"حكومة بخيلة"!
نشرت قناة الجزيرة قبل ايام تقريرا حول تقرير مجموعة الازمات المتعلق باللاجئين العراقيين الذين خرجوا من بلادهم بحثا عن الامن والاستقرار الذي اهدره الاحتلال والقتل الطائفي, ووصفت مجموعة الازمات الحكومة العراقية بالحكومة البخيلة وذلك في سياق استعراض جهودها في مساعدة الملايين من العراقيين المهاجرين.وتتحدث مجموعة الازمات الدولية ان الحكومة العراقية دفعت فقط (25) مليون دولار لمساعدة اللاجئين من مواطنيها في اكثر الدول استقبالا لهم وهي الاردن, سورية, لبنان, مصر. وهذا المبلغ المتواضع استحقت معه الحكومة العراقية لقب الحكومة البخيلة. ولو كان الاشقاء العراقيون في بلادهم لاحتاجت الحكومة ان تنفق مئات الملايين من الدولارات لتقديم الخدمة لهم من تعليم وصحة وخدمات معيشية ووظائف وبنية تحتية, لكن الحكومة العراقية التي تبلغ موازنتها السنوية اكثر من (70) مليار دولار, ولديها مقدرات بترولية كبيرة تحب ان تمارس البخل بحق مواطنيها, وجمعت عليهم الى جانب التهجير بخلا في مساعدتهم او تقديم عون للدول المستضيفة وبخاصة ان الدول الاكثر استضافة وهي مصر وسورية والاردن ولبنان ليست دولا مرتاحة ماليا بل لديها مشكلات اقتصادية.
وما ساعد الحكومة العراقية على عدم اداء دورها ان جزءا من هذه الدول لا تمارس عليها ضغطا حقيقيا لدفعها لاداء واجبها تجاه مواطنيها المهجرين. ولعل ما قاله احد المسؤولين الرسميين الاردنيين عند اجابته حول ما اذا كانت الحكومة العراقية قد استجابت للطلب الاردني بدفع (100) مليون دولار للاردن كجزء من مساعدة المهجرين العراقيين مؤشر سلبي. ما قاله هذا المسؤول ان الموضوع لم يكن جزءا اساسيا من المباحثات خلال زيارة نوري المالكي الى عمان قبل اسابيع, فالحكومة العراقية تطالب العرب بشطب ديون الدول على العراق وتطلب الكثير مما تعتقد انه يساعدها لكنها لا تقوم بواجبها تجاه مواطنيها. ولهذا فان المبلغ الذي قدمته للاردن كان (8) ملايين دولار رفض الاردن استلامها وطلب تحويلها الى الجهة الدولية المختصة بشؤون اللاجئين.
وما ذكرته مجموعة الازمات ان هناك اهمالا كبيرا تمارسه الحكومة العراقية للنازحين من الشعب العراقي داخل العراق, وهم الذين خرجوا من مدنهم واحيائهم تحت ضغط القتل والعنف الطائفي, وهم يعيشون في ظروف معيشية صعبة في خيام ولا يجدون ما يستحقون من حكومتهم لتأمين احتياجاتهم, والاهم تأمين عودتهم الى مدنهم وقراهم وبيوتهم.
الحل الحقيقي للاشقاء من اللاجئين والنازحين من ابناء العراق ان يعودوا الى وطنهم, ومن يبقى منهم في الخارج يكون مغتربا مثل اغتراب اي عربي خارج وطنه, ومع تحسن الوضع الامني هناك عودة من فئات من المهاجرين الى وطنهم, لكن واجب الحكومة العراقية ان تقف الى جانب مواطنيها وتسهل سبيل العودة لملايين المواطنين هؤلاء؛ لا ان تترك الامر فرديا. فهناك فئات واسعة من الاشقاء العراقيين في وضع اقتصادي صعب ويحتاجون الى كل مساعدة ليعودوا آمنين مطمئنين الى بلادهم, ونتمنى لو كان بخل الحكومة العراقية في ملف اللاجئين مساويا للانفاق بشراهة في ملفات اخرى مثل الفساد او ما تحصل عليه شركات سلطة الاحتلال, ويكون ما انفقته لخدمة مواطنيها في الدول العربية ومساعدة الدول المستضيفة على الاقل بقيمة صفقة اليورانيوم التي استولت عليها قوات الاحتلال وباعتها لشركات كندية.
* الغد