جدل حول توصيات لجنة مراجعة الدستور المتعلقة بالإعلام

جدل حول توصيات لجنة مراجعة الدستور المتعلقة بالإعلام
الرابط المختصر

اختلف خبراء في قوانين الإعلام حول توصيات اللجنة الملكية لمراجعة الدستور المتعلقة بالإعلام. ففي حين انسجم تعديل البند الأول في المادة 15 من الدستور الأردني مع دعوات سابقة لإلغاء عبارة “بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون”، رأى آخرون في هذا التعديل ضررا بالنص الدستوري.

التوصية هدفت لتعديل المادة 15 من الدستور بشطب عبارة “ضمن حدود القانون” من البندين الأول والثاني، وينصان على أن “تكفل الدولة حرية الرأي ، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير وبما لا يشكل اعتداءا على حقوق الأفراد والمجتمع”، (بشرط ان لا يتجاوز حدود القانون) (تشطب). وتنص الثانية على أن “الصحافة والطباعة حرتان”، (ضمن حدود القانون) (تشطب).

المحامي المتخصص في قضايا الإعلام، محمد قطيشات، يصف التعديل المقترح على نص الدستور بأنه “لن يغني ولن يسمن من جوع ولن يمنع الحكومة من تصدير قوانين تخالف حرية التعبير ولن يمنع مجلسا النواب والأعيان من سن تشريعات تنتهك حقوق الإعلاميين كما حدث ويحدث الآن”.

ويشدد المحامي على أنه “يجب النظر إلى حقوق وحريات الإنسان وعلى رأسها الحق في التعبير على أنها قيم عليا ولا يجوز تجزئتها وإرهاقها بقيود تنال منها، وإن كان هناك تعديل على الدستور الأردني فيما يتعلق بالحقوق والحريات يجب أن لا يتم العبث بهذه المادة الطبيعية جدا، ولكن يجب على الحكومة التي تصدر مشاريع القوانين وعلى مجلسي النواب والأعيان أن يلتزموا بمفهوم حدود القانون وهو لغايات التنظيم وليس التقييد”.

“القضاء هو الجهة الوحيدة التي تعي تماما مفهوم عبارة “حدود القانون” بالمعنى الدستوري الصحيح وأن هذه الإحالة للمشرع هي إحالة تنظيمية، وسبق أن حكم القضاء وأوقف العمل بقوانين استنادا إلى المادة 15 من الدستور على الرغم من وجود هذه العبارة. فالعيب ليس في وجود هذه العبارة وإنما في كيفية فهمها وتفسيرها وتطبيقها”، يقول قطيشات لعين على الإعلام.

ويرى أن عبارة “بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون” لا تعيب النص الدستوري. “لا أعتقد أن هناك حاجة أساسا لتعديل هذه المادة من الدستور. فمن المعروف أن الدستور هو القانون الأسمى والأعلى في أي دولة وعلى الدولة بجميع سلطاتها الخضوع لمبدأ سيادة الدستور، وإن خالفتها أو تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور وخضع للرقابة القضائية”.

ويلفت قطيشات إلى أن الدستور الأردني، في عبارة “بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون”، شأنه شأن معظم الدساتير، تحيل إلى القانون أمر تنظيم استعمال المواطنين لحريتهم في التعبير ومن ضمنها حرية الصحافة. “وهو امر قد لا يكون محل خلاف إذا التزمت السلطة التشريعية عند سنها للقوانين بالحق الدستوري وعدم إفراغه من مضمونه وعدم إرهاقه بالقيود التي تضيق”.

وإذا كانت اللجنة جادة في تعديل الدستور بحيث يضمن حرية التعبير، يقول قطيشات، “يجب ان يتم التعديل بإضافة مادة واضحة كما حدث في التعديل الأول للدستور الأمريكي، أو كما هو موجود حاليا في العراق في المادة الثانية من دستوره والتي تنص على أنه لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية. مثل هذا النص يقيد كافة السلطات والقوانين تنتهك الحقوق والحريات الاساسية ومن ضمنها حرية الرأي والتعبير”.

لكن الصحفي الخبير بقوانين الإعلام، يحيى شقير، يؤيد في مراجعته للمادة 15 من الدستور شطب عبارة “بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون” أو “ضمن حدود القانون” من البندين الأول والثاني، “لأن الدستور الأردني شأنه شأن معظم الدساتير يحيل إلى القانون أمر تنظيم استعمال الحق أو الحرية وذلك من خلال استخدامه لعبارة (ضمن حدود القانون). والاصل أن المشرع الدستوري عندما ينص على حرية ما كحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة ويترك أمر تنظيمها للقانون، فلا يجوز أن يعصف القانون بأصل الحق, ومثال ذلك ما ينص عليه دستور كل من العراق والبحرين”.

ويضيف شقير في مقاله المنشور في أيار 2011 بصحيفة “العرب اليوم” أن هذه العبارة “وفق أحكام القانون كانت مبررات طيلة السنوات السابقة للعصف بأصل الحق لا تنظيمه, وفي ظلها تم فرض عقوبات غير متناسبة قد تصل إلى الاشغال الشاقة. وفي هذا المقام تقول المحكمة الدستورية العليا في مصر انه لا يجوز لأحد أن يفرض على غيره صمتا ولو كان معززا بحكم القانون”.

ويرى شقير أن “شطب مثل هذه العبارات المقيدة لا يعني ترك حرية التعبير وحرية الصحافة مطلقة فهناك قيود على هذه الحرية من خلال فقرة: لا يجوز استغلال حرية الرأي والتعبير للإنتقاص من أي حرية أو حق ينص عليه هذا الدستور. أضف إلى ذلك أن هناك قاعدة دستورية معروفة أن مواد الدستور جميعها متساوية في القوة ولا يوجد مادة أقوى من مادة، كما لا يتصور أن تتناقض مواد الدستور.

وإضافة إلى هذا التعديل يقترح شقير تعديلات أخرى على المادة 15 من الدستور، ومنها “حظر فرض الرقابة المسبقة على وسائل الإعلام بكافة انواعها” و”عدم جواز استغلال حرية الرأي والتعبير للإنتقاص من أي حرية أو حق ينص عليه هذا الدستور، فهدفه الموازنة بين حق التعبير وبين حماية حقوق الآخرين ضمن مبدأ التناسب”.

ويتفق المحامي قطيشات والصحفي شقير على توصية اللجنة الملكية لمراجعة الدستور حول تعديل المادة 15 من الدستور بإضافة بند يتعلق بحق الحصول على المعلومات تأكيدا لقانون حق الحصول على المعلومات. لكن كلا قطيشات وشقير يؤكدان على ضرورة تعديل القانون المذكور.

للاستماع للحلقة والاطلاع على المواضيع الإعلامية على موقع: عين على الإعلام