بانوراما الثقافة في الأردن 2004

الرابط المختصر

عودة وزارة الثقافة إلى سابق عهدها، انعقاد المؤتمر الوطني للثقافة، موت العلامة روكس بن زائد العزيزي، ومهرجانات ثقافية فنية أقيمت طوال العام، أبرز ما حمله عام 2004، حيث تنفس المثقفون الصعداء لدى انعقاد المؤتمر الثقافي الوطني الذي عُقد منتصف العام، فماذا حصل من فعاليات في هذا العام؟ وزارة الثقافة هل عادت حقا؟

أهم ما حمله عام 2004 هو انعقاد مؤتمر الثقافة الوطني الذي جاء بدعم مباشر من الملك عبد الله الثاني وبحضور رئيس الوزراء فيصل الفايز والناطق باسم الحكومة أسمى خضر والتي أصبحت فيما بعد بوزيرة الثقافة، نتائج المؤتمر بعد أربعة أيام من الندوات والمحاضرات عن هموم ومشكلات واقع الثقافة في الأردن، حيث خرجوا بالنهاية بتوصيات وصلت إلى 43 توصية بعد شد وجذب، وهي؛ إعادة وزارة الثقافة ومديريات الثقافة في المحافظات، إنشاء مجلس أعلى للثقافة والفنون، إنشاء مراكز ثقافية شاملة في المحافظات، إنشاء صندوق لتنمية الثقافة والفنون بموجب قانون خاص، وضع نظام لتفرغ المبدعين من الكتّاب والفنانين، تكريم المبدعين والمتميزين في مختلف المجالات الثقافية والفنية، تعهد المواهب الواعدة بالدورات والبعثات والمنح الدراسية، تأسيس فرقة اوركسترا وطنية، إنشاء نقابة للفنون التشكيلية، إنشاء معاهد فنية في مختلف المدن الأردنية، إيجاد فرقة مسرح قومي.



تلك التوصيات رآها لا تصل السماء ولا تطأ الأرض، حيث لم ينفذ منها سوى عودة وزارة الثقافة فقط، وباقي التوصيات بعيدة عن أرض الواقع، لذلك أبدى الكثير من المثقفين خيبة أملهم عن تطبيقها.



جرش وسؤال النجاح

جاء مهرجان جرش هذا العام حافلا بالفعاليات الفنية والثقافية، فالتفاوت في حفلات المطربين سمة المهرجان، ففي الوقت الذي شهدت حفلة الفنانة اللبنانية نانسي عجرم ناجحا جماهيريا، شهدت حفلة مواطنتها أليسا إخفاقا يشهد له الجميع وخصوصا إدارة المهرجان التي تكبدت الخسائر، بينما خرجت حفلتي المطرب العراقي كاظم الساهر عن دائرة المنافسة، لتشهد حفلاته نجاح –متواضع-، فيما جاءت حفلة الموسيقار ملحم بركات أسعفه في حفلته اليتيمة، تاريخه العريق، كذلك الأمر أنطبق على حفلتي هاني شاكر، بينما ذهبت حفلة المغنية الأردنية الفائزة بجائزة السوبر ستار ديانا كرزون إقبالا من خلال الدعوات التي زادت الجمهور على المدرجات العتيقة.



للفعاليات الشعرية في جرش قصة؛ حيث شهدت أمسية الافتتاح للشاعر العربي الكبير محمود درويش إقبالا قل نظيره في أمسيات المهرجان وغيرها من المهرجانات، لكن، بعد هذه الأمسية، أصبحت الأمسيات خاوية من الحضور حتى من المثقفين، على الرغم من أهمية من كان متواجدا سواء أكانوا عربا أم أجانب ومنهم؛ بول شاؤول، امجد ناصر، أحمد الشهاوي، غسان زقطان، عباس بيضون، روديكا فرنسكو، كما كان مقررا حضور الأديب الكولومبي باولو كاويلو.



