تغريبة التلفزيون الاردني

الرابط المختصر

لأول مرة منذ زمن بعيد، تبادر الحكومة بوضع التلفزيون الاردني، (وأُمِهِ الاذاعة)، موضع الاهتمام الجدي، (لتعود هذه المؤسسة العريقة الى سابق عهدها: تميزا، وتفوقا، وتألقا.. لان من حق الوطن ان يكون له إعلامه المرئي والمسموع، الذي يليق به).. وهذا الكلام عندما يصدر عن دولة الرئيس، فان ثمة قرارا سياسيا كبيرا قد أتخذ، لتحقيق هذا الهدف الضروري والمُلح، في هذه الفترة بالذات.



وقد سمعنا إصرار دولته على ذلك، مباشرة، وعبر الشاشة، عند زيارته للمؤسسة،
قبل ايام، وأسعدنا اكثر، انه وجه المسؤولين عنها الى ضرورة استعادة ذلك
الألق الذي كان، والدور الريادي لإعلامنا، استجاب لكل المطالب (المادية
والبشرية والفنية) التي كانت السبب في هذا الغياب الطويل لشاشتنا الوطنية،
وبالتالي تأخرها عن مواكبة سائر الشاشات.



لقد اصبح عمر التلفزيون الاردني أربعين عاما، وأمه (اذاعة عمان) واحدا
وخمسين.. بمعنى انها أنجبته وهي في الحادية عشرة، وربته على العز والدلال،
ليكون الأجمل بين أقرانه.. وقد كان، حد انهم جميعا استعانوا به ليصيروا
مثله، ويتفوقوا به عليه من بعد، ويصاب هو بالشيخوخة، ويزدادوا هم شبابا
على حساب شبابه.. لسببين معروفين: الإيثار الذي يعتبر ابرز شيمة من شيم
هذا البلد، وضيق ذات اليد (من جانب آخر) فالمتميزون عندنا مطلوبون دائما
والخياران عندهم: (خبزنا كفافنا)، او الذهاب بعيدا الى الرخاء والبحبوحة،
ولو على حساب الصحة والعافية وتعب البال، واستمر الحال، وما يزال: فكلما
زادت التلفزيونات من حولنا، زاد الطلب على خريجي تلفزيوننا، وخرجت منه
الكفاءات.. وصولا الى حالة من الفراغ المخيف، والزُهد بالعمل التلفزيوني
(بالمطلق) حتى بلغنا حافة الهاوية.. وظهرت آراء تنادي بالإغلاق (حينا)..
او بترك المريض يلاقي مصيره دون رعاية او عناية تنقذه، او تنقذ ما تبقى
منه، ونعرف جيدا، حدم المعاناة التي مر بها التلفزيون من صاحبته -
الحكومة.. خلال الفترات السابقة، فقد قَتّرت عليه، وضيّقت الخناق.. وألقته
في اليم مرارا، مكتوف اليدين، وقالت له: (إياك إياك ان تبتل بالماء).. في
الوقت الذي كنا وما نزال، نرى باقي الشاشات تحتضن أبناءنا، وتقدمهم الينا
بكل الألق والبهاء والجمال.. والدلال، فنستغرب، ونلح في السؤال: لماذا،
وكيف وما هي الاسباب، ولا نجد الجواب.



ونعود الى زيارة الرئيس، وإعلانه الصريح والمباشر الذي أسعدنا جميعا، وهو
ان شاشتنا عائدة الينا، بكل قوة، ودينار المواطن، الذي يدفعه ليرى نفسه
عبر تلك الشاشة، ويسمع صوته على أثير إذاعته، سيمكّنه من ذلك، لا بل، يؤكد
دولة الرئيس، أن هذا المواطن سيجعل صوته مسموعا، بوضوح، وصورته الجميلة
مشاهدة بكامل بهائها، للدنيا كلها.. ليس بديناره وحده، ولكن بأكثر منه
تدفعه حكومته، (التي هي حكومة الدولة، والوطن والناس).. كما هي هذه
المؤسسة العريقة، التي بدأت تباشير عودتها الى ما كانت عليه، والأفضل ان
نقول الى ما ينبغي ان تكون عليه في المستقبل القريب ان شاء الله.