جرائم قتل النساء..تعددت "التبريرات"والضحية واحدة

الرابط المختصر

"تيماء" اسم مستعار ذهبت ضحية جريمة قتل داخل منزل عائلتها بإحدى محافظات المملكة، عندما سكب والدها  البنزين حول سريرها أثناء نومها، مضرما النار بها، حتى سقطت جثة هامدة دون حراك.

لم يأبه والدها القاتل بصرخات ابنته الشابة ذات الـ 19 عاما وأم لطفلين صغيرين من زواجين سابقين، استغاثتها به لإنقاذه بل أوصد باب غرفتها، وغادر إلى أن تأكد من موتها.

 

ادعى والد الشابة المقتولة، الموقوف بتهمة القتل العمد، جريمته ب "غسل العار" خلال استجوابه من قبل مدع عام محكمة الجنايات الكبرى.

 

بينما قتلت امرأة أربعينية أم كرم وهو اسم مستعار، بأكثر من 20 طعنة أمام طفليها الصغيرين (الطفلة 8 أعوام والطفل 11عاما) عندما استل زوجها سكين مطبخ، وقام بطعنها طعنات متلاحقة على الرقبة والأكتاف.

 

السيدة القتيلة هي أم لأربعة من الأبناء أصغرهم شاهدة على قتل والدها لأمها، التي هربت منه، لتجد خلاصها في منزل مستأجر من قبل ترعى خلاله أبناؤها، وتأمن رزقا لهم، ليعيشوا بسلام بعد زواج تخلله عنفا أسريا.

 

وتحجج زوجها القاتل خلال استجوابه من قبل مدعي عام الجنايات جريمته، برفض زوجته المغدورة العودة للمنزل.

 

دافعان "يبرر" بهما قتل النساء في الأردن أما الشك بالسلوك أو العنف الأسري، بينما مخطط القتل ينفذ بطرق معروفة بحسب الخبير القانوني د. أمجد الكردي معتبرا أن هذا النوع من القتل هو قتل (جماعي)، تشترك الأسرة والحي فيه بشكل مباشر.

 

سجل عام 2022 ارتكاب 118 جريمة بزيادة 14 جريمة عن عام 2021، بينها 91 ارتكبت بحق الرجال بينما ارتكبت 28 جريمة بحق النساء.

 

فيما بلغت جرائم القتل التي ارتكبت منذ مطلع عام 2023 وحتى نهاية حزيران 51 جريمة قتل راح ضحيتها ذكور وإناث وأطفال.

 

يرفض العاملون في قطاع العدالة الجنائية قتل النساء مهما قدم الجاني من مبررات لجريمته إلى جانب منظمات المجتمع المدني.

 

ويتوافق كل من مدير الطب الشرعي د. ماجد الشمايلة والخبير القانوني د. أمجد الكردي في رفض قتل النساء، ويعلق مدير الطب الشرعي د. ماجد الشمايلة قائلا "إن الجرائم الموجهة ضد النساء تتمتع بخصوصية عالية كونها في حالات كثيرة تكون مرتكبة من قبل أفراد العائلة المتعارف بكونها الحاضنة إلا منه والضامنة لسلامة الفرد وحياته".

 

أوضح ذلك من خلال القراءات الإحصائية التي أشارت إلى زيادة، وان كانت بسيطة بالمطلق في عدد جرائم القتل الموجهة ضد النساء، وبالخصوص تلك التي يكون فيها القاتل أحد أفراد العائلة.

 

(إحصائيات قتل)

وارجع الشمايلة إلى الزيادة بالجريمة إلى عوامل متعددة، إلا أنه لا يخفى دور وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامه بشكل سلبي في زيادة معدل العنف بالعموم، ومن ضمنها جرائم القتل الموجهة ضد النساء.

 

وقال يتراوح ذلك الدور من شعور الفرد المسؤول، بكون تلك الوسائل أثرت على واجباته الرقابية، وأعطت مساحات غير مسؤولة من الحرية، ويضاف إليها التمجيد والترويج السلبي للعنف بالعموم، ولقضايا القتل بحجة الشرف كما يسميها البعض بالخصوص.

 

ما وراء جرائم قتل النساء

ورأى الخبير القانوني الكردي الذي عمل قاض سابقا لدى محاكمة الجنايات الكبرى أن جريمة الشرف تحديدا، تبدأ بالشك أما بشائعة من قبل أهل الحي، أو من قبل أحد أفراد الأسرة، ليتطور إلى حالة اتهام للضحية، يشارك فيها مجتمع الأسرة (الحي) وأفرادها، ولا تنتهي إلا بقتل الضحية، وغسل العار عن الجميع بشكل علني أمامهم .

