حجرا عثرة أمام موهوبين من ذوي الإعاقة ..

الرابط المختصر

بقعة ضوء كانت تنتظر العشرينية نهى أبو غالي الصيف الماضي، وردتها مكالمة هاتفية من مديرة مركز التأهيل في منطقة البقعة، أعلمتها عن عقد ورشة للفنون في مركز الفنون الجميلة بعمان.

الترتيبات التيسيرية في مركز الفنون وتوفر باص خاص لمركز التأهيل يقلها يوميا وزميلاتها، كان أحد الأسباب التي دفعتها لتأكيد المشاركة، ظلت روحها تواقة لتنمية موهبتها واكتساب الجديد، تقول نهى وهي من الاشخاص ذوي الإعاقة الحركية" اللحظة الي يكتشف فيها الإنسان موهبته ويلاقي تقدير لحظة ما تنسى" 

خلال عشرة أيام، بدأ الحلم يكبر في رأس نهى تصف سعادتها، بالقول:" صراحة ما توقعت إني أبدع للدرجة، شكلت بايدي فازة وصحن وكوب.. صار حلمي معرض تحف أستقل فيه" ولكن مع انتهاء  الورشة تعثر حلمها بحجرة الوصول، رغم ما جاء في  قانون رعاية الثقافة رقم 36 لعام 2006 وتعديلاته المادة 3  ( ب ) والمادة 4 ( و ) ما يضمن حقوق نهى وغيرها من ذوي الموهبة، من توفر مناخ إبداعي ورعاية المبدعين في الأردن، ورعاية الإبداع الفكري والثقافي والفني وإبرازه ونشره.

 

 

غياب الديمومة

 

تبدي مديرة مركز البقعة للتأهيل المجتمعي السيدة ماجدة الاسطة أسفها لتوقف خطى نهى الفنية وتقول: "الموهوبين بحاجة لمتابعة  لديمومة، عملت ما بالايد ومركزنا تمويله تطوعي  مافي ميزانية والخزف يتطلب توفر فرن ومواد ".

 

تبحث أبو غالي  عن حاضنة لإبداعها، حالها حال عبد الله العجالين، وهو ناشط ثلاثيني  بمركز شبابي في الأغوار الجنوبية لديه إعاقة حركية، نمى موهبته في الجمعية الوطنية للتأهيل المجتمعي وتميز بالرسم على بيض النعام، وجهت له دعوات فردية لتنفيذ أعمال فنية، ولكنه لم يشارك بمعارض، يعلل ذلك بالقول" لأني بمنطقة الأغوار الجنوبية ما في بيئة ثقافية خصبة ولا قدرة مالية، عكس عمّان،  وما قدرت أشارك بسوق جارا "  يتمنى العجالين  أن تشرق شمس موهبته ويطلع عليها الجميع.

 

بالاطلاع على الهيئات الثقافية في الأردن التابعة لوزارة الثقافة يتبين تمركز نصفها في العاصمة عمّان، ولقد  بلغت الموزانة الرأسمالية لنشر النتاج الفني والثقافي ودعم الابداع  400,000ألف دينار العام الماضي من أصل 7,266,000 خصصت للمهرجانات وإنشاء مراكز ثقافية ،  أما الجمعيات التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية ممن تقدم أنشطة فنية فكانت  25 من أصل ٢٤٨ جمعية تعنى بهم دون تحديد توزيعها على المحافظات.

 

 

تواصلت  معدة التقرير مع  الاستاذ أحمد العون مدير مديرية الترويج والتسويق الثقافي بوزارة الثقافة ، ليظهر أن ثمة دور محوري للوزارة  لكنه لا يرتكز على ديمومة، يقول العون" تقدم الوزارة  تسهيلات  لوجستية وتدريب على الفنون تؤمن مواد الرسم ومدرب متخصص، ينتهي يشهادة " ويؤكد على دور مديريات الثقافة في دعم الموهوبين من ذوي الاعاقة في المحافظات من  أنشطة ومهرجانات، وبحسب العون  تخرج من معهد الفنون الجميلة  8 فتيات من ذوي الإعاقة السمعية يقطن في عمّان  خلال الفترة 2017-2023م

 


 

 

طلبت معدة التقرير احصائيات لعدد الموهوبين من ذوي الإعاقة، ليأتي الرد على لسان كل من وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للأشخاص ذوي الإعاقة " لا تتوفر  احصائيات في الأردن".

 

مخاطر نفسية 

يوضح الدكتور أمجد الجميعان استشاري أول في الطب النفسي  أهمية رعاية الموهوبين بالقول: "أهم شيء بموضوع رعاية المواهب الاعتراف بالبداية أن الشخص موهوب، لنشجع الموهبة، الأمر الثاني وهو الأهم تقدير الموهوب بغض النظر عن الواسطة والمحسوبية.." وأكد  الجمعيان لوجوب النظر للموهبة كعمل مستقل وإنتاج وحاجة أساسية، أما عن الأثر النفسي لغياب دعم ذوي المواهب،  فيقول:" يخلف عدم الاهتمام شعور الشخص بالإحباط وعدم الرغبة في تنمية مواهبه أو الاستمرار حتى في حياته، لأنه يفتقد التقدير".

إستمع الآن

المجلس الأعلى على قدم وساق

يجتهد المجلس الأعلى للأشخاص ذوي الإعاقة لترسيخ حقوقهم بدءَا من المادة (38) من قانون الاشخاص ذوي الإعاقة لتمكين الوصول إلى الفنون، يقول رأفت الزيتاوي الناطق باسم المجلس: "أهم ما قام به المركز رفع كتاب لرئاسة الوزراء للتعميم على المؤسسات الحكومية اعتماد منتجات الموهوبين من ذوي الإعاقة كجوائز عينية، كما وقعت مذكرة تفاهم بين المركز ومجلس الموسيقي ليكون دامج، ويتم افتتاح معارض لهم  ولقاءات مستمرة مع الأمير مرعد.

يقترح الزياتي على مركز البقعة للتأهيل وساطة المجلس بتشبيك الجمعية مع منظمات مانحة لدعمها ورفع قدراتها لفتح مشاريع للموهوبين، استنادا لأساس حقوقي لذوي الإعاقة.

حلم نهى في الجوار

يتفق عبدالله ونهى بأن الحلول الآنية لا تجدي ويحلمان بتسهيلات أكبر شيء جامع على حد تعبير نهى، في تصفح سريع خلال غوغل، لمحت ما قصداه، تجربة سعودية رائدة، فلقد أطلق المؤتمر الدولي الأول للموهوبين من ذوي الإعاقة برعاية جمعية إرادة للموهوبين – اسست 2018- في السعودية وهي الأولى من نوعها على مستوى العالم، من أبرز أهدافها تقديم دعم مادي ومعنوي  وصقل مواهبهم لتعود عليهم بالاكتفاء بقدراتهم.

فمن يتبنى التجربة في الأردن سيرسخ حقوق الأشخاص الموهوبين من ذوي الإعاقة لينهض بإبداعاتهم، فهل نرى دور يخصهم ويروي شغفهم؟

أضف تعليقك