بنك يسأل عن الانتماءات السياسية للعملاء ..!
يلزمك عزيزي المواطن قبل الذهاب إلى البنك الاردني الكويتي الإفصاح عن انتمائك السياسي ولأي حزب تتبع، أكنت أنت أو أحد أفراد عائلتك؛ ذلك السؤال ليس طلبا للدخول في عضوية حزب أو تيار سياسي إنما طلب بنكي إجباري لأي مواطن يرغب بفتح حساب بنكي.
نموذج "فتح حساب جديد" أو "تفعيل الحساب من جديد" في أي بنك يتضمن تعبئة جملة من الأسئلة تستدعي المواطنين الإفصاح عن المعلومات الأساسية للمتقدم كما ويتضمن أيضا معلومات عن انتمائه الحزبي السياسي أو أفراد عائلته.
الشابة ريما جبر تقدمت بطلب لإعادة تفعيل حسابها البنكي لدى أحد البنوك المحلية، لكنها فوجئت عند تعبئتها البيانات المطلوبة بسؤال حول ضرورة إفصاحها إن كانت عضو في أحد حزب السياسية أو لها أي عمل مرتبط بالسياسة.
تلزم البنوك عملائها من المواطنين بضرورة الإفصاح عن انتمائهم الحزبي وإقرار وتعهد بضرورة عدم استفادة تلك الأحزاب أو ما تعتبره البنوك في وثيقة إلزامية مقرة من البنك المركزي بضرورة عدم استفادة الهيئات لصالح أي عمل مسلح، وذلك من خلال نماذج التعبئة التي يقدمها الموظف من المتقدم لفتح حساب شخصي أو إعادة تفعيل حسابه من جديد.
تاليا نص السؤال الذي اعتبرته ريما تجاوزا على خصوصية المواطنين: “في حالة الإجابة بنعم يرجى ذكر التفاصيل: هل سبق وان شغلت أو أي من أفراد عائلتك أي منصب سياسي أو كنت عضوا في حزب سياسي".
إلزامية "المركزي"
مصرفي يوضح "لعمان نت" أن هذا السؤال وغيره من الأسئلة تشكل جزء من منظومة بيانات يلزم البنك المركزي الأردني البنوك المحلية والعربية والدولية العاملة في الأردن بضرورة التقيد بها عند تقدم أي عميل لطلب فتح الحساب أو أي مراجعة بنكية تستدعي تعبئة نماذج.
حاولنا مرارا الاتصال مع الدائرة القانونية في البنك لكننا لم نستطع من الوصول إلى مسؤوله، في وقت ابدت إحدى المحاميات العاملات في الدائرة استغرابها من السؤال.
لكن ريما تظهر وثيقة أخرى ألزمت على توقيعها وهي نموذج إقرار وتعهد يفيد بأن ليس من غايات حسابها تحويله أو الاستفادة منه لصالح حزب أو أي عمل له علاقة بالعمل السياسي أو الحزبي أو العمل المسلح أو غسيل أموال أو أي تمويل لعمليات إرهابية.
تستغرب ريما من كل هذه الإجراءات التي يقوم بها البنك بقولها أنها قدمت لأجل فتح حساب شخصي وليس من مسؤولياتهم أن يسألوني عن انتمائاتي الحزبية فضلا عن كون الانتماء لأي حزب ليس تهمة تساق مع جملة استفسارات لها علاقة بالارهاب.
تشويه للأحزاب وتمييز
أمينة عام حزب حشد عبلة أبو علبة تستغرب هذه الأسئلة التي تؤثر سلبا على كل من هو منتمي للأحزاب السياسية، "ندرك أن كل هذه الاستفسارات تأتي انسجاما مع قانون منع الإرهاب الذي يتبناه الأردن كمتطلب إجباري دولي".
مفهوم الإرهاب واسع وفضفاض كما لا يجوز لمؤسساتنا المالية مساءلة المواطنين على انتمائهم الحزبية بأي شكل من الأشكال..
المحلل الاقتصادي، فهمي الكتوت، يقول أنه لا المبرر أن تلزم المؤسسات المصرفية المواطنين على تعبئة مثل هذه الأسئلة وكان الأجدى أن يتحرك البنك المركزي التحرك ليمنع استمرار محاسبة الناس على انتمائتها الحزبية وانتماءات عائلتها.
