خطابات الكراهية، آن أن تنتهي

الرابط المختصر

هنالك مصطلحات نرفضها حتى وإن لم نكن ندرك معناها الحقيقي، ولكن مجرّد ذكرها يقزّز النفس ويجعل القارئ أو السامع يمقتها ولا يستسيغ مجرّد ذكرها. ومن هذه المصطلحات تبرز «خطابات الكراهية» التي تجمع ضدين معا: بين الخير–الخطاب في أصله كعلامة تواصل بين المتحدث – المرسِل والمستمع – المستقبِل. والكراهية التي هي قتل لملَكة المحبّة التي خصّ بها الله بني البشر.

 

ليس هنالك تعريف قانوني موحد لخطابات الكراهية Hate Speech ولكنّ الأمم المتحدة قد أقرّت تعريفاً عاماً موحدا، فهي «نوع من «التواصل» في الحديث أو الكتابة أو السلوك الذي يهاجم أو يستخدم تحقيراً أو تمييزاً في الكلام تجاه شخص أو مجموعة على أساس هويتهم أو ديانتهم أو قوميّتهم أو جنسيّتهم وأصلهم ولونهم وعرقهم و جنسهم أو أي محدّد آخر للهوية. وهي قد تؤدي، في حالة عدم علاجها، إلى أعمال عنف و’جرائم كراهية‘ hate crimes موجهة ضد مجموعات مهمّشة».

 

هل هنالك مجتمعات محصّنة ضدّ هذا الخطاب؟ بالتأكيد لا، وما أوصل الأمر إلى هذه النتيجة هو انتشار السوشال ميديا أو مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت مع كل أسف هي المنصات الأساسية للخطابات الكارهة – أو خطابات الكراهية. وعوضا عن أن تكون مواقع تواصل، أصبحت في كثير من الأحيان مواقع تقاتل.

 

وكيف يتم العلاج؟ علينا- أي قادة الرأي والأديان والمفكرون وأهل الاعلام والفنون والتربية والتعليم- أن نعمل معاً باتجاهين: الأول علاج من سقط في حفرة الخطابات الكارهة وذلك بإعادة الرونق والمعنى لتقبّل الآخر، بالرغم من الاختلاف عنه. وهذا بدون شك يتطلب رؤى تربوية ودينية عميقة، لاستئصال الافكار السامّة التي تمكنت من ايذاء عقول أشخاص عديدين.

 

وثانياً بوقاية الأجيال الطالعة لكي لا تقع ضحية لمثل هذه الآفات الاجتماعية التي تنطلق من اللسان أو «البوست» المسيء أو السلوك والنظرة والاشارة باليد.

 

إنّ الأجيال الطالعة لها حق علينا بألا تكون ضحية الخطاب المؤذي، وذلك بالتدريب على معنى التعدديّة وواجب التقبّل والتعاون مع الآخرين ومشاركتهم في مناسباتهم، الحزينة – لا سمح الله – والمفرحة. على سبيل المثال، وفيما نقف هذه الأيام على أبواب الأعياد المجيدة والسنة الجديدة، جميل ومهم وضروري ومستحب أن ننشئ الأطفال على عقلية معايدة الآخرين والجيران في أعيادهم، لأن كلمة «كل عام وأنتم بخير» تعني الكثير وتغني المجتمعات بمزيد من الألفة والمودة والسلام.

 

يبقى القول: انّ خطاب الكراهية هو في أصله خطاب الجهل، فمن يجهل الآخر، أو يعرف عنه مجرّد اشاعات وأنصاف حقائق، سيتجه إلى كيل الاتهامات والشتائم وأمنيات الشر، بينما المعرفة الحقيقية هي التي تجعل المرء ينطق دائماً بكلمات الخير والبركة لجميع الناس، جميعهم بدون أدنى استثناء.