تزايد الأصوات التي تدعو إلى مقاطعة الانتخابات
في التزامن مع خطاب حكومي متسارع للترويج للعملية الانتخابية، ارتفعت الأصوات الداعية لمقاطعة الانتخابات النيابية القادمة، إذ تعكف الآن جماعة سياسية مستقلة تعرف باسم ( المبادرة الوطنية الأردنية ) إلى عقد حوارات مع أحزاب أردنية لمقاطعة الانتخابات البرلمانية، متحدية عرض "الصوت الواحد" على استفتاء شعبي..
مبادرة وطنية تدعو للمقاطعة
ورأت المبادرة الوطنية أن القيادة السياسية في الأردن حسمت أمرها بالسير في ذات الطريق الذي قاد المجتمع إلى أزمة حادة مركبة ومستدامة تتعمق يوما بعد يوم، لتشمل كافة الشرائح الاجتماعية، ولتمتد لتشمل مؤسسات الدولة( الأردنية ) وصولا إلى هيبة الدولة ذاتها، حيث تسرّب فقدان الثقة بالدولة ومؤسساتها الى صدور أبنائها، وهي اللحظة الحرجة والحالة الأخطر في تاريخ الدول والأمم، كونها تؤشر على مرحلة من تفكك الدولة والمجتمع معا.
و يقول عضو المبادرة د.سفيان التل في حديث لعمان نت إن "المبادرة ليس حزبا أو تنظيما سياسيا بل هي عبارة عن مجموعة من المفكرين الأردنيين من شتى المنابت يرون أن الأمور وصلت لدرجة كبيرة من السوء في الأردن، ولا بد من رفع الصوت و تنبيه المجتمع الأردني إلى مستوى الانهيار الذي وصل البلد إليه، واصفا الانتخابات النيابية القادمة بالمسرحية المضحكة التي بدأ المواطن الأردني بالاشمئزاز من المشاركة بها على حد قوله".
و عن سبب المقاطعة يبين أن "كل المؤشرات تؤكد أن الانتخابات لن تكون كما يقولون حرة ونزيهة ومحايدة بل على العكس أن شفافية التزوير واضحة في كافة الجوانب، واكبر مثال استثناء بطاقة الأحوال المدنية من الانتخابات والإصرار على جداول الانتخابات التي يمكن التلاعب والتزوير".
الحكومة تؤكد على النزاهة
الحكومة بدورها مددت فترة التسجيل وتثبيت الدوائر الانتخابية ونقلها من دائرة إلى أخرى حتى نهاية دوام يوم الخميس الثاني والعشرين من الشهر الجاري، وحسب وزير الداخلية نايف القاضي يأتي التمديد بسبب" للإقبال المتزايد على تثبيت الدوائر والنقل من دائرة انتخابية إلى أخرى وفق الشروط القانونية، وإتاحة المجال للمواطنين لممارسة حقهم الانتخابي "وهذا مؤشر أكيد على رغبة المواطنين في ممارسة حقهم الدستوري لانتخاب ممثليهم في المجلس النيابي المقبل وفق معايير الأكفأ والأقدر" على حد قوله.
و تأتي أصوات مقاطعة الانتخابات في الوقت الذي يؤكد عليه نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية نايف القاضي أن الحكومة ملتزمة بإجراء انتخابات نزيهة، لافتا إلى قانون الانتخاب الجديد لهذا العام تمت صياغته وفق الرؤية الملكية.
بينما انتقد د.التل ما أسماه "القمع الذي تمارسه الحكومة بالضغط على و سائل إعلامية لعدم نشر أية أخبار عن مقاطعة الانتخابات النيابية القادمة ومن ذلك منع نشر بيان للتجمع الشبابي الشركسي الأردني يؤكدون فيه على مقاطعة تيار كبير من الشركس للانتخابات القادمة".
شريحة من الشركس تقاطع
عمان نت حصلت على بيان التجمع الشبابي الشركسي وجاء فيه أن سبب المقاطعة يعود إلى " تنكر مجموعة منعزلة داخل غرف مغلقة للدستور ولمصلحة الوطن والشعب، وأدارت ظهرها لمطالب الأحزاب والنقابات ومنظمات حقوق الإنسان، ومؤسسات المجتمع المدني والعشائر، والشخصيات الوطنية وجموع المثقفين, وتنكرت لوعود النظام في الإصلاح السياسي والعمل على إصدار قانون انتخابات يلبي المصالح العليا لبلدنا وشعبنا في مواجهة المخاطر والكوارث التي نتجت عن قانون الصوت الواحد الذي احدث الشروخ والاحتقانات بين أبناء الوطن الواحد والسماح بالسطو على مدخرات الشرائح والفئات الشعبية الضعيفة بالإضافة لتجاهل مطالب عشرات الآلاف من المواطنين الشراكسة بخصوص تصويب وإعادة مقعدهم النيابي إلى الدائرة الثالثة التاريخية في عمان..والتي يعتبرونها مركز انطلاقهم في البناء والشراكة الحقيقية والاعمار والتنمية إلى جانب كل أبناء الأردن والتي ترمز إلى عطائهم وتضحياتهم جيلاً بعد جيل".