 

أما الدافع الآخر بحسب الكردي هو العنف الأسري الذي عادة ما ينتهي بجريمة مرتبطة بأوضاع الزوج المادية سواء أكان عاطل عن العمل أم عاملا بأجر ضئيل.

 

وأضاف أن الأسرة تلعب من ناحية الزوج أو الزوجة دورا كبيرا في تأجيج الخلافات الزوجية بين الرجل والمرأة، بشكل غير مباشر بحيث تستمر سلسلة طويلة من المشاجرات والإساءة والضغط النفسي والعاطفي.

 

وعادة ما تكون الخلافات الزوجية التي تنتهي بقتل الرجل لزوجته ليست خلافات وليدة اللحظة، وإنما تعكس توترا تغذيه الظروف المحيطة بكلا الزوجين، يمكن لدوافع أخرى تكون وراءها كالزنا وغيرها.

وقال قتل النساء هي قضية معقدة تخضع لمؤشرات اجتماعية متعددة ولا يمكن وضع تصور لأي تدخلات بمعزل عن فهم هذه القضية في سياقها العام خاصة إذا ما استند التصور إلى كونها قضية قانونية.

 

وأشار إلى أن الأسرة مستمرة في إخلاء طرف للجاني، حيث تقوم غالبية الأسر والضحايا بإسقاط الحق الشخصي مما يقلل من قدرة العقوبة على ردع ممارسات القتل التي يقوم بها أفراد الأسرة.

وتوقف الكردي عند ضعف دور منظمات المجتمع المدني التي تتبنى شعار حماية النساء وتعزيز دورهن المجتمعي.

 

"إن وجود الأعراف الاجتماعية والعادات والتقاليد المحافظة، يمنع منظمات المجتمع المدني من الوصول، بشكل فعال إلى المجتمعات المحلية، ومناقشة أو تحدي الموضوعات التي تعتبر حساسة مثل العنف القائم على النوع الاجتماعي وقضايا حقوق المرأة".

 

ولفت إلى ضعف في التنسيق بين هذه المنظمات أو بينها وبين المؤسسات الرسمية ذات العلاقة بالنساء.

 

ونوه إلى ضعف الإعلام في نشر المعلومات حول المنظمات لمساعدة النساء في الوصول إليها ورفع التوعية بالعنف ضد النساء كذلك فإن منظمات المجتمع المدني لا ترى مكانها من الخطط الحكومية في ظل غياب مفهوم المؤسسة والشراكة بين المجتمع المدني والحكومة.

 

"هناك ضعف البرامج التي تحمي الفئات المستضعفة داخل المؤسسات خصوصا في فترة تقديم التداخلات السريعة إبان وجود الانتهاكات على هذه الفئات،و وجود فجوات كبيرة بين المجتمع المحلي وهذه المنظمات لان الاحتياجات من جانب المجتمعات المحلية تتمثل بالطلب المستمر على الخدمات

عدم وجود تخصص في منظمات المجتمع المدني". حسب الكردي.

 

أما المديرة التنفيذية لجمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" إنعام العشا  تقول انه "تم رصد بعض الحالات لنساء ممن لجأن إلى منظمات المجتمع المدني، أو قمت للمحاكم أو تم متابعتها لدى إدارة حماية الأسرة حيث يتم حل المشكلة في حينها لكن المشكلة تفاقمت حسب طبيعة المشكلة الذي له علاقة بالمعالجة، وآلية تنفيذ البرامج المخصصة وبرامج إعادة التأهيل للضحايا والجناة".

 

تضيف "بشكل أساسي للجناة بعدم أخذ العود الجرمي التكرار لحالات العنف الواقعة على النساء بحساسية عالية، عندما يكون هناك تكرار للعنف ومتفاقم".

 

من جهته، أفاد تقرير سابق لجمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" بأنّ عدد ضحايا جرائم القتل الأسرية ارتفع في عام 2022 بنسبة 94 في المائة عن عام 2021، وأنّ 60 في المائة من جرائم  القتل الأسرية استهدفت النساء والفتيات و40 في المائة الأطفال، فيما الضحايا ومعظمهم أقارب من الدرجة الأولى.

 

هذا التقرير تم إنتاجه ضمن التعاون المشترك مع برنامج النساء في الأخبار-مؤسسة وان افرا الدولية