صيف عمان لم يكن عربيا صرفا بل لامس الغرب أيضا، حيث ضم جرش أهم عرض على الإطلاق وهو أوبرا فاليريا روستيكا المغربية بمشاركات أجنبية، فرغم الرعاية الملكية للحفل نظرا لكونها قُدمت للمهرجان كهدية من الملك المغربي، إلا أن عدد الحضور متواضعا، ومن الفرق نادي الجيل للرقص الشركسي، فرقة موفالي من جورجيا، فرقة فالنس من أرمينيا، فرقة مونتفيديو من الأوروغواي، اوركسترا جيسينيك التشيكية، وفرقة الشرقية للفنون الشعبية القادمة من مصر، فرقة موسكو الكبرى الروسية، فرقة المقام العراقي وفريدة محمد علي، وايف بايه من فرنسا على آلة الكلارينيت ونديم بواب، ومغنية السوبرانو الأردنية ديما بواب، والفرقة الفلسطينية سلمى في عرض (علي بالي). و وفرقة أوسكا دادا دان تنكو للطبول اليابانية، وفرقة شيوخ سلاطين الطرب السورية.



سوق عكاظ: ثقافة دبلوماسية نخبوية

بلغة دبلوماسية مصحوبة بجو برتوكولي تعلن إدارة مهرجان سوق عكاظ عند افتتاح فعالياته، حيث الطابع الحكومي كان العنوان الأبرز لعكاظ، وضمت الفعاليات عروضا منها عرض شهرازاد من إخراج اللبناني وليد عوني بمصاحبة عازف العود العراقي نصير شمه ويوم الثلاثاء تالنت دانزا تانجو فلامنكو الأسبانية وتشمل 24 فناناً، عرض فاير أوف أناتوليا التركية العالمية، كذلك مسرحية الأردنية بعنوان طين للينا التل، كذلك أمسية شعرية للشاعرة الفلسطينية المقيمة في أمريكا سهير حمد، أما الفنانة الكبيرة جوليا بطرس فكان لها حفلتين هما الأنجح، وكذلك عرض كبير لمسرح أوكيناوا للرقص والغناء اليابانية بعنوان تشورا.



وما أختلف به سوق عكاظ عن غيره من المهرجانات هو تركيزه على الجانب الغربي، حيث استضاف مسؤولي مراكز ثقافية أجنبية وبالتحديد المعنية بالتطوير التنموي الثقافي، حيث أقيمت ورشات عمل حول التطوير الثقافي في دول العالم الثالث، كان أغلبها يدار باللغة الإنجليزية.



وما يراه المراقب للأجواء العامة لسوق عكاظ من روح نخبوية ظهرت منذ الإعلان عن فعالياته في فندق حياة عمان زارا أسكبو، وصولاً بالمؤتمرات التي تعقد للمشاركين، وكذلك في أسعار تذاكر الدخول التي تبدأ بخمسة عشر دينارا وتنتهي بأربعين دينارا.



القرية العالمية وليالي روتانا وتجارة الفن

جديد صيف عمان هذا الصيف، كان عبر القرية العالمية التي أُقيمت في منطقة مرج الحمام، والذي كان يصل عدد زوار القرية يومياً من 18 – 25 ألف زائر من الأردن ودول الخليج وعرب الـ48 وذلك للتسوق والتنزه في قراه، حيث أقامت كل دولة عربية خيمة لها احتوت على ما اشتهرت به. بمشاركة 25 دولة عربية وأجنبية في مساحة لكل جناح لا يقل لكل دولة عن 750 متر وبعضها 2000 متر.



وضمت القرية مدينة ملاهي تم جلبها من بريطانيا على مساحة 14 ألف متر وتضم ألعاب حديثة وجديدة مختلفة عن ما هو موجود في الأردن. واحتوت القرية على مسرح كبير تم تأسيسه حسب التقنيات الحديثة وأجهزة متطورة وبمقاعد تصل إلى 4000 مقعد وديكورات جميلة ويستضيف المسرح ثمانية من أشهر المطربين في العالم العربي المتعاقدين مع روتانا التي تساهم في القرية.



