حملة أردنية للتخفيف من التلوث الضوضائي

حملة أردنية للتخفيف من التلوث الضوضائي
الرابط المختصر

تتقاطع الأصوات في بعضها أو تختفي قليلا ثم تعود إلى أذن المتلقي أخيرا؛ فهذا شاب عشريني أقدم على ثقب "أكزوزت" سيارته، محُدثا صوتا لا يختلف كثيرا عند إدارة محرك السيارة، وهناك آلات ميكانيكية في مصنع لا تكف عن التوقف أبدا.

إنها الضوضاء السمعية في العاصمة عمان، لا تترك مكانا إلا ولها وقعا صارخا على آذان الناس، وآذانهم تتقبل الأصوات على اختلافها، مؤثرة على أداء الإنسان، وصحته الجسدية والنفسية.

بشهر حزيران العام 2009، أطلق مجموعة من الناشطين حملة لمحاربة التلوث الضوضائي في العاصمة عمان، من خلال التعريف بمخاطر الإزعاجات الصوتية أو ما تسمى بالتلوث الضوضائي، "ببساطة يخف السمع بعد تراكم حصيلة فترة طويلة من سماع الضوضاء وأداء سيء لسمع الإنسان"، يقول الطبيب سيجال السرحان، اختصاص جراحة أنف إذن حنجرة.

شركة الأصالة للدعاية والإعلان وبشراكة مع الشرطة البيئية وإدارة السير المركزية والصندوق الأردني الهاشمي، وجمعية الشابات المسيحيات وأطباء فرديين وناشطين، ينفذون الحملة، والتي تستهدف في مرحلتها الأولى المدارس الأردنية، حيث مجتمع الطلابي الأكثر تأثرا بالتلوث الضوضائي؛ فنتائجه مباشرة على مدارك الطلبة وأداؤهم في الدراسة.

الدكتور السرحان، يؤكد في حديثه معنا عن تأثير الإزعاج الصوتي على الأذن ما يؤدي على المدى البعيد فقدانا جزئيا أو كليا للسمع، ويقول "التعرض المستمر للضوضاء يسبب تلفا في بعض الخلايا الميكروسكوبية الموجودة في الأذن الداخلية والذي يحّول الصوت من طاقة صوتية إلى ذبذبات أو إشارات تنتقل إلى العصب السمعي إلى الدماغ".

الأحوال الصحية هي مبرر الحملة، وتشرح منسقة الحملة هانيا قاقيش ذلك بالقول أن "التلوث الضوضائي أحد أبرز مشاكل الحياة المدنية حيث لها تأثير مباشر على الصحة العامة وتحديدا الطفل. هذه الحملة ستبدأ تدريجيا في المدارس ثم تتوجه إلى المواطنين بشكل عام، عبر وسائل الإعلام المختلفة.

ماذا عن المواطن؟

تقبل المواطنين قد يشكل عائقا لدى منفذي الحملة، وهنا ترى قاقيش أن الموضوع جديد "هو تحد كبير لنا فهناك آثار كبيرة يخلفها الضجيج وعلينا توضيحها للعامة لكي يدركوا مقصد الحملة".

استطلعنا آراء مواطنين حول هدف الحملة، حيث تباينت آراؤهم بين مؤيد لها وبين من أعتبر أن هناك أولويات كأن تقام حملات للحد من ارتفاع الأسعار والضرائب.

أحمد الشمالي، أعتبر أن هناك أولويات عند المواطنين غير القضاء على الضوضاء، "منها على سبيل المثال المطالبة بتخفيض الأسعار وحماية المستهلك من عجلة الارتفاعات".

لكن السيدة إيمان المغارير وجدت في الحملة فرصة لحث المواطنين الكف عن إطلاق زامور مركباتهم، وتقول: "منزلي قرب الشارع الرئيس، حيث لا تكف السيارات عن إصدار إزعاجها وأيضا أصوات أجهزة التلفاز المرتفعة دوما عند الجيران ما سبب لي العصبية المستمرة على أولادي".

ما الذي يمكن عمله؟

يمكن السيطرة على التلوث الضوضائي بعدة أساليب، وتوضح قاقيش أنهم يهدفون إلى تقليل الأثر وليس المنع لأنه صعب، "منها التقليل من الصوت في مصدره، واستبدال الآلات الثقيلة بآلات أكثر هدوءً".

الدكتور سيجال يبتعد في حديثه عن الأضرار الجسدية، ويشير إلى الآثار النفسية على الإنسان، بالقول "أعراضها تتلخص بتوتر دائم وقلق وفقد التركيز والشهية وارتفاع الضغط وزيادة عدد نبضات القلب انتهاءً بضغط الدم".

 

ويبحث الدكتور سيجال بوصفه عضوا في الحملة مع نقابة المهندسين حول ضرورة تطبيق كودة البناء المنفذة ومدى موائمتها مع المعايير الدولية المراعية للحد من التأثيرات السلبية للأصوات في الغرفة، من حيث العزل وارتفاع الأسطح في القاعات لحدود 6 أمتار منعا للصدى.

وتطالب الحملة الجهات ذات العلاقة بتفعيل العقوبات تجاه مصدري الأصوات المزعجة وتحديدا في هذه الفترة من الصيف، والتي تشهد أعراسا صاخبة في الأحياء تستمر حتى ساعات متأخرة ومن هنا يأتي دور الشرطة البيئية في مراقبة الأحياء.

وفق الحملة فهناك معاناة مضاعفة في المجتمعات المدنية من الإزعاج الصوتي وهي كفيلة بالتسبب بإحداث فقدان دائم للسمع، وتبرز بشدة لدى عمال المصانع الذين يعملون على تشغيل الآلات وبعضهم تحت سن الثامنة عشر.