توظيف أموال لا شركات بورصة عالمية
ساد انطباع خاطئ خلال الأشهر الماضية شاركت فيه أجهزة الدولة والاعلام بالتأكيد على ان الآفا من الأردنيين خسروا أموالهم في "الشركات التي تتعامل في البورصات العالمية " والصحيح أن تلك الشركات المعنية والتي أصبحت الان تقف في قفص الاتهام أمام الادعاء العام هي شركات توظيف أموال لا علاقة لها من قريب او بعيد بالمتاجرة في البورصات الدولية, لدرجة ان بعض اصحاب تلك الشركات عندما تمت مداهمته من قبل المدعي العام لم يجد لديه خط انترنت وهو أساس التعامل مع البورصات العالمية, مثلما ان البعض الآخر من أصحاب تلك الشركات او الوسطاء الذين يتعاملون معها في المدن والأرياف والمخيمات لا يعرفون اللغة الانجليزية وبعضهم لم تتعد مهنته سائق شاحنة.
وثمة فئة من الشركات الحقيقية التي ظُلمت جراء استعمال وتعميم مصطلح
"شركات البورصات العالمية" في وسائل الاعلام لان هناك شركات حقيقية تتعامل
بالبورصات العالمية وهي لا تتسلم أموالا من احد بل تعمل بالوساطة في شراء
الاسهم الدولية مقابل نسبة خمسة بالالف من قيمة العقد أي ينحصر عملها في
شراء الأسهم للزبائن مثلها مثل الشركات التي تتعامل في الوساطة المالية في
البورصة الاردنية.
وقد بينّت عطلة العيد نسبة الخسارة الكبيرة التي مني بها الاردنيون ولا
زال بعض الخاسرين يأملون في عودة أموالهم بل ان بعضهم يخجل من الاعتراف
بمقدار خسارته لان الاعتراف سيكشف أموالا كبيرة لم تكن تظهر على وجوه
أصحابها او تصرفاتهم و لا تتناسب مع أوضاعهم الاجتماعية.
ولا يزال الخاسرون ينتظرون دورا مهما وفعالا وعاجلا من الدولة وأجهزتها
بعد تقصيرها في تنفيذ قرار ديوان تفسير القوانين الذي وضع مهمة الرقابة
على تلك الشركات على كاهل البنك المركزي لكنه نأى بنفسه عن تلك المهمة
ونحن هنا لا نبرىء الناس التي تدفقت الى مصيرها المحتوم, كما لا نبرىء
الدولة التي من واجبها ايضا ان تسائل بعض المودعين عن مصادر اموالهم.
وهذه قصة طويلة, لا نريد التلاوم فيها, لان أصحاب تلك الشركات لعبوا
بطريقة جهنمية ووظفوا خلالها فئات من الناس للعمل معهم وتعاملوا بدهاء
لجذب ضحاياهم وجلبوهم مكبلين الى مكاتبهم نتيجة أبواقهم الدعائية, وقد
اخبرني احد المسؤولين عن طريقة إيقاع احد الاشخاص رغم حرصه, وتقول الرواية
ان الرجل كان مترددا في استثمار 50 الف دينار لكنه وجد نفسه في مكاتب احدى
الشركات رغم ان هاجسه الداخلي كان يحذره الى ان استسلم ووضع المبلغ لدى
مدير الشركة وجلس يشرب الشاي في مكتبه الفخم الى ان وردته مكالمة هاتفية
من زوجته تحذره من إيداع المبلغ وعندها "نقز قلبه" وقرر إلغاء الإيداع
وطلب من المدير إعادة الخمسين الفا على الفور, وهنا وظف المدير دهاءه فأمر
موظفيه بإعادة المبلغ وسلمه للمودع إضافة الى مبلغ خمسة الاف دينار مدعيا
بأنه ربح "حلال زلال" جنته فلوس الرجل خلال الساعة التي قضاها في مكاتب
الشركة وما كان من الرجل الا أن أعاد الخمسة وخمسين الفا الى المدير
لاستثمارها تحت وقع الصدمة الكبرى.
اليوم يحاول أصحاب تلك الشركات التنصل من أفعالهم بإصرار غالبيتهم على
التأكيد أمام المدعي العام بأنهم خسروا تلك الأموال في البورصات العالمية
من اجل إعلان إفلاسهم رسميا عسى أن ينجح بعضهم في الهروب من المطالبات
المالية لكن الادعاء العام يعي حقيقة الأمر وهو يصر على معرفة مصير تلك
الاموال والجهات التي هربت اليها من اجل إعادتها في محاولة لجبر جزء من
خسائر الناس.
الناس لا تزال تحت وقع الصدمة لكن لنعترف ان ثمة مشكلة اجتماعية ومالية
كبيرة لم تظهر بعد لذا يجب على الدولة أن تعالج الأمر بسرعة قبل فوات
الأوان.











































