انقسام المعارضة بين المشاركة والمقاطعة يهدد (التنسيقية)

الرابط المختصر

مع بدء العد التنازلي لموعد الانتخابات النيابية في التاسع من تشرين الثاني المقبل كشف تسارع ماراثون الاحزاب لخوض العملية الانتخابية عبر الاعلان عن برامجها الانتخابية وقوائم مرشحيها عن ظهور اصطفافات سياسية في الساحة الحزبية.

وبدت هذه الاصطفافات واضحة بعد انقسام احزاب المعارضة المنضوية تحت مظلة لجنة التنسيق العليا بقرار اثنين منها مقاطعة الانتخابات وهما حزب جبهة العمل الاسلامي والوحدة الشعبية وقررا العمل المشترك تحت اطار اللجنة الوطنية للاصلاح فيما قررت اربعة احزاب المشاركة في الانتخابات والعمل المشترك تحت اطار القائمة الوطنية الديمقراطية وهم حشد والشيوعي والبعث الاشتراكي والحركة القومية.

وفيما حذر بعض امناء الاحزاب من هذه الاصطفافات السياسية وتأثيرها بشكل كبير على وجود ودور لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة اعتبر امناء اخرون ان التأثير الذي ستصاب به اللجنة سيكون محصورا في فترة الانتخابات وبعدها ستعود لها عافيتها بسبب تمسك الاحزاب المنضوية تحت مظلتها على وجود اطارها رغم التباين في وجهات النظر بينهم.

وتضم لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة تحت مظلتها سبعة احزاب وهي الشعب الديمقراطي حشد والشيوعي والبعث العربي الاشتراكي والبعث العربي التقدمي والحركة القومية للديمقراطية المباشرة والعمل الاسلامي والوحدة الشعبية.

جذر المشكلة بين المعارضة يكمن في الخلافات السياسية بينها

واكد امين عام حزب الوحدة الشعبية الدكتور سعيد ذياب ان الاصطفافات السياسية الجديدة بين احزاب المعارضة ستترك بصماتها على لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة لكن حجم هذه البصمات من الصعب ان يلغي وجود اطار اللجنة بسبب تمسك احزاب المعارضة بوجودها.

وقال: لكن الشيء الذي يمكن الحديث عنه ان هذه الاصطفافات قد تؤثر بدرجة كبيرة في فعالية لجنة التنسيق الضعيفة اصلا مشيرا ان الحوارات بين احزاب المعارضة وتحديدا بين القوى اليسارية والقومية من اجل المحاولة للخروج بموقف مشترك حول موضوع الانتخابات حذر من ان عدم الخروج بموقف مشترك سيؤدي الى وجود اصطفافات جديدة بين احزاب اللجنة بشكل ممكن ان يؤدي الى تقويض فعاليتها.

واشار ذياب انه في عام 1997 عاشت احزاب المعارضة المنضوية تحت اطار لجنة التنسيق موقفا شبيها بموقف اليوم من موضوع الانتخابات حيث انقسمت وقتها الى ثلاث جهات الاولى نحو المشاركة في الانتخابات والثانية نحو المقاطعة والجهة الثالثة اتجهت نحو المشاركة المشروطة.

وقال وبعد انتهاء الانتخابات في ذلك العام استعادت لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة عافيتها وعادت للتنسيق فيما بينها.

وزاد ذياب: وهو ما يؤكد ان جذر المشكلة بين احزاب المعارضة لم يأت من موضوع الانتخابات بل يكمن في الخلافات السياسية التي بدأت تؤثر في فعالية لجنة التنسيق مؤكدا انه رغم ذلك فان حزب الوحدة الى جانب جميع الاحزاب المنضوية تحت مظلة تنسيقية المعارضة يتمسكون بوجود اللجنة كاطار يجمع المعارضة. 

التنسيق بين احزاب اللجنة قائم لم ينقطع

واكد امين عام حزب جبهة العمل الاسلامي حمزة منصور ان لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة قائمة ولم ينقطع التنسيق بين احزابها مشيرا ان تأكيد الاحزاب المنضوية تحت مظلتها على تمسكهم بوحدة خطابهم وحرصهم على تطور عمل اللجنة رغم التباين في وجهات النظر في موضوع الانتخابات.

