تراجع المساعدات وتنامي العجز
الحصيلة المالية النصف سنوية للموازنة العامة تستدعي وقفة مراجعة فورية بعد ان اظهرت المؤشرات الرقمية التداعيات السلبية على الاقتصاد الوطني جراء الازمة المالية العالمية التي اثرت جليا على الخزينة.
الاحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة المالية تشير ان إجمالي الإيرادات المحلية والمساعدات الخارجية بلغ خلال النصف الأول من عام 2009 ما مقداره 2292.8 مليون دينار مقابل 2393.7 مليون دينار خلال الفترة نفسها من عام 2008 أي بانخفاض مقداره 100.9 مليون دينار أو ما نسبته 4.2%.
اللافت للانتباه في المؤشرات المالية هو التراجع الكبير في حجم المساعدات الخارجية التي حصلت عليها الخزينة في الشهور الستة الاولى من هذا العام, وبلغ مجموع تلك المنح ما مقداره 95.9 مليون دينار, وهو رقم متواضع مقارنة مع ما تدفق للخزينة خلال الفترة نفسها من العام الماضي والبالغ حينها 259.8 مليون دينار اي بانخفاض مقداره 164 مليون دينار تقريبا او ما نسبته 170%.
تقديرات قانون موازنة 2009 تتحدث عن رصد ما يقدر ب¯ 684 مليون دينار منحا خارجية لهذا العام, واذا ما دققنا بما حصل فعلا في النصف الاول بهذا الجانب سنكتشف ان التراجع ما بين المقدر والمحصل فعلا بات شاسعا ويثير تساؤلات عديدة.
من المعروف ان هيكل المنح الخارجية يشير ان مصادره تتركز اساسا في عدد من المانحين الرئيسيين ابرزهم الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي واليابان والسعودية والكويت, ويبدو انه لغاية الان لم تتدفق المساعدات المقدرة الى الخزينة, صحيح ان هناك خمسة شهور مقبلة قبل ان تنقضي السنة الحالية, لكن التراجع بهذه النسب الكبيرة يتطلب من الجهات الحكومية اجابات واضحة على ما يحدث.
نسمع ونشاهد مسؤولين حكوميين يتحدثون على الدوام عن قدوم مساعدات خارجية سواء كانت دورية ام اضافية ولا ندري حتى هذه اللحظة ما مدى التزام الدول المانحة والتي جرى توقيع اتفاقيات التعاون معها بتقديم تلك المساعدات والتي جرى رصدها في قانون الموازنة.
المؤشرات الاولية من الناحية النظرية تدلل على وجود بوادر ايجابية, فالولايات المتحدة اعتمدت برنامج المساعدات الاقتصادية للاردن بقيمة 356 مليون دولار ومساعدات اضافية بقيمة 150 مليون دولار بانتظار المصادقة النهائية من الكونغرس الامريكي, والاتحاد الاوروبي اكد في اكثر من مناسبة التزامه بتعهداته المالية للمملكة, في حين ان السعودية التي باتت الشريك التجاري الاول للمملكة والمانح الرئيسي للمنح تساهم على الدوام وبشكل جلي في عملية تقديم دعم مالي مباشر للخزينة وهناك عدد كبير من المشاريع التنموية الكبرى والعلاقات الثنائية بين البلدين في افضل حالاته, لذلك من المرجح ان تكون الاشهر المقبلة مليئة بالاخبار السارة في هذا الجانب.
القلق الذي ينتاب المراقبين هو ان التراجع الكبير في المنح الحاصل في الشهور الستة الاولى من هذا العام يتزامن مع هبوط كبير في الايرادات المحلية المحصلة بواقع 377 مليون دينار مقارنة مع ما هو مقدر في قانون الموازنة وبفجوة نسبتها 17 بالمئة, واذا ما اضفنا الى ذلك العجز الذي اشارت اخر البيانات الى تسجيله النصف الأول من عام 2009 بحوالي 530.1 مليون دينار مقابل عجز بلغ 38.4 مليون دينار خلال الفترة نفسها من العام السابق, واذا ما تم استثناء المساعدات الخارجية فان العجز يبلغ 626 مليون دينار مقابل 298.2 مليون دينار خلال الفترة نفسها من العام السابق, هذا يستدعي من المعنيين الوقوف جليا على التطورات المالية السلبية للحد من تناميها الامر الذي بات مقلقا للاقتصاد الوطني.0











