و حول مقاطعة شريحة من الشركس للانتخابات أكد النائب السابق عن المقعد الشركسي منصور مراد في تصريحات صحفية أن "تجمع الشباب الشركسي الذي يرأسه سيقاطع الانتخابات النيابية المقبلة، وأنه لن يعترف بأي شركسي يتم انتخابه في المجلس القادم في حال تمّ تعيينه أو إيصاله عن طريق التزكية لتمثيل الشركس، وذلك بسبب إلغاء المقعد المخصص لهم في دائرة عمان الثالثة وقال مراد في تصريحات إلى "العرب اليوم" إن هناك العديد من الأسباب التي دعت إلى اتخاذ قرار المقاطعة، أهمها قيام حكومة أبو الراغب في عام 2003 بإلغاء المقعد الشركسي في الدائرة الثالثة في عمان، وتحويل هذا المقعد إلى الدائرة السادسة التي استحدثت في قانون 2003. وتعتبر الدائرة الثالثة في عمان من اكبر الدوائر الانتخابية في البلاد وتسمى بدائرة "الحيتان" نظراً لأن مرشحيها من كبار رجال الأعمال والشخصيات السياسية النافذ"ة.
أحزاب المعارضة تنتظر الحسم
حزبيا المقاطعة هي التوجه الأقرب لدى أحزاب المعارضة التي تحسم هذا الأمر يوم الأربعاء القادم في لقاء مشترك، إلا أن أمين عام حزب الوحدة الشعبية سعيد ذياب يؤكد لعمان نت وجود توجه قوي لدى حزبه –أكبر الأحزاب اليسارية- لمقاطعة الانتخابات احتجاجا على قانون الانتخاب".
أما الإسلاميون فلم يعلنوا حتى الآن موقفهم لكن المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور همام سعيد وجهه نقدا لاذعا لقانون الانتخابات معتبرا ان العملية الانتخابية القادمة ستكون شكلية.
وأكد في تصريح له الخميس أن حالة من الإحباط تسود أوساط الأردنيين جراء "عدم توفر شروط انتخابات نزيهة قادرة على إنتاج بيئة سياسية حقيقية"،لافتاً إلى ان القانون الذي "مزق المجتمع الأردني وأساء الى هيبة المجالس النيابية لا يزال على حاله" ،كما "لا يوجد ما يضمن نزاهة الانتخابات التي لا تزال السلطة التنفيذية تشرف على إجرائها".
ونوه سعيد إلى أن "تزوير" الانتخاب السابقة 2007 "لا يزال حاضراً في حس المواطنين ومهيمناً على الجو العام الذي لم يتغير"،ولفت في هذا السياق إلى أن الحكومات "لا تزال تستهدف الحركة الإسلامية والقوى الفاعلة في المجتمع ،وتصادر أكبر جمعية خيرية أردنية تعسفاً وتمضي في برنامج تضييق هامش الحريات ،ولا يزال السلوك الحكومي العام في الانتخابات الفرعية في الجامعات وغيرها يحمل طابع التزوير والتلاعب".
عشائر تقود مبادرات للمقاطعة
الجديد في موضوع دعوات مقاطعة الانتخابات النيابية أنها طالت عشائر أردنية، ففي جلسة حوارية خاصة استضافها الناشط الشيخ محمد حديد، لمناقشة قانون الانتخاب والظروف الانتخابية، بحضور عدد من المثقفين والنشطاء من خارج الأطر الحزبية، قال الشيخ الحديد إن الانتخابات القادمة ستجري بناء على قانون يزور إرادة الناس حتى ولو لم تزور مباشرة".
المواطن لا يعرف قانون الانتخابات
أما بالنسبة للمواطن الأردني فقد أظهر استطلاع لمركز الدراسات الإستراتيجية حول قانون الانتخاب الجديد والمشاركة الانتخابية ان 65%) أنهم ينوون الإدلاء بصوتهم فيها، في حين أفاد الربع (24%) أنهم لن يقوموا بالانتخاب، وقد أرجع الذين لن يقوموا بالانتخاب السبب إلى عدم القناعة بجدوى الانتخابات المقبلة.
مع الإشارة إلى أن نفس الاستطلاع أظهر أن66 % من المستجيبين لم يسمعوا أو يشاهدوا أو يقراوا عن قانون الانتخاب الجديد.