"بترا" تسحب تقريرا يكشف التعذيب في مركز تأهيل الفتيات

الرابط المختصر

سحبت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" تقريرا مرفقا مع صور، يتعلق بأوضاع نزيلات مركز الخنساء لرعاية وتربية وتأهيل الفتيات، وذلك بعد خمس ساعات من نشره على موقعها الإلكتروني. ويكشف التقرير عن انتهاكات فادحة أرتُكبت بحق النزيلات من قبل إدارة مركز الأحداث الوحيد للفتيات في الأردن، والتابع لوزارة التنمية الاجتماعية. ونقلت مندوبة "بترا"، سهير جرادات، عن نزيلات المركز ما يتعرضن له من أشكال التعذيب على أيدي المشرفات في المركز. فتحدثت النزيلات اللواتي لا يتجاوزن الثامنة عشر من عمرهن، عن "الشبح" وتقييد اليدين بالحبال وتعليقهن على حديد حماية السلالم "الدرابزين"، وتظهر الصور المرفقة بتقرير "بترا" بعض أعمدة الحديد مكسرة وأماكن أخرى تعذيبهن.



وجاء التقرير إثر أخبار حول تنفيذ نزيلات المركز تمردا احتجاجا على المعاملة غير الإنسانية والمخالفة لأدنى حقوق الإنسان، الأمر الذي استدعى وزارة التنمية الاجتماعية بالاستعانة بشرطة الزرقاء لإيقافه.

وحول سبب سحب "بترا" للتقرير، قالت كاتبته سهير جرادات لـ"عمان نت" أن إدارة الوكالة أعلمتها بقرار السحب "بناء على رغبة الطرف الآخر".



وأوضحت أن وزير التنمية الاجتماعية عبدالله عويدات كان اتصل بمدير عام الوكالة فيصل الشبول وطلب منه "من باب الزمالة والصداقة" أن يسحب التقرير. وبرر الوزير ذلك بأن أحداث التقرير جرت قبل ثلاثة أسابيع، أي في عهد وزير التنمية الاجتماعية السابق رياض أبو كركي. وأنه، أي عويدات، يخشى بأن يحدث لبس لعدم اعتبار الناس أن ذلك لم يحدث في عهده.



وأشارت جرادات أنها أطلعت الوزير عويدات على مضمون تقريرها قبل نشره، وأنه لم يعارض النشر. لكنه أوضح في حديثه مع الشبول أنه تلقى العديد من الاتصالات احتجاجا على ما حدث في المركز كما نقله التقرير.



وكانت "عمان نت" اطلعت على تقرير الوكالة قبل نشره بأسبوع، خلال لقاء مع رئيس مجلس الوكالة سمير مطاوع. وأوضحت كاتبة التقرير أن سبب تأخير نشره لأكثر من أسبوع يعود إلى اعتبارات متعلقة بتغيير الحكومة الذي صادف اليوم الثاني لكتابة التقرير، وأن الوكالة ارتأت عدم نشره في هذه المرحلة الانتقالية للحكومة.



ويرى رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، هاني الدحلة، أن "بترا" سحبت التقرير لعدم رغبة الحكومة في إطلاع الناس على ما تضمنه التقرير لأنه يسيء إلى سمعة الحكومة.

وطالب الدحلة بضرورة تشكيل هيئة تحقيق رسمية تقدم تقريرا حول واقع المركز واتخاذ الإجراءات بحق المسؤولين عن الأوضاع السائدة في هذا المركز.



وقال الدحلة أنهم قدموا أكثر من طلب للمسؤولين للسماح لهم بزيارة هذا المركز وغيره من مراكز التأهيل والسجون، إلا أنهم لم يوافقوا على أي منها. وأعرب عن استنكاره من حدوث هذه الممارسات غير الإنسانية داخل مركز حكومي، والمفروض فيه أن يكون عونا للفتيات في تعليمهم وتدريبهم.



ويرى الدحلة أن وزارة التنمية الاجتماعية ليس لديها القدرة على إدارة مراكز الإصلاح بشكل يتفق مع حقوق الإنسان.