وقال منصور بان اللجنة الوطنية للاصلاح التي اشهرها العمل الاسلامي والوحدة الشعبية وشخصيات وطنية والتي ستستوعب كل من يلتقي مع رؤيتها لا يعني ان التنسيق بين احزاب المعارضة تحت اطار لجنة التنسيق قد انقطع.

وكان منصور قد اكد في تصريح سابق لـ العرب اليوم ان لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة ليست جبهة وطنية بل هي لجنة تنسيق على قضايا متفق عليها.

وقال: وبالتالي فان قرار المشاركة او مقاطعة الانتخابات يخص كل حزب ولا نفرض رأينا على احد ولا نملي شروطنا على اي حزب في اللجنة لكن لنا آلياتنا للوصول للقرار تختلف عن الاحزاب الاخرى.

واشار منصور ان اللجنة قامت مؤخرا بمراجعة الية عملها من اجل تطويرها من خلال استمرارية الاجتماعات الاسبوعية وتفعيل عمل اللجان المنبثقة عن لجنة التنسيق الحزبي وزيادة العمل الجماهيري.

من الممكن ان تتأثر اللجنة فقط في فترة الانتخابات

وقال امين عام الحزب الشيوعي الدكتور منير حمارنة من الطبيعي ان تفرز الانتخابات حراكا اوسع واشمل عن الايام العادية بسبب طبيعة وظروف الانتخابات مشيرا ان هذا المشهد تكرر في انتخابات 1997 و2003 و2007 في ظل ظروف متباينة واصطفافات مختلفة.

وزاد وارى ان السبب الرئيسي وراء هذه الاصطفافات هو انه كان من المتوقع بعد حل البرلمان ان يكون هناك قانون انتخاب اخر غير الحالي في المقابل فان الحكومة قدمت اجراءات للعملية الانتخابية ادق واكثر وضوحا من السابقة الا ان اوساط مختلفة اعتبرتها غير كافية فيما اعتبرتها اوساط اخرى بأنها استجابة للمطالب التي دفعت بضرورة التأكيد على عدم التزوير في الانتخابات.

وامام هذه المعطيات لم يستبعد حمارنة ان تتأثر لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة ولكن في فترة محصورة بالانتخابات وبعدها فان اللجنة ستعود كما كانت في السابق.

وقال حمارنة انه رغم اهمية وجود بعض الاحزاب في الساحة الانتخابية الا ان التغيير المطلوب يكمن في ان يكون بمجيء هذه الاحزاب من اجل النضال نحو التغيير.

وكان حمارنة قد اوضح في تصريح سابق لـ العرب اليوم ان القاعدة العامة المتفق عليها بين الاحزاب المنضوية تحت اطار لجنة التنسيق هي تنفيذ ما يتفقون عليه وترك القرار لكل حزب في حال الاختلاف على اي قضية.

وقال حمارنة: منذ التسعينيات لم تتفق احزاب المعارضة على الانتخابات لعدة اسباب اولها ان الاسلاميين يرغبون وفق وصفه بالانفراد ولا يريدون الا الاتفاق وفق شروطهم وهو امر مرفوض من قبل بقية احزاب اللجنة.

وزاداما السبب الثاني فهو انه توجد تباينات حقيقية في المنطلقات الفكرية لدى احزاب لجنة التنسيق لكن ذلك لم يصل الى مرحلة اخذ مواقف عدائية بينها.

نظام العلاقة في اللجنة يسمح باستقلالية القرار لكل حزب

وقالت الامين الاول لحزب الشعب الديمقراطي حشد عبلة ابو علبة قبيل صدور قانون الصوت الواحد, تدارست احزاب لجنة التنسيق ضرورة تطوير آليات عملها بما يضمن تفعيل فروعها الممتدة في معظم المحافظات, وقد بدات فعلاً المناقشات حول هذا الموضوع التي شملت علاقتها بالملتقى الوطني الذي يضم احزاب المعارضة والنقابات المهنية, وعددا اخر من ممثلي المؤسسات.

وزادت لكن صدور قانون الانتخابات, ثم صدور الارادة الملكية بتحديد موعد اجرائها, حال دون استكمال هذا الموضوع الهام.

