بعد 650 يوما من العدوان.. الأردن يواصل دعم غزة رغم العراقيل وضعف المساعدات

الرابط المختصر

رغم مرور أكثر من 650 يوما على حرب الإبادة المستمرة ضد قطاع غزة، لا تزال قوافل المساعدات الإنسانية تواجه عراقيل متصاعدة، تبدأ من التفتيش الدقيق والمطول على المعابر، مرورا بالإغلاق المتكرر لدواع أمنية أو سياسية، وانتهاء باستهداف الشاحنات والمرافق الإغاثية، في ظل كارثة إنسانية تتفاقم يوما بعد يوم. 

وبينما يحرم أهالي قطاع غزة من الغذاء والدواء ومياه الشرب، تواصل الأردن تحركاته الإنسانية والدبلوماسية، في محاولة لكسر الحصار، والوصول إلى أكبر عدد من المحتاجين.

منذ بدء العدوان الإسرائيلي الواسع على القطاع في السابع من شهر أكتوبر 2023، تعرقلت حركة المساعدات بسبب القصف المستمر، واستهداف البنية التحتية، وغياب مناطق آمنة لتفريغ وتوزيع المساعدات، وانعدام الضمانات الأمنية للعاملين في الإغاثة.

وسجلت عدة حوادث استهداف لشاحنات ومقار منظمات إنسانية، مما دفع عددا من المنظمات الدولية لتعليق أنشطتها مؤقتا حفاظا على سلامة كوادرها، مع استهداف الاحتلال للمدنيين والنازحين، وذلك بارتفاع عدد ضحايا التجويع إلى 111 غزيا، إلى جانب استشهاد 115 بسبب الجوع وسوء التغذية، في ظل انعدام شبه تام للغذاء والدواء والماء بحسب تقديرات رسمية.

وأعلن وزير الاتصال الحكومي والناطق الرسمي باسم الحكومة، الدكتور محمد المومني، عن انطلاق قافلة جديدة مكونة من 50 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية، صباح الخميس، ضمن سلسلة الدعم المتواصل من المملكة لقطاع غزة.

ويشير المومني إلى أن الأردن سخر كافة إمكانياته في مواجهة الكارثة، من خلال إرسال المساعدات برا وجوا، وتقديم الدعم الطبي عبر المستشفيات الميدانية، إلى جانب التحركات السياسية والدبلوماسية المستمرة للضغط على إسرائيل من أجل تسهيل دخول المساعدات، مؤكدًا أن استخدام الغذاء والدواء كسلاح سياسي هو أمر مرفوض أخلاقيًا وإنسانيًا ويتعارض مع القانون الدولي.

 

الأردن يواصل الدعم

من جهته، يؤكد الأمين العام للهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، الدكتور حسين الشبلي، في حديثه لـ"عمان نت"، أن الأردن نجح خلال الأسبوع الماضي في إدخال أربع قوافل إنسانية إلى القطاع، بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي والمطبخ المركزي، مشيرا إلى أن المساعدات توزع بما يحفظ كرامة وأمن الأهالي.

ويوضح الشبلي أن التركيز في المرحلة الأخيرة كان على تأمين المواد الأساسية، خاصة الطحين وحليب الأطفال، مشيرا إلى أن قوافل جديدة سترسل قريبا وتتضمن نفس المواد، رغم التحديات الكبيرة التي تشمل التفتيش المطول ومنع دخول الشاحنات وصعوبة التوزيع داخل القطاع.

 

 

 

لا يمكن الوقوف مكتوفي الأيدي

في وقت تنتقد الكميات القليلة عبر منصات التواصل، يعترف المسؤولون بأن ما يصل إلى القطاع لا يغطي حاجات مليوني نسمة يعانون الجوع والعطش، ويؤكد الشبلي أن الهيئة تبذل جهدها لتغطية أكبر عدد ممكن من المحتاجين، حسب الأولويات المتاحة.

ويضيف بأنه ندرك أن ما يصل غير كاف، لكننا نفضل أن نفعل ما نستطيع بدل أن نقف مكتوفي الأيدي ونشاهد الأطفال يعانون الجوع والعطش.

ويرفض الشبلي عقد مقارنات بين حجم الدعم الأردني وما تقدمه دول أخرى، مشددا على أن الأردن كان من أوائل الداعمين لغزة، ويعمل على الأرض بعيدا عن الإعلام والاستعراض.

 

ما يجري في غزة جرائم محرمة دوليا

أما معبر رفح، ورغم كونه أحد المنافذ القليلة للمساعدات، فإنه لا يزال خاضعا لتنسيق أمني معقد بين مصر والجهات الدولية والإسرائيلية، مما يبطئ ويعرقل تدفق المساعدات بشكل فعّال.

وفي هذا السياق، يضف أستاذ القانون الدولي، الدكتور أنيس القاسم، ما يحدث في غزة بأنه جريمة حرب مكتملة الأركان، مشيرا في حديثه لـ"عمان نت" إلى أن التجويع المتعمد للمدنيين يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، ولا يحتاج إلى نصوص جديدة لإدانته، بل إلى تحرك دولي لمحاسبة المسؤولين.

ويوضح القاسم أن النصوص الدولية موجودة، وأبرزها رأيان استشاريان لمحكمة العدل الدولية يؤيدان حقوق الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، مشيرا إلى أن استخدام التجويع كوسيلة حرب محظور في القانون الدولي العرفي، حتى قبل إدراجه في اتفاقيات جنيف.

 

الشركاء في الجريمة

يستشهد القاسم بموقف إنساني تاريخي للجيش الأردني بعد حرب عام 1948، حين سمح بمرور مساعدات غذائية إلى مستشفى هداسا في القدس، عبر بوابة مندلباوم، مقارنة بما وصفه بالسلوك المنحط للاحتلال الإسرائيلي اليوم، الذي يحاصر المدنيين ويمنع عنهم الغذاء.

ويؤكد أن كل من يملك نفوذا على المعابر أو يسكت عن إغلاقها يعد شريكا في الجريمة، منتقدا صمت الولايات المتحدة وتواطؤ الدول الأوروبية، واصفا ذلك بالتواطؤ الممنهج، كما يحمل القاسم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مسؤولية أخلاقية، واصفا إياه بلمجرم الأول، مشيرا إلى أنه مدان في قضايا جنائية ومع ذلك شريك في الجريمة بصمته.

ويدعو القاسم إلى تحرك دبلوماسي عاجل، سواء عبر القنوات الثنائية أو من خلال تقديم شكوى رسمية إلى محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن بشأن منع دخول المساعدات، مطالبا الحكومة بالامتثال لتوصيات المحكمة بمقاطعة إسرائيل سياسيا واقتصاديا وتجاريا، باعتباره التزاما قانونيا على كل دولة تحترم القانون الدولي.

هذا وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن وكالة "أونروا" تمتلك مخزونا غذائيا يكفي لثلاثة أشهر، إلا أنه لا يزال عالقا على الجانب المصري من الحدود، في مشهد يعكس حجم التواطؤ والصمت الدولي في وجه كارثة إنسانية غير مسبوقة.