بين حنيطي وفريحات: فتنة "الأكتاف" وهي"تتلقف الجنرال"
بعيدا عن هيبة الموقع وقدسية الرسالة ومصاعب الواجب..بدا لي رجلا طيبا للغاية.
بصعوبة بالغة وصل اللواء يوسف الحنيطي إلى ديوان عشيرته إختصارا لوقت الاسترسال في التهاني .
أحاط به القوم..فرحون ومتفائلون وشاعرون بالإنصاف وعلى الارجح مجاورون طيبون وفضوليون للغاية من الطراز الذي يهنيء الجميع "إذا وقف" ولايطرق باب من "يقعد".
طاقم الشرطة العسكرية احاط بدوره بالجنرال الجديد..إنها متطلبات الواجب .
والناس في كل مكان يوزعون الحب ويزاحمون للمصافحة برغبة او بدونها ..ليس مهما.. المهم ان الجنرال كان يسترق تلك اللحظات التي يمد فيها يده لمصافحة بعيدة حتى لا تتلقفه الأحضان والقبلات اياها مجاملا الجميع وبطيبة ملموسة.
قبل ذلك كان سلفه محمود فريحات مع حفظ كريم القابه يفرض محبوه علينا نفس المشهد وسط اقرباءه والاهل والعشيرة حتى ان أهازيج صرفت له في مناسبات شخصية اوعائلية.
الرجلان جنديان...مكانهما الطبيعي خصوصا في حرب الحفاظ على الدولة والوطن بين جنودهما والثكنات والثغور والحدود وليس أكتاف الجماهير وخواصر المنطقة والعشيرة مع كل التقدير والاحترام للجميع.
ببساطة وبصراحة لا تقبل نفسي تلك المقايسة البائسة حيث الجماهير المتعطشة لوظيفة عليا ما تكاد تحمل "سيارة المسئول" قبل اشهر فقط من"إتهامه" وتشويه صورته لاحقا وممارسة هواية "النميمة" ضده.
تلك مقاربة تصلح لموقع برلماني او وزاري او لمن فاز بإنتخابات ورئاسة بلدية ..العسكر بمكانة ارفع رغم تقديري للفرح الطفولي وللتقاليد الموروثة التي شعرنا ومن باب التحليل فقط بان المبالغة فيها قد تكون من بين الاسباب التي سارعت في رحيل سين او صاد من علية القوم.
من حق الاهل والاحبة والعشيرة إظهار الفرح ومن حق الاهل والعشيرة ايضا زيارة من أدى الواجب وانتقل لتقديم التحية له.
لكن "ترشيد" التعبير عن الفرح مطلوب وطنيا في هذا الزمن الصعب خصوصا وان الوطن مستهدف والقدس يريد الاحتلال ابتلاعها تماما وقوى الارهاب الغاشم تتربص لكي تخدم المشروع الصهيوني.
نحن عاطفيون ..نبالغ في الإحتفاء بالمتقاعد وبالعامل ايضا ولا نرحمهما من كثرة التذمر والشكوى والطلبات غير المنطقية في كل الاحوال ولا يسلم كلاهما من "لسان الشارع والاهل والقبيلة" بالنتيجة.
أن تنتمي لعشائر الحنيطي او الفريحات شرف ومحبة وروح قومية وثابة .
لكن أن نتتمي للعسكر وللأردن بالمقابل نبل لا يقابله نبل و"قيمة" معناها انك تتجاوز حتى"إسمك"الفردي وأنت تضحي من أجل التراب وتسهر على أمنه مع نشامى رفاق السلاح خلافا لأنك لا تملك الوقت للإسترخاء باستعراضات تصلح للأخرين في لعبة سياسية نحمد الله انها "لولا العسكر ومؤسستهم" لاوصلت بلدنا إلى ما هو "أسوأ" في ازمته المفتوحة حاليا.
شخصيا لا يخطر في ذهني تهنئة اي مسئول وفي اي موقع في هذا الظرف الصعب والمعقد بقدر ما تتملكني مشاعر "شفقة" فعلا على كل من يقرر العطاء العام فالمسئوليات تاريخية وجسيمة والوضع صعب ومعقد والواجب بالتأكيد اليوم "تكليف " لا ينطوي على اي"تشريف".
أحب العسكر وأعشق الجيش ولا تريجني "البدلة المدنية" عندما يرتديها جندي خرج للتو من غرفة عمليات او من ثكنة...طبعا هذا ميل شخصي يخصني فقط ولا يعني شيئا .
واتوسم كغيري بخيار قيادتنا الجديد اللواء الحنيطي الخير كله مع انه-أي الخير- يبدأ مع تجنب فتنة الجماهير اينما كانت.
التحديات امام الحنيطي كبيرة والمهمة شاقة ...افضل ما يمكن ان نقدمه له جميعا ان "نتركه يعمل" وان نوقف استعراضاتنا المضجرة خصوصا تلك التي يمكن الاستغناء عنها.