انخفضت المحروقات فلماذا لا تنخفض الاسعار في السوق
أعلن رئيس الوزراء نادر الذهبي تخفيضا للمرة الثالثة لأسعار بيع المشتقات النفطية للمستهلك استجابة للتغييرات في الاسعار العالمية, وهي خطوة مشكورة تؤكد مدى التزام الحكومة وصدقيتها في التعامل مع المواطن والتاجر على حد السواء, بعد ربط أسعار بيع المحروقات شهريا بالاسعار في البورصات العالمية هبوطا او ارتفاعا.
ولاول مرة فان قرار وزارة الصناعة والتجارة جاء ليحدد تعديل الاسعار
ويربطها بفترة زمنية من 28 ايلول الى 31 تشرين الاول والامر المفرح ان
الوزارة لا تزال تصر على استعمال مصطلح "تعديل الاسعار" وليس تخفيضها وهو
نفس المصطلح المستعمل لدى رفع الاسعار.
والان يتساءل المواطن الاردني, لماذا لا يرافق هذه التخفيضات الثلاثة في
أسعار بيع المحروقات انخفاض يماثل الارتفاع الذي طرأ على أسعار بيع السلع
والخدمات التي لها علاقة باسعار البترول, فما دام ان ارتفاع أسعار
المحروقات في الاشهر الماضية أدى الى ارتفاع متوال وكبير في أسعار بيع تلك
الخدمات والسلع, فلماذا لا ينعكس هبوط أسعار بيع المحروقات على أسعار
الخدمات والسلع التي شملها الارتفاع?
سؤال منطقي, يطلقه كل المواطنين أينما ذهبت ويتساءلون عن دور الحكومة
ممثلة بوزارة الصناعة والتجارة في إلزام الشركات والمستوردين والتجار
ومقدمي الخدمات في تخفيض أسعارهم مقارنة مع أسعار المحروقات التي كان
ارتفاعها سببا وجيها في رفع أسعار اغلب المنتجات والخدمات.
ومن الامثلة التي نسوقها على الاسعار, فهذه شركة الاسمنت الاردنية كانت لا
تفوت أي فرصة بعد قرار الحكومة رفع أسعار المشتقات البترولية خاصة زيت
الوقود للصناعة لتبادر الى رفع سعر طن الاسمنت حتى أن أسعار زيت الوقود في
الشهر الماضي لم ترتفع لكن الشركة رفعت الاسعار, وكذلك مستوردو حديد
البناء الذين كانوا يتحججون في ارتفاع أسعار البترول مما يؤدي الى ارتفاع
كلف الشحن وكلف سحب الحديد في المصانع المحلية وأجور نقلها, وكذلك
المستوردون الذين كانوا يشكون من الارتفاع في أجور الشحن بالبر والجو
والحر, وكذلك أجور نقل الركاب داخل المدن الاردنية وحتى أسعار اللحوم
المستوردة وكل السلع والخدمات من المواد الغذائية المستوردة والمصنعة على
حد السواء.
وكذلك أسعار العطاءات الحكومية وغير الحكومية التي يجب ربطها بنسب محددة
بأسعار المحروقات وحديد البناء والاسمنت وغيرها من المدخلات, فالاسعار
تكون مرتفعة وعادلة نوعا ما عند الإحالة, ويجب أن تربط بالاسعار هبوطا او
ارتفاعا, وقد اخبرني رئيس إحدى البلديات قبل شهرين بان ارتفاع أسعار
المحروقات أدى الى ارتفاع تكاليف تعبيد الشوارع مما أدى الى خفض الكميات
لان الاسعار تضاعفت أكثر من مرة, والان وقد انخفضت الاسعار, من يلزم
الشركات والتجار ومقدمي الخدمات في إجراء تخفيض على أسعار السلع والخدمات
يماثل على الاقل نسبة تخفيض أسعار المحروقات عالميا ومحليا?
إنها الحكومة "ما غيرها كفيلة الوفا والدفا" التي تستطيع وحدها مراقبة
الاسواق والاسعار وفرض التسعيرة العادلة على طرفي المعادلة المنتج/البائع
والمستهلك, اما ان تبقى وزارة الصناعة والتجارة "تتفرج" علينا ونحن نصارع
حيتان الاسواق فان لا معنى لقرار تخفيض أسعار المحروقات اذا لم يصاحبه
هبوط مماثل في أسعار السلع والخدمات التي كانت قد ارتفعت مع كل قرار سابق
برفع أسعار المحروقات, فهل تجيب الحكومة على تساؤلات الناس ام تبقى تتعامل
بأرقام من دون مدلولاتها الاجتماعية والاقتصادية?











































