تعديل قانون الشركات هل يشجع عمليات النصب والاحتيال؟
سبق القرار النيابي بعدم تحديد رأس مال الشركات ذات المسؤولية المحدودة بعد أن كان يحدد بـ30 ألف دينار، جدلا بين النواب في جلسة يوم الأحد،
بين مؤيد ومعارض لتعديل المادة 54 من قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997.
وينظم هذا القانون شركات التوصية والتضامن التي تشكل 75% من الشركات المسجلة في الأردن بتحويلها إلى شركات مسؤولية محدودة والتي تشكل 13%، وتشمل شركات التوصية والتضامن " المحلات التجارية الصغيرة على سبيل المثال كالدكاكين، وصالونات الحلاقة".
وتبلغ رسوم التسجيل للشركات محدودة المسؤولية 180 دينار لدائرة مراقبة الشركات و367 دينار للسنة ورسوم أمانة و142 دينار سنويا للتسجيل في غرفة تجارة الأردن، بالإضافة فان الشركات يجب أن تدقق من قبل مدققي حساب قانونيين يصل الحد الأدنى لرسومهم إلى 700 دينار سنويا.
خلال الجلسة النيابية بين وزير الصناعة والتجارة عامر الحديدي أن هذه المادة جاءت لتحويل شركات التضامن والتوصية البسيطة إلى شركات ذات مسؤولية محدودة، والذي بدوره سوف يسهل على هذه الشركات إدارتها، وفتح باب الاستثمار للجميع.
لكن النائب سليمان السعد اعترض على هذا التعديل، مشيرا إلى أن هذه المادة ستفتح المجال لإنشاء شركات وهمية بقصد النصب والاحتيال. وقال لعمان نت: "الزمن سوف يكشف مدى خطأ هذا القرار حيث انه لكي يمر هذا القانون بمراحله الدستورية يجب أن يكون هذا المبلغ مقر ضمن القانون وليس من خلال نظام. وبالتالي فإن اعتماد القانون بصفته الجديدة سوف تقوى شركات على أخرى وبالتالي سوف تزاد عمليات النصب والاحتيال".
النائب عبد الكريم الدغمي كان له رأي آخر، وهو أن قيمة الشركات لا تحدد برأسمالها وإنما بما يوجد فيها. "إذا وضعنا 30 ألف و60 ألف فهو نفس الشيء، أي أنه يمكن للشركة أن تقول أن رأسمالها 100 ألف وبعد تسجيل الشركة تسحب النقود من البنك".
وأيده المحامي نبيل أبو غزالة الذي اعتبر أن عمليات النصب والاحتيال قائمة بكل الأحوال مهما كان رأس مال الشركة. "بالنسبة لشركات الأشخاص فهي شركة التضامن، وهي التي تتألف بين شركاء يتضامون مع الشركة ويلتزمون بتسديد ديونها وأموالها من أموالهم الخاصة، أي أن الشركاء مسؤولين عن أموالهم الخاصة عند تسديد الديون إذا عجزت الشركة عن الوفاء بها، وتكون المسؤولية غير محددة على الشركاء، حيث أن شركة التوصية البسيطة بها نوعين من الشركاء، شركاء متضامنين، أي شريك واحد وأكثر في الشركة ينطبق عليه مبدأ التضامنية أي موصي، ونعني بها محدودية المسؤولية أي بمقدار حصته في الشركة. ومهما لحق بالشركة من خسائر يطبق على المتضامنين قواعد التضامن بالمسؤولية الشخصية، ولكن الشريك الموصي يُسأل فقط عن مقدار رأس ماله المدفوع في تلك الشركة".
أما بالنسبة لشركات الأموال، فأوضح أبو غزالة أن هذا النوع من الشركات يندرج تحته أنواع عدة من الشركات كشركة مسؤولية المحدودة وشركة مساهمة خاصة وعامة. "ونعني بها ان كل شخص مسؤول عن ديونه والتزامات الشركة، وإذا تم تحويل الشركة من شركة تضامن إلى شركة ذات مسؤولية محدودة في تاريخ التحويل تصبح شركة محدودة المسؤولية ينطبق عليها مبدأ أموال الشركات".
إلا أن أبو غزالة نوه إلى الخطورة التي تكمن في انخفاض رأس المال. "من خصائص شركات الأموال أن رأس المال يشكل ضمانا للدائنين. لكن إذا كان رأس المال منخفضا، ألف دينار على سبيل المثال، ويتعامل معها المواطن بـ100 ألف دينار، فهذا دليل على المغامرة والتعامل مع الشركة يعتبر بمثابة خطورة بالغة، لذلك كافة البنوك تأخذ ضمانات مثل العقار للحفاظ على حقهم".
واستبعد اقتصاديون أن يشجع التعديل الجديد لقانون الشركات عمليات النصب والاحتيال. وقال محمد العماوي مدير وحدة تطوير العمل الحكومي في برنامج التنمية الاقتصادية التابع للوكالة الأمريكية لتنمية الدولية، أن "عدم تحديد رأس المال لا يلغي الدور الرقابي لمديرية مراقبة الشركات التابعة لوزارة الصناعة والتجارة".
"من يرغب بإنشاء شركة بهدف النصب على المواطنين ليس من الضروري أن تكون ذات مسؤولية محدودة بل ويستطيع أن ينشاها على أساس أنها مؤسسة فردية ويسجلها بالسجل التجاري، أو أن يسجلها على أساس أنها شركة تضامن أو ذات مسؤولية محدودة ثم يقوم بعد ذلك بسحب النقود من البنك على الفور بعد تسجيل الشركة، فان من الخاطئ أن نعتبر أن عدم تحديد رأس المال سيزيد من عمليات النصب".
وبين العماوي أن 66 دولة في العالم من بينها متقدمة ونامية قد خفضت الحد الأدنى لرأس المال بهدف فتح المجال لصغار المستثمرين.
وكانت دراسة أعدها مشروع صوتنا رواد الشباب عام 2007، أظهرت أن الرأي السائد كان نحو وضع متطلب رأس مال عال في الأردن، لأجل حماية حقوق الدائنين، بالإضافة أن شركات التضامن تسمح للدائنين بملاحقة أملاك أصحاب هذه الشركات أو المؤسسات في حال تخلف المؤسسة بالالتزام بواجباتها نحو حقوق المستثمرين والدائنين أما بالنسبة للشركات ذات المسؤولية المحدودة فان الدائنون لهم الحق فقط في أملاك الشركات، لذلك فرض المشرع الأردني هذا المستوى العالي من رأس المال للحفاظ على حقوق المساهمين والدائنين.
واعتبرت الدراسة أن متطلب الحد الأدنى لرأس المال ليس ضروريا أو ناجعا، يؤدي إلى أنماط من السلوك تقود إلى التلاعب على القانون وتحفز الممارسات الخاطئة.
وبحسب تقرير صدر عن البنك الدولي 2007 والذي صنف 175 دولة حسب سهولة إنشاء وإدارة الأعمال فقد صنف هذا التقرير الأردن في مصاف الدول الأقل تحفيزا في بند بدء الأعمال حيث أن الجزئية المتعلقة بالحد الأدنى لرأس المال الشركات مسؤولية المحدودة كانت من اكبر المعيقات التي تواجه الشركات.
إستمع الآن