خطاطو الانتخابات يحضّرون أقمشتهم البيضاء

الرابط المختصر

يخطون البرامج والوعود على قماش أبيض أو جديدهم الطارئ "فلكس"، ولا يأبهون بما يكتبون..وكل ما يهمهم "الانتهاء من الطلبية وتسليمها بالوقت المحدد"..المرشحون ومناصريهم، ستجدهم يجتمعون في محلات الخطاطين، سعيا نحو دعاية قوية وجاذبة للجمهور الناخب..ولأن الصحف والإذاعات والانترنت طريقة مختصرة للوصول إلى الجمهور وتعريفه بالبرامج والوعود الانتخابية لكن..يافطات الترويج لا تزال هي الأقوى بين وسائل الدعاية..

ولأن الانتخابات البلدية على موعدها في أواخر تموز القادم..فها هم المرشحون يعدون العدة ويجيشون طاقاتهم عبر "دعاية تصل للمواطنين"..

"نتلقى الوعود يوميا من مناصري المرشحين..يقولون لنا سنأتي بمرشح مليان مصاري..يدفع لنا بدون حساب لأجل خط برنامجه الانتخابي عندك"...هذا ما قاله أبو إياد خطاط في الوحدات منذ 35 عاما.

ولأن تعليق اليافطات يحتاج إلى موعد تقره وزارة البلديات، وبأمر من المتصرف في كل منطقة يسمح للمرشحين بتعليق يافطاتهم الانتخابية..فهناك ما لم يصبر على ذلك وقام بتعليقها بين الأحياء والطرقات أو من قام بلصق الأوراق والتي تحمل صور المرشح وعليها صورته وفي أي منطقة هو.

والخطاط أبو إياد يعبر عن سعادته من حرب الدعايات بين المرشحين..لأنها ببساطة تدر مالا وفيرا عليه..ويقول دوما "مصائب قوم عند قوم فوائد"..والانتخابات السابقة خير دليل "كنا نقوم بعد الانتهاء من اليافطات لأحد المرشحين ونعلقها على الطرقات، يقوم مناصرو مرشحين آخرين بإزالتها..وهنا تشتد المنافسة ويطلب منا أن نقوم بإعداد يافطات أخرى وبكميات أكثر، لتكون ردا على التالفة..وهذا فعلا ما حصل في الانتخابات السابقة قبل 4 سنوات"..

مرشحون يختصرون على أنفسهم مبالغ طائلة من اليافطات وبات الانترنت طريقهم في الإعلان، يقول أبو إياد ردا على ذلك "نعم، أدرك أن البعض يعلن على الانترنت والإعلانات الورقية واللاصقة..لكن هناك كثر لا يقتنعون إلا باليافطات البيضاء وبالخط الأحمر والأسود أيضا".

وأبو محمد التيلخ، ينتظر عملا ضخما عند قرب الانتخابات –كما يؤكد-.. وفي دائرته الانتخابية "كلما زاد عدد المرشحين كلما زاد عملنا كخطاطين".

أرق المنافسة
المرشحون يأتون إلى الخطاط المشهور.."لأنهم يعلمون أن خطي بركة وبالتالي يكون مصدرا للفوز..وخاصة عندما يكون الخطاط يعمل في مهنته منذ 40 عاما"..ويقول التيلخ "يزاحمنا في العمل فنانون عراقيون، يقوم المرشح باستئجار فنان عراقي مثلا ويشتري له القماش لأجل أن يخط له برنامجه الانتخابي اختصارا من تكلفة الخطاط الذي يكلفه عادة مبلغا يتجاوز 2000 دينار..بينما العراقي لا يتجاوز من 500 – 1000 دينار فقط".

وما يزاحم عمل الخطاطين ليس فقط الفنان العراقي المتجول..وإنما المطابع الحديثة التي تصدر يافطات حديثة ملونة وعليها صور المرشح ومكتوبة بخط أنيق ورخيص..وهذا ما أشار إليه أبو محمد ويقول: "خط الكمبيوتر زاحمنا في عملنا..وهذا ما حد من اليد البشرية..وبنوع الورق البلاستيكي المطبوع عن طريق الكمبيوتر، ونوعه "فلكس" متقن ورخيص وهذا ما أثر علينا كثيرا، ولست متفائلا من أخذها الجو هذا العام".

ويقسم أبو محمد المرشحين إلى أنواع: المرشح "المقرش" والمرشح "العيان" "المرشح المقرش لا يسأل على الأموال ويدفع على نوع فلكس والقماش وبمبالغ طائلة تتعدى 200 ألف دينار، أما "العيان" يحسبها ويحدد ماذا يريد بمبلغ لا يزيد عن ألفي دينار.

بالمشمش
يحيى، خطاط منذ سنوات، يقول: "الكثير من المرشحين يأتون في هذه الفترة ويحجزون قماشا بكميات لتحضيرها حال البدء بتنفيذ حملاتهم الانتخابية، وهناك نوع يعطينا مبلغا من المال والباقي بعد فوزه وهناك آخرون نصبوا علينا في الانتخابات السابقة ولم يدفعوا الجزء المتبقي لأنهم خسروا..ولهذه الأسباب أنا لن أتعامل مع مرشحين وإن اضطررت فسيكون التعامل مع محددين والدفع مسبقا..حتى لو طلب أحدهم وترجانا فلن نتعاون نهائيا"..

إذاً تجارب الانتخابات الماضية لم تكن بالإيجابية لدى يحيى، ويقول "حينما كنا نكتب برامجهم الانتخابية كنا نضحك ونقول هذا المرشح يضحك على الشعب، ونقول بالمشمش أو بالأحلام الوردية إن حقق ما يطلقه في برنامجه الانتخابي".

والخطاط أحمد في يعمل في محله الكائن "بطلوع المصدار" لديه زبائنه المعتمدين، تأثر عمله من الفنانين المتجولين الذين زاحموه على الرزق.."إن شاء الله يكون يوجد شغل هذا العام، وإذا ما شعرت بضغط في العمل سأعلن عن حاجتي لخطاطين بكفاءة ومهارة، وعندها سيأتي إليا المتجولون".

أن تحكم على المرشح الجيد، فما عليك إلا أن ترى برنامج ترشحه.."إذا بالغ، نقول أنه يكذب على الشعب، أما إذا كان معتدلا، فنقول إن فرصته في النجاح كبيرة لأنه صادق مع نفسه وبالتالي سيكون صادقا مع الآخرين".

متجول
أبو حسام، فنان خط متجول، يقول: "هذا العام أنا متجول بين محلات الخطاطين، والخطاط الذي يكون عليه عمل كثير أساعده. ولعلي أدرك أن العمل في هذه الانتخابات لن يكون في زخمه كما في الأعوام السابقة، لأن المطابع أكلت من مهنتنا، وحدت من وجودنا..للأسف".

أضف تعليقك