مخالفة حقوقية
تنوي ريما جبر التقدم بشكوى للمركز الوطني لحقوق الإنسان. وبحسب قولها لنا تفاجئ متلقي الشكاوى في المركز من هذا الإجراء بعد اطلاعه على التفاصيل، قائلا لها أن الحساب الشخصي لا يستدعي مسائلة الأشخاص عن آرائهم وانتمائاتهم السياسية والحزبية.
الناشط الحقوقي والمحامي الدكتور عاكف المعايطة استهجن لدى اطلاعه على طلب فتح الحساب البنكي هذا الإجراء قائلا أنه لا يدخل تحت أي معيار من معايير التي يتطلبها البنك من العملاء.. هو يدخل في حساب التمييز بين المواطنين.
الأساس لا يجب أن يضم الطلب مثل هذه الأسئلة على اعتبار انه يتنافى مع حقوق الإنسان التي تمنع التمييز بناء على الراي والتوجه السياسي أو الحزبي مثلما هو التمييز بناء على االأصل والجنس والدين، يقول الطراونة الذي قالها ساخرا هذا ليس طلب توظيف في وزارة الداخلية.
يخلص المعايطة إلى القول "البنك يخالف الاتفاقيات الدولية والدستور الأردني”.
عودة "عرفية"
المحامية والوزيرة السابقة اسمى خضر لا ترى في هذا الإجراء إلا من باب تقويضه لحرية التعبير وتمييز الناس بناءً على انتمائاتهم الحزبية. واعتبرت خضر ان الإجراء يأتي جزء من منظومة قانون منع الارهاب الذي لا يتفق وحقوق الإنسان.
وتمنت خضر على البنك المركزي ان يتراجع عن مثل هذه الاجراءات التي من شأنها التاثير سلبا على الأحزاب الأردنية قاطبة.
فيما دانت الحزبية والناشطة الحقوقية ليلى حمارنة ما قام به البنك وقالت أنه يعيد الحياة السياسية إلى زمن الأحكام العرفية حيث يعتبر كل من له علاقة بالأحزاب محل شبهة لا بل أنه وفي هذه المرة ارتقى بمرتبة العمل المسلح حسب ما هو منصوص في الاقرار والتعهد الذي شملته الوثيقة التي يلزم البنك عملائه على تعبئتها.
يتفق الكتوت مع الحمارنة في عودة البنك إلى الأحكام العرفية في هذا الإجراء، لا بل أنه يتدخل بطريقة فظة في شؤون المواطنين وأرائهم السياسية.
كيف يمكن لمؤسسات محلية ومرخصة وتعمل ضمن قوانين البلد ان تمارس هذا التدخل بما يمس بخصوصية الانسان وتشكل حالة من التخويف والرعب من النشاط السياسي، وهذا يعيدنا إلى القوانين المعادية للحياة السياسية، وفق الكتوت.
وانتقد الكتوت قانون منع الارهاب الذي لا يراه إلا من باب الاجندات الخارجية بالتالي الخلط ما بين العمل السياسي والوطني والارهابي قمة في الخطر.
المركزي: شفافية المعاملات
حاول موقع "عمان نت" الاتصال مع البنك المركزي الذي يشكل مظلة للبنوك العاملة داخل حدود المملكة لكن لم نتمكن من الوصول إلى أحد يوضح لنا المراد من هذا الإجراء لكن تزامن مع إعدادنا التقرير صدور تعليمات خاصة من البنك المركزي خاصة بالتعامل مع العملاء بعدالة وشفافية التي يتعين على البنوك اتباعها.
أبرز هذه الإجراءات تناولت ضرورة التعامل بشفافية ووجود ضوابط عقود الائتمان وسقوف على بعض العمولات والرسوم المستوفاة على الخدمات المصرفية وحماية حسابات العملاء التي تنطبق عليها صفة الجمود ومعالجة شكاوى العملاء بفاعلية.
كما أكدت التعليمات على حق العميل بالحصول على نسخة من الوثائق التي قام بالتوقيع عليها، كما احتوت التعليمات على مسؤولية العميل تجاه البنك من حيث تزويد البنك بالمعلومات الدقيقة حول التزاماته المالية وكذلك المعلومات الدقيقة التي تسهل التواصل معه (العنوان ورقم الهاتف وأي معلومات أخرى).