خبراء : احتجاجات طلبة "التوجيهي" تستدعي إعادة النظر بمعايير الامتحانات
"لا يوجد وقت كاف، لم تراعي الاسئلة الفروقات الفردية، الأسئلة من خارج المنهاج" عبارات احتجاجية تصدرت من طلبة الثانوية العامة مع نهاية تقديمهم لامتحاناتهم، هذا الأمر يرى فيه خبراء في مجال التعليم مشكلة تتطلب التوقف عندها للعمل على تجاوزها لتفادي تكرارها في امتحانات الأعوام الدراسية القادمة.
واختتم طلبة شهادة الدراسة الثانوية العامة "التوجيهي"، اليوم آخر امتحاناتهم لدورة 2024، وسط أجواء لا تخلو من الفرحة والاحتفالات، بعد أن تخلصوا من عبء ثقيل كان يشكل لهم قلقا وتوترا، سواء للطلبة وذويهم.
الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات يصف مرحلة "التوجيهي" بالهم يثقل كاهل المجتمع والطلبة وذويهم، ومصدر قلق لوزارة التربية والتعليم، نظرا لصعوبة وصول الوزارة إلى آليات إعداد اختبار جيد.
لذلك، يشير عبيدات إلى أن ردود فعل الطلبة بعد الخروج من قاعات الامتحان، بين سهولة وصعوبة الأسئلة وكفاية الوقت المخصص لها، يدل على أن المعايير التي تضعها إدارة الامتحان ليست موحدة ولا تنطبق على جميع المواد الدراسية.
يرى أن هذه النتائج هي ثمرة لنظام تعليمي يعاني من قصور، إذ أن وجود طلاب لا يستطيعون القراءة أو الكتابة يشير إلى تقصير من قبل المعلمين، ووجود مناهج بلا قيمة، ومدارس لا تؤدي دورها بشكل صحيح، فالتوصيف الصحيح هو أن الطلاب لم يتلقوا تعليما جيدا.
في مقال للكاتبة والمستشارة التربوية الدكتورة ريما زريقات، تشير إلى أنه المشكلة ليست في محتوى مقرر الثانوية العامة، فالطالب يدرس المحتوى ويفهمه ويحفظ قوانينه وعلاقاته لكنه يواجه الصعوبة في أن المنهاج يبنى تراكمي والمعرفة تراكمية، موضحة أنه ما زلنا نقول ما أحوجنا لمن يضع كفه على الجرح التعليمي لتحديد الخلل وتشخيصه ومعالجته بعيدا عن أي علاقات ومجاملات وغيرها.
في تصريحات لوزير التربية والتعليم الأسبق، محمد الذنيبات، كشف عن وجود نحو مائة ألف من طلبة الصفوف الدراسية الثلاثة الأولى، لا يستطيعون القراءة أو الكتابة، كما صرح وزير التربية التعليم الحالي عزمي محافظة، بان هناك طلبة في الصف العاشر لا يعرفون القراءة والكتابة ما يؤكد وجود خلل في المنظومة التعليمية وفقا لخبراء في مجال التعليم.
6 عقود على "التوجيهي" دون تطوير
عقد أول امتحان "توجيهي" في عام 1962 بالتزامن مع تأسيس الجامعة الأردنية كأول جامعة في المملكة، ما يعكس رؤية الأردن لأهمية تطوير أداة التقييم التي كانت سائدة منذ العام 1934 تحت مسمى (المترك)، ليتحول الامتحان إلى شهادة الدراسة الثانوية العامة "التوجيهي" التي عقدت دورته الاولى عام 1962 تبعها تعديلات على نظام الفصل والفصلين واستحداث أو إلغاء فروع وفقا لمتطلبات كل مرحلة زمنية.
حتى يومنا هذا، استعرضت وزارة التربية والتعليم العديد من الخطط لتطوير (التوجيهي)، والتعليم المهني، وتحسين البيئة المدرسية، وتدريب المعلمين، كجزء مهم من النهوض بالعملية التعليمية، والتخفيف من الضغوطات التي يواجهها الطلبة.
