ترخيص "السبيل" ومعنى التغيير في العلاقة مع حماس والإخوان
كمراقب إعلامي أجد صعوبة في تقييم التغيير في علاقة الدولة مع حماس والإخوان، لأنني أسمع من طرفين فقط، الأول هو حماس والإخوان، والثاني هم الكتاب المهتمون أو المروجون لهذه العلاقة، أما الطرف الثالث (الدولة) فلا نسمع منه شيئا مفصّلاً إلى الآن.
ليس مهنيا بما فيه الكفاية أن نفترض وجهة نظر أردنية ونبني عليها، وأقصى
ما قالته الحكومة بشأن حماس تصريح مقتضب جدا من وزير الخارجية يوضح الطابع
الأمني المحدود للقاءات التي حصلت مع حماس.
لكن كتابا وصحافيين يتطوعون بفتح آفاق مترامية لهذه اللقاءات مع خلفية
مسهبة لأسباب التحول وتلاقي المصالح، ومن ذلك ما يمس علاقة الأردن مع
السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير. أمّا ممثلو حماس والإخوان فهم الشاهد
الوحيد الذي يستطيع أن يقول ما شاء عن اللقاءات ومستواها وتقدمها،
بالإضافة الى ما يريدون لها، وبهذا فهم يكسبون اللقاءات ما يناسبهم
ويستثمرون فيها ما شاؤوا في غياب وصمت الطرف الآخر.
مؤخرا أجرت صحيفة العرب اليوم مقابلة طويلة مع خالد مشعل دارت خصوصا حول
العلاقة مع الأردن وحملت نبرة تفاؤل وترويج لما يفترض أنه مصلحة أردنية
بالعلاقة مع حماس، وخصوصا في مواجهة التوطين والوطن البديل والخيار
الأردني.
كنّا ميالين لافتراض بعض المبالغة الصحافية فيما يكتب. وأن حماس والإخوان
يستثمرون إعلاميا في هذ الانفتاح المحدود بأكثر مما يستحق فعلا. لكن
الاستجابة لمطالب عملية محددة من إعادة خطباء المساجد الى (ما يقال) عن
إعادة جمعية المركز الإسلامي، وأخيرا الخطوة بالغة الأهمية بإعطاء ترخيص
لصحيفة السبيل لتتحول الى يومية، قد يشير الى أن اللقاءات تتجاوز مجرد
تلطيف الأجواء وتخفيف الاحتقان الى تفاهمات ثنائية أعمق نرى بعض نتائجها!
الأمر لا يتصل بما أجيز للإخوان مثل اعطاء رخصة يومية للسبيل، فالتيار
الإخواني تيار كبير ويحق له الحصول على ترخيص صحيفة يومية مبدئيا وكحق
ديمقراطي. لكن السؤال هو حول الانتقال من المنع الى المزايا، وفق تبدل
الحسابات في كل مرة.
أنا افترض أن الإخوان بخطهم السياسي ووجهة نظرهم في القضايا الخارجية
والداخلية هم خصم سياسي ولم يتغير شيء على ذلك، لكن بهذه الصفة يتوجب
مواجهتهم سياسيا دون الانتقاص ذرة من حقوقهم الديمقراطية، كما هو حال بقية
القوى السياسية أيا كان لونها.
ليس الخيار مع الإخوان هو "الانفصال" بالطلاق أو "الاتصال" بعيداً عن
المعايير السياسية المعلنة، فهذا يديم حياة غير ديمقراطية يكتوي بنارها أو
يتمتع بدفئها الإخوان من حين الى حين، دون أن نتقدم بالمسار الديمقراطي
خطوة واحدة، وعلى حساب الإصلاح السياسي الحقيقي. وللعلاقة مع حماس حديث
لاحق.











































