جنازة "جميل عواد": بثّ مباشر ينتهك حُرمة الميت وخطاب كراهية يتصدّر "التواصل الاجتماعي"
عرضت وسيلة إعلام مرئيّة عبر خاصيّة البثّ المباشر على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" جنازة الفنان الأردني "جميل عوّاد"، وأظهرت لقطات تفصيليّة للحظات الصلاة عليه والتي جرت داخل كنيسة، بما فيها تصويره داخل التابوت بلقطة قريبة، مرتكبةً مخالفة أخلاقيّة تَمثّلَت بانتهاك حُرمة المتوفى وعدم احترام خصوصيّة الموت والمشاعر الإنسانيّة المرافقة له.
وتتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" صورًا ومقاطع مصوّرة للمراسم وصل بعضها إلى المقبرة، بالإضافة إلى بثّ مباشر لقناتين تلفزيونيّتين، الأولى اعتمدت لقطات قريبة وركّزت على مشاعر ذوي المتوفّى، والأخرى التزمت التصوير عن بعد مكتفية بأخذ لقطة عامّة للجنازة لا تُظهر من خلالها أيّة وجوه.
وأشار الدكتور صخر الخصاونة أستاذ التّشريعات الإعلاميّة والأخلاقيّات الصَّحفية في تصريحٍ سابقٍ لـ"أكيد" إنّ القاعدة العامّة هي أنّه لا يجوز تصوير الجنائز أو نشر وقائعها؛ لأنّها تمسّ مشاعر أهل الميّت، مُنوّها إلى أنّه رغم أنّ الجنائز تجمّعات عامّة إلّا أنّها تُعامَل معاملة المناسبات الخاصّة.
وأضاف: "في بعض الأحيان، مثل جنازات الشّخصيّات الرّسميّة، يجوز نقل الوقائع لكن ضمن محاذير، مثل أن تكون الصّورة بعيدة، وأن لا تظهر صورة الجثمان، وأن لا يتمّ تصوير مشاعر الحزن بين الحضور".
ووفقاً للخصاونة، فإنّ شرط السّماح بنقل وقائع الجنازات هو أن لا يتمّ خدش حُرمة الأموات، وأن لا يؤثّر هذا النّقل على أهل الميّت لاحقاً.
ويلعب الإعلام دورًا هامًّا في نقل الوقائع إلى الجمهور المتلقّي، ويُشترط بذلك مراعاة أخلاقيات التغطيات الصحفية لمثل تلك الحالات، خاصّة عند تصوير الجنائز وإجراءات الدفن، انطلاقاً من مراعاة جوهر العمل الصحفي الذي يقوم على حفظ كرامة الإنسان وخصوصيّته في مواقف الضعف الإنساني، وأن يلتزم الصحفيّون أن يكونوا بعيدين عن المراسم كاملة بحيث يتضمّن التصوير مشهداً عامَّاً خالياً من الوجوه أو مثيرًا للمشاعر، بموضوعيّة بعيداً عن اختراق خصوصيّة المحزونين.
يُذكَر هنا أنَّ "أكيد" اقترح دليلاً للتغطية المهنية لموضوعات "الوفَيَات" ليساعد الصحفيّين على القيام بدورهم في هذا المجال بطريقة مهنيّة صحيحة.
خطاب كراهية و"التواصل الاجتماعي"
وتسبّب البث المباشر الي عرضته قنوات تلفزيونيّة لمراسم الصلاة على جثمان عوّاد خطاب كراهيّة رصده "أكيد" ضمن التعليقات على "فيديو" البث.
ويعرَّف خطاب الكراهية بأنَّه التعبير قولاً أو كتابةً والذي يهدف إلى الانتقاص من كرامة الشخص أو التحريض عليه بناءً على الدين أو الجنس أو الجنسية أو التوجه السياسي أو النوع الاجتماعي وغيره بهدف الإقصاء.
وقامت وسيلة إعلام واحدة بترك التعليقات المسيئة التي تناولت المتوفّى وعائلته دون تنقيتها أو حذف المسيء منها باعتبار أنَّ "فيسبوك" يسمح بعدم وضع التعليقات وفق رغبة النّاشر أو "فلترتها" بعد إخضاعها للرقابة.
وأشار مختصّون لـ "أكيد" في وقائع سابقة مشابهة، إلى أنَّ هناك مسؤوليّة أخلاقيّة تلحق هذه الوسائل للسَّماح بمثل هذه التَّعليقات، بينما لا تلحقها المسؤوليّة القانونيّة، والتي تطال صاحب التَّعليق فقط، وِفق قانون الجرائم الإلكترونيّة، والذي جاء في المادة 11 منه:
"يُعاقَب كل من قام قصداً بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتيّة، أو الموقع الإلكترونيّ، أو أيّ نظام معلومات، تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أيّ شخص، بالحبس مدّة لا تقلّ عن ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن 100 دينار ولا تزيد على 2000 دينار".
وهُنا يلفت "أكيد" نظر مستخدمي شبكات التَّواصل الاجتماعي، والمُعلّقين على أخبار وسائل الإعلام عبر صفحاتها العامة، إلى المسؤوليّة القانونيّة التي تلحق المعلِّق حسب قانون الجرائم الإلكترونيّة، وهي المسؤوليّة التي تفرِض عليهم ضرورة الانتباه إلى مضمون محتوى التعليقات التي ينشرونها، والابتعاد عن التعليقات المسيئة والجارحة، أو تلك التي تحمل في مضامينها شكلاُ من أشكال خطاب الكراهية.