خبراء يطالبون بأن يكون تعديل قانون العمل شاملا وليس منقوصا
اتفق خبراء في مجال سياسات سوق العمل على أن التعديلات الحكومية على قانون العمل منقوصة دائما، مطالبين بفتح كافة مواد القانون للنقاش مع إشراك المجتمع المدني في أي نقاش حوله.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية عقدتها مساء أمسِ الثلاثاء حملة المطالبة بسحب قانون العمل، الموجود حاليا في مجلس النواب لمناقشته، حيث تضم الحملة كلا من جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية وبيت العمال، حملت عنوان " تعديلات قانون العمل إلى أين".
النائب وعضو لجنة العمل والتنمية الاجتماعية والسكان أسماء الرواحنة، قالت إن تعديلات قانون العمل الأخيرة تمت بعد استضافة منظمات المجتمع المدني وأصحاب العمل والعمال والمجتمع المحلي.
وأشارت الرواحنة إن قانون العمل يمس جميع فئات المجتمع دون استثناء، لافتة إن التعديلات الأكثر أهمية جاءت في صالح المرأة والشرائح العاملة في القطاعات الأكثر تهميشاً.
وحول بالمادة المتعلقة باستخدام واستقدام العاملين، قالت الرواحنة إن الحكومة قدمت التعديل "باستقدام" دون "استخدام" وهذا يؤدي حَسَبَ الرواحنة إلى ظلم شديد بحق العاملين وانتشار تجارة الرقيق الأبيض وسيطرة لشركات كبيرة من الخارج على العمالة الداخلية.
وألغت التعديلات عبارة استخدام وأبقت على عبارة الاستقدام في مهام المكاتب التي ترخص لتشغيل عمال المنازل وغيرهم، ويقصد بذلك أن يقتصر دور المكاتب في استقدام العمال من الخارج دون التدخل فيما بعد الاستقدام في الانتقال من صاحب عمل إلى آخر، أو أي إجراءات أخرى بعد الاستقدام، وسوف يتسبب ذلك في غموض حول كيفية تحمل المسؤولية تجاه الأطراف بعد الاستقدام، وسيصبح من الصعب السيطرة على عملية الانتقال من صاحب عمل إلى آخر.
وأضافت الرواحنة إن التعديلات تطرقت لمسألة التحرش داخل الشركات والمؤسسات وتم إضافة مصطلح التحرش في التعديلات وجاء هذا التعديل بعد حوار معمق داخل لجنة العمل.
المحامية والنائب السابق وفاء بني مصطفى قالت إن قانون العمل بحاجة إلى تعديل كامل وشامل على غرار تعديل عام 1996، والكف عن التعديل المجتزء وبالقطعة الذي يخلق حالة تعارض مجتمعي في بعض الأحيان إذ إن بعض التعديلات تكون إيجابية وبعضها سلبية ما يؤدي لدس السم بالعسل حَسَبَ بني مصطفى.
وأشارت بني مصطفى لضرورة تمرير هذه التعديلات إذ لا تقدم الحكومة كل يوم مشروعاً لقانون العمل يتضمن إلغاء المادة 69 و إضافة تعريف للتحرش في بيئة العمل، واعتبرت بني مصطفى إن كل تعديل قانون العمل عام 2019 كان إيجابيا في بعض جوانبه مثل إلغاء تصاريح العمل لأبناء الأردنيات وتوفير حضانات للأمهات العاملات وسلبيا في جوانب أخرى مثل المواد التي حدت من صلاحيات التنظيم النقابي وهذا يؤدي دائماُ إلى حالة من الجدل في أوساط المجتمع المدني والمختصين في قضايا العمل.
وأكدت بني مصطفى أن مجلس النواب غالبا ما يوضع أمام خيارات صعبة وضيقة، وأضافت بني مصطفى أن التعديلات المجتزئة تحدث الكثير من الضرر والقليل من المنفعة داعية إلى فتح الحوار المجتمعي لمناقشة كامل بنود قانون العمل، وبينت بنى مصطفى أن 95% من عمال الأردن خارج إطار التنظيم النقابي ولا يحق لهم أن ينظموا أنفسهم ما ينم عن ضعف لدى صناع القرار في هذا الإطار.
مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض قال إن قانون العمل له أدوار مركزية في بث وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وأوضح عوض إن قانون العمل عُدل أكثر من عشر مرات خلال آخر ربع قرن وغالبية التعديلات التي تم اجراءها كانت تراجعية ولا تصب في صالح العمال.
وأضاف إن قانون العمل يجب أن يكون مستقراً، وأن لا يتم الاستمرار في اجراء التعديلات المتتالية، مشيراً أن القانون الحالي ضعيف واقل متانة من قانون عام 1962، وعبر عوض عن ضرورة رد القانون الحالي من قبل مجلس النواب ودعوة الحكومة لفتح حوار اجتماعي شامل مع مختلف الأطراف الفاعلة في قطاع العمل لتطوير مسودة قانون تتناسب ومعايير العمل الدولية الحديثة المتعارف عليها عالمياُ.
وشدد عوض على ضرورة أن يحفظ قانون العمل حقوق مختلف الأطراف من عاملين وأصحاب عمل لكن التعديلات الأخيرة على القانون حَسَبَ عوض نزعت منه أدوات انفاذه خاصة في ظل القيود المفروضة على النقابات والعمل النقابي، وأوضح عوض أن التعديلات الأخيرة أدت إلى زيادة الانتهاكات العمالية في ظل غياب للرقابة الحكومية وعدم قدرة على إنفاد القانون إذ يتعرض عشرات الآلآف العمال لانتهاكات تتلعق بالأجور وبغياب مظلة الحماية الاجتماعية في ظل ضعف التمثيل النقابي للعمال.
وقال إن قانون العمل يجب أن يؤدّي دوراً في محاربة الفقر والبطالة والتفاوت الاجتماعي، وشدد عوض على ضرورة تعديل شروط العمل في القطاع الخاص التي تعتبر بائسة وتنتهك أبسط حقوق العاملين مقارنة بالقطاع العام الذي يشهد العاملين فيه استقراراً وظيفياً، ودعا عوض إلى ردم الفجوة بين القطاعين العام والخاص ما سينعكس إيجابا على العجلة الاقتصادية عبر التحاق الشباب بشكل أكبر في سوق العمل في القطاع الخاص.
وبين أن التعديلات التي طرأت على قانون العمل حرمت العمال الغير ممثلين بنقابات عمالية من المفاوضة الجماعية و النزاع العمالي، وقال عوض إن التعديلات الأخيرة في مجال التنظيم النقابي لا تتناسب مع المعايير الدولية، فضلاً على الحالة الكارثية للنقابات العمالية إذ إن بعض النقابات لم تجري انتخابات منذ عشرات السنين، وفيما يتعلق بالمادة 98 التي تعطي الحق للوزير بتأسيس وحل النقابة دعا عوض إلى إعادة النظر إليها بشكل كامل إذ إنها تقييد العمل النقابي، وأشار عوض لانتشار ظاهرة التوريث في المنظمات النقابية إذ أصبح هناك منافع للعمل النقابي واعتبر عوض توسع وانتشار هذه الظاهرة مسألة خطيرة وبحاجة إلى معالجة جدية.
وقال عوض إن منظمة العمل الدولية قادت حوار قبل عدة أعوام مع الحكومة وأصحاب العمل والمنظمات النقابية وتم تطوير مسودة قانون عمل من أفضل القوانين لكن تم وضعه في الأدراج ولم يتم إرسال لمجلس النواب لمناقشته.











































