بدو فلسطين ما بين البقاء و الرحيل
بعض الحجارة والطوب الملتصق بالطين وصفيح النحاس، يكونون بيتا بسيطا يأوي أسرة تتألف من 20 فردًا، وحول البيت مزرعة صغيرة لتربية ما تيسر من أغنام ومواش وطيور، وطفلة لا تتجاوز العشر سنوات تطعمهم، وأدوات بدائية ومقاعد قديمة، وفرن معطل على الأغلب، وفارش قليلة تكفل لهم البقاء على قيد الحياة!
وفي زاوية صغير من البيت جلست معهم، وفنجان القهوة مشروب الأجاويد، ومفتاح السلام بدأنا في الكلام.
حسن ... محامي!
جاء حسن المخول بالحديث عن الأسرة، في الثلاثين من العمر طويل القامة وأسمر البشرة ، يرتدي ملابس بسيطة ومتسخة، حاولت قدر المستطاع إخفاء دهشتي عندما قال لي أنه محامٍ ويعمل في رام الله، فأخبرني عن حياتهم كعائلة بدوية أسيرة الترحال والظروف الحياتية، مكونة من ثلاثة أخوة: عدنان الأخ الأكبر وزوجته، وستة أطفال، وحسن وزوجته وطفلان، ومحمود، وعائلة شخص يدعى أبا محمد.
ترحيل و طرد
كانت عائلة حسن وأخوته يسكنون في منطقة الجثة شرق دير دبوان مسقط رأسهم، ومدرسة صغيرة في خيمة متنقلة لتعليم الأطفال القراءة والكتابة، لكن حكومة الاحتلال الإسرائيلية أعلنت موقعهم كمنطقة عسكرية، وأجبرتهم على ترك بلدهم وعدم التواجد في البرية، فانتقلوا إلى أطراف القرى ثم استقروا في منطقة تابعة للسلطة الفلسطينية في قرية بيت حنينا.
الاعتداءات المستمرة
يروى حسن بعض تفاصيل الاعتداءات التي يتعرضون لها من قبل السلطات الإسرائيلية، فلا مهرب ولامفر من بطشهم ووحشيتهم في مصادرة الأراضي، والترحيل ومنع الإقامة في المناطق البرية، ومداهمة وتفتيش البدو،وتدمير الخيم والبيوت.
لا يقف الحال هنا!!
انضم عدنان الأخ الأكبر ليقول: "أن الاعتداءات لا تقتصر على ذلك بل وصلت للقمة العيش، فالسلطات الإسرائيلية تقوم بمنعه من بيع الأغنام في عيد الأضحى بالمناطق التابعة لسلطتها، ولا يسمح له سوى البيع في مناطق رام الله مما شكل عائقا كبيرا أمامه".
"زاد الطين بلة"
تلمح بعيون العائلة الهم والأسف إذا ذكر جدار الفصل العنصري أمامها، التي تصفه بكلمات ثلاثة: "فوق المصيبة مصيبة". فقد قامت السلطات الإسرائيلية بمصادرة مساحات كبيرة من أراضي البدو لحساب الجدار، بالإضافة إلى تقليل مساحات الرعي، فعدنان مثلا كان يملك أربعمائة رأس من الأغنام وبعد الجدار تقلص العدد إلى خمسين، بسبب عدم قدرته على تأمين مساحة كافية لرعيها، فالأغنام حسب عدنان: "بحاجة لمساحة واسعة للرعي".
لا تنازل عن الأرض
لم يقف هم العائلة عند حد الجدار، بل تخطاه إلى مضايقات المستوطنين من ضرب وتخريب ومصادرة للأراضي والممتلكات، عدا عن الإغراءات المالية التي يقدمها المستوطنون لهم للتنازل عن أراضيهم والتي تصل إلى أكثر من 500,000، وتقابل العائلة وغيرها هذه السياسات بالرفض.
المصدر: شبكة هنا القدس للإعلام المجتمعي