جدل ونقاش واسع حول لجنة "الإصلاح الملكي"
منذ الإعلان عن لجنة "تحديث المنظومة السياسية" والتي جاءت بتوجيه ملكي إلى رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي ، لم يهدأ الشارع الأردني عن تقديم التحليلات وخوض النقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي حول تشكيل اللجنة ووظيفتها والأعضاء الـ 92 .
وبحسب استطلاع ومقابلات أجراها راديو البلد فقد تباين رأي الشارع الأردني، بين مؤيد للجنة المشكّلة وعملها مبررين تأييدهم في ظل وجود تعهد ملكي الذي جاء برسالة التكليف بعدم التأثر والتغيير على مخرجات اللجنة من أي جهة كانت، اضافة إلى وجود عدد لا بأس به من أعضاء اللجنة الذين يحظون بقبول شعبي، وتمثيلي عن مختلف الأطياف السياسية.
الآراء المعارضة للجنة أو عدم الثقة بها انطلق بداية من تكليف و تسمية رئيسها، رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي والذي غادر رئاسة الوزراء إبان بداية الربيع العربي في 2011 إثر احتجاجات شعبية طالبت بالإصلاح السياسي والاقتصادي.
وعززت تلك الاراء تجارب سابقة مع كثير من اللجان المشكّلة التي لم تقدم شيئا وكانت لامتصاص الغضب الشعبي فقط بالوضع الاقتصادي والسياسي أو قضايا رأي عام معينة، أو لجان مماثلة كلفت بنفس المهام، فخلال العقدين الماضيين فقد تشكل نحو 10 لجان للإصلاح في الأردن، منها لجنة الأردن أولا، ولجنة الأجندة الوطنية، لجنة الحوار الوطني، ولجنة تعديل الدستور، ولجنة الحوار الاقتصادي، ولجنة "كلنا الأردن" أيضا. ولكن تحديد الوقت الزمني لعمل هذه اللجنة كان من عوامل تراجع البعض عن اعتراضه وتشاؤمه والتريث تجاهها.
يعلق عميد كلية الإعلام في جامعة اليرموك الدكتور خلف الطاهات أن من حق المجتمع الأردني النظر إلى تشكيلة اللجنة لأن الموضوع يتعلق بمصير مستقبل الحياة السياسية في الأردن والمشاركة العامة، ولكن لا يجب التوقف كثيرا عند أسماء اللجنة وخلفياتهم، وتعتبر اللجنة ضوءً في نفق البرود السياسي الذي يعيشه المجتمع الأردني بالنظر إلى حجم المشاركة في الانتخابات الأخيرة، مضيفا أن اللجنة تحظى بتنوع واسع ومزيج مختلف من الأطياف السياسية وفي التنوع قوة، وأننا لا نمتلك ترف تقييم اللجنة حاليا، ويكون الحكم على مخرجاتها فقط، وعلى اللجنة ضبط ايقاعها والتركيز على البرامج والمحتوى الذي ستقدمه بعيدا عن المناكفات والاستعراضات والتفرقة كما حدث في لجان أخرى.
وتمثلت مهام اللجنة بحسب الرسالة الملكية وضع مشروع قانون جديد للانتخاب ومشروع قانون جديد للأحزاب السياسية، والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي، وتقديم التوصيات المتعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، وتهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور الشباب والمرأة في الحياة.
ويرى المحلل السياسي الدكتور بدر الماضي أنه عند الحديث عن اللجنة الملكية فإننا نتحدث عن رغبة أكيدة لدى الملك في أن يرى الأردن مختلفا وفي مصاف الدول المتقدمة والتي دائما تتطلع إلى التغيير والإصلاح وتطوير منظومتها التشريعية والسياسية والاقتصادية والإدارية، وبالنظر لتشكيلة اللجنة فهي جامعة للفسيفساء السياسية في الأردن والخلفيات الاجتماعية والأيدولوجية ضمن لجنة واحدة، وهذه المرة هناك عزيمة ملكية وتعهد بمخرجات اللجنة .
