جرة غاز واحدة لا تكفي!

جرة غاز واحدة لا تكفي!
الرابط المختصر

يبث شريط الأخبار أسفل شاشتي الجزيرة والعربية خبرا هاما عن الأردن أهتم به العرب جميعا عدا الأردنيين الذين تسمروا أمام تلك الشاشات.الخبر كان كالآتي: (الأردن عازم على زيادة سعر جرة الغاز إلى تسعة دنانير وتسعين قرشا) وفي هذه الأثناء كان أبو أحمد صاحب محل بيع الأجهزة الكهربائية والتدفئة في جبل الحسين ينصت ومن معه من الأصدقاء أمام الشاشة.."صدقا نحن اعتدنا على الارتفاعات التي تقوم بها الحكومات المتعاقبة".
 
وانقضى ذاك اليوم، وجاء نهار الثلاثاء الماضي، وقف أبو أحمد ومساعده في المحله ..يتحدثان بنبرة صراخ.."معقول نحن الشعب الوحيد الساكت على الجور"..."خلينا منستاهل أكثر".."كله سياسة من زمان".."إدمان يا أخي سياسة الحكومة"..
 
يمنيون: نحن لسنا أردنيين!
وما جاء في الشاشة الإخبارية: مظاهرات في اليمن نتيجة تردي أوضاع العمال وتدني أجورهم، وفي الصورة العامة للمظاهرة وقف أحد المتظاهرين رافعا يافطة بيضاء كتب عليها (نحن لسنا أردنيين).. أبو أحمد أخذ يصيح في محله وبدخول الناس الباحثة عن صوبات تسأل عن مدافئ تشتعل على الكهرباء..قال لهم "تظاهروا يا شعب"..أجاب شاب برفقة أمه.."خليها على الله..كأن المظاهرة رح ترّجع البلاد."..
 
"أحد الجزائريين" على ما قاله أبو أحمد "تمنى أن لا يكون شعبه كالشعب الأردني"..يقول علي زبون أبو أحمد "نحن حضاريين، الحكومة تقول رفعنا الغاز..نتهافت على شراء الغاز كي نخزن ولا نعترض..ترفع الخبز نصطف في طابور للتموين.."..هنا أبو أحمد استوقفه وقال ساخرا: "والله الحكومة الأردنية أذكى حكومة عربية".
 
في محله، أخذ زبون يضحك.. "خليها على الله يا رجل، نحن أكثر شعب يدفع الضرائب ولا يطالب بزيادة الراتب"..
 
ما جدوى الدفء!
خرجت من محله راكضا إلى محل آخر، وتوقفت قبالة محل يقابله وهو لتصليح المدافئ، وأخذت أصور المحل، وفي لحظة خرج منه رجل قائلا: "لما التصوير..أكيد لأجل ارتفاع جرة الغاز ..معك أخوك أبو وليد..مصلح صوبات..أنظر كم من الصوبات التي تشتعل على الغاز صّور وبث".
 
كم من المدافئ المتراكمة فوق بعضها البعض..سألته، فأجاب أبو وليد: "غيرت خطة عملي في المحل، فالتصليح مهنتي، والآن اتفقت مع ورشة تستقبل مني أسبوعيا كومة حديد وأخذ بدلا منها مبلغا محترما".
 
أبو وليد في محله المتهالك، سعيد لأن موسم الربح المادي حل عليه باكرا.."عائلات  تشتري المدافئ الكهربائية  أو التي تعتمد على الكاز من جاري أبو أحمد وتأتي إلي لتبيعني صوبات الغاز بأسعار محروقة.. يا أخي الناس مسكينة، يوميا تأتيني وتسأل عن جدوى صوبات الفحم أو الحطب وأقول لهم أنها غير متوفرة اشتروا الكهرباء أو الكاز..حتى لو اشترى جرة غاز واحدة فهي لا تكفي".
 
دهاء!
الأغنياء أكثر دهاءً من الفقراء –وفق أبو وليد- يصممون بيوتهم ويراعون زاوية للـ" Fire Place " لأجل التدفئة التي تعتمد على الحطب فغير شكلها العصري للبيت فهي تحتاج إلى الخشب فقط وخذ الدفء حتى تشبع! 
 
أبو أحمد وأبو وليد، ليسا إلا نموذجا للأردنيين الذين يسهرون يوميا قرب مدافئهم الغازية، ويحتكون بالناس مباشرة عبر البيع والشراء، ويتسمرون أمام شاشات التلفاز العربية في انتظار الجديد في شريط الأخبار وما يرشح عنه من أخبار حول ارتفاع الأسعار في بلدهم الأردن. 
 
كن شريكا!!
"المواطن بدأ يقتنع بلعبة السوق العالمي وأثره على الوضع الاقتصادي على الأردن، واختار عندها أن يكون شريكاً مع حكومته"..هذا ما قاله أستاذ الاجتماع، مجد الدين خمش، "المواطن يعرف أن الحكومة تمر بمرحلة صعبة، والمعلومات متوفرة لديه ولا يكذبها"..
 
اجتماعيا، "أصبح المواطن معتادا على رفع الأسعار مهما كانت وطأتها على دخله المادي، وأختار أن يكون شريكا مع الحكومة في مرحلة التقشف"..وفق خمش الذي لم يشغل بالاً لرفع الرواتب لتوازي سيل الارتفاعات.       
 
وللعلم فإن مجمع النقابات المهنية والذي ينضوي تحته عشرات النقابات نظم الاثنين الماضي اعتصاما جماهيريا لنصرة الشعب الفلسطيني بالوقت الذي لم تخرج فيه أية مسيرة للتنديد بارتفاع الأسعار المرتقب.