ونوهت عبلة انه من المعروف ان نظام العلاقة المتفق عليه بين الاحزاب المنضوية تحت اطار لجنة التنسيق, يسمح باستقلالية القرار لكل حزب مشيرة انه مع ذلك وحرصاً من الجميع على اتخاذ موقف موحد, بكل ما يتضمنه ذلك من محاولات شد وجذب بين الاتجاهين, المقاطع والمشارك. فقد جرت مناقشات واسعة قبل تحديد موقف كل حزب من الانتخابات النيابية.

واضافت: من المعروف ايضاً ان لجنة التنسيق تقدمت ببرنامج الاصلاح الوطني وسلمته للحكومات المتعاقبة, باعتباره يمثل وجهة نظرها بشان الازمات الحادة التي تعاني منها البلاد على المستويات كافة, وتحديداً في الجانبين المعيشي والحريات العامة واعلنت مراراً عن هذا البرنامج في الصحافة الرسمية باعتباره يشكل اساساً لمواقفها من القضايا المطروحة في البلاد.

تنسيقية المعارضة تتمسك بوحدة خطابها

واكدت احزاب المعارضة المنضوية تحت مظلة لجنة التنسيق العليا في اخر اجتماع دوري لها في مقر حزب جبهة العمل الاسلامي الاثنين الماضي على تماسك ووحدة خطابها إزاء مختلف القضايا رغم حرصها على مواصلة تطوير عملها واختلاف وجهات النظر إزاء المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة.

وكانت تنسيقية المعارضة قد تدارست في فترات سابقة تطوير اداء عملها واقرت آليات جديدة ومختلفة لعملها وفي التعاطي مع القضايا المحلية والعربية والدولية.

واجمعت احزاب المعارضة السبعة المنضوية تحت مظلة لجنة التنسيق على ضرورة الابقاء على اطار اللجنة ليجمعهم حتى لو كانت هناك العديد من التباينات في وجهات النظر لا سيما على بعض المواقف السياسية.

وتضم لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة سبعة احزاب وهي العمل الاسلامي والوحدة الشعبية والشعب الديمقراطي حشد والشيوعي والبعثان التقدمي والاشتراكي وحزب الحركة القومية للديمقراطية المباشرة.

تاريخ لجنة التنسيق مليء بالخلافات وعدم التوافق

ويعد الانقسام بين احزاب المعارضة هو احدث الخلافات حيث اعاد هذا الانقسام الذاكرة الى الوراء وصولا الى تاريخ لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة التي لم تتوافق على موضوع الانتخابات منذ التسعينيات في خطوة تشي بتدني مستوى العمل المشترك فيما بينها.

وكانت نتيجة عدم التوافق ان اثنين من احزاب العمل الاسلامي والوحدة الشعبية قررا مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة وتوافقا على خطوات مشتركة لتفعيل قرار المقاطعة من خلال اشهار اللجنة الوطنية للاصلاح كاطار لعملهما المشترك فيما اعلنت الاحزاب الخمسة الاخرى مشاركتها في الانتخابات ضمن ائتلاف احزاب المعارضة تحت مسمى القائمة الوطنية الديمقراطية.

الخلاف حول مؤتمر مجابهة التطبيع

واعاد هذا الموقف بالذاكرة الى الخلافات التي شهدتها احزاب المعارضة في فترات سابقة لا سيما على بعض المواقف السياسية كادت ان تدفع بعض الاحزاب المنضوية تحت مظلتها بالانسحاب منها الا انها تداركت اهمية انضوائها تحت مظلة مشتركة تجمعها وتراجعت عن اتخاذ اي قرار.

وقد سبق هذا التباين بين احزاب اللجنة على موضوع الانتخابات خلاف سابق كان قد نشب بينها تسبب وقتها في افشال انعقاد المؤتمر الثالث للجنة التنفيذية العليا لحماية الوطن ومجابهة التطبيع الى اشعار اخر مما آثار التخوفات من مصير لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة والمحاذير من استمراريتها.

