"انقطاع الاتصال مع أحلام التميمي" .. مخالفات مهنيّة وأخلاقيّة وجدل على التواصل الاجتماعيّ

الرابط المختصر

أجرت إحدى الإذاعات الأردنيّة المحليّة اتصالاً هاتفيّاً مع الأسيرة الأردنيّة المحرَّرة أحلام التميمي، للحديث عن مطالبتها بعودة زوجها من الخارج، وخلال إجراء المكالمة الإذاعية، انقطع الاتصال.

رصد "أكيد" تفاعلاً كبيراً من قبل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، متّهمين الإذاعة بفصل الخط بشكل متعمّد، وتمّت مهاجمة مقدّمي البرنامج بسبب ذلك التصرّف، حيث تصدّر ترند "#أحلام_التميمي_صوتك_عالي"، فيما أعاد المئات نشر مقطع فيديو مُقتطع من اللقاء يوضح لحظة انقطاع الخط وبعض الحركات الصادرة عن أحد المذيعين، التي تفاعل معها المتلقّين على أنها تعليمات معيّنة لكادر الإعداد، هدفها فصل الخط.

في ردّ أحد مقدّمي البرنامج على التعليقات الواردة عبر صفحة الإذاعة في بثّها المباشر في اليوم التالي لتلك الحادثة، ارتكب الإعلاميّ مخالفات مهنيّة وأخلاقيّة في ردّه على المتابعين واتّهامهم بالمزاوَدة، في طريقة لا تليق بالمعايير المهنيّة والأخلاقيّات الصحفيّة التي يلتزم بها الصحفيّ وينصّ عليها ميثاق الشرف الصحفيّ، حيث جاء ردّ المذيع كالتالي: "ايه خلص عاد.. عأساس إنكم المناضلين، محنا هسا بنفوت على بروفايلاتكم وبنشوف شو قاعدين بتعملوا وبتكتبوا، فكّونا من المزاودات، واحد بقلك إعلام مأجور يعني انت مش هتّيف مأجور بقيت بالزمانات، فكك محنا حافظين بعض".

في حديث لـ "أكيد" مع فريق الإذاعة التي أجرت الاتصال، أوضح مُعدّ الاتصال رامي الرفاتي أنّه تم التنسيق مع أحلام التميمي لإجراء اللقاء داخل الاستوديو، إلا أنها فضلت إجراء الاتصال هاتفياً وتم تحديد الموعد والاتصال معها للتأكيد قبل البثّ بنصف ساعة.

وأضاف الرفاتي: "تمّ الإعداد والتجهيز للقاء بشكل مُسبق ولم يكن مفاجئاً كما نشر البعض، كما أنه لم يصدر عن التميمي أيّة إساءة لأيّة جهة أو جهاز، فلماذا نفصل الاتصال ونحن من أعددنا له، ما حدث عبارة عن خطأ فنيّ لا أكثر".

كما أشار الرفاتي إلى أنهم حاولوا الاتصال بالتميمي مُجدّداً لإتمام المكالمة، إلا أنّ محاولاتهم باءت بالفشل وحينما تواصلوا معها، كانت التميمي منفعلة، مُعتقدة أنه تمّ فصل الخط بشكل متعمّد".

بدورها، أوضحت الإعلامية جيسي أبو فيصل مديرة الإذاعة لـ "أكيد"، أنّ الخلل الفني تمّ في جهاز مسؤول عن إيصال الصوت إلى سماعات مقدّمي البرنامج من "مكسر" الصوت الرئيس، لذلك كان صوت أحلام واضحاً بشكل جيّد عبر البث المباشر، إلا أنه لم يصل مقدّمي البرنامج بشكل واضح وكان "يقطّع"، مؤكّدةً أنّ كلاً من المذيعيْن يمتلك جهازاً صغيراً أمامه خاص عن إيصال الصوت لكلّ واحد منهم، وليس جهازاً واحداً.

تواصل "أكيد" مع مهندسيْ صوت مختصيْن في البثّ الإذاعي للحديث عن هذا الخطأ الفنيّ، حيث أكّد محمد شموط مهندس الصوت في إحدى الإذاعات المحلية أنه من الممكن أن يفصل الصوت عن أحد المذيعيْن من خلال هذا الجهاز، ولكن من المُستبعَد أن يفصل عن كليهما في الوقت نفسه.