فكرة القرية العالمية جاءت في البداية من ولاية ايبكوت سنتر في أمريكا ومن ثم انتقلت إلى إمارة دبي بالأمارات العربية المتحدة والآن في الأردن، هيفاء وهبي، إيهاب توفيق، وائل كفوري، دينا الحايك، فضل شاكر، وغيرهم الكثير من نجوم شركة روتانا كانوا في القرية العالمية ضمن خيمة روتانا، حيث لاقت الصدى في أوساط الشباب.



الفحيص...تاريخ وحضارة

الفعاليات الفنية والثقافية في مدينة الفحيص بصورة لائقة واهتمام بالغ هذا العام وأتى المهرجان هذا العام تحت عنوان الأردن تاريخ وحضارة مؤكدة فعالياته على صدق التجربة البسيطة لدى أهالي هذه المدينة الصغيرة، حيث نصبت الخيم المليئة بالمنتجات المحلية والزخرفات ورنات أجراس الكنائس آذنة ببدء طقوس المهرجان الذي يضم هذا العام عدد من النشاطات ومن أبرزها تكريم دولة المرحوم سمير الرفاعي هو شخصية المهرجان لهذا العام إضافة إلى مشاركة كل من رئيس قطاع الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة المصرية د. احمد نوار، وعالم الآثار جاب الله علي جاب الله ود. ناصر الدين الأسد والباحث رائد الهياجنة، والياس جريسات في ركن الشخصية الأردنية.



كما واحتفى المهرجان بالعراق عبر فعالية أنشودة المطر، والتي تحدث فيها النائب حمدين صباحي مصر ود. رجائي نفاع الأردن، ناهض حتر الأردن وذلك في المنبر الثقافي، كما واحتفى المهرجان بالمرحوم الأديب عبد الرحمن منيف وتحدث عنه كل من الياس خوري لبنان, د. إبراهيم خليل الأردن، د. مهند مبيضين الأردن وذلك في نادي الفحيص الأرثوذكسي.



وشارك في فعاليته الفنية كل من الفنانة رهام عبد الحكيم مصر وعرض المسرحية الأردنية العوض بسلامتكم وفرقة ناظم الغزالي/العراق فرقة المجد/الناصرة/فلسطين وملحم زين لبنان وعمر العبداللات الأردن الفعاليات الثقافية بالإضافة إلى مشاركة الفنان المصري نور الشريف في حوار مفتوح مع الحضور وسط احتفاء بركن المدينة عن دولة مصر والتي سيقوم نادي الجالية المصرية بعرض حي شعبي مصري ومقهى كأنه في خان الخليلي.



الشاعر المصري سيد حجاب والسوري نزيه أبو عفش أبرز الحاضرين في أمسياته الشعرية، التي كانت هادئة هذا العام، في قاعة النادي الأرثوذكسي وسط حضور إعلامي مكثف وجمهور نخبوي.



مهرجان شبيب... تواضع الفعاليات ومحليتها

مهرجان شبيب للثقافة والفنون تحمل الهوية الأردنية من خلال التركيز على التراث الأردني وكذلك الفنان والمبدع الأردني، وكما تشير مديرة المهرجان الأميرة بدور أن المهرجان لا ينافس المهرجانات الأخرى من حيث عدد المبدعين الحاضرين له، مع الإشارة إلى رمزية دخول فعالياته.



وقدم عماد الخوالدة، وسعود الخزاعلة، وسعد أبو تايه، ومريم فخري، إضافة إلى فرق فنون شعبية وفرق جامعات. وضم شبيب هذا العام الفنان العراقي حاتم العراقي والفنان المصري مصطفى كامل والفلسطيني أبو عرب وفرقة ناجي العلي، ومطربة تونسية وستقام جميعها على ستاد الأمير محمد في الزرقاء.



