انخراط المرأة بالمجال السياسي.. عقبات تحدّ من التقدم
تجسد العقبات التي تواجه المرأة عند دخول المجال السياسي واقعا يبدأ بالمجتمع المحافظ الذي ما زال يرفض عمل المرأة عموما، وما بين النظرة النمطية التي تحصر المرأة بعاطفتها وعدم قدرتها على صنع واتخاد القرار.
"وما بين التحدي والنضال صفات باتت تعكس الطريق الصعب الذي تخوضه المرأة عند دخولها المجال السياسي، في بلد ما زالت الحريات العامة فيه غير متوفرة بالشكل المطلوب، وفي مجتمع محافظ لا يرغب بخروج المرأة ومشاركتها في هذا المضمار"، بحسب الناشطة الحزبية والعين إميليا نفاع.
وتوضح نفاع أن مشاركة المرأة في العمل السياسي حاليا أفضل بكثير، مقارنة بفترة الخمسينات من القرن الماضي التي شهدت بداية دخولها للعمل الحزبي، إلا أن ذلك ما زال دون المستوى المطلوب، "إذ يفترض كونها عضوا في هذا المجتمع أن تحصل على حقوقها السياسة و تناضل إلى جانب إخوانها الرجال من أجل تطور البلد وتقدمه".
ومن بين الأسباب في عدم تقدم عمل المرأة السياسي بالشكل المطلوب، بحسب نفاع، وجود عوائق قانونية، "فهناك اثنا عشر قانونا يميز بين المرأة والرجل في مختلف المجالات مختلفة، مما يتطلب مزيدا من نضال المرأة لإلغائها، وللحصولها على حقوقها بشكل كامل مما يسمح لها بأن تساهم مساهمة كاملة لخدمة بلدها".
أما المقولات عن تحكم مشاعر المرأة بتفكيرها كمعيق لعملها في مجال السياسة، والمشاركة في مواقع صنع القرار، فتؤكد نفاع أن المرأة أثبتت من خلال العديد من الإنجازات التي حققتها والتي ساعدتها بأن تكون عضوا فعالا في أسرتها وفي مجتمعها، وأن تكون منتجة، "وهذا ضروري في تقدم المجتمع".
كما ترى النائب وفاء مصطفى أن وجود النساء في مؤسسات صنع القرار بعيدا عما هو مطموح له، خصوصا بعد أن وقع الأردن على إعلان "بكين"، الذي يطالب بأن تصل مشاركة السيدات لنسبة 30 %.
وتضيف بني مصطفى "تختلف العقبات أمام مشاركة المرأة باختلاف المواقع، إلا أن الصورة عامة تحكمها النظرة الذكورية في المجتمع، وسيطرة الذكور على اللعبة السيساسية في الأردن منذ فترة طويلة، لتكون مزاحمتهم ومنافستهم في هذا المجال أمرا صعبا، ولولا الكوتا النسائية لما ترشحت سوى ثلاث نساء في الانتخابات النيابية الأخيرة".
وتشير النائب إلى وجود عدد من البرلمانيين المتعاونين مع البرلمانيات تحت القبة، إلا أن هناك العديد منهم يعارض وجود العنصر النسائي في البرلمان، وينظرون إلى وجود المرأة كـ"ديكور" و"زينة" في المجلس، ويرفضون فتح المجال لهن في الأمور الأساسية في المجلس، ولكن مع الاجتهاد و المثابرة وجد الرجال بأن النساء البرلمانيات أنداد لهم وقادرات على أن يكن مؤثرات في الرأي والمنطق والعمل وبوجهات النظر.
وتصف الإعلامية و المتخصصة بقضايا البرلمان هبة عبيدات واقع المرأة في المجال السياسي بـ"الجيد"؛ في ظل استبعادها عن أي منصب سياسي.
وتضيف عبيدات أن وجود المرأة حتى اللحظة هو وجود تجميلي؛ وقد يتضح ذلك في عدم رؤيتنا لأي سيدة تتقلد منصب سياسي كوزيرة خارجية أو رئيسة وزراء أو حتى مديرة مخابرات وغيرها من المناصب القيادية ورغم ذلك، نجد دورا فعالا للمرأة في مجلس النواب مقارنة بنسبة مشاركتها فيه؛ حيث استطاعت البرلمانيات إثبات وجودهن في معظم قرارات المجلس".
وتشير إلى أن الأعراف وبعض التشريعات ما زالت تقف أمام أي توجه إيجابي في منح المرأة مجال في السياسة وتعظيم دورها، معربة عن اعتقادها بأننا بحاجة إلى إرادة سياسية حقيقية بإحداث تغيير في بعض التشريعات السياسية وتوسيع الكوتا، إضافة إلى المساهمة في اتخاذ قرارات بتسليم المراة مناصب قيادية لا مناصب تجميلية.
وهو ما تؤكده العين نفاع، حيث يجب العمل على الجانب التشرييعي بتغيير التشريعات التي لازال فيها تميز ضد المرأة، إضافة إلى الجانب الإعلامي، إذ يجب أن يلعب الإعلام دورا في توعية المجتمع ككل من أجل تقبل مشاركة المرأة في مختلف المجالات ومنها السياسية.
وتروي القاضية تغريد حكمت وهي أول امرأة في القضاء الأردني، وأول عربية تعين في محكمة الجنايات الدولية في راوندا، حكاية انطلاقتها بعملها في المحاماة عام 1982، دون أن تتوقع أن تصبح قاضية، خاصة وأن عدد المحاميات الممارسات في ذلك الوقت كان لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.
وتضيف حكمت "إن ثقة الرجل بالمرأة ضئيلة، ومن الصعب أن يسلمها مصيره المادي أو المعنوي، وعندما يقابلني أحد المعارف يطرح سؤال "خير إن شاء الله.... بدك مساعدة في شيء"، ما يشعرني بأن وجودي كامرأة في المحكمة شيء غريب".
وتلفت إلى أن وجود المرأة في القضاء ليس ممنوعا في الإسلام، ففي زمن الخليفة عمر بن الخطاب عين قاضية اسمها الشفاء قاضية للحسبة أي القضاء المدني التجاري، "لذا باعتقادي أن أي تغيير في وضع المرأة في البلاد العربية يحتاج إلى قرار سياسي يقود الى تطوير وضع المراة في المجتمع".
وتؤكد حكمت أنه ليس من المطلوب أن تتنصل المرأة من عاطفتها وإنسانيتها، "وهي ميزة وهبها الله لها، ويمكن تسخيرها في عملها بالقضاء، وعند صنع القرار من خلال "أنسنة" القوانين.
هذا وقد أظهر تقرير أممي مؤخرا حول المساواة بين الجنسين في الإدارة العامة "أن الأردنيات يشكلن ما نسبته 10% في مواقع صنع القرار.
وأشار التقرير إلى تدني مشاركة النساء الأردنيات في الإدارة العامة في الوزارات التي "تصنف على أنها وزارات ذكورية"، حيث تشكل النساء على فقط 13% من مجموع الموظفين العاملين في وزارة الداخلية.
فيما أظهر التقرير السنوي لعام 2012 الصادر عن ديوان الخدمة المدنية، أن مشاركة النساء في الوظائف العامة بلغت 44%، حيث شغلن 92771 وظيفة من مجمل الوظائف العامة البالغة 210766.