بيت عزاء في عمان لمؤسس السينما الفلسطينية

الرابط المختصر

 يقيم أقرباء مؤسس السينما الفلسطينية المخرج مصطفى أبو علي، بيت عزاء له في عمان في منطقة الجبيهة حي الزيتونة لاستقبال التعازي بالفقيد الذي توفي يوم الخميس الماضي في رام الله.

 


وكانت بداية علاقة أبو علي بالسينما التي درسها في بريطانيا العام 1963، بعد أن تنقل بين دراسة "التثقيف الصحي" في بيروت، ومن ثمة الهندسة في الولايات المتحدة الأميركية، حين عمل في التلفزيون الأردني، مع رفيق دربه المصور السينمائي الشهيد هاني جوهرية، قبل أن يأسسا برفقة سلافة جاد الله وحدة السينما التابعة لحركة فتح، بعد هزيمة حزيران.


ويقول أبو علي عن تلك المرحلة في لقاء له مع "الايام" قبيل وفاته (سننشره بالكامل غدا): عندما وقعت النكسة، كنت في بريطانيا .. هزني هذا الحدث كثيراً، ما ولد لديّ الرغبة في الثأر لكرامتنا المهدورة .. ومن هنا كان لابد أن نساهم بكاميراتنا، وهو ما نجيده، في هذه الثورة.. أنا وهاني وسلافة جاد الله أصحاب الفكرة، وكان لسلافة الدور الأكبر في إيصال هذه الفكرة إلى قيادات الثورة، لعلاقاتها المتميزة معهم.. سلافة وهاني تفرغا للعمل في هذه الدائرة الجديدة، أما أنا فكنت مرتبطاً بالعمل مع دائرة السينما في وزارة الإعلام الأردنية لست سنوات، إلا أنني كنت أساهم بشكل كبير في تزويد هذه الوحدة بالمواد والصور اللازمة.


في تلك الفترة استطاع الثلاثي أبو علي وجوهرية وجاد الله الحصول على كاميرا من طراز "فوليكس" صغيرة .. ويقول المخرج الراحل: وكنا نقوم بتصوير جزء من العمليات الفدائية وتوثيق الأحداث، لتأسيس أرشيف سينمائي فلسطيني.. ومن هنا ظهر فيلم "لا للحل السلمي"، والذي صور تظاهرات عمّان ضد مشروع روجرز، وضعت السيناريو، وقام هاني جوهرية بالتصوير.. وتم التحميض والمونتاج في بيروت.

 

ورحل أبو علي مع قيادات الثورة الفلسطينية إلى بيروت، وهناك أسس جماعة السينما الفلسطينية، التي عاد وأسسها في رام الله، بعد عودته إليها في 1996، وضمت الأخيرة في مجلسيها المنتخبين منذ تأسيسها عدداً من المخرجين والمنتجين والنقاد الفلسطينيين ..

 

وعن تجربة الجماعة في بيروت، قال الراحل أبو علي لـ"الايام": ارتبط تأسيس الجماعة بسوء تفاهم مع الإعلام الموحد لمنظمة التحرير الفلسطينية، هم كانوا من أنصار أن الوقت غير ملائم للسينما هذه الفترة، ونحن نريد مواصلة الطريق، ومن هنا كانت الجماعة، التي لم تقتصر على الفلسطينيين، بل انضم لها العديد من المفكرين والمثقفين والأدباء العرب .. كان الهدف الأساسي من وجودها، هو تفعيل السينما النضالية الفلسطينية، إلا أنها لم تنتج إلا فيلماً واحداً هو "مشاهد من الاحتلال في غزة" .... الفيلم حصل على الجائزة الذهبية في مهرجان أفلام فلسطين الأول في بغداد، العام 1973، أما فيلم "بالروح بالدم" وأعد في عمّان فقد حصل على جائزة الفيلم التسجيلي في مهرجان دمشق السينمائي، العام 1972، كما شاركت في معظم دورات مهرجان "ليبزغ" السينمائي، في ألمانيا الشرقية، وكنا نحصل على جوائز تقديرية.
ولم يتمكن أبو علي من تحقيق حلمه بإخراج فيلم روائي له، بسبب ما كان يسميه على الدوام "عقبة التمويل، حيث أن مشاريع أفلامي لا تحاكي رغبات الممولين الأجانب، فهي ليست مهادنة"، كما كان يقول.

 

كان آخر فيلم للمؤسس السينما الفلسطيني هو "تل الزعتر"، ولكن كان هناك العديد من الأفلام بين "بالروح بالدم"، و"تل الزعتر"، منها "ليس لهم وجود"، و"عدوان صهيوني"، وغيرها .. جميع هذه الأفلام كانت تصب في محاولة بلورة لغة سينمائية تعبر عن "السينما النضالية"، وصارت جزءاً لا يتجزأ من تاريخ الثورة الفلسطينية، كما هو مصطفى أبو علي نفسه.

 

رحل مصطفى أبو علي، والذي تشيع جنازته اليوم (الجمعة) في رام الله، بعد أن حصلت جماعة السينما الفلسطينية على تمويل من وزارة الثقافة الفلسطينية للبحث عن الأرشيف السينمائي الفلسطيني وحفظه، وهو أحد حراسه الذين أجبرهم الاجتياح الإسرائيلي لبيروت على الرحيل .. رحل بعد أن قام وأعضاء الجماعة الجدد باستئجار مقر، والبدء في تأهيله وسط رام الله، لكن القدر لم يمهله ليجد الجماعة تحقق من جديد إنجازات توازي أو تفوق ما أنجزته بنسختها البيروتية، لكنه رحل قبل أن يحقق حلمه بفيلم روائي يعود به إلى السينما، بعد أن تعثر فيلمه "المتشائل" عن رواية إيميل حبيبي بسبب اجتياح بيروت أيضاً.