تغطية الصحافة للانتخابات البلدية: ملاحظات أولية

الرابط المختصر

تقبل البلاد في التاسع من الشهر الجاري على إجراء الانتخابات البلدية، وقد قطعت الأجهزة الحكومية المختصة الطريق الى هذا التاريخ إعدادا وتحضيرا

وبقي ان ننتظر نتائج التصويت في اليوم المشهود. وواكبت الصحافة هذا الحدث بما يليق به من تغطية واهتمام، الا ان هذا الاداء من الناحية المهنية بقي ايضا دونه الكثير من الملاحظات.
منذ حسم الملك عبدالله الثاني مسألة اجراء الانتخابات البلدية في وقتها المحدد قبل عدة اشهر، تسابقت وسائل الاعلام وخاصة الصحافة في تغطية الحدث والاهتمام به. وقد عكست التغطية الاعلامية للانتخابات البلدية جدية الصحافة وقدرتها على التعاطي مع الشأن المحلي بما يليق به من اهتمام من خلال تحريك شبكة مراسلي الصحف في المحافظات واعداد التقارير والقصص الاخبارية التي احاطت تقريبا بكل جانب العملية الانتخابية.
وقد نشرت صحيفة الرأي خلال الشهر الاخير ما يقارب من 290 مادة اعلامية حول الانتخابات، كان اكثر من 70% منها عبارة عن تقارير اخبارية ميدانية من مختلف محافظات المملكة. وركزت تقارير الصحيفة،الى جانب الاخبار، على القضايا الرئيسية التي تتميز بها العملية الانتخابية وهي: العشائرية، ودور المرأة والشباب والخدمات.
وقد نشرت الرأي في هذا السياق عدة تقارير استطلعت فيها آراء رجل-الشارع فجاءت تقاريرها قريبة جدا من نبض المواطن وعكست اجواء الانتخابات، ومن بين التقارير التي نشرتها الرأي نشير مثلا الى:
- العشائرية تطغى على المشهد الانتخابي بسبب غياب الأحزاب.
- اشتداد المنافسة بين المرشحين الذكور وغيابها بين الإناث.
- المرأة الكركية تسعى لتغيير قناعات مجتمع ذكوري.
- الشباب.. بين البيانات الانتخابية وآلية التطبيق.
- العشائر الكبرى تفرز مرشحيها والصغرى تسعى للتكتل.
اما صحيفة الغد فنشرت نحو 200 مادة اعلامية احتلت فيها التقارير الميدانية، أي من المراسلين في المحافظات، مكان الصدارة. وقد امتازت تقارير الصحيفة اولا بتوفر خلفية عن كل محافظة او بلدية تناولها التقرير من ناحية عدد السكان وعدد المسجلين للانتخابات وغيرها من المعلومات التي وفرت خلفية معلوماتية مريحة ومفيدة للقارئ. كما كانت تقارير الصحيفة اكثر جرأة في انتقاد الواقع العشائري وتغييب دور المرأة وفي عكس وجهات النظر المختلفة مع الحكومة او الرأي الآخر. وقد اعطت تقاريرها الاخبارية مساحة كبيرة لرأي الحركة الاسلامية ومواقفها المتعلقة من الانتخابات.
ومن بين تقارير الصحيفة :
*نسبة تسجيل النساء للانتخابات البلدية تقل 2% عن الذكور.
* حضور "دعائي" خجول للمرأة في اربد وإحماء مبكر للدعاية الذكورية.
* ذوو التحديات الحركية في إربد يأملون بفرز مجلس بلدي يراعي أولوياتهم في التوظيف والعمل.
* أكثرية سكان إربد والزرقاء والكرك تدعم الكوتا النسائية وتعتزم المشاركة في الانتخابات البلدية.
اما صحيفة العرب اليوم فقد نشطت هي الاخرى في التغطية الاعلامية ونشرت نحو 200 مادة اعلامية، وان كان اغلبها تقارير اخبارية قصيرة او اخبار قصيرة، افردت فيها العرب اليوم مساحة كبيرة للرأي المختلف، وخاصة رأي الحركة الاسلامية واحزاب المعارضة، كما ركزت على القضايا الرئيسية الاخرى.
وكان من بين تقارير الصحيفة:
* النساء يسجلن زيادة في عدد المسجلين للانتخابات البلدية المقبلة في المفرق.
* مستوى الخدمات يؤثر على المسجلين للانتخابات في الشونة الجنوبية.
* استياء وسط القطاع النسائي في الزرقاء من آلية احتساب الكوتا النسائية والصوت الواحد.
اما صحيفة الدستور فلم تكن اقل من زميلاتها الاخريات من حيث كثافة التغطية، فقد نشرت هي الاخرى ما لا يقل عن 200 مادة خلال شهر حزيران، وامتازت الدستور بكثرة التحليلات الاخبارية للعملية الانتخابية في مختلف مناطق المملكة. وقد طرحت تقارير الدستور قضايا لم تشر لها صحف اخرى مثل مشاركة المغتربين في الانتخابات، واعطت حيزا واضحا لمشاركة العسكريين ايضا، كما نشرت نصوصا من قانون البلديات. ومن بين تقارير الصحيفة كان هناك:
* التحالفات العشائرية ستكون حاسمة في تحديد نتائجها * قرار «ديوان تفسير القوانين» تسبب بتغيير التحالفات و«التكتيكات» للانتخابات البلدية.
العسكريون والانتخابات البلدية.
* تحليل انتخابي * الخريطة الانتخابية في دير أبي سعيد وضوح في الأطراف وضبابية في الوسط.
لماذا لا يسمح للمغتربين المشاركة في الانتخابات؟.
* تحليل انتخابي * حراك انتخابي وسط غياب نسائي في الرمثا.
* مرشحون يرون ان وصولهم الى كرسي الرئاسة بات محسوما * الأغوار الجنوبية .. تنافس شديد بين المرشحين و«الاغلبية الصامتة" تنتظر يوم الاقتراع لقول كلمتها.
* يحسم اليوم موضوع خوضه الانتخابات البلدية * «العمل الاسلامي»: المشاركة نهج ثابت للحزب .. والمقاطعة استثناء تقدره قيادته.
على أي حال، فقد عكست التغطية الاعلامية للانتخابات البلدية اهتمام الصحافة بهذا الحدث المحلي الكبير، وقد ابدت الصحافة مرونة كبيرة في تطويع قدراتها لتغطية افضل للانتخابات، خاصة وان مراحل الانتخابات تعتبر من الأوقات العصيبة التي يمر بها الإعلام في أي بلد. وفي العادة يتحمل الإعلام مسؤولية كبيرة في إعلام الرأي العام ببرامج المرشحين وفتح مجالات الحوار الصحي والموضوعي بين المرشحين وبين الناخبين بهدف تفعيل دور الناخبين في تكوين وجهات نظر صحيحة وغير مشوهة عن المرشحين بما يقود إلى التصويت على أساس رشيد. وقد ادت الصحافة المحلية هذا الدور بشكل كبير وكانت في الاغلب غير منحازة لطرف وربما يعود السبب في هذا الى طبيعة الانتخابات نفسها التي يغلب عليها الطابع العشائري اكثر من السياسي، وهو ما عكسته التقارير الاعلامية في المجمل وسلطت الضوء عليه.
لكن بقي ان الصحافة لم تعط اهتماما كافيا لقانون الانتخابات البلدية نفسه، وخاصة فتوى ديوان تفسير القوانين من ان الانتخابات البلدية ستكون على مبدأ الصوت الواحد، أي ان من حق الناخب أن يختار اسم مرشح واحد لعضوية البلدية (إضافة لاسم الرئيس) بغض النظر عن عدد مقاعد الدائرة. والامر يتشابه مع قانون الانتخابات التشريعية التي طالما لقي معارضة شديدة من قبل معظم مؤسسات المجتمع المدني وخاصة احزاب المعارضة. وقد ثبت ان القانون المعمول به حاليا ادى الى تراجع في دور البرلمان، وتتوقع الصحافة والمحللين في هذا الصدد ان تعيد الانتخابات التشريعية القادمة انتاج مجلس نيابي مشابه لما هو موجود حاليا. والامر كذلك مع الانتخابات البلدية. ومع ذلك فان فتوى تفسير ديوان القوانين لم تحظ باهتمام كافي، وهي التي ربما ستكون الخلل الاساس في انتاج مجالس بلدية تعيد انتاج ما هو قائم دون أي تغير، بعكس التوجهات الملكية وبعكس مزاعم الحكومة التي تتحدث ليل نهار عن التنمية السياسية واختيار الافضل والاكفاء. وقد اسهم القانون بشكله الحالي في تعميق الوزن العشائري على حساب الاعتبارات السياسية الاخرى.
وهو الامر الذي اشار اليه الكاتب فهد الخيطان في مقالة له بالعرب اليوم (8/5) قائلا: "جاء قانون البلديات ونظام تقسيم المناطق وآلية الانتخاب لتقضي على آخر ما تبقى من اشكال التلاحم الوطني والاجتماعي.
كان قانون الانتخاب للبرلمان حطم من قبل أسس الوحدة على مستوى المحافظة وتولى قانون البلديات من بعده المهمة فحول الدوائر الانتخابية »الالوية والاقضية« الى شظايا صغيرة.
من يتابع الحراك الانتخابي في البلديات الان سيلحظ صورا مأساوية لصراعات تدفع الناس باتجاه اضيق الروابط الجغرافية والمناطقية. فالمرشح لانتخابات بلدية كبرى او صغرى لا يعنيه من هموم البلدية سوى منطقته الصغيرة وفي داخل مربع ضيق تدخل قوى عشائرية وعائلية في منافسة حامية للفوز بمقعد واحد او مقعدين لتمثيل المنطقة".

أضف تعليقك