون أول القادم سينتخب الطلاب كامل مجلسهم لأول مرة منذ سبع سنوات، وسيحمل المجلس اسم "اتحاد طلبة الجامعة الأردنية".وذلك بناء على إقرار مجلس عمداء الجامعة الأردنية للصيغة النهائية لانتخابات مجلس الطلبة بعد أن تسلم مقترحات لجنة صياغة الانتخابات القادمة، برئاسة د. علي محافظة.

أعلن رئيس الجامعة الأردنية، د. خالد الكركي عن قرار انتخاب كامل المجلس وموعده، في خطبة ألقاها الخميس الماضي أمام حشد من الطلاب، وصفها النائب بسام حدادين بخطبة "ثورية" تعلن عن "رحيل مرحلة الوصاية" و"انطلاق مرحلة الحرية".

وبالفعل اختار الكركي الإعلان عن إلغاء نظام تعيين رئيس الجامعة لنصف مجلس اتحاد الطلبة، من خلال خطبة "دونكيشوتية" مثقلة بعبارات قوية، بحسب وصف سياسي بارز فضل عدم نشر اسمه، قال أن الكركي "أراد أن يوحي أن سبب إقصائه المتوقع عن كرسي الرئاسة هو نتيجة هذه الخطبة، لا بسبب ما قيل من أنه جاء إلى هذا الموقع بدعم من رئيس الديوان الملكي السابق باسم عوض الله الذي دفع إلى الاستقالة، فيما يجري تصفية رجالاته، ومن بينهم الكركي، الواحد تلو الآخر".

المصدر نفسه كشف أن "الكركي كان مرشحا من طرف عوض الله ليكون سفيرا للأردن في المغرب، لكن وزير الخارجية السابق عبدالإله الخطيب رفض الترشيح"، مضيفا أن ترشيح الكركي لمنصب السفير ورئاسة الجامعة جاء بضغط من صديقيه اللذين جاء بهما إلى الديوان الملكي مطلع التسعينيات: علي الفزاع وأمجد العضايلة".

الكركي قال في خطبته: "كونوا أحرارا نجحتم أم لم تنجحوا، المهم أن لا تكونوا عبيداً... من أجل هذه الحرية أنني أراهن على موقعي بينكم"، وعبر عن خشيته من "حدوث خلل" قد يضطره إلى "الانسحاب من المشهد". عبارات بدت وكأنها إنذارا بثمن قد يدفعه الكركي لقاء "انحيازه الدائم للخيار الديمقراطي"، كما يراه د. نبيل الشريف.

وإلى جانب الرسائل "الثورية" الموجهة للطلاب كان في الخطبة رسائل "تهدئة". فالكركي سمح بـ"الحرية" ومنع "الفوضى"، وهدد بـ"اجتثاث التخريب وأي تقسيم على أساس عشائري وأي خلل وأي محاولة سياسية للسيطرة على الجامعة الأردنية"، وأمر بأن "يكون يوم الانتخاب نهارا من الورد والشعر والعطاء والسنابل والفرح لأني أعرف كيف أغلق أسوار الجامعة أمام المتطفلين عليها".

و"الحرية" لدى الكركي يبدو أنها لا تتسع للنشاط الحزبي، "والذي يريد أن يعمل في الدعوة فليخرج خارج الجامعة ومن أراد الانضمام إلى الأحزاب فهي خارج الجامعة". وهي عبارات رددها في معظم خطاباته أمام الطلبة.

فهل تتسع "الحرية الموعودة" لمشاركة حركات طلابية، مثل الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة "ذبحتونا" التي رفعت، يوم الأحد، إلى إدارة الجامعة الأردنية تصورها لتعليمات مجلس الطلبة التي تنوي إدارة الجامعة إقرارها. وهو تصور سبق أن أوصلته الحملة إلى الكركي وطلبت لقاءه عدة مرات منذ استلامه رئاسة الجامعة قبل أكثر من عام دون تلقي أي رد، ما اضطرها إلى إيصالها عبر رسالة مفتوحة نشرت في وسائل الإعلام.

لم تحدث أية تغييرات في أنظمة الجامعة الأردنية لصالح الحريات الطلابية خلال رئاسة الكركي، وفقا للدكتور فاخر دعاس، الناطق باسم حملة "ذبحتونا". "لكن يشهد له بأنه لم يكن هناك إجراءات قمعية ضد الطلاب النشطاء. فقد جرت العادة في عهود سابقيه أن يعاقب طلاب بتنبيه أو إنذار أو فصل على نشاطه العام داخل الجامعة".