واعتقد أن تخرج اللجنة بقرارات مهمة ينتظرها الشارع الأردني منذ سنوات خصوصا بما يتعلق بقانون الانتخاب والأحزاب بالإضافة إلى توقع وصولها إلى مؤشرات مهمة بما يتعلق بالاستثمار وتطوير المنظومة الإدارية، بحسب الدكتور الماضي.
وبالاطلاع على تشكيلة اللجنة فإن حوالي ربع اللجنة 25% هم من الناشطين والحقوقيين الشباب، من مختلف التوجهات، وكان هذا أحد عوامل تريث الشباب الأردني في الحكم على اللجنة وعملها، من منطلق وصول الشباب إلى المشاركة في السياسات ومشاركة مصنع القرارات، خصوصا في ظل الظروف التي يعيشها الشباب الأردني من بطالة وفقر.
تقول رزان المومني صحافية26 سنة من محافظة عجلون مع وجود جدل حول تشكيلة اللجنة وبعض الشخصيات فيها، إلا أنها متنوعة وممثلة لمختلف الفئات بالأردن والمطلوب من اللجنة العمل ولا نريدها شكلية فقط، ولأهمية المهام المناط بها في عملية الإصلاح السياسي ننتظر بدء أعمالها ثم توصياتها.
وتعتبر مهمة تعديل ووضع تصور جديد لقانون الانتخاب الحالي الركيزة الأبرز لعمل اللجنة المشكلة مؤخرا، وبالحديث عن قانون الانتخاب فقد جرت عليه عدت تعديلات منذ عودة الحياة السياسية عام 1989م، حيث اعتمد قانون الانتخاب حينها نظام القوائم المفتوحة، وفي 1993 وحتى 2007 تم اعتماد نظام الصوت الواحد، ثم جرى تعديله في2010وبعدها في 2012، وأخير قانون الانتخاب 2016، القائمة النسبية المفتوحة والمنوي تعديله.
.
ترى لينا العطيات، مخطط إقليمي 38 سنة، من مدينة السلط أن الحديث يطول عن اللجنة كتشكيلة ومهام ولكن التركيز كانت على فكرة غياب الثقة باللجنة، على مختلف المستويات الشعبية بحسب الاهتمامات والأولويات بتسمية رئيسها، والذي شكّل مسمار في نعش اللجنة حتى قبل البدء أعمالها، اضافة إلى وجود العديد من البرامج والدورات واللجان والأوراق التي سعت للإصلاح في مضامين مختلفة ولكنها بائت إلى اللاشيء، وتتابع أن السؤال الذي يطرحه الجميه، ما هو الضامن لعمل اللجنة ومخرجاتها، وهنا نعود إلى فكرة أن الملك هو من أسس واطلق وشكل اللجنة فلا بد أن يكون هو الضامن لعمل اللجنة ومخرجاتها وتنفيذها على أرض الواقع.
أما محمد جوارنة كاتب محتوى أردني 36 سنة، يرى أن تشكيل اللجنة جاء كرسالة للغرب أن هناك إصلاح في الأردن، ولكن هناك قناعة لدى الشارع الأردني أنه لا إصلاح بهذه السناريوهات المكررة، خصوصا بما يتعلق بإعادةبعض الشخصيات غير المقبولة لدينا في مسيرة الإصلاح.
ويرافق هذا الجدل والنقاش حول اللجنة وتشكيلتها وآلية عملها، حالة من الترقب والفضول لدى الشارع الأردني لأهمية المهمات المكلفة بها خصوصا ما يتعلق بقانوني الانتخاب والأحزاب، وضعف المشاركة بالانتخابات الأخيرة لمجلسالنواب التاسع عشر العام الماضي حيث لم تتعدى نسبة المشاركة فيها الـ30%.