يرجع عبيدات عدم تطوير "التوجيهي"، لعدم قدرة الوزارة على وضع الأسئلة المناسبة خوفا من تسريبها قبل الامتحان بوقت، ما يدفعها للتمسك بسياسة تحافظ على هذا الوضع.
كما يشير إلى أن أغلب الطلبة يشتكون من أن الامتحان لا يراعي الفروقات الفردية، موضحا أنه لا يمكن لامتحان عام أن يراعي هذه النقطة نظرا للفروقات الهائلة بين البيئات التي يقدم فيها امتحان التوجيهي، بمعنى آخر، تختلف بيئة عمان عن المحافظات، حيث تتفاوت جودة التعليم بين المدارس، مما يجعل من الصعب تلبية كافة هذه الفروقات في المجتمع.
بنك للأسئلة خطوة نحو التطوير
في خطوة يرى فيها خبراء في التعليم نحو تطوير امتحان " التوجيهي" في الاتجاه الصحيح، هي إعلان الوزارة أن النظام الجديد يشمل بنك للأسئلة.
توضح المدير التنفيذي للمركز الوطني لتطوير المناهج الدكتورة شيرين حامد، أن بنك أسئلة اختبارات الثانوية العامة "التوجيهي" هو جزء من عملية تطوير امتحان الثانوية العامة بشكل عام وهو مقترح وافق عليه مجلس التعليم، مشيرة إلى أنه سيكون لكافة المباحث الدراسية للصف الحادي عشر "النظام الجديد" والصف الثاني عشر أيضا.
وتضيف إلى أن المركز سيقوم باختيار مجموعة من الكوادر الإشرافية بالتنسيق مع إدارة الامتحانات والاختبارات في الوزارة وسيتم تدريبهم على بناء الفقرات الاختيارية أو الأسئلة التي لها أسس من قبل شخص مختص في هذا المجال بتدريب الكوادر على فَنّيات كتابة الأسئلة ومراحلها وفق برمجية بنوك الأسئلة.
موضحة أن وزارة التربية اعتمدت برمجية لاستخدامها لغايات تخزين الأسئلة ومراجعتها وتدقيقها علميا وفنيا قبل إقرارها لتكون ضمن تجمع الأسئلة، إذ من المتوقع أن يتم تجهيز ما بين 800 إلى 1000 سؤال لكل مبحث ليتم استخدامها في تكوين نماذج من الأوراق الاختبارية المتكافئة والتي تحقق العدالة وتناسب مستويات الطلبة كافة.
وفيما يتعلق بتطبيق بنوك الأسئلة، قالت إنه سيتم البدء بالتطبيق اعتبارا من العام الدراسي المقبل لطلبة الصف الحادي عشر الذين سيجلسون للسنة الأولى لامتحان الثانوية العامة بأربعة مباحث؛ هي اللغة العربية، واللغة الإنجليزية، والتربية الإسلامية، وتاريخ الأردن، وستكون الأولوية الأولى للثانوية العامة وهو برنامج تطويري طموح تقوده وزارة التربية والتعليم ويساعدها المركز.
وتشمل خطط الوزارة التطويرية لامتحان التوجيهي خلال العام المقبل ، توزيع الطلبة إلى مهني أو أكاديمي بعد الصف التاسع و.أن الطالب الأكاديمي سيدرس في الصف العاشر مواد علمية وإنسانية مشتركة، ويبدأ باختيار مواد متخصصة حسب الرغبة بالدراسة الجامعية اعتبارا من الصف 11 و12، إذ يدرس الطالب في الصف 11 مواد الثقافة العامة المشتركة إضافة إلى المواد الاختيارية، وفي الصف 12 يدرس الطالب المواد الاختيارية التي تحدد التخصص الجامعي ضمن مسارات، وسيتم تقديم التوجيهي بحسب النظام الجديد على سنتين بعد الصف 11 (أربع مواد وهي المواد المشتركة) وبعد الصف 12 (أربع مواد وهي المواد الاختيارية/ التخصص).