إلى جانب انتخاب كامل مجلس اتحاد الطلبة، تطالب "ذبحتونا" بـ"إقامة اتحاد عام لطلبة الأردن"، كما كان منصوصا عليه في تعليمات مجلس الطلبة ما قبل عام 2001. وتعتبر الحملة أن الاتحاد العام هو "الإطار النقابي المستقل الجامع لطلبة الأردن وما المجالس الموقعية إلا خطوة مرحلية من أجل إقامة هذا الاتحاد، "تحفظنا على مجلس طلبة الجامعة الأردنية منذ بداياته عام 1991 لأنه جاء تحايلا على اللجنة التحضيرية للاتحاد العام لطلبة الأردن"، يقول دعاس.

وفي آلية التصويت وتقسيم الدوائر الانتخابية، تقترح الحملة تقسيم الدوائر الانتخابية إلى دوائر كبيرة بدمج عدد من الكليـات في دائرة واحدة، وتوزيع المقاعد في الدوائر حسب عدد طلبة كل دائرة، على أن ينتخب نصف أعضاء مجلس الطلبة وفق نظام التمثيل النسبي في الدائرة الواحدة، بحيث ينتخب الطالب بعدد المقاعد المخصصة لكليته، بدلا من نظام الصوت الواحد الذي أقر عام 1995. وتعتبر هذه الآلية "خطوة أولى نحو التمثيل النسبي على مستوى الجامعة، وتهدف إلى جعل الطالب ينتخب وفقاً لقناعاته، وبالتالي نلغي تدريجياً التصويت العشائري والقبلي والطائفي، كما تهدف لزيادة الوعي الطلابي عن طريق تشكيلهم للقوائم الانتخابية والبرامج الانتخابية والتحالفات مما يعزز من الوعي الطلابي وينمي التربية الديمقراطية لدى رجالات المستقبل".

وللحد من "انتشار مظاهر الإقليمية والفئوية في جامعاتنا"، تقترح الحملة إضافة بنود تتعلق بـ"العمل على وحدة الصف وتوثيق عرى الوحدة الوطنية، توثيق العلاقات مع المنظمات الطلابية العربية والإسلامية العالمية، ومناصرة قضايا الأمة العربية والإسلامية وبخاصة القضية الفلسطينية".

وتطالب بشطب المادة التي تنص على "يحضر جلسات المجلس العلنية والسرية مندوب من عمادة شؤون الطلبة"، الذي استحدث في تعليمات عام 2001. وتعتبر هذا البند "من أكثرها تكريساً للعرفية في تعليمات مجلس الطلبة... ولا يعني سوى تكريس التبعية وفرض للوصاية".

وتقترح الحملة إعادة بندا كان موجودا قبل تعليمات 2001، "يجيز للمجلس أن يشكل لجاناً مؤقتة من بين أعضائه للقيام بمهمات محددة... تبعاً للظروف الموضوعية التي يواجهها المجلس، فمثلاً يمكن للمجلس تشكيل لجنة لخفض رسوم الجامعة، أو لإلغاء تعليمات أو قرارات محددة لرئاسة الجامعة، إضافةً لتشكيل لجان لحق العودة أو الدفاع عن عروبة القدس أو التضامن مع العراق... إلخ".

وتطالب كذلك بإعادة بند ما قبل 2001 يتعلق بموازنة المجلس: "منحة مالية تقدمها الجامعة بواقع دينار عن كل طالب مسجل في كل فصل دراسي باستثناء الفصل الصيفي. "إذا كانت هنالك نيّة صادقة لبناء مجلس طلبة حقيقي وفاعل ولا يعقل أن تكون موازنته السنوية 12,500 دينار أردني والتي لا تغطي تكلفة نشاطين أو ثلاثة رئيسيات"، يقول بيان "ذبحتونا".

وفي حال انحل المجلس تدعو الحملة إلى أن تكون هنالك مدة محددة لانتخاب مجلس جديد، وذلك باستبدال جملة "خلال فترة لا تزيد عن الشهرين" بجملة "في الموعد الذي يقرره مجلس الجامعة".

ويتوقع دعاس أن يقتصر التغيير على البند المتعلق بتعيين نصف مجلس الطلبة وتغيير اسم "المجلس" إلى "اتحاد". "استطاع د. الكركي ومن قبله رؤساء الجامعة السابقين أن يظهروا أن المشكلة فقط في جزئية التعيين، وبالتالي بمجرد تغييرها لن يستمع لنا أحد فيما يتعلق بالمشكلات الأخرى".

"بعد ثماني سنوات من تغييب الديمقراطية عن الجامعة، وبالتالي تدني درجة وعي الطلاب، أعطي للطلبة حق الانتخاب في إطار تعليمات مجلس طلبة هزيلة وضعيفة جدا وقانون الصوت الواحد وطغيان العشائرية والإقليمية، لن تفرز الانتخابات مجلسا سليما ولن تعزز الديمقراطية"، يقول دعاس.