وأضاف شموط: "من الواضح، عبر تعابير وجه المذيع، أنه لم يتفاجأ بأنّ الصوت غير واضح، مُبيناً أنّ "ما يحدث في الإذاعات بشكل عام، هو أنّ مصدر الصوت الموجود في الأستوديو من "مكسر" الصوت، والذي تسجّله الكاميرا المشبوكة مع مواقع "السوشال ميديا"، لذلك طالما أنّ الصوت صادر عن "مكسر" صوت واحد لن يكون هنالك انقطاع في الخط عبر الإذاعة وعدم انقطاع عبر بثّ "فيسبوك لايف"، سيكون البث صالحاً على كلا الجهتين، وفي حال لم يصل الصوت عبر السمّاعات لأحد المذيعيْن، على زميله تولّي المكالمة ومتابعتها".  

كما تواصل "أكيد" مع مهندس صوت أخر، فضّل عدم ذكر اسمه، والذي بدوره أيّد ما جاء على لسان شموط، وأوضح لـ "أكيد" أنّه طالما لا يوجد تأخير بين الصوت والصورة، فهذا دليل قويّ على أنّ الصوت صادر من "مكسر" الصوت الرئيس الخاص بالإذاعة ولا يوجد هنالك تقطيع.

وحول الإشارات التي أصدرها أحد مقدّمي البرنامج الإذاعي بيديه، مُوجّهاً التعليمات لكادر الإعداد، أوضح مختصّ الصوت لـ "أكيد" أنّ هذا التصرّف مُتّبع في بعض الإذاعات عند رغبتهم بقطع الاتصال، بإسكات الصوت وتشغيله عدّة مرات، بحيث يظهر للمستمع أنّ الصوت فعلاً أصبح "يتقطّع" ومن ثم يتمّ فصل الخطّ.

وحول المخالفة المهنية والأخلاقية التي ارتكبها المذيع مقدّم البرنامج الإذاعي، يُبيّن المدرب والمستشار الإعلامي جواد العمري لـ "أكيد"، أنّ الممارسة المهنيّة في برامج الخدمات القائمة على الاتصالات الهاتفيّة تقتضي احترام المتّصل وعدم خداعه وخداع المستمع، وهو خطأ ارتكبه المذيع ابتداءً مع المتصلة أحلام التميمي الذي كان قطعه غير مبرّر، كون حديثها لم يتضمّن أيّة إساءة أو خروج على المألوف. وأضاف العمري "كان على المذيع وإدارة الإذاعة الاعتذار للمتّصلة وللجمهور عن هذا الخلل المهنيّ الفادح، وعدم التمادي في الخطأ".

كما أنّ الردّ الذي أطلقه المذيع على آراء الناقدين لهذا التصرف، وِفقاً لـ "العمري" تضمّن مخالفة مهنيّة أخرى، من خلال اتهام بعضهم بأنه "هتيف مأجور"، وهي صفة لا يليق الردّ بها على منتقدين عبّروا عن رأيهم عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ.

ويضيف العمري: "كما تضمّن الرد لهجة استعلاء ونبرة استهزاء لا يجوز مخاطبة الجمهور بها والاستهانة بردود الفعل الصادرة عن المتلقّين، كما أنّ نبرة التهديد بفضح مواقف المعلّقين يتنافى مع حقّ الجمهور في النقد والتعبير".

وهنا يُذكّر "أكيد" بأنّ الدستور الأردنيّ كفل حق الأفراد وحريّتهم في الرأي والتعبير، والتي أشار إليها ميثاق الشرف الصحفيّ في مادّته الأولى والتي تنصّ على: "حريّة الرأي والتعبير حق من حقوق الأفراد والشعوب ومبدأ كفله الدستور، ويلتزم الصحفيّون بالدفاع عن قضايا الحريّة وتعميق ممارسة الديمقراطيّة وتأكيد حق المواطن في المشاركة إيجابيّاً في أمور وطنه".