وكان بعض امناء احزاب لجنة التنسيق قد حذر من حالة الضعف التي تعيشها لجنة التنسيق العليا بما يهدد استمرارها داعين الى اقامة حوار بيني داخلي بين احزاب تنسيقية المعارضة والابتعاد عن العصبوية الى جانب تطوير الية عملها.

وكانت بعض الاحزاب قد دعت الى ضرورة عقد مؤتمرات فرعية في المحافظات وعلى مستوى القطاعات وصولاً الى المؤتمر العام, لكن البعض الاخر وتحديداً جبهة العمل الاسلامي, لم يكونوا مع وجهة النظر هذه, واثروا الوصول الى صيغة توافق تنظيمي تضمن لهم الاغلبية في اللجنة التنفيذية ولاول مره تم تجاوز وجهة نظر جبهة العمل وتم تأجيل انعقاد المؤتمر الى موعد لاحق, ثم وعند انعقاد المؤتمر في مجمع النقابات المهنية, كانت عدد من المؤسسات الجماهيرية المشاركة قد قاطعت المؤتمر, او ابدت عدم رغبتها بالمشاركة في اللجنة التنفيذية لاسباب تنظيمية محضة, وليس لاسباب سياسية.

الخلاف حول الموقف من الملتقى الوطني

وشهدت احزاب المعارضة ايضا خلافا على الملتقى الوطني الذي تشكل بقرار من لجنة التنسيق, وبصيغة تنظيمية غير واضحة تماماً, باستثناء عضوية الاحزاب والنقابات المهنية, التي كان يسيطر على معظم قياداتها الحركة الاسلامية.

يشار انه كان هناك عنصرا تاريخيا مهما وهو ان الاحزاب السياسية قبل اقرار قانون الاحزاب عام 1992 كانت تعبر عن مواقفها السياسية من خلال النقابات المهنية, الا ان التغييرات التي حصلت تحديداً في الاقرار بالتعددية الحزبية من جهة, وانحسار نفوذ الحركة الاسلامية في قيادة النقابات, ادى الى حدوث بلبلة في طبيعة العلاقة بينهما اذ تعتبر الاحزاب السياسية انها صاحبة الحق في رئاسة هذا الملتقى, والنقابات المهنية تزاحم الاحزاب السياسية على هذا الحق.

وتجنباً للخلاف بين الاحزاب نفسها في اطار لجنة التنسيق فقد اتفق مؤخراً على الابقاء على علاقة موسمية مع النقابات في اطار الملتقى الوطني.

اخفاق القوى اليسارية والقومية في الخروج بموقف مشترك

وسبق اختلاف احزاب المعارضة على موضوع الانتخابات وانقسامها بين مؤيد ومعارض ومتحفظ عدم تمكن قوى يسارية وقومية تحت مظلة لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة وهي حزب الوحدة الشعبية والشعب الديمقراطي حشد والشيوعي والحركة القومية للديمقراطية المباشرة والبعثان الاشتراكي والتقدمي من الخروج بموقف مشترك من الانتخابات بسبب تباين قراءاتها لمشهد الانتخابات النيابية رغم توافقها على سلبيات قانون الصوت الواحد مما دفعها لمنح كل حزب اتخاذ موقف خاص به من الانتخابات سواء باتجاه المقاطعة او المشاركة.

فيما حسم حزب جبهة العمل الاسلامي موقفه بمقاطعة الانتخابات قرر حزب الوحدة الشعبية اتخاذ ذات الموقف لقناعته بعدم وجود ضمانات كافية لنزاهة الانتخابات النيابية وعدم توفر اجواء مشجعة على المشاركة كما قرر حزب البعث التقدمي عدم المشاركة في الترشح واعطاء الحرية لاعضاء الحزب في الانتخاب.

واعلن حزب حشد والشيوعي والبعث العربي الاشتراكي والحركة القومية للديمقراطية المباشرة المشاركة في الانتخابات تحت اطار ائتلاف احزاب المعارضة.

ومع تقديم احزاب المعارضة شكلا جديدا في مشاركته بالانتخابات النيابية المقبلة من خلال اطر وبرامج انتخابية وقوائم تشمل حزبيين ومستقلين هل ستتمكن من تقديم تجربة جديدة في الانتخابات ام ستقدم صورة جديدة من الاخفاقات الحزبية الماضية?.

أضف تعليقك