تتبادل الحديث مع النبات.. قصة جامعية تتحدى البطالة في مشتل
لم تتوقع أريج محمد أن دراستها الجامعية مدة أربع سنوات لن تمنحها وظيفة ثابتة في القطاع العام، بعد تخرجها عام (2008) من جامعة البلقاء التطبيقية، حيث استمرت مدة (9) سنوات تعمل على نظام التعليم الإضافي بناءًا على شهادتها في التربية المهنية.
رغم العمل سنوات في التعليم الإضافي لدى وزارة التربية، واجهت أريج تحدي البطالة ومخاوفه لعدم وجود الامان الوظيفي والاستقرار في العمل على التعليم الإضافي ما زاد هواجس ترك العمل كل يوم.
حاولت التخلص من خوفها وهواجسها والانتقال إلى العمل في مشروعها الخاص، وبدأت أريج عام (2017) بإنشاء بيت بلاستيكي لتشتيل وزراعة نباتات الزينة والصباريات في محافظة عجلون وبيعها بطرق فنية تزيد انجذاب الناظر لها.
تقول أريج لـ"المرصد العمّالي" أنّ الأمر لم يكن سهلًا ولكن استطاعت تخطي كل التحديات على مدار أربع سنين كانت السنة الخامسة تمثل عام الجائحة.
تحديات ولكن...
واجهت أريج تحديات عديدة كان آخرها جائحة كورونا، ولكن استطاعت تخطيها كاملة بمساعدة من أهلها، فمنذ البداية منحها والدها أرض لتقيم البيت البلاستيكي عليه، وكانت تملك رأس مال لا يتعدى (500) دينار، واستطاعت ومن خلال شغفها أن تلتحق بدورات تدريبية لإعداد دراسة الجدوى والخطط المالية، وتطبيقها على مشروعها الخاص. الأمر الذي ساعدها على الاستمرار لهذه اللحظة.
ولتعزيز مبدأ التكافل الاجتماعي وبعد نجاح المشروع، قامت بتشغيل (3) شابات ممن يحملن شهادات جامعية وبنظام المياومة بأجور متفاوتة حسب إنجاز العمل المطلوب، حيث يتفرغن لترتيب المشتل وتنسيق النباتات بصورة مميزة، "اخترت تشغيلهن لأنه المرأة في محافظة عجلون فرصتها بالعمل قليلة" قالت أريج.
تضيف أن هناك ظروف تكون خارجة عن الإرادة، ففي أيام الشتاء الماضي ولأن الأجواء باردة جدًا في محافظة عجلون، خسرت جزءاً من البيت البلاستيكي، ولكن استطاعت اصلاحه والمحافظة على النباتات بداخله.
وأردفت أن الجائحة تسببت لها بخسائر كبيرة وصلت إلى (70%)، ولكن استطاعت بعدها أن تتعافى بتطوير الخطة التسويقية، واستحداث خدمة توصيل النباتات للمنازل من خلال التعاقد مع شركات التوصيل، وعمل عروض مستمرة على مواقع التواصل الاجتماعي لتشجيع الناس على الشراء.
النباتات كما الانسان...
تستيقظ أريج يوميًا في ساعات الصباح لتكمل مهامها خلال الساعات الأولى وتبدأ بالتواصل مع زبائنها عبر الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي، معلنة عن وجود نباتات زينة جديدة أو حتى النباتات الموجودة مسبقًا وبأسعار تناسب الجميع.
تتفقد نباتاتها في البيت البلاستيكي بين الساعة والأخرى حتى بعد ساعات الغروب ذلك لأنها تحتاج للرعاية والتسميد والتروية بالماء"هذه النبته بحاجة الى ماء... تلك الصبّارة تحتاج الى مكان دافئ... وتلك النبته تعطيني الأمل لأستمر في المشروع...".
تتعامل أريج مع النبتة كالصديقة فهي تتبادل الحديث معها كأي شخص آخر لأنها تؤمن أن النباتات كما الإنسان "في بعض الأحيان وعندما تزهر هذه النباتات أقوم بتقبيلها".
يأتي الزبائن الى المشتل لشراء النباتات، فيعجبهم المكان ويتجولون فيه لساعات مستفسرين عن أنواع النباتات وكيفية الاعتناء بها "هذا صبار المرجان يوفر الماء ويتحمل الظروف الجوية المختلفة بما في ذلك الأجواء الباردة والحارّة" تضيف أريج قائلة.
تخصص أريج بعض الوقت للتواصل مع مزودي الخدمة لمشروعها، لتزويدها في: البذور، الأشتال، الأبصال، الأقاصيص، ومواد خام اخرى حسب الحاجة.
ومن جانبها قالت دعاء العجارمة، المختصة في النوع الاجتماعي والبيئة، أن مشاريع البيوت البلاستيكية والمشاتل تعتبر شكلاً من أشكال الاقتصاد الأخضر وتوفر فرص عمل للمرأة، حيث تعتبر الأردن من الدول التي تهتم في الاقتصاد الأخضر وانشاء مشاريع معنية في الاقتصاد الاخضر.
وفي سياق متصل بلغ معدل البطالة في الأردن (22.6%) لدى الذكور و (32.8%) لدى النساء، بحسب الأرقام الاخيرة الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، الأمر الذي دفع العديد من الأشخاص لعمل مشاريعهم الخاصة بالرغم من التحديات التي تواجههم.