وللمسرح الأردني دور في فعاليات المهرجان حيث ستعرض مسرحية حمدي إرهابي لمحمود صايمة وداود جلاجل، وللطفل أيضا له فعاليات من خلال فقرات في حديقة الملكة رانيا قراءات قصصية للطفل وعرض مسرحيات دمى وإعطاء الطفل فرصة لتقديم إبداعاته.



وساهمت وزارة التربية والتعليم من خلال أنشطة وفعاليات مهرجان شبيب من عروض أطفال ومسرحيات وفعاليات احتفائية بإبداعهم وذلك من خلال تعميما بالمدارس عن هذه الفعاليات.



المشاركة الأردنية في فرانكفوت

لعل المشاركة الأردنية في معرض الكتاب الدولي العالمي فرانكفوت اثر كبير فقد شارك أدباء أردنيين: د. ناصر الدين الأسد، حيدر محمود، فهمي جدعان، الياس فركوح، إبراهيم نصر الله، فتحي البس، جمال أبو حمدان، د.مصطفي حمارنة، سميحة خريس، لينا التل. وفرقة رم لطارق الناصر، وفنانين تشكيليين وهم وجدان علي، مهنا الدرة، غادة دحدلة، عبد الرؤوف شمعون، محمد نصر الله، هيلدا الحياري، محمد الجالوس، خالد خريس، سها شومان، نوال العبد الله، وكل من الخطاطين: أحمد القرعان، مازن المصري، جمال الترك، محمد جهاد، سميح هارون، رياض صالحة، حمدي قزاز، محمود فريد.



العزيزي رحل عن عمر ناهز المئة العام

غيب الموت الكاتب والأديب الأردني روكس بن زائد العزيزي عن عمر ناهز المئة عام. كتب مذكراته منذ سنة 48 ونهبت مكتبته في القدس في نفس العام وبعد محاولات حثيثة لاسترجاع ما نهب من مؤلفات التي باءت بالفشل أعاد كتابة وتأليف جميع كتبه المنهوبة وخاصة قاموس العادات.



انتخب ممثلا للرابطة الدولية لحقوق الإنسان في الأردن سنة 1956 وظل يمثلها حتى وفاته..وهو عضو مراسل في مركز الأبحاث الانثولوجية في باريس واختير عضوا للمجلس الوطني الاستشاري في دورته الثانية ومنح شهادة يوبيل الملك حسين الفضي التكريمية في الآداب في تشرين الأول عام 1977.



ولد الراحل في مدينة مادبا في الرابع والعشرين من أب عام 1903 وسمي روكس تيمنا بالقديس روكس الذي يصادف عيده في السابع عشر من نفس الشهر.

تزوج في القدس في كنيسة بطريرك اللاتين الخاص في الثالث والعشرين من أيلول عام 1923 وهو أب لخمس بنات وثلاثة أولاد.درس الأدب العربي والبيان وتاريخ العرب لستة وخمسين عاما بلا انقطاع في الأردن وفلسطين وله من المؤلفات ما يربو على السبعين مؤلفا وبحثا اشهرها معلمة التراث الأردني الذي يقع في خمسة أجزاء وقاموس العادات والأوابد واللهجات الأردنية/ والمنهل في تاريخ الأدب وازاهير الصحراء وأبناء الغساسنة.



كما منح وسام التربية والتعليم ونال جائزة الدراسة والبحوث واختير رئيس شرف لمجمع اللغة العربية الأردني وعضوا في النادي الثقافي في جده وعضوا في رابطة الأدب الحديث في القاهرة منذ إنشائها.



ونال الفقيد العزيزي وسام الحسين للعطاء والتميز الذي سلمه إياه جلالة الملك عبدالله الثاني عام 2000. نال وثيقة التقدير الذهبية واعتمد قاموسه في جامعة ياس في بريطانيا وفي جامعة يوتا في الولايات المتحدة. وطبعت جميع أعماله الأدبية والفكرية بدعم من وزارة الثقافة والقوات المسلحة.

أضف تعليقك