تهاوي دور السينما في اربد
تهاوت دور السينما في مدينة اربد الواحدة تلو الاخرى:لكن فسيفساء المكان ما زالت عالقة في أذهان"الاربديين" الذين عايشوا نشأة دار سينما الزهراء الاقدم على مستوى إربد حيث كانوا من روادها المنتظمين, ليعايشوا هدمها.
ففي نهاية العام الماضي هدمت جرافة بناء دار سينما واستوديو زهران ومع مطلع العام الحالي اتت جرافة أخرى على دار سينما الزهراء في حين تنتظر دور سينما الجميل والفردوس ودنيا المصير ذاته.
وكانت اول دار سينما غير متكاملة عبارة عن آلة عرض جاء بها رجل "شامي" يدعى مصطفى الصباغ في نهاية ثلاثينيات القرن الماضي حيث كان عرض الافلام الصامتة آنذاك يتم في ساحة ترابية والناس يجلسون على الارض وفق ما ذكره الدكتور عبدالفتاح حفيد مؤسس دار سينما الزهراء في اربد المرحوم عبده يغمور.
وفي عام 1939 بدأ العمل في بناء دار سينما الزهراء على يد المرحوم يغمور الذي احضر مهندسا من حلب تولى عملية البناء وفق تصاميم عمرانية مقاومة للزلازل احضرها من انجلترا تميزت بجدران متحركة واسقف ولوج بدون اعمدة على نسق دار سينما حيفا آنذاك حيث شكلت بمجملها تحفة فريدة من مجمل الابنية التراثية في المدينة.
وقال محمد يغمور/احد ابناء عبده يغمور/:أن جلالة الملك المؤسس عبدالله الاول رحمه الله افتتح دار سينما الزهراء عام 1942 فيما بدأ عرض اول فيلم "سلامة" من بطولة ام كلثوم عام 1944.
وأضاف:إن طريقة العرض في بدايات السينما كانت مختلفة إذ كان يسبق العرض وصلة غنائية لام كلثوم واحيانا نجاة الصغيرة أو فايزة احمد يليها شريط الاخبار العربية لمدة نصف ساعة, ثم ترفع الستارة ويعزف السلام الملكي (صوت وصورة ) ليقف جميع من في الصالة واللوج ويصفقون احتراما للسلام الملكي ويبدأ بعدها عرض الفيلم .
وكانت الزهراء تعرض 3 حفلات يوميا الاولى من الساعة الثالثة الى الساعة الخامسة والثانية من الخامسة وحتى الثامنة والثالثة من الثامنة وحتى العاشرة ليلا وكان سعر التذكرة للصالة 7 قروش واللوج 11 قرشا .
وكان رواد السينما يحتسون المشروبات الباردة التي كانت سائدة انذاك ومنها العنبر والكراش والكازوز مع المكسرات الشامية ويدخنون اللولو ونبيل وكمال والسيد والسبورت والسيد فلتر التي كانت اسعارها تتراوح مابين قرشين الى سبعة قروش للعلبة الواحدة .
ومن اللافت ان دار سينما الزهراء كانت تخصص يومي الاثنين والخميس للنساء فقط وكانت تقوم على خدمتهن موظفات يرتدين زيا خاصا كما هو حال الموظفين الذين كانوا يتفاخرون بانهم موظفين في السينما ويرتدون البدلة الرسمية والربطة خلافا للزي الشعبي الذين كان يرتديه شباب محافظة اربد وقتذاك ( القميص والسرول وغطاء الراس ) لتبدأ العائلات بارتياد السينما حتى ثمانينيات القرن الماضي .
ويقول محمد يغمور ان دار سينما الزهراء لم يكن يقتصر على عرض الافلام فحسب بل يتعداه الى اقامة الحفلات الخاصة وحملات جمع التبرعات ومناسبات التأبين والاجتماعات العامة والندوات والمحاضرات فضلا عن المسرحيات والسيرك والحفلات الغنائية التي كانت تحييها سميرة توفيق وفؤاد حجازي ومحمد طه .
ويضيف:ان والده اشترى ماتورا لتوليد الكهرباء من الدنمارك لتشغيل واضاءة السينما ومد منه سلكا لمنزلنا وسلك اخر لاضاءة منزل الحاكم الاداري انذاك ليؤسس بعدها شركة كهرباء الاردن والتي دشنها جلالة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه وبقيت ملكا لها حتى العام 1961 حيث انتقلت ملكية الشركة للحكومة .
وفي العيد كانت دار سينما الزهراء تعرض 5 حفلات بدلا من 3 للازدحام الشديد حيث كانت كراسي الصالة ال 450 وكراسي اللوج ال 250 تمتلئ في كل حفلة من الحفلات الخمس على مدى ايام العيد وكان موظفو السينما العشرة يتقاضون حوافز اضافية على رواتبهم الشهرية التي تتراوح مابين 7 الى عشرة دنانير .
ولم يتغير شكل وحجم ولون التذكرة حتى بداية القرن الماضي كما لم يتغير شباك التذاكر ضيقا او اتساعا وكذلك الحجر التي كان يشع منها الضوء باتجاه الشاشة الا ان محتويات السينما من كراسي ومعدات تغيرت عدة مرات لتباع ماكنة العرض الاربعينية كخردة ماحال دون التقاط صورة لها للارشيف .
وكانت ماكنات العرض تعمل بواسطة اصبعين من الفحم المستورد من الهند واليابان بسعر دينار ونصف الدينار للاصبع الواحد وكانا يكفيان مدة اسبوع وكانت مهمتهما ايقاد شعلة قوية تنعكس على المرايا التي ترسل بدورها الصورة الى الشاشة .
ووصل اعلى سعر للتذكرة في دار سينما الزهراء المنسوبة بالتسمية الى دار سينما الزهراء في دمشق الى 35 قرشا للصالة و 75 قرشا للوج وكان اخر فيلم يعرض على شاشتها في العام 2002 (محروس بتاع الوزير ) من بطولة عادل امام وكمال الشناوي .