بطاقة معايدة لحارسة الأحلام

الرابط المختصر

يدفعني أكثر من سبب لتذكر المقدم هناء الأفغاني مديرة مركز إصلاح وتأهيل الموقوفات –سجن النساء- في الجويدة جنوب العاصمة عمان في غمرة احتفال العالم بعيد الأم .فبرغم التحفظات على المكان ورمزه السالب للحريات والمخبئ للآمال والأحلام خلف قضبانه، يأسرك في الداخل حضور كثيف لقيم تعمل المقدم الأفغاني على غرسها في المكان الذي تشغل إدارته منذ تسع سنوات بجد وجهد واضحين علها تحيله إلى فرصة جديدة لتجد بعض المبتليات فيها فسحة أمل وبداية جديدة للانطلاق.
قابلنا المقدم هناء في جولة للصحفيين على المركز الشهر الماضي، ولا زلت أتمنى لو لم نسألها عن الطريقة التي تنتهجها للتوفيق بين واجباتها للعمل وللعائلة.
فما كان منها إلا أجابت بابتسامة مشرقة استقبلتنا فيها كما ودعتنا أن ليس لديها أطفالاً حتى الآن، هذا الجواب أوقف حيرتي على تساؤل أكبر وهو ما هو سر تعلق الموقوفات اللواتي قابلناهم واحترامهن البالغ دون خوف للمقدم هناء وما سر تعلق عائشة بالذات –إحدى الموقوفات- وتفضيلها العودة إلى المركز وعدم العودة إلى بيتها لأنها لا تلقى المعاملة الطيبة التي تلقاها في المركز، ولا يفهمهما أهلها كما تفهمها المقدم كما قالت وتضيف "يا ريت أمي تفهمني وتحبني كالمقدم، هنا أحس بشخصيتي وبكياني"
وتشرح المقدم الأفغاني "إنها مصابة بمرض نفسي لم يستطع أهلها تفهمه وانتهى الأمر بها بعد هروب متكرر من البيت بالوصول إلى هنا، تم عرض عائشة على طبيب نفسي وأخصائية اجتماعية وأكدت هذا الأمر، وكنت قد اتخذت قراراً بحتمية متابعة الأخصائية لأوضاع عائشة في بيتها لو رضيت الانضمام إلى عائلتها"
وردت عائشة على سؤال هل ترغب بإنشاء عائلة والارتباط بشخص تحبه "إنني أفضل البقاء هنا لأنني لم أعرف الحب إلا هنا"
وتجاوزاً لحقيقة مفزعة أن تفضل فتاة في أوائل العشرينات البقاء وراء القضبان بدل الحرية لأنها وجدت الحب هناك ببساطة، فإننا ننحني لما تمثله المقدم هناء وزميلاتها هناك من تفان وإخلاص أزالا كل ما علق في الأذهان من صورة المرأة السجانة في الأفلام المصرية والتي بادرتنا المقدم هناك بداية حديثها معنا برجاء" نسيان هذه الصورة خلال هذه الجولة"
ولم نحتج لهذا الرجاء لكي نكتشف أن وراء البزة العسكرية الداكنة أمومة دافقة وأنوثة حاضرة تفرض احترامها على الجميع.
وجعلتنا هذه الصورة المشرقة في ذلك المكان في غمرة احتفال الجميع بعيد الأم نتذكر كل الأمهات هناك وأقول للمقدم هناء تحديداً "إن ما حصلت عليه من حب من تلك النساء المحرومات هو بحجم الحب لكل الأمهات في الأردن" وهو انعكاس لحجم الحب والتفاني في الواجب مهما كان الموقع ومهما كانت الظروف.
 

أضف تعليقك