تناقض غريب حول عدد أعضاء الأحزاب والرغبة بحكومات حزبية

الرابط المختصر

كلما يدور النقاش حول إصلاح قانون الأحزاب يبرز تناقض غريب. فمن ناحية يطالب الجميع بحكومات برلمانية ويتفق الجميع على ضرورة توفير فرص نجاح الأحزاب من خلال قانون انتخاب يوفر فرص للتصويت للنواب على أساس وطني بهدف أن يستطيع أكبر حزب أو تحالف أحزاب الحكم. ولكن في نفس الوقت يقوم رؤساء العديد من الأحزاب بالإصرار على ضرورة إبقاء الحد الأدنى من الأعضاء المفترض أن يكونوا مسجلين في الحزب الى حده الأدنى. فالغريب وجود من يريد للأحزاب أن تحكم ولكنه مصر أن الحزب يجب أن يتم تسجيله بعدد ضئيل من الأعضاء؟

 

طبعا إذا كنا سنصل الى حكومات حزبية برلمانية نحن بحاجة الى ثورة حقيقية في فكر وتركيبه وعمل وديمقراطية الأحزاب. فليس من المنطق أن يكون هناك في الأردن ما يقارب خمسين حزباً مرخصاً ولكن غالبيتهم العظمى لا يوجد لها أي تمثيل في البرلمان. بل هناك العديد من الدوائر الانتخابية الهامة التي لم يوجد فيها مرشحين للبرلمان من أحزاب مرخصة في الجولات الانتخابية الاخيرة. 

 

يفرض ذلك سؤال مهم لماذا يصر البعض على تشكيل أحزاب ان كانت تلك الأحزاب لا رغبة او نية حقيقية لها للحكم وللحصول على اغلبية برلمانية او حتى على تمثيل برلماني معقول.

 

قد يقول البعض أن أحزابهم لها تأييد واسع ولكن من الصعوبة الفنية واللوجستية أن يتم الحصول على توقيع عدد كبير من أعضائهم. وهنا قد يكون فرصة على لجنة الأحزاب أن تفكر بالية  السماح الانضمام للأحزاب اليكترونية خاصة وأن العلم الحديث الذي يوفر للمواطن إمكانية تدقيق هوية الإنسان في الحصول على معلومات من مواقع حكومية وحتى نقل الأموال من حساب بنك إلى آخر يستطيع أن يوفر آلية التدقيق على هوية المشترك في الحزب اليكترونية. ولكن هل سيوافق رؤساء الأحزاب الصغيرة في تلك الحالة على رفع الحد الأدنى للحزب الى خمس او عشر الآلاف على الأقل علما أن الحزب الذي يرغب بالتأثير عليه أن يكون لديه أكبر بكثير من المنتسبين. قد يتطلب الأمر أن يفكر القائمين على تلك الأحزاب التفكير الجدي بالتوحد مع أحزاب مماثلة فكريا وإلا سيكون مصير تلك الأحزاب أن تختفي من الخريطة الحزبية الفاعلة.

 

قد يكون صاحب القرار في الأردن قد أخطأ عندما تم ترشيح عدد من أمناء عامين لعدد من تلك الأحزاب للمشاركة في قانون الانتخابات والأحزاب. فمن المعروف أن القائمين على تلك الأحزاب الصغيرة لا يوجد لديهم مصلحة في الاستجابة للمطالب الملكية المكررة والواردة في الرسائل الملكية بأن يتشكل في الأردن عدد قليل من الأحزاب الفعالة تمثل تيارات فكرية واضحة من اليمين الى الوسط واليسار. فهذا تناقض مصالح ومن الضروري أن يبادر رؤساء تلك الأحزاب التنحي أو على الأقل عدم المشاركة في لجان تعمل على تعديل قانون الأحزاب وهم لا يزالوا على رأس أحزاب؟

 

كما لا بد أن لجنة الأحزاب تفكر جديا بحلول حقيقة السماح لطلاب الجامعات العمل الحزبي دون تدخل إدارات الجامعات أو أمنها الجامعي  داخل الحرم الجامعي. فالمعروف أن الجامعات هي ساحة تطوير الفكر السياسي للشباب وتهيئتهم للعب دورا فعال في مستقبل البلاد.  فالمطلوب من إدارات الجامعات تشجيع العمل الحزبي لا منعه. 

 

طبعا الأمر نفسه ينطبق على كافة القوى الأمنية والمخابراتية التي طالما عملت على تعطيل عمل الأحزاب الفاعلة والذي شمل مؤخرا على سبيل المثال لا الحصر منع أحزاب صغيرة الانضمام الى حزب التحالف المدني الأمر الذي أدى الى يأس العديد من الشباب والشابات الذين كانوا متحمسين لذلك الحزب. طبعا التقييدات على الأحزاب معروفة وموثقة ولكن الكل يأمل وجود إرادة ملكية بقيام أحزاب فعالة وأن يتم إغلاق أي دائرة أمنية وظيفتها متابعة وتقييد عمل الأحزاب.

 

إن مهمة تعديل قانوني الانتخابات والأحزاب ستكون بدون أي فائدة إذا لم تتوفر النية الصادقة والإرادة السياسية للتغلب على كافة الصعاب وتذليلها أمام إرادة أبناء وبنات الوطن أن يكون الشعب مصدر السلطات وأن يستطيع الشعب من خلال ممثليه المنتخبين بصورة مباشرة ومحايدة تشكيل حكومات حزبية تحكم  وتدير شؤون البلاد بأمانة وإخلاص.