تسريحة"عبد الصمد" وحزب الدولة 

الرابط المختصر



أصلح عبد الصمد هندامه أمام المرآة، نظر إلى شعره الأشيب واحتار إن كان سيفرده على اليمين ام على اليسار، لم يكن مهتما تماما بصرعات الموضة وقصَّات الشعر، ولم يكن هذا حاله في يوم من الأيام، لكنه اليوم ومنذ الصباح ما إن يترك المرآة حتى يعود إليها مجددا.



لم يكن انشغال عبد الصمد بالمرآة لنحو ساعة وهو يتلوى أمامها لغايات ترتيب ربطة عنقه الحمراء الفاقعة التي استعارها من صديقه أبو فارس، وإنما كان كل انشغاله في طريقة ترجيل شعره إن كان يجب أن يكون على اليمين أم يجب أن يكون على اليسار، وللحقيقة فقد حاول عبد الصمد مرة واحدة تجربة أن يسدل شعره إلى الأمام ليمحو الفروقات المصطنعة بين اليسار واليمين إلا ان شكل شعره لم يعجبه."هه هه .. رأسي يشبه البطيخة" علق عبد الصمد على صورة شعره وهو منسدل في الوسط لا يكاد يصل جبينه الأمامي، وبسرعة وبدون أن يفكر كثيرا أمسك المشط وأعاد ترجيله الى اليمين، فهو بالنتيجة يكره اليسار، أو أية إشارة قد تثير شبهة انحيازه لليسار.



ــ عليك ان تسرع يا عبد الصمد، لم يبق على اجتماع الهيئة العامة للحزب غير ساعة،وعليك أن تحسب حساب أزمة السير،ولربما حدثت مفاجآة في الطريق قد تجعلك تتأخر عن أول اجتماع هام وموسع لحزب العظيم حزب جبهة الرابطة الديمقراطية .

ظل عبد الصمد يحدث نفسه ليدفع بشجاعته الخافتة إلى قمة رأسه ويتخذ قرارا جريئا بمغادرة المرآة"اليوم أنت المرشح شبه الوحيد لرئاسة المجلس التنفيذي للحزب، وعليك ان تكون بحجم الثقة التي أولتك الدولة إياها، فقد اختارتك عضوا في حزب الدولة، ودعمتك للترشح في موقع قيادي سيسمح لك بالحصول على سلطة يتمناها الكثيرون ".



كان عبد الصمد يحدث نفسه بهذه الأفكار وهو يتقافز بين لحظة وأخرى أمام المرآة منشغلا بطريقة ترجيل شعره، والوقت يدهمه دون أن يشعر أن مشطه ومرآته وشعره قد يؤثران على مستقبله السياسي الذي ينتظره..

ــ سأنجح ، لقد وعدوني بذلك وسيدعمون وصولي لاحقا إلى البرلمان، سأكون نائبا محترما، سأصرخ، وسأكون نائبا أمينا للحكومة وللدولة، فأنا في الأول والتالي قيادي في حزب الدولة..

رن جرس هاتفه الخلوي" نعم سيدي انا في الطريق إلى قاعة الاجتماعات، تأكد أنني لن أتأخر، كل الإحترام سيدي"..



رد عبد الصمد على مستشار الأمين العام للحزب الذي بدا وكأنه يستعجله بالحضور لترتيب بعض القضايا الشكلية لترشيحه، نظر عبد الصمد للمرة الأخيرة في المرآة، واكتشف أن شعره ينسدل إلى اليسار، فأعاده إلى اليمين وغادر شقته على عجل..

في الاجتماع وحين تمت تسمية عبد الصمد مرشحا وحيدا لرئاسة المجلس التنفيذي للحزب، احتج الكثيرون على تسريحة شعره، بعض المحتجين أعلنوا رفضهم الموافقة على انتخابه لأن تسريحة شعره تنسدل إلى اليمين وحزبنا العظيم ليس حزبا يمينيا وإنما هو حزب وسطي مما يعني أن عبد الصمد لم يهضم أفكار ومنطلقات وبرنامج حزبنا العظيم.



تعالى الصراخ وسط قاعة الاجتماعات، وبين الأخذ والرد أصبح الجو مكفهرا جدا، بل إن البعض من شباب الحزب المتحمسين الذين جلسوا في الصفوف الخلفية أصدروا هتافات تدعو لطرد عبد الصمد من الحزب، فيما اشتبك شباب آخرون مؤيدون لتسريحة شعر عبد الصمد باعتبارها حرية شخصية لا تدل على أية هوية للحزب العظيم.



ووسط محاولات رئيس الحزب وأمينه العام الفاشلة لتهدئة المجتمعين قرر من تلقاء نفسه تأجيل الإجتماع إلى ما بعد اجتماع عاجل للأمانة العامة للحزب لتحديد فيما إذا كان حزبهم يمينيا أم وسطيا، وتأثيرات تسريحة عبد الصمد على مستقبل الهوية للحزب.



فقط ظل عبد الصمد من بين كل الحضور يحمد الله على انه سرح شعره إلى اليمين ولم يسرحه إلى اليسار..