خطاب الملك...اﻹصلاح لن يتجاوز لجنة الحوار
لعله من الجدير تسليط الضوء على 3 قضايا تطرق إليها خطاب الملك عبد الله الثاني للشعب اﻷردني مساء اﻷحد، وذلك ليس ﻷهميتها فقط وإنما لجدتها أو لما تحمله من دلالات لاختيار سياق وشكل التعامل مع المرحلة القادمة.
في شق اﻹصلاح السياسي كان واضحاً اعتماد الخطاب لمخرجات لجنة الحوار الوطني والجدية في تنفيذها كأساس للسير في المرحلة المقبلة، بحيث ينهي توافق اللجنة الاحتكام للشارع؛ فيقول الملك أن الرؤية اﻹصلاحية ستبنى على حالة من الديمقراطية والتعددية من خلال خطوات سياسية إصلاحيـة سريعة وملموسة، "بعيدا عن الاحتكام إلى الشارع وغياب صوت العقل”.
وكاعتماد لمخرجات لجنة الحوار ولجنة تعديل الدستور بعد الفتور السياسي حولها، خرجت تأكيدات أنه لا حاجة إلى استرضاء أحد أو الخضوع لشروط أي تيار مشيراً إلى أن التحولات في المنطقة تتطلب التمييز الواعي بين التحولات الديمقراطية المطلوبة والممكنة، وبين أخطار الفوضى والفتن. و بين التحولات الديمقراطية تجاه الإصلاح، وبين توظيفها لخدمة بعض الأجندات الحزبية أو الفئوية خارج السياق العام، وقد تفهم هذه الكلمات كتلميحات لانتهاء الحوار بعد التوافق، بل ورسالة إلى أن سقف الإصلاح لن يتجاوز ما تم الاتفاق عليه في هذه المرحلة.
المختلف في هذه المرة يكمن في محاولة إنهاء مظاهر الاحتجاج بعد توافق لجنة الحوار وقد يرسم شكل التعامل معها، فالملك في مرات سابقة أكد على حرية التعبير من خلال المظاهر السلمية في أكثر من مناسبة، لعل أبرزها الرسالة التي بعثها لمدير اﻷمن العام حسين المجالي والتي أكد فيها على حق المواطنين والتيارات السياسية المختلفة، في التعبير عن آرائهم من خلال المظاهر السلمية بل وضرورة حراسة هذه المسيرات، وإيصال أصوات المشاركين فيها.
أما القضية الثانية المتمثلة في مكافحة الفساد، فلم يختلف الخطاب عما قاله الملك في مقابلته مع قناة الـ "إي بي سي نيوز" اﻷميركية حول اﻹشاعات والاتهامات بالفساد دون دليل، إلا أنه كان اكثر حزما هذه المرة؛ فبرغم تأكيده على محاربة كافة أشكال الفساد إلا أنه وجد من الضرورة إيجاد آلية قانونية للتعامل "مع من يطلقون الاتهامات بالفساد والإشاعات الكاذبة، لاغتيال شخصية الكثير من الأبرياء وتشويه سمعتهم".
وزاد بأن هذا النوع من الاشاعات يشوه سمعة اﻷردن إقليميا ودولياًُ و يؤثر سلباً على جذب الاستثمارات.
كلمات مشابهة إلى حد ما خرجت من رئيس الوزراء معروف البخيت واجهت رفضاً من الفعاليات الشعبية في محافظات الجنوب ولعل هذا يفسر الزيارة المرتقبة للملك بعد الخطاب مباشرة بأقل من 24 ساعة إلى الطفيلة التي قادت دفة الاحجتاجات اﻷخيرة المطالبة بالكشف عن المفسدين.
أما القضية الثالثة، فتتعلق بما فهمه البعض من ربط وإن لم يكن بشكل مباشر بين الشقين السياسي والاقتصادي وتحديداً عند في نهاية الخطاب بتوجيه الشكر لعاهل المملكة السعودية وقادة دول مجلس التعاون الخليجي على ترحيبهم بانضمام الأردن لمجلس تعاونهم.
البعض يقرأ كلمات الشكر التي وجهها الملك بأن الانضمام من شأنه حل المشاكل التي تم ذكرها سابقاً أو تعويض الخلل فيها.