وأوضح الدحلة أن قانون الرعاية الاجتماعية وقانون وزارة التنمية الاجتماعية وقانون أصول المحاكمات الجزائية، جميعها تنص على عدم جواز الإساءة إلى نزلاء هذه المراكز. وأنه يحق للنزلاء المتضررين وأهاليهم مقاضاة الجهات المسؤولة.



وتقول كريستان فضول من المركز الوطني لحقوق الإنسان، أن المركز كان قد وزع نموذجا معتمد على معايير دولية على النزيلات في مركز الخنساء، والنتيجة أظهرت أن اثنتين تحدثا عن أنهما تعرضتا للضرب.

وأضافت أن المركز يعاني من شح في البرامج التأهيلية، وأن ثمة مواد سكراب موجودة في ساحة المركز.

وحول ما كشفه تقرير "بترا" من أشكال التعذيب ضد النزيلات، علقت فضول: "ليس لدينا معلومات أكيدة، لكن زودونا بهذا التقرير لكي نقارنه بتقريرنا الذي صدر قبل أسبوعين".



وكانت مندوبة "بترا" انفردت بنزيلات المركز اللواتي كشفن لها "حقائق مذهلة ومؤلمة عن سوء المعاملة التي يتلقينها، وقالت إحدى النزيلات يطلق عليها "قائدة تمرد" –باديا عليها الاضطراب- "كنت متضايقة من نفسي فحطمت زجاج مدخل المركز الذي غرمت سعره 12 دينارا وعمت الفوضى وجاءت الشرطة التي قامت بأخذ الفتيات إلى أحد المراكز الأمنية وتم إجراء عملية قطب الجرح القطعي في إصبع يدي".



وأشارت فتاة أخرى أنها تعرضت لعملية "شبح" ثلاث مرات بلا أسباب توجب ذلك من الساعة الثالثة من بعد الظهر وحتى موعد العشاء في الساعة الثامنة مساءً لدرجة وصلت بها إلى عدم الأكل نظرا لشدة الوجع"، وأجمع الفتيات أن مركز التأهيل يمثل لهن بسجن حقيقي، فالتعليمات المتبعة داخله لا تختلف عن تعليمات وأنظمة السجون العادية، فوصول الفتاة إلى المرافق الصحية يتم بمرافقة إحدى مشرفات المركز، والشبابيك مغلقة بألواح خشبية.

ووصلت العقوبات إلى حد النزيلات من الاتصال بذويهن، ومنعهن من رؤية أهاليهم في الزيارات الأسبوعية إلا بمرافقة المشرفات، إضافة إلى إرغامهن على دفع غرامات مالية في حال كسر أو إتلاف بعض حاجيات المركز، وفي حال عجز إحداهن عن دفع الغرامة.



وفي تاريخ الحدث، فقد عمت الفوضى المركز قبل خمسة أسابيع، ما دفع المشرفات إلى استدعاء مسؤولين في مديرية تنمية الزرقاء وأمين عام وزارة التنمية الاجتماعية والذي بدورهم استدعوا الشرطة، وقامت الأخيرة بإيقاف ثلاث فتيات، وقامت بعدها وزارة التنمية الاجتماعية بإخراج الفتيات من الحجز الأمني دون إجراء تحقيق وتعهدت بحل المشكلة، لينحصر دور جهاز الأمن العام على الحراسة الخارجية للمركز دون أي تدخل لما يجري داخل المركز.

وقامت المندوبة بمقابلة أمين عام وزارة التنمية الاجتماعية حمود عليمات إلا أنه أفاد بأن الحادث بسيط وأن المشكلة قد حلت بشكل كامل، وبحسبها فإن أجوبته "اقتصرت على العموميات والتقليل من شأن الحدث".



والتقت المندوبة أساتذة في علم النفس والاجتماع للوقوف أكثر على تبعات النفسية والاجتماعية للنزيلات. حيث أكدوا أن "الضرب سلوك يصدر عن أناس ساديون يتلذذون بتعذيب الآخرين واديهم نزعة الانتقام ويحتاجون للعلاج"، في حين يرى الجانب الاجتماعي أن "دور مراكز الإصلاح يتمثل في تعويض المراهقين الذي عاشوا قسرا خارج أسرهم وضرورة متابعتهم وتقديم النصح والإرشاد".




أضف تعليقك