بعد كورونا.. تحوّلات في سوق العمل الأردني

بات التفكير في كيفية العثور على وظيفة في الوقت الحالي يبعث الشعور بالقلق للباحثين عن عمل، إلا أن حالة التوتر هذه رافقها أشكال تكيّف جديدة جعلت الأردنيين يستخدمون طرقاً مختلفة للبحث عن فرص عمل ملائمة في ظل التغيرات التي خلفتها أزمة "كورونا المستجد" على حركة الوظائف في المملكة.

اضطرت القوى العاملة (الباحثة عن عمل في السوق الأردني) أن تفرض نفسها بشكل مختلف، رغم كل التحديات، فشهد السوق نشاطاً واسعاً تابعه "المرصد العمّالي الأردني" لأشخاص باحثين عن عمل في الشوارع وعلى منصات التواصل الاجتماعي، عن طريق التسويق لأنفسهم لإيجاد فرص عمل لائقة تناسب خبراتهم وتطلعاتهم.

اختارت روان أبو فروة، وهي معلمة، مهنة التدريس الخصوصي والعمل من المنزل وفضلتها على العمل بالمدارس الخاصة، فبالنسبة لها لم يعد العمل في المدارس الخاصّة يلبي احتياجاتها المادية، تحديدا، بعد اعتبار المدارس الخاصة من القطاعات الأكثر تضررا حتى شهر آب/ أغسطس، وقيامها بخصم رواتب المعلمين والمعلمات ليصل إلى ما دون الحد الأدنى للأجور في بعضها.  

تفضل أبو فروة الاستقرار في عمل يدر عليها دخلاً شهرياً ثابتاً، لكنها في الوقت ذاته تخوّفت من القرارات المفاجئة التي قد تهدد كل ما أسست له في مسارها العملي، قائلة: "ما حدا عارف شو ممكن تطلع الحكومة بقرار من شأنه يغير كل شيء".

لذلك لجأت أبو فروة إلى منصات التواصل الاجتماعي للبحث عن فرصة عمل في مجال التدريس الخصوصي من المنزل، موضحة: "السوشال ميديا من أهم طرق الإعلان الحالية وأكثرها فعالية، لأنها بمتناول الجميع، سهل يوصل إعلانك لأكبر قدر ممكن من الأشخاص"، خاصة مع الأشخاص الذين يقدمون الدعم والمساندة، أو كما أسمتهم أبو فروة بـ"فزعات إلكترونية". 

يشير مصطلح "ديناميكيات سوق العمل" إلى: التغييرات في الوظائف التي تحدث، وكذلك الدخول والخروج من النشاط الاقتصادي الذي يتأثر بالتعيينات، والفصل، وإنشاء وإغلاق أنشطة العمل الحر"، تماما كما حدث مع أبو فروة التي ما لبثت أن خرجت من سوق العمل خلال الأزمة، حتى عادت وفرضت قدراتها العملية بقالب مختلف.

"تختلف طرق البحث عن عمل على السوشال ميديا عن غيرها، إذ تقدم خيارات إضافية مختلفة للباحثين عن عمل، مثل التنوع في الفرص، وتوافر طرق جديدة لتسويق الذات"، تقول أبو فروة.  

وهذا ما نصح به خبراء موقع فرصة، في منشور موجهة للباحثين عن عمل، مشيرين إلى أهمية "التشبيك عبر الإنترنت"، وبناء حضور على شبكات التواصل الاجتماعي من خلال الانضمام لمجموعات النقاش حول الصناعات ومجالات العمل التي يهتم بها الباحث عن عمل، وبناء شبكات اجتماعية وظيفية للاطلاع على أحدث عروض العمل، كما نصح الخبراء متابعة الشركات والمؤسسات التي يهتم الباحث عن عمل فيها. 

في جانب موازٍ، حاول ماهر أن يستخدم "السوشال ميديا" لإيجاد فرصة عمل من خلال تحميل "بوست" (منشور) على صفحات الوظائف الشهيرة على "فيسبوك"، إلا أن مديري الصفحات رفضوا طلب ماهر، موضحا "أنا كنت بدي انزّل على جروب يوجد فيه نص مليون شخص، وأقول أنه أنا بدور على شغل، بس ما قبلوا بوستاتي"، لذا قرر ماهر الوصول إلى عدد أكبر من خلال الشارع، مبينا "قررت أحط "البوست" تبعي على ورقة وأوزعها بشوارع إربد. اربد كلها عبيتها". 

طبع ماهر الف ورقة وكتب عليها رسالة، "أبحث عن وظيفة شاغرة"، مضيفا لها مؤهلاته العلمية وخبراته السابقة ورقم هاتفه، ثم قام بإلصاقها على أعمدة الكهرباء والجدران، ووضعها على السيارات وأمام أبواب المحال التجارية، "كنت أدور على شغل من الصبح لليل، بس ما لقيت إلا هذه الطريقة للبحث عن عمل". 

يتكوّن سوق العمل من (العرض) ويُقصد به القوى العاملة من موظفين ومؤهَّلين، والتي تتمثل بالشريحة السُكانية النشطة والقادرة على العمل، و(الطلب) الذي يُقصد به الشركات والمؤسسات والأطراف والجهات، التي تحتاج إلى الأيدي العامل، وللحفاظ على توازن الشقين (العرض والطلب) في سوق العمل الأردني أنيطت هذه المهمة، كما ورد في الفصل 2901 من قانون الموازنة العامة لعام 2020، إلى وزارة العمل: "تنظيم سوق العمل الأردني ووضع التعليمات اللازمة لاستخدام العمال الوافدين وتوفير فرص العمل والتشغيل للأردنيين داخل المملكة وخارجها وبالتعاون مع الجهات المختصة".